دعوة جديدة لإعادة قراءة غسّان.. ومفتاح، وضوء.. قدّمهما لنا عدنان كنفاني من منظور طفولته، إنما بلغة مبدع يعرف أن اللغة لا يبتذل.. وأنها ترتدي معناها حين تكون أمينة وصادقة، وجميلة كما هي في صفحات حاملة شعرية عالية جديرة.. لأنها استطاعت أن تتمّثل الحياة التي تجّلت في الطفل غسّان.. والفتى غسّان.. والمناضل غسّان.. والشهيد المبدع الذي لم يكن سوى.. غسّــان.. محتويات كتاب غسان كنفاني: صفحات كانت مطوية
الاهداء ما جاء متأخراً.. ليس متأخراً أبداً - تقديم بقلم خالد أبو خالد غسّان كنفاني: الطفولة والصبا الفصول من 1 - 10 شهادات السيرة الذاتية للكاتب
يمكن تنزيل الكتاب مجانا من دار ناشري للنشر الالكتروني: http://www.nashiri.net/ebooks/doc_det...
أديب وكاتب صحفي عضو اتحاد الكتاب العرب عضو المكتب التنفيذي للحملة الأهلية لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية للعام 2009. عضو الاتحاد العام الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين
حاصل على جوائز على بعض أعماله الأدبية. شارك في مهرجان دعم الانتفاضة في طهران 2001. حائز على جائزة أفضل عمل إبداعي في مسابقة الخميني للإبداع في يوم القدس. شارك في مهرجان نصرة مقاومة الشعب الفلسطيني في إسبانيا 2005. عضو فخري في جمعية الفكر والأدب المعاصر، وفي جمعية كرمة بن هانئ، وفي ثلاثة من قصور الثقافة في القاهرة ـ مصر. كان ضيفاً في كثير من الندوات الإذاعية والتلفزيونية الأدبية في سورية ولبنان ومصر وتونس وليبيا والإمارات العربية المتحدة. كرمته جهات رسمية وخاصة على الكثير من أعماله الأدبية. جائزة وتكريم تجمع الأدباء الفلسطينيين العالمي للتميّز الإبداعي في القصّة. فائز بجائزة الدكتور المهندس نبيل طعمة للإبداع للعام 2008
في هذا الكتاب يتحدث عدنان كنفاني شقيق الشهيد غسان كنفاني في مالا يزيد عن بضع و سبعين صفحة يذكر فيها في البدء قصة انتقال الأسرة بالإجبار من فلسطين بعد احتلال يافا و اضطرار الأسرة كلها للعمل في دمشق حيث عمل غسان في إلصاق أكياس الورق وبيعها ثم يتحدث عن دور فائزة كنفاني شقيقة غسان في خلق غسان الأديب الذي اشتد ساعده وكتب أجمل و أكثر الأشياء وجعًا في الأدب الفلسطيني ما بعد النكبة ، يحكي عن تفوق غسان حتى على أساتذته في المدرسة و عن اتقانه للغتين الفرنسية و الانجليزية يحكي عن قدرت غسان على سرد الحكايا بطريقة متواصلة تقارب الثلاث وعشرين يومًا على إخوته دون سبق كتابه أو تخطيط من الخيال إلى أذهانهم وعيونهم المحملقة في ظلام الغربة وعن عمله كمدرس ..عن الاتساع الذي ساقه إلى حجرة الصف وعن غتيال الموساد لغسان .. عن ابتسامته التي كانت دائمًا ابتسامة شهيد !
أحببت الكتاب كثيرا لأنه مكني من الكتاب إلى غسان نفسه ، أجل لقد كتبت له أكثر من رسالة أرفق هنا إحداها
أود أن أقول لكَ أني أهرب من حُزني إليك وأضع رأسي مطولاً في حضن ما كتبت .. لأكمل المسير أنا أعرف أن هذا سخيف ولا قيمة له أمام الحزن القوي الكبير هناك في بلاد أمهات الشهداء و الأسرى القابعين في الانتظار و الألم .. أنتَ تعرف هذا جيدًا ألم تحدثك أم سعد مطولاً عن سعد ؟ ثم قالت لكَ" اسمع أنا أعرفُ أن سعدًا سيخرجُ من الحبس ، الحبس كله " " وقلتَ مرةً ازرعوهم شهدائنا في رحم هذا التراب المثخن بالنزيف دائمًا هناك متسع لشهيد آخر" أنا لستُ شهيدة كيف ستتسع الأرض لي يا غسان ؟ و لا أعرف كيف أخرج من الحبس كله .. و أكره البنطال الأحمر الذي لم يتضائل أمام ساق ناديا المبتورة .. إن الأشياء لا تدرك ولا تكترث لـ بؤسنا قد يكون حميد الآن مارًا من باب السينما ويتذكر أنه نام هنا مرةً من تعب و يرسم حذائك على البلاط .. ويقول ااه "أستاذ هذا حذاءٌ غالٍ " لقد تعلمت أيضًا أن أسخر من الأساتذة ..و أتذكُر في كُل مرةٍ أن ابتسم وتمر بي جملتك "أنا أتقن الإنجليزية والفرنسية أكثر من الأستاذ نفسه " لقد أنبكَ والداك وأسماها ابتسامة "قليلة الأدب" لكنه كان مسرورًا جدًا . لقد رأيت اليوم صباحًا صورةً لـ إدوارد سعيد يقبض على الحجر كطفل حجارة بدا وكأنه لم يكبر وتسائلت أتستطعيون أن تلقوا الحجارة من مكانكم في الفردوس يا غسان ..؟ أنتَ الآن تستطيع أن تركب سيارتك بـ روية و حُب فيظلُ المقعد ساكنًا يُصلي و تقترب لميس منك وتصطحبها للمدرسة هذه المرة لأن أحدًا لم يفخخ سيارتك . ولكن أكانت سترضيك ميتةٌ غير هذه ؟
يقال بأن الشيطان يكمن في التفاصيل ، أقول بأن الإثارة تكمن في التفاصيل ، جاء كتاب عدنان كنفاني وكأنه رؤوس أقلام أو مشروع كتابة سيرة ذاتية ، تحدث عدنان عن كل شيء إلا غسان!
قد يكون حكمي جائراً بحق الكتاب ، لكن عنوانه مضلل ، فالقارئ عندما يشرع في القراءة ، سوف يُفاجئ بأن الكتاب عن العائلة أكثر منه عن غسان ، يتحدث عن الوالد والأخ الأكبر غازي والأخت فايزة ثم يعرج قليلاً على سيرة غسان.
كنت أتمنى أن يتطرق الكتاب إلى تفاصيل أكبر وأكثر في حياة غسان ، مثلاً قصة زواجه من " آني " وأولاده ، قصته مع غادة السمان ورسائله إليها ، طبيعة عمله في الصحافة ، كتبه ، مقالاته ، انضمامه لحركة القوميين العرب ، ويا حبذا لو نقل لنا الكاتب مشاعر وردود أفعال العائلة على فقدان ابنهم غسان ولميس ابنة ابنتهم فايزة في حادث التفجير.
هناك الكثير من الأسرار التي لم يرويها عدنان ، هناك الكثير من الكلمات التي كانت بحاجة إلى أن تُكتب.
أتمنى أن يحاول عدنان كتابة جزء ثاني لهذه السيرة الغنية بالتفاصيل والأحداث ، أن يكتب سيرة العائلة كاملة ويرفقها بالكثير من الصور والوثائق ، هي حقًا من العائلات الفلسطينية التي تستحق أن تكتب سيرتها الذاتية ، كما أتمنى أيضًا أن ينشر مذكرات والده ( كتبها على مدار ستين عامًا ) ، فهي تأريخ لمرحلة هامة في القضية الفلسطينية.
عامًة الكتاب كان تجربة ممتعة بالنسبة لي ، اقتربت أكثر من طفولة غسان الصعبة ( شأنه شأن كل أطفال فلسطين ممن عاصروا النكبة ) ، وسعدت بتعرفي على أخيه عدنان والذي يشاركه نفس الولع بالكتابة ، وإن شاء الله اكرر التجربة بقراءة المزيد من الكتب والقصص القصيرة للأديب والصحفي عدنان كنفاني الأخ الأصغر للراحل غسان كنفاني.
مقتطفات عن سيرة حياة الكاتب الشهير غسان كنفاني ، و الذي - برأيي - من أفضل الكتّاب الروائيين العرب . من بداياته و التي عانى فيها النفي من بلاده - فلسطين - الى حين استشهاده أثر تفجير ارهابي . كانت قراءة موفقة ، و الذي جعلها أجمل هو اسلوب عدنان كنفاني - أخاه - الذي نقل و وصف بعض المواقف التي ساهمت في بناء شخصية غسان بطريقة جداً ساحرة و مثيرة للإهتمام . على عكس آخر كتاب سيرة قد قرأته ، هذا كتاب أفخر بقول إني قرأته . وليس العكس .
يكشف لنا الكاتب صفحات من ذكريات طفولة مشتركة جمعته وأخيه "غسان" بمهارة روائية فائقة لم نكن نتوقعها، ويستخدم مفردات سلسة وفي غاية الأناقة والإتقان، تشد القارئ ليواصل القراءة حتى النهاية.
هي، كما وصفها الكاتب، حفنة من الذكريات تختلط فيها الهموم بالآمال، والحزن بالسعادة، وأحلام الأنا والبحث المتواصل عن الذات، وخرائط الوطن الممزقة والمنهوبة، لتؤسس في النهاية رؤية من منظور آخر لمراحل حياة هذا المبدع: غسان الكنفاني.
حاول غسان أثناء عمله كأستاذ لتلاميذ يقاربونه في السن، وبمساعدة مجموعة متميزة من الأساتذة، بناء تاريخ وواقع وحقيقة فلسطينية في فكر جيل جديد حتى لا يكون كما تنبأت له أدمغة الأعداء "مهيأ للنسيان". واستطاع من خلال عمله وكتاباته من أن ينحي شعور الاستسلام السائد، وأن يخلق ساحة مختلفة عن تلك التي تصور الفلسطيني مهزوما" مقهورا"، لتنقله الى فكر الفداء والنضال.
كتاب جميل جدا" كتب بأسلوب غني وحس مرهف، ولكنه قصير جدا"، مختصر جدا"، يتركك تطلب المزيد فلا تجده.
لا تزال الصفحات مطوية... سرد جميل وإن كان مملا بعض الشيء. لست من قراء السير الذاتية ولا من مصدقيها في الحقيقة لكني توقعت أن يقدم عدنان صورة أعمق من تلك التي قدمها آخرون عن غسان... وجدت ما كتبه عدنان بدر حلو أو بلال حسن أكثر حميمية و عمقا!
"هل هناك اكثر من الأخ الشقيق من يستطيع أن يحدثنا عن منابع الإبداع ودروب الشقاء وتجليات الإرهاصات..." ولكن الشقيق وجد صعوبة كبيرة في الكتابة عنه! سعيدة بمعرفتي لبعض التفاصيل التي ذكرها عن غسّان وطفولته وصباه وشقائه؛ ولكنها لم تُرضِ فضولي الكبير عنه.. مع ذلك لا يسعني إلا أن اشكر الاستاذ عدنان على هذه الصفحات المطوية والتي لا زالها أكثرها مطوٍ.
لغة الكتاب الدافئة تجعلك تُبحِر مع الكاتب في سنىّ طفولته وأخيه غسّان المكافح المناضل الحزين وكأنك تعيش معهما، رَسَم صورة نبيلة رائعة عن نضال الفلسطينىّ المُهجّر الذى حفَرَ فى الصخر ونحت الجبال حتى يصنع لنفسه ولأسرته كيانًا محترمًا بجدٍّ وتعبٍ وعرق الجَبين ومِلح الليالىَ الصعيبة والبرد القارص ، أحببت أسرته وخاصة أخته الكبرى فايزة الجميلة المناضلة الراقية .. يبدو أن الطفولة المُعذّبَة والآلآم التى اكتنفتها هى التى صنعت منهما غسّان وأخيه أديبان مُرهفا الحِسّ!
تعودت أن أقرأ له لا عنه .... وأنا أيضًا مثلُك أُستاذ عدنان "أرتعش كلما قرأت لغسّان، تشتّد نبضات قلبي، أحس بالدوار إن تحدّثت عنه" طفولته ... صباه ... استشهاده ... كان بطلاً حقيقيًا . بالعودة للكتاب، لا أعلم تِلك الكلمات التى تتوغل فى الروح، التى تلمس مكانًا عميقًا فى القلب، اهى سِمة آل كنفانى .... أم انها روح غسّان التى تُضفى قبسًا من روعتها على حروف كُلّ من يكتُب عنه ؟!
• كتاب جميل من تأليف الأديب و الكاتب الصحفي الفلسطيني ( عدنان كنفاني ) شقيق غسان كنفاني .. يتحدث فيه بكتابة أديبة جميلة تشبه المذكرات ، عن طفولته مع غسّان .. و عن عائلتهما التي هجرت من عكا سنة 1948 م و انتقلت للعيش في لبنان ( في الغازية ) ثم في سوريا ( في الزبداني ثم في دمشق ) .. وكيف كافحت العائلة من أجل البحث عن لقمة العيش .. ما اضطر أفرادها – ومنهم غسان – إلى العمل مبكرا و إلى السفر إلى الكويت ..
تمثل معاناة أسرة غسان ، المعاناة الرسمية لجميع الأسر الفلسطينية التي هجرت من أراضيها سنة 1948 م لتجد نفسها قابعة على هامش الإنسانية .. و إن كان حال عائلة غسان أفضل حالا من بقية الأسر ، إلا أن المعاناة كانت مؤلمة و موجعة و مفاجئة .. وقد ساهمت في تشكيل شخصية غسان المتعلقة بالوطن و القضية ..
الكتاب جميل .. لكنه قصير .. يفتقر إلى بعض الترتيب وفيه بعض التكرار ..
• يبدأ الكتاب بتقديم الكاتب و الصحفي الفلسطيني خالد أبو خالد .. ويقول في مقدمته :
( غسان، وأدب غسان.. ظلا دائما محور كتابات لا تنتهي، ومصدر ثراء للكتابة.. إنما ظلت هذه الحلقة المفقودة بالنسبة للقارئ، مفقودة.. فهو يعرف غسان المبدع.. وغسان المناضل.. وغسان الشهيد.. لكنه ظل أبدا أسير التساؤل.. ترى.! أين هو سر ذلك، في طفولته وصباه.؟ إلى أن جاء عدنان كنفاني ليجرب الإجابة على السؤال، من منظور طفولته هو، وصباه هو أيضا، متكئا على اليوميات الغنية.)
( ترى؟ هل ارتوى الظمأ إلى معرفة ما لم يكن معروفا لدينا عن طفولة غسان وصباه.؟ أم ظل هناك ما لا نعرفه، وما لم يعرفه عدنان.؟ بالتأكيد.. ففي طفولة غسان، ما لم يكتبه أبوه، أو أخوه.إ ولكننا، وإذا ما عدنا إلى إبداعات غسان في قراءة جديدة في الضوء الذي قدمه عدنان، فسوف نكتشف أن ثمة ما مررنا به دون أن ننتبه حول تلك الطفولة، وذلك الصبا.! غسان كنفاني.. صفحات كانت مطوية، دعوة جديدة لإعادة قراءة غسان.. ) يشير إلى أن روايات غسان كنفاني و أعماله اقتبست كثيرا من مشاهد طفولته التي كشف عنها عدنان في كتابه.
• يتحدث الكتاب عن ذكريات النكبة و مأساة تهجير عائلة عدنان ( وغسان كنفاني ) .. و اضطرارهم لمغادرة عكا و الفرار باتجاه الغازيّة في لبنان ..
( ذات صباح حزين حملنا صندوق سيارة شاحنة، وكنا ثماني عائلات.. نساء وأطفالا وشيوخا مع المتاع.. سقط بعضهم على الطريق، وصمد من بقى إلى وجهة الوصول.! بدا لنا السفح الأخضر مدروزا من منطلق النظر إلى آخر المدى بألوان شتى، لم تكن خضراء ولا صفراء، بل حمراء وردية، أضافت عليها الشمس عند الغروب لونا أشبه بلون قشرة برتقالة لم تنضج بعد، ولم تلبث أن ضربته حتى القمة، عتمة مطلقة..
آه أيتها "الغازية".. من صيرك على نقطة العبور.؟ من أرخى جدائل سفوحك، ورشقها على جباه التائهين.؟ جعلها زعترا وشوكا وشيحا وأشياء أخرى خضراء، ليكتشف الصغار، بعد موجات الجوع المنهك أنها تؤكل بنهم لذيذ.! وتصير بالتقادم أصنافا وأشكالا لأطعمة، تبرع أمي بخلطها وطبخها.. وتصير غاية في الترف..
كان غسان كنفاني وقتها يبلغ من العمر الثانية عشر .. وكان عدنان أصغر منه بأربع سنوات ..
( بعد أربعة أيام، خرجنا من عكا.. وفي كوخ "إبراهيم أبو بيقة" أمضينا أول ليلة على قمة مرتفع في الغازية.. أيقظتنا الشمس في الصباح. أشرقت قبالتنا تماما.. أذكر أنها كانت تشرق من الجهة الأخرى في بيتنا المستلقي في حيّ المنشية على شاطئ بحر يافا.. سألت غسان.. كنت صغيرا في الثامنة من عمري: ـ هذه شمسنا ؟ أسند ظهره الضئيل إلى جذع شجرة كبيرة.. أجابني بحزن: ـ إنها الشمس ذاتها.. نحن فقط أدرنا ظهورنا.! ) .. نحن فقط أدرنا ظهورنا ..
ثم يتحدث عن مغادرة العائلة الصغيرة للغازية و توجههم إلى الزبداني في سورية و اضطرار والده لبيع خاتم زواج زوجته. و تعجبك لغة الكاتب الشاعرية التي تشبه لغة أخيه ، فيقول عن الزبداني :
( ترى.. متى يستطيع الإنسان أن يعيش الفرح.؟ ويتمتع بلحظة تأمل صافية بسماء زرقاء، يكاد يلمس سقفها، وجبال تتماوج ألوانها الخضراء بتدرج مذهل.. يخترقها في بطن سفوحها نهر يتثنى كأفعى رقطاء أبدع الخالق رسمها، يتناسق ببراعة مع الطرق الترابية المبعثرة بين السهول والقمم، ضيقة تارة وعريضة تارة أخرى، تتلوى حول البيوت، ويدخل البساتين والمزارع المنتشرة على جانبيه.. كيف يستطيع الجائع أن يطرق هذه الجنة.؟ وهو يبحث عن أي شيء إلا الجمال.. فقد أضاعه في مكان ما، وحمل على صفحة خده أثرا لخمسة أصابع كتبت عليه بوضوح.. لاجئ.. )
و يصف تجربة أليمة لوالده ... و حكمة غسان كنفاني :
( رأيت والدي ينتفض ثائرا، يرغو ويزبد، يحمل الطعام المطبوخ، ويسفحه .. نعم.. الأحشاء والأطراف.!.. ثم يركض إلى الغرفة الضيقة، أراقبه من خلف الزجاج السميك، يعانق صندوقنا الخشبى المغطى بصفائح من التنك الملون والمسامير النحاسية، يفتحه، يعبث بداخله، وينتزع من أسفله شيئا رأيت مثله من قبل، يقربه من رأسه.. تنقض عليه أمي وغسان وفايزة، يصارعونه والقطعة السوداء التي يحملها.. ينتزعونها من يده.. وينتهي المشهد.. في الطريق إلى النبع سألت غسان: ضاع الطعام؟ أجاب دون أن ينظر في وجهي: - لأننا لا نحب اللحم! قلت : - أنا أحبه ! قذف حجرا بمقدمة "صتدله" المقطوع وتمتم: - إذن عليك أن تتعلم كيف تكره ما تحب.. صمت لحظة وأردف: - أو تحب ما تكره! ).
ثم ينتقل للحديث عن حياتهم في دمشق .. بحث والده عن عمله و التحاقه أخيرا بمكتب للمحاماة .. اضطرار اخوته غازي و فايزة و غسان إلى العمل في سن مبكرة وفي نفس الوقت إتمام دراستهم .. سفر غازي إلى أمريكا .. و سفر فايزة إلى الكويت و إلتحاق غسان بها .. عمل غسان مدرسا في سوريا وفي الكويت .. و كتاباته الفنية و كيف ساهمت فايزة في تطوير موهبة غسان الفنية و تشجيعه.
و يقتبس الكثير من مذكرات والده ( أتمنى لو كانت المذكرات مطبوعة و منشورة و يمكن قراءتها ) ..
( في ذلك البيت تعلمنا أنا وأخوتي الثلاثة طي أوراق الملازم للصحف والمجلات لحساب المطابع القريبة وتعلمنا كيف ننسى طفولتنا أمام استحقاقات أهم، وكيف نصير أجسادنا آلات تتحرك وتعمل بلا كلل وبدافع غريزي بحت لتحقيق استمرار القدرة على العيش، فقط.. تعلمنا أن لا نمرض ولا نشكو، وأن نكتفى أحيانا بالخبز وحده غذاء رئيسا، وأن نتجاهل الأعياد والأفراح.. تعلمنا كيف نقاوم البرد بالأجساد، وأن لا نشكو من القيظ، تعلمنا كيف ننام أربعة على فراش واحد، وعلى كتف واحدة مثل أسنان المشط )
• في مجمل حديثه ينقل صورة عميقة لغسان كنفاني .. تشعر معها أن غسان كان يسبق عمره بسنين طويلة ، نتيجة المعاناة التي أنهت طفولته .. وكيف اتسمت تعليقاته بالحكمة البالغة و بالعمق و بالارتباط بالقضية الفلسطينية ..
( دخل بثقة هذه المرة قاعة الصف السابع، توجه إلى اللوح وكتب بخط واضح : ارسم منظرا مرعبا.. اجتاحت الطلاب مشاعر متفاوتة بين الاستغراب والحماسة، وبدأت الأقلام ترسم أشكالا من التصورات المرعبة.. أحدهم رسم بحرا متلاطم الأمواج، بينما رسم آخر غابة كثيفة، وثالث رسم دبابة أو طائرة ورابع رسم وجه وحش بأنياب طويلة حادة.. وهكذا توالت الرسومات على الطاولة أمام غسان الذي كان يتابع كل رسم بانتباه، يشطبه، ويضيف على ذيله عبارة مقتضبة: مخيف.. وليس مرعبا. وحين انتهى الجميع من تقديم أعمالهم، توجه غسان إلى اللوح.. رسم دفترا مفتوحا، لونه بالأحمر، وكتب تحته بخط عريض.. (دفتر الإعاشة) )
( اليوم يحتل غسان رغم فراق الجسد قمة أربعة وستين عاما ما زالت تنبته فوق الأرض.. تجذره تحت الأرض.. يقول لي مع كل صباح: ـ - بعد الموت تتبدل الأشياء، يسافر دم القربى عبر المسافات.. يمهد سبل الخلاص للقادمين. فهل أستطيع أن أكتب عنه.؟ تعودت أن أكتب له رسالة كل "تموز".. أقول، سنة بعد سنة أننا ما نزال نواصل "الدق بعنف أكثر على جدران الخزان ذاته" يسمعني ولا يصدق. أليس هو القائل بأنه: من الجيل الذي يعد الجيل القادم للنصر.؟ )
( كتب والدي رحمه الله في مذكراته بما يتعلق بغسان ملخصا اقتطف منه: غسان طفل هادئ يحب أن يكون وحده في غالب الأوقات. مجتهد ويميل إلى القراءة، يحب الرسم حبا جما، مهمل وغبر مرتب ولا يهتم بملابسه وكتبه وطعامه، وإذا ذهبنا إلى البحر وغالبا ما نفعل "كان بيتنا قريبا من الشاطئ" يجلس وحده.. يصنع زورقا من ورق، يضعه في الماء ويتابع حركته باهتمام. قال لي مرة وكان عمره سبع سنوات: ـ بابا أنا أحب الألمان أكثر من الإنكليز! سألته لماذا ؟ قال: ـ لأن الإنكليز يساعدون اليهود ضدنا.! . )
• ينقل عن قبيل مغادرة أخيه غازي إلى أمريكا .. و عن وثيقة أمره والده بالتوقيع عليها قبيل سفره : ( ساعده والدي بإنجاز وتقديم الأوراق المطلوبة، كان أهمها (الكفالة)، وتذكرة سفر بالباخرة عن طريق بيروت.. وورقة أخرى وقع عليها غازي وكتب نصها والدي واعتبرها غاية في الأهمية.. تقول: ( أقسم بالله العظيم، وبشرفي وديني ووطني، أن أكون مخلصا لوالدي وأخوتي، وأن يكون هدفي الدراسة، وأن أحافظ على كرامتي وديني، وأن لا أرتكب المحرمات على الإطلاق، وأن أكون مثالا للأخلاق التي تربيت عليها وأحافظ عليها، وأن لا أعاشر رفاق السوء ولا أختلط بأعداء وطني، وأن لا أتزوج من أجنبية تحت أية ظروف، وأن أعود إلى أسرتي وبيتي فور انتهاء تحصيلي.. والله على ما أقول شهيد.. ) ) لفت انتباهي جملة " لا أختلط بأعداء وطني " ..
و المثير للإعجاب أن والده – أيضا – كتب بعض الوصايا لفايزة قبيل سفرها إلى الكويت و طلب منها أن تقرا هذه الوصايا يوميا كل لا تنساها.
• المؤلم حين تحدث عن مشهد وفاة غسان وما بقي منه : ( إنها ذات الابتسامة التي تعود أن يرسمها في مناسبات هامة ومفصلية.. رأيتها واضحة على أطراف شفتيه وعينيه المسدلتين على صورة حلم ساخر، يوم استشهد وتناثرت أعضاؤه بين أنقاض كثيرة على مساحة جبل وواد.. ذراع واحدة ونصف صدر وبلا أرجل.. وأصابع تتعلق على أغصان الأشجار الكثيفة.. الوجه وحده بقي سليما، يبتسم مثل هذه الابتسامة.. )
• الكتاب تمكن من نقل بعض التفاصيل الدقيقة عن حياة غسان كنفاني .. تتيح لك أن تتعرف على شخصيته بشكل أفضل .. ستشعر بعد هذا الكتاب بأنك صرت أكثر إدراكا لكتب غسان وما أراد قوله من خلال تلك الروايات .. وستعرف لماذا كان ضروريا لإسرائيل ، أن تغتال غسان .. رغم أنه كان في نظر الجميع .. مجرد كاتب .
حتى اللحظة اللي قرأت فيها الكتاب كنت واثقه ، م نأين أتيت بتلك الثقه الله وحده يعلم ، ان غسان كنفاني كان مسيحياً
والدين لم يشكل أبدأً عائقاً بيني وبين القراءه له ..
كل ما في الأمر أنني فسرت - وحدي - الإستحاله الإجتماعيه التي تمثلت في زواجه من غاده السمان بأن يكون مردودها لذلك السبب فقط
وعلى ذكر غاده ، فقد رأيتها بوضوح وأحسستها من أول ما فتحت الكتاب.. ياترى لسه هتعرف أسرار غسان كنفاني زينا زيها بهذا الكتاب الصغير ، ام ان حياته كلها كانت مكشوفه في السابق لها
غسان المذكور بكل تأكيد في روايتيها يادمش وداعاً ، والرواية المستحيلة التي تتحدث فيها غاده أغلب الظن عن نفسها وذكرت فيه إعتراض شاب فلسطيني الدائم لأماكن تواجدها ، الشاب الذي جعلتنا نعشقه وهو على هويته الخفية تلك ..
اما بالنسبه للكتاب فهو جميل ليس الا لم يذكر الكثير عن حياته ولو عرفنا على الخلفية السياسيه لغسان وامتلاكه لأب شجاع ومقاوم وبكل تأكيد كان لابد ان يكون محامياً وإمتلاكه أسره كبيرة محبة ومعطاءه كأسرته
ومع التفاصيل الصغيرة التي كشفها عدنان تشعر وكان غسان يكتب عن نفسه في كل قصه يكتبها عن موقف حدث لهم
كنت اتمنى ان يستفيض الكتاب أكتر وان يكشف عن تفاصيل أكتر ولكنه مختصر جداً بكل ما في الكلمة من معنى
"أرتعش كلّما قرأتُ لغسّان، تشتدّ ضرباتُ قلبي، أحس بالدوَار إن تحدثتُ عنه، أخاف أن أقسو فتتكسّر صورة مرسومة بريشةٍ ناعمة علَى صفحةِ ماءٍ رائق، وتغوص بعيدًا عن ملمسِ أصابعي رُغمَ أنها تنبضُ في صدري.. تسيرُ في شراييني.. أمسكها.. أغطيها.. أضمها الى كنز أسراري، أدّعي أنها مِلكٌ لي ولأسرتي؛ فهو فوقَ الأخ، هو فوقَ الجرح النازِف في كبدي، نجمةٌ تربّعت واحتّلت مساحة صدري وجبيني، ملأتنِي بأحاسيسِ فخرٍ وانشداد لا أستطيعُ وصفَها، أقولُ ولا أصدق: يرحمكَ الله يا غسّان!"
العائلة الكنفانية المناضلة.. يحدثنا هنا عدنان كنفاني ليس عن غسان فقط كما في عنوان الكتاب إنما عن العائلة الفلسطينية المثقفة بدءاً من الأب الثوري والذي اكتشفت أنه أحد أهم إبداع أولاده ومنهم غسان على سبيل الحصر .. كتاب جميل أشبه بالرواية صفحاته قليلة لكنه يضخ جمالاً وعبرا... ... وأنا أقول بالرغم من نهاية الأديب الكبير غسان كنفاني المؤلمة إلا أنها مثلت رمزا للكرامة والعزة الفلسطينية.. يكفيه فخراً أن مات شهيداً.
فى هذا الكتاب نعاصر حياه وطفوله غسان وغازى وعدنان وفايزه كنفانى نرى أمامنا إصرار غسان وهو طفل على طرد المحتل حتى لو كان فأر يدخل بيتهم أستشهد غسان عام 1972 واستشهدت معه لميس بنت أخته فايزه واستشهد أخوه الأكبر غازى بعده ب ثلاث سنوات عام 1975.
كنت ابحث عن سيرة لغسان كنفاني ولقيت اجمل الهدية : بقلم اخوه عدنان. للأسف لم أظمئ عطشي عن خفاياه حياته لكن الشيء الرائع بهذا الكتاب هو الاستشهاد من مذكرات (يوميات) والد غسان . الشيء الذي اثارني هو تمنيت ان ينشر يوميات الوالد...وارجو على عدنان كنفاني ان اسمعني . فيوميات والده يعتبر كنز من كنوز الادب والتاريخ الفلسطيني . . ابكاني آلام في بعض الصفحات لانه لا يعبر عن حياتهم الخاص فقط لكن سمعن نفس القصص من الاجئيين الفلسطينيين الذين عايشوا النكبة وما بعدها .
الكتاب يتناول قصة عائلة غسان كنفاني لا غسان وحده، والآن أفهم لماذا كان هذا إهداء غسان كنفاني في موت سرير رقم 12:"إلى أختي فائزة إذا كان ما في هذه القصص يستحق أن يهدى إلى العزيزة فائزة" فائزة التي أهدته القلم الفاخر الأوّل الذي أحبّ غسان الكتابة به، والتي أصرّت عليه أن يقرأ القرآن بصوت جهوريّ ليتعلم النطق الصحيح للحروف والبييان السليم، تقرأ ما يكتب وتطّلع على ما يرسم. .غسان كنفاني حدث الناس وسمع منهم،حوّل حديثهم إلى حكايا ورسمها، وربما لهذا قصص غسان قريبة إلينا لأنها قصصنا
كل حرف ينطقُ بإسم غسان كنفاني هو حرف يخرج بنقاء ويتنفس بحب، صفحات مطوية إختصرت حياة الكاتب المناضل غسان كنفاني المثيرة بكل ما فيها من مُعاناة وتضحية ، تناولت نشأته وعائلته وعلامات نبوغه ومراحل تعليمه .. أحببتُ شخصية أخته فايزة ، الفتاة الذكية المثابرة المُضحيّة لأجل عائلتها . غسان الجميل رحلتَ شهيداً ونحنُ في حُبك شهداء .. ستبقى صورتك عالقة في الأذهان وسيُضيء حرفك في كل العقول والصفحات ..
هذا الكتاب عبارة عن المرحلة التي مهدت لولادة مبدع كبير وسط كثير من الظروف الغير طييعية، يقتطف منها عدنان صورا دافئة عن غسان، برغم ما تختزنه سيرته من الم وشقاء. النضال يُورَّث والوطنية والثورة تنمو في مناخ وطني وعائلة تعلمت التضحية من أجل الوطن .
"سمعت بوضوح صوت غسان يأتيني من عمق خمسين سنة، يهمس في أذني .. اياك ان تستسلم..!"
للاسف لم أجد الكثير مما كنت أتوقع منهذا الكتاب حسب عنوانه صفحات كانت مطوية من حياة غسان كنفاني فتقريبا كل ما قاله الكاتب وهوشقيق غسان كنفاني كنت قد قرأته من سابق في ولم يأتي بجديد رغم أن الكتاب شيق عموما