يسلط الكتاب الضوء على فترة خاصّة من التاريخ الإسلامي في تركيا، وهي فترة انتشار الطرق الصوفية وتألقها وزيادة عدد أعضائها ومحبيها، وذلك عبر عدة مقالات حواها الكتاب لباحثين وأكاديميين ومختصين في التاريخ الإسلامي، والعبادات والتصوف، بالإضافة إلى اختصاصيين في التاريخ والشعر والسّير الذاتية والاقتصاد والخط العربي، وقد اجتمعوا كلّهم حول موضوع "التكايا" لدراسته من جوانب عدة. وتأتي أهمية الكتاب من أنه يُدخِل القارئ إلى تفاصيل حياة العثمانيين اليومية في بيوتهم ومزارعهم وعباداتهم.0
وتخص المقالات التكايا الفاعلة في إسطنبول خلال القرن الأخير من الحكم العثماني (1836– 1925)، مخالفة بذلك ما كان سائداً في الأبحاث التي تناولت الفنّ المعماريّ العثماني، إذ كانت تركز على دراسة فن العمارة العثمانيّة في المساجد الفخمة، التي بنيت في الفترة ما بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر، مع أنّ هذه المساجد لا تمثل إلاّ جزءاً يسيراً من التراث المعماري العثماني، في حين تقوم عمارة التكايا على الجمع بين الفخامة السلطانية والبساطة الشعبية، وهذه ميزة تتفرّد بها، وهي تمثل عبر ذلك جزءاً مهمّاً من الطراز المعماريّ العثمانيّ.0
جذبني عنوان الكتاب وأثار اهتمامي، فلطالما جذبتني الموسيقى الصوفية وأطلت الاستماع لها، إضافة لحضوري متفرجة للعديد من جلسات الذكر الصوفيّة المنتشرة بكثرة في السودان والتي لفتت انتباهي بطقوسها ومجريات مجالس الذكر فيها، وأثارت تساؤلات عديدة حول نشأتها، وأثرها الفكري والحضاري على المجتمع.
يركز الكتاب على العديد من الموضوعات المتعلقة بتكايا الدراويش في العهد العثماني، فيتحدث عن الفن المعماري الخاص بها، مع عرض العديد من صورها ومخططات بنائها وما يميزها عن غيرها من المساجد، فقد تجلت مظاهر البركات والصلوات والتأمل والرقص والموسيقى في أبنية هذه التكايا، حيث نُظمت الفضاءات داخل التكية، وزُخرفت لتناسب الطقوس الاحتفالية لكل تكية...وقد ظهرت العديد من الطرق الصوفية مثل المولوية والبكداشية والبيرمية والقادرية والخلوتية والنقشبندية.
ويصف حياة الدراويش والمريدين اليومية وطقوسهم وطعامهم، وعلاقتهم بشيخهم وولائهم لأوامره والتزامهم بطاعته وخدمته وتمجيده وتقديسه...ويلقي الضوء على الفكر الصوفي ونشأته في الدولة العثمانية والتطورات التي مرّ بها...ودوره في حياة أتباعه وفي المجتمع تبعا للتطورات السياسية المتغيرة
رؤية جديدة للصوفية في الدراسات والحياة الثقافية التركية قدمها جمال كفادار أستاذ التاريخ العثماني في جامعة هارفارد، يُجيب من خلالها عن بعض التساؤلات التي قد يطرحها القارئ حال اطلاعه عليها منها ما يتعلق بالحجم الحقيقي للوجود الصوفي في المجتمع العثماني، وبعلاقة الطرق الصوفية ببعضها أو بالأطياف السياسية والاجتماعية الأخرى في البلاد.
الكتاب احتوى مقالات للعديد من المهتمين والمختصين بتكايا الدراويش والعهد العثماني والطرق الصوفية والتصوّف، وباحثين بالخط العربي والشعر والتاريخ والسير الذاتية...وجلّهم كتاب وخبراء غربيون جمع بينهم الاهتمام بتكايا الدراويش
الكتاب عبارة عن بحوث قصيرة كتبها مجموعة من الباحثين ومنهم الكاتب نفسه وناقشت نشوء الصوفية في تركيا وظهور نظام التكايا وطقوس الحياة اليومية للدروايش مع ذكر مفصل لطرق العمارة والرسم والموسيقى التى تطورت لتلائم المعتقدات الصوفية .الكتاب يقع في 380 صفحة من الحجم المتوسط وهو يعد اضافة جيدة للباحثين عن تاريخ الحياة في منطقة تركيا في الفترة التى سبقت قيام الدولة العثمانية والى فترة قدوم كمال الدين اتاتورك وقضاءه على كافة المظاهر الدينية بما فيها الصوفية بغرض انشاء دولة حديثة وعلمانية. يقول كمال الدين اتاتورك في احدى خطبه " اخوتي المواطنين لايمكن للجمهورية التركية ان تكون امة من الشيوخ والدراويش والمتصوفين فالطريق الحقيقي هو طريق الحضارة ولن نسمح لمجموعة من البدائيين الذين ينتظرون السعادة والرخاء من شيوخهم ان يكونوا بيننا ذلك ان السعادة والرخاء الحقيقيين يكمنان في التعرض لضوء العلم والمعرفة وهما اساسا كل حضارة لهذا لابد من اغلاق جميع التكايا " وقد يستغرب البعض أن يخصص قائد تركي بحجم اتاتورك جزءا من خطبته لذكر الدراويش (الصوفيين ) بالذات ولكن كل الشواهد التى ذكرها الكتاب تبين ان اكثر من تسعة اعشار الاتراك في اسطنبول في ذلك الوقت كانوا ينتمون الى احدى الطرق الصوفيه وهذا يبين مقدار التغلل الكبير للصوفيه في حياة التركي الدينية والتى مازالت حاضرة الى الان ولهذا لم يرى اتاتورك عدوا دينيا اكثر خطورة من الصوفيه في وجه مشروعه لعلمنة الجمهورية التركية . يبين الكتاب اجزاء مختلفة من تاريخ الصوفية وطرق تطورها ويبرز كذلك ان الصوفيه ليست بذلك التوجه السلمي دائما وكما يشاع عنها، فالصوفيه وبما انها مرتبطة بفكرة اضفاء هالة القداسة والتبجيل على شيخ الطريقة فان اتباع هذه الطرق كانوا يسلمون انفسهم تماما الى هذا الشيخ الديني ومستعدين للتضحية بانفسهم في سبيل افكاره ومعتقداته ولهذا فان شيخ الطريقة ( هناك اكثر من 37 طريقة صوفيه في تركيا وحدها ) كان يمثل تحديا لاي سلطة مدنية . بل ان الكتاب يبين بأن الصوفية متمثلة في الطريقة البكداشية مثلا كانت تغذي الحماس في فرقة الجناسرية وهي فرقة تم انشاءها من الشباب المسيحي من دول البلقان وكانت تشتهر بولائها الشديد للسلطان وتمثل مايطلق عليه اليوم الحرس الجمهوري او الملكي وهي اقوى فرق الجيش واكثرها تنظيما وتدريبا ووحشية ( بالمصادفة يعرض حاليا فيلم دراكولا السينمائي والذي يتحدث عن هذه الفرقة ) وبعد ان ضعف حكم السلاطين في الامبراطورية العثمانية فإن هذه الفرقة باتت تتدخل في شؤون الحكم ولهذا وعندما حاول السلطان محمود الثاني محاربة سلطة فرقة الجناسرية فإنه ادرك بأن الطريقة الافضل لهذا هو بقتل الطريقة الصوفية التى تغذيهم وتحركم ولهذا فلقد امر باعتقال واعدام الكثير من قادة الفرقة البكداشية وتسليم تكاياهم الى النقشبدنية وهي فرقة اقل تطرفا وعدوانية ولاتميل الى مناهضة السلطة المدنية. يتحدث الكتاب عن نظام التكية وهو مثل المدرسة الداخلية التى يقطن فيها الشيخ مع تلاميذه ويقيمون فيها شعائر احتفالاتهم ورقصاتهم الدينية وحلقات الذكر والتكية قد تتحول الى مكان شبيه بدار الضيافة للمحتاجين وعابري السبيل حيث يتم تقديم الطعام والشراب ومكان للاقامة لمن يرغب في ذلك وساهم هذا في انتشار افكار الصوفية بين العامة والبسطاء . وتم شرح التكوين المعماري لهذه التكايا باختلاف انواعها واحجامها والتى تضم في العادة غرف للمبيت وغرف للذكر (قاعة التوحيد خانة ) وقاعة الموسيقى والرقص (السمع خانة ) وقسم الحريم وقسم استقبال الرجال (السلاملك) والمكتبة وحوض الوضوء واضرحة شيوخ الطريقة التى تتبع لها هذه التكية .ويستند الصوفي في تصميم التكية على تصميم المسجد النبوي الذي يضم قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا ركزوا على ان تضم تكاياهم رفات شيوخهم كذلك . ذكر الكتاب ايضا بعض اهم الطرق الصوفية المنتشرة في تركيا مثل الرفاعية والتى تحض على التقشف والامتناع عن الشهوات وقتل الانفس بما فيها الحيوانات ، والنقشبندية والمرتبطة اكثر بالنظم والشرائع الاسلامية العربية والمولوية نسبة الى جلال الدين الرومي والمشهورة بنظام الرقص الدائري والبكداشية والتى كانت تشتهر بحفلاتها الخاصة والتى لم يسمح للعامة بحضورها ولم تؤمن بضرورة الفصل بين الرجال والنساء ولايؤمنون بالسجود لما يرونه من مهانة للوجه البشري والذي يتجلى فيه الخالق وغيرها من الطرق الصوفية . ذكر الكتاب ايضا بعضا من طرق التعبد التى تتميز بها الطرق الصوفية مثل الرقص التعبدي وتعذيب الذات وزياراتهم لقبور الاولياء والشيوخ المؤسسين لطرقهم والاجتماعات اليومية والاسبوعية لاحياء الذكر مثل ختم الخواجا الاسبوعي وهي ممارسات قد تختلف مابين الطرق الصوفية.يذكر الكتاب ايضا الطريقة التى يتدرج فيها الشخص في حياته الصوفية ليبدأ من درجة المحب والى اعلى الدرجات متمثلة في خليفة شيخ الطريقة . ناقش الكتاب باسهاب ايضا الفن المعماري المرتبط بالصوفية وادخالهم للرموز الصوفية في الرسوم التى كانت تنقش في مساجدهم وداخل التكايا او على اضرحة قبورهم . الكتاب جميل جدا بلاشك لانه يناقش فترة زمنية قديمة من تاريخنا الاسلامي ويوضح مدى قوة التنظيم الصوفي وانتشاره في تركيا ويشوقك لزيارة التكايا التى مازالت موجودة للتعرف عن قرب على هذه الاثار ومحاولة عيش الماضي من خلالها .
الكتاب مجموعة بحوث تاريخية قيمة وممتعة حول موضوع التصوف في تركيا، وبناء التكايا والزوايا الصوفية، وطقوس الفرق المختلفة فيها، إضافة لوصف للعمارة التي رافقت تطور الطرق الصوفية. ياخذك في رحلة تاريخية تبدأ من بدايات الطرق التي انطلقت من تركيا بداية فتحها الإسلامي، ثم تتركز على الفترة العثمانية بحكم انها كانت فترة ذهبية للطرق الصوفية من جميع النواحي، علاقة العثمانيين الوطيدة بالطرق الصوفية، دعم الخلفاء والولاة لها، وانتسابهم لها كذلك، واستغلالهم هذه الطرق في بسط نفوذهم ودعم سيطرتهم على المناطق والقوميات والأعراق المختلفة. الدراويش وجاذبية نمط حياة الدارويش فصل لها الكتاب في بحث مخصص، كذلك الفرق بين التكايا والزوايا، الاحتفالات والمناسبات المشتركة بين الفرق الصوفية، وبعض مايجري في هذا الاحتفال، النساء والتصوف بإيجاز وتساؤلات لكن بدون أوراق عمل، الموسيقى الصوفية، سابقا كنت أعتقد ان الناي آلة موحدة للمتصوفة، لكن في الكتاب تحدث عن ارتباط الناي بالمولوية، والدفوف والطبول بكافة الفرق الصوفية الأخرى. ينتقل بعدها للحديث بتركيز عن الفنون المتعدة وارتباطها بالطرق الصوفية، فن التصوير الفوتغرافي كان حاضراً في وقت مبكر جداً في القرن التاسع عشر ، وهناك أرشيف لصور شخصية لشيوخ طرق صوفية، وعلى مايبدو أن معظم الفرق لم تُحرم التصوير بداية مثل بقية المناطق، فهناك صور لمنتسبين للطرق وللمباني كذلك. فن الخط وربما الكثير منا يلحظ تكرار حرف الواو في الزخارف والخطوط العربية، قدم تفسيرات متعددة منها أن لفظ الواو يرمز عددياً للفظ الجلالة مثلا، شواهد القبور، وهي فن مزدهر في دول متعددة يرتبط في تركيا بالتصوف والطرق الصوفية، فينحت عمامة شيخ الطريقة أو المتتسب فوق شاهد القبر، والعمامة ايضا تختلف من طريقة لأخرى، والزي الخارجي يختلف، ويتفاوت فخامة و ألوانا وأجزاءً بين الطرق، وطبقات المنتسبين كذلك، شهرة المولوية عالمياً دوناً عن بقية الطرق مثلاً، وتحولها لفرقة ثقافية أكثر منها دينية. الجدير بالذكر أن معظم الأبحاث تدرس الفترة المحددة من الدولة العثمانية، حتى قرار إغلاق التكايا بقرار من أتاتورك. البحث الأخير حول الحاضر ممتع كذلك.
حينما ترى الرقص البارع الذي يتقن الصوفيون الأتراك الرقص على ايقاع��ته فترى انسجما روحيا أكثر من رؤية ذلك التمايل المتقن و سوف تجرك حواسك للتنقيب عن سر هذا الفن. الغريب في الأمر أن ما يدعو للتساؤل والإستغراب أن أكثر الأقليات (التي تنتهج للدين مذهبا) وإن إختلفت مسميات�� والتي يستمد فكره من تبجيل الأسياد والموالي سوف تلحظ أن مرجعه هو نفس الفكر الذي ينادي به الفكرالمتشيع من المسلمين. في الكتاب إجابات شافية للمتصوفة من حيث نشأتها وطقوسها الى الطريقة التي تشعبت منها أنواع الصوفية المختلفة كالنقشبندية والقادرية وغيرها ممن سوف يذكر في الكتاب ،طريقة سلسة تتنوع بها الكتاب من حيث السرد واحترافية تمرير المعلومة ،أنصح به
قبل قرأتي للكتاب كانت معلوماتي عن الصوفية بسيطة للغاية، معضمها من رواية ( قواعد العشق الأربعون ) وهي رواية عن جلال الدين الرومي و شمس التبريزي، وغالبية ماجاء في الرواية غير صحيح إنما من نسج خيال الكاتبة. و حقيقةً بعد قرأتي للكتاب تغيرت نظرتي للصوفية، لاسباب معضمها عقائدية. ولكن هذا لا يمنع من الاستمتاع بالموسيقى الصوفية، و رؤية رقصات دراويش الطريقة المولوية في إسطنبول و قونية. ورؤية الإرث الحضاري القديم الذي يتمتعون به.
الكتاب وثائقي قائم على العديد من الأبحاث والدراسات الموثقة بالصور والمخطوطات وغيرها.. يتكلم عن الصوفية في تركيا عموما وعلى جميع طرقها منها البكداشية والرفاعية والمولوية وغيرهم الكثير. مكون من أربعة فصول : الدراويش والعثمانيون - تكايا الدراويش - طقوس الحياة اليومية - تداعيات.
اقتباسات من الكتاب:
- تاريخ اقفال جميع التكايا ومنع تأدية جميع العروض الموسيقية الصوفية 1925 ويبرر مصطفى كمال أتاتورك هذا الإجراء في إحدى خطبه قائلاً: " إخوتي المواطنين، لا يمكن للجمهورية التركية أن تكون أمة من الشيوخ والدراويش والمتصوفين، فالطريق الحقيقي هو طريق الحضارة، ولن نسمح لمجموعة من البدائيين الذين ينتظرون السعادك والرّخا من شيوخهم أن يكونوا بيننا، ذلك أن السعادة والرّخا الحقيقين يكمنان في التعرض لضوء العلم والمعرفة، وهما أساسا كل حضارة، لهذا لابّد من إغلاق جميع التكايا..."
- الموسيــقــى: أسس المولويون أتباع جلال الدين الرومي موسيقى السمع الطقسية الخاصة بهم مثلهم مثل باقي الفرق الصوفية، غير أن المولوية تميزت عن غيرها بابتكار الرقص الدائري بمصاحبه الموسيقى المعروفة، وقد كانت هذه الموسيقى الطقسية التي كانوا يسمونها (( عين الشرف )) تتكون من أربعة سلالم موسيقية متتابعة بمرافقة الآلات الموسيقية المستعملة، بالإضافة الى الايقاعات والتقاسيم الحرة، وكانت الدفوف والطبول هي الأدوات الموسيقية الأكثر استعمالاً لدى جميع الفرق الصوفية، غير أن المولويين كانوا يعيرون اهتماماً خاصاً للناي، فكانت له مكانة مهمة في موسيقى الطريقة عموماً، إذ يقولون إن الناي أقرب الأدوات الموسيقية إلى روح الإنسان، ذلك أن صوته يشبة الأنين، لذا فهو الأقدر على التعبير عما يجيش في الصدور.
- فـــن الخـط : يقول المثل التركي (( لقد أنزل القرآن في مكة ورتل في مصر، وكتب في إسطنبول)) وهذا المثل يعكس قناعة الاتراك حول دورهم الكبير في تطوير فن الخط العربي القرآني، إذ اعتبروا كتابة الآيات القرآنية شرفاً عظيماً أنيط بهم.
هذا الكتاب يدخلك في تفاصيل حياة الدراويش في التكايا، عباداتهم ومظاهر البركات والصلوات والتأمل والرقص والموسيقى. للمهتمين بالصوفية وآثار تكاياهم تجدونها بهذا الكتاب.
كانت تكايا اسطنبول في معظمها بسيطة وشعبية، غايتها خدمة الدراويش وايوائهم والإيفاء بحاجاتهم الروحية. كانت تسمى قاعة الطقوس بالسمعخانة لدى المولوية، وتسمى الميدان لدى البكداشية، والتوحيدخانة لدى الطرق الصوفية الاخرى.
الطريقة المولوية تميزت عن غيرها بابتكار الرقص الدائري بمصاحبة المقامات الموسيقية المعروفة.
تحدث عن بعض عادات الدفن، كانوا يحفرون نموذج لعمامة الشخص المدفون على شاهد قبره، للدلالة على مرتبة كل واحد منهم. !
أُغلقت جميع التكايا في عام ١٩٢٥، وتم ملاحقة جميع الدراويش بأمر أتاتورك، الذي برر ذلك بأنه لن يسمح لمجموعة من البدائيين ينتظرون الرخاء والسعادة من شيخهم أن يكونوا بيننا.
ما كنت أحبه هو الجانب الروحي من التصوف فقد كنت أعتقد أن التصوف أمر خفيف كالريشة على أرواح البشر..لكن الانسان بطبيعته يميل الى تعقيد الامور و تشعيبها حد القرف!!
لقد استغرقت فى قراءة الكتاب وقت طويل ولكن الكتاب فى حد ذاته يعتبر بمثابة مرجع يضم دراسة وافية عن التكايا وحياة الدراويش بداخلها بالاضافة للتطرق لتاريخ الصوفية وطرقها بالدولة العثمانية .
كان للكثير من الطرق الصوفية دور هام فى السياسة العثمانية مما دفع الكثير من السلاطين ورجال الدولة للانفاق على تلك التكايا والاهتمام بها الامر الذى استمر حتى تاريخ قيام الدولة التركية الحديثة 1925 وهو نفس تاريخ اغلاق جميع التكايا .وقد تأثرت طقوس الكثير من الطرق الصوفية كالبكداشية والمالوية بشعائر الاديان التى كانت تسود المنطقة قبل استقرار المسلمين بها فالطريقة البكداشية مثلاً كانت تفرض العزلة وتمنع الزواج على جميع اعضائها بالاضافة الى عدم تقيد الكثير من تلك الطرق بالشعائر الأسلامية وقد كان لانتشار الدولة العثمانية السبب فى انتشار هذه الممارسات ووصول صورة مغلوطة عن التصوف لنامتمثلة فى الدوران حول اضرحة الأولياء .
على الرغم من ذلك فأن التصوف العثمانى يعتبر فناَ فلهم الكثير من الأعمال الفنية العظيمة كالشعر والخط والموسيقى والتى أثرت الفنون فى المنطقة عموماَ .
يبدأ الكاتب بنبذة مختصرة عن تاريخ التصوف في تركيا، ويفصل في أنواع الطُرُق والتكايا من حيث الطراز المعماري والزي وطقوس العبادة والانتاج الأدبي وتأثيرها السياسي والاجتماعي
هذا العمل الثقافي المميز هو أحد إصدارات هيئة أبوظبي للثقافة والتراث (كلمة) والتي باتت عنوانا للكتب ذات الجودة العالية والموضوعات الفريدة دائما.
يحوي الكتاب على عدد من المقالات المختلفة التي تدور حول الصوفية وفنون عمارة التكايا/ الزوايا في تركيا العثمانية، وكل ما يتعلق بالحياة الصوفية (الدراويش) من تراتبية وتقسيمات و عبادات وعادات، وطقوس يومية وملابس وأطعمة وغيرها. كما يجد القارئ نبذة قيمة عن تاريخ تطور الطرق الصوفية بمختلف المدارس الإسلامية في الدولة العثمانية، حيث بلغ عدد الطرق الصوفية في فترة من الفترات إلى سبع وثلاثين طريقة تمثلها حوالي ثلاثمائة تكية موجودة في مدينة اسطنبول والقرى المجاورة لها فقط.
كما تدرس مقالات الكتاب علاقات الصوفية بالنخب السياسية وأثر تلك العلاقات سلبا وإيجابا على انتشار الطرق الصوفية أو انكماشها، ونمو دور تكايا الدروايش وانحساره في علاقة عكسية مع توجهات الدولة السياسية وحاجتها لاستخدام نفوذ التكايا على شرائح المجتمع المختلفة، إلى أن جاء قرار عام (1925) والذي تبناه حزب تركيا الفتاة بإغلاق جميع التكايا ومنع أنشطة الطرق الصوفية نهائيا في البلاد.
يوفر هذا الكتاب متعة بصرية للقارئ، حيث يحتوي على عدد كبير من الصور الفوتوغرافية المتعلقة بالصوفية والتكايا وغيرها، والرسومات الهندسية للتكايا لشرح تصاميمها الداخلية، إضافة إلى رسومات موجودة في استوديوهات خاصة أو متاحف عامة تعود إلى فترة ازدهار الحياة الصوفية في تركيا العثمانية، رسمها عدد من الفنانين الأتراك والمستشرقين الغربيين.
كتاب يضم عدد من المقالات التاريخية والفنية والمعمارية مفيد لكل الهتمين بالتاريخ الإسلا��ي في تركيا خلال فترة الحكم العثماني، والوضع ما قبلها وبعدها ويركز الكتاب على الجزء المهمش في تاريخ وعمارة تلك الفترة التاريخية