هي رحلة إلى قاع الخراب الذي تتقاطع فيه حيوات بطلي الرواية، إلهام ونشوان: خراب اليمن، خراب الواقع العربي الذي تهيمن عليه ثقافة بطريركية ظلامية مستبدة. بطلاها إنسانان جميلان رهيفان رسما بميكروسكوبية فنية دقيقة لا يمكن للقارئ إلا أن يقع أسير عشقهما. حياتهما التي تنتقل بين عوالم يمنية وعربية وغربية مختلفة (رسمت علاقتهما بها بنفس الحساسية الفنية الرهيفة) تدور بغموض في فلك سر غامض لا ينبلج الا بعد دهر من السعادة والآلام الغامضة. يقول بطل الرواية: "في الثانية من عُمري، أو ربّما الخامسة، لا أستطيعُ القطعَ في ذلك بدأتُ عذابَ جهنّم! لا أستطيعُ، بين هاتين السنتين، تحديدَ اللحظة التي انكسرت فيها حياتي إلى الأبد!".
"أسألكَ العُذر! لأنَّ هذه الكلمات، المخضَّبة بألمٍ مُترَسِّبٍ، تصل إلى قلمي لوَحدِها، دون تفكير، تصعدُ دون إستئذان من قاع الذاكرةِ التي جاهدتُ طويلاً لِطمسها، هي وحدها أصدق مستهلٍّ لقصَّةٍ حياتي!...".
أكاديمي وروائي يمني. بروفيسور جامعي في علوم الكمبيوتر بقسم هندسة الرياضيات التطبيقية (كلية العلوم التطبيقية، روان، فرنسا)، منذ ١٩٩٢. يشرف على مشاريع فرق أبحاث جامعية مشتركة، وعلى كثيرٍ من أبحاث الدكتوراه. بيد أن شغفَهُ بل هوسَهُ الأوّل والآخر، الظاهر والباطن: الكتابة الأدبية، وذلك منذ أن نشر أوّل قصيدةٍ شعريّة في مجلة "الحكمة" في ١٩٧٠.
أنا بحب حبيب عبد الرب السروري😍 بحب قلمه...بحب طريقة تفكيره..و كل ما بقرأ له كتب أكتر كل ما بحبه أكتر..:)
في رواية طائر الخراب يرسم سروري بعبقرية لوحةَ للخراب داخل اليمن في كل شبر فيها ..ستراهُ بأمّ عينيك يُحلِّق في كل صفحات هذه الرواية المؤلمة! ستراه في شوارع اليمن وعيون أطفالها.. وستراه في ماضي إلهام بطلة الرواية وطفولتها.. ستري خراب الخوف وتري خراب العار... ستري اغتصابُ الأطفال الذي يعتبر من أبشع المحرَّمات، يجري في اليمن في وضح النهار'على سنة الله ورسولِه' و ستري المرأة التي لا تتجرأ على الحديث عن انتهاك أبوي أو عن اغتصاب..
" المرأة هي العار! هي الفتنة! هي ناقصةُ العقلِ والدين! هي سلعةٌ لها ثمنٌ تُشتَرَى به عند الزواج! يرميها الزوجُ كَملايةٍ قديمةٍ عندما يريد. يشتري بجانبها ملايةً أخرى أصغر عُمراً عندما يريد. يحقُّ له قانونياً أن يشتري أربع ملايات!!"
وفي وسط كل هذا الخراب والوجع ستجد نفسك تقرأ عن قصة حب غير عادية أبدع الكاتب في وصف تفاصيلها.. قصة حب نشوان وإلهام الذين خلقوا ليحيوا شيئاً ما أكبر و أعظم من العشق.... اختلاس بعض اللحظات للتحديقِ بها كانت بالنسبة له الدنيا و ما فيها:) أصبحت شريكة حياته لعشر سنوات،كانت قريبة منه ولكن في نفس الوقت بعيدة عنه وتخفي عنه كل وجعها خوفاً عليه و علي علاقتهم..
إسلوب السرد رائع ..اللغة مفيش أجمل من كدة.. النهاية رائعة .. الحبكة كانت ضعيفة شوية في مشاهد قليلة ويمكن دة السبب الوحيد اللي خلاني أقييمها ب ٤ نجوم و مش ٥.. الذي لم يقرأ بعد لحبيب عبد الرب سروري..حقيقي فايته كتير...كتير أوي كمان:)
قرأت هذه الرواية في أسوأ توقيت ممكن، فطائر الخراب الذي مافتئ ينعق قد انقض على وطني فاردا جناحيه، وأنشب مخالبه في ربوعها، وراح يعبث بمنقاره هنا وهناك. هو ذاك طائر الخراب، متعدد الصور والهيئات فتارة هو قبيلة، وتارة شيخ دين، أحيانا رئيس دولة وأحيانا أخرى هو فقر أو تعصب.
أفضل الحديث عن هذه الرواية على محورين: شخصي وأدبي. فأما من ناحية الشخصية فأنني لا أحبذ النصوص التي تفوح منها رائحة توجهات الكاتب بوضوح. من اليسير على أي قارئ استنباط أن البروفسور سروري شخصية ليبرالية، حداثية تعيش في المهجر من مجرد قراءة هذا النص. لا شك في أن حبيب وطني محب لبلده. لكنه من ذلك النوع من الوطنيين الذي من شدة حبهم للوطن، لا يتحدثون سوى عن آلامه وأسقامه. لذا ستجد نصه متخما بالصور المأساوية والأزمات، حتى أنك تشك في أنه يتحدث عن ذات البلد التي تعرفها. هذا لا يعني أنه يزور أو يبالغ، لكنه يعني أنه عكف على نقد القبح إلى درجة أنه لم يعد يرى أي قدر من الجمال. وليست هذه سلبية بقدر ماهي نتيجة طبيعية للصدمة الناتجة جراء البون الشاسع بين جودة الحياة في المجتمعات المتحضرة والمجتمعات المتدهورة. وكسائر العرب على وجه المعمورة من الدكتور الجامعي حتى مهرج السيرك، لم يتمكن سروري من التحرر من ربقة السياسة، حيث أن هناك العديد والمزيد من الإسقاطات السياسية، وشيء من التاريخ المعاصر.
أما على الصعيد الأدبي، فالرواية متماسكة، جزلة اللغة، شاعرية الألفاظ. لايفتقر النص إلى التنوع في السرد فهناك تنقل بين الماضي والحاضر، هناك وصف وحوارات، رسائل ونصوص منقولة… الخ. كما أجاد الكاتب اخفاء بعض التفاصيل لتغجير المفاجآت في الوقت المناسب، وهو ما أضفى حيوية على الأحداث.
في النهاية، لابد من الإشادة بعشق الكاتب لمدينة عدن فهو مغرم بكل تفاصيلها. تستحق عدن كل هذا العشق وأكثر. تفاحة اليمن التي تمر بأوقات عصيبة في هذه الأيام. أتمنى أن تنقشع الغمامة عن رمز السلام والتعايش، المدينة التي اثبتت أنه مهما كانت رقعة الأرض صغيرة، فأنها يمكن أن تضم شعوب الأرض جميعا مابين جبل وساحل.
قرأت هذا الكتاب بناء على توصية صديق، وقد غير حياتي إلى الأبد. بدأت الأحداث بصورة مشوقة، ساخنة، جعلتني اأتصبب عرقاً من وصف الأحداث وجمال اللغة..للكاتب أسلوبٌ راقٍ في الوصف والتعبير يجسد الكلمات ويصور الحدث.. وسرعان ما تطورت بانية مع خط الأحداث التوتر، زارعة في قلبي الترقب والفضول الخجول نحو الماضي. وشيئاً فشيئاً، تتكشف أستار المجهول وتظهر الغيلان السرية من قصص ألف ليلة وليلة بأبشع الصور وأكثرها إخافة.. بكيت كثيراً، واحتقرت الواقع الذي نعيش فيه، ذلك الذي يقمعنا في مساكننا ونعيش في ظله بجهل قاتل عازلاً إيانا والآخرين عن بعضنا البعض.. كانت الأحداث مفاجأة لي، متوقعة، وغير متوقعة.. لن أنسى يوماً ذلك الشعور الذي غزا قلبي عندما اكتشفت الحقيقة، وتبين لي مدى هولها وفحاشة محتواها!
علي تحذير القارئ من محتواها المثير للجدل، فلن يستطيع الجميع هضم الأحداث التي تمر بالكتاب، وقد يتصفها البعض بالكذب وبأنها مؤامرة من اليهود وإلى ما غيره من الكلام الفارغ .. لكني أثق بكونها تمثل واقعاً لا للمجتمع اليمني فقط.. بل للعديد من الدول العربية، وخلف العديد من الأبواب المغلقة التي لا يُسمَعُ خلفها صراخ العديدين..
هناك ثوابت مهمة للبروفيسور حبيب عبد الرب سروري و هذا ما يجعلني منشدة لأدبه. انه يعرف العالم بمأساة اليمني عموما و الإنسان الجنوبي خصوصا. يقارن بين حياة اليمني في الوطن و المهجر و يخلق في شخصيات أبطاله ذاك الانفصام الهوياتي و البعد الجغرافي و القيمي لدى القارئ و الشخصية الروائية. طائر الخراب هي حقيقة ما فتأت تتكرر في ارض اليمن ما بين سندان الشذوذ و السعار الجنسي و مطرقة العادات و الأعراف و التقاليد. سلطة القبيلة في شخص الشيخ و انزواء الضعفاء و قبولهم بشذوذ ذوي النفوذ. استغرب حقا مع القراء لماذا الى الان يستمر هذا الوضع المزري في بلد يملك كل إمكانيات النهضة و الحضارة و الرفاه الإجتماعي . رواية طائر الخراب لم تغفل أيضا الجانب الأجمل في الحب لدى اليمنيين فنشوان ضحى بالغالي و النفيس من أجل إسعاد الهام الحبيبة و الزوجة و العشيقة . يتذكر محاولاتهما في إنشاء أسرة يمنية سعيدة، و حينما تعذر هذا تنازل عن عنتريته في إنجاب أبناء من صلبه و قرر التبني. أنصحكم فيها و بشدة.
جمالها لغير اليمنيين في نصفها الأول و جمالها لليمنيين في نصفها الثاني.. رواية جميلة .. تجد طائر الخراب في كل زاوية من زوايا الرواية تارة في الحب و تارة في الرأس مالية وتارة في اليمن وأخرى في شيخ القبيلة و ما إلى ذلك من طيور الخراب!
" قبل أن تهبط من السماء يلزم أن تخرج أولاً من قاع الخراب ! " ..
- عبر (247) صفحة ينتقل سروري برشاقة أدبية عالية بين أصدق مشاعر العشق والهيام وبين اليمن الممزق - وطنه الأم - حيث يحلق طائر الخراب فوق كل شيء، حيث لا شمس تسطع سوى فوق الدمار، الدم، الفساد، التناحر، الإغتصاب ..
قسم الكاتب روايته إلى أربعة أجزاء : الأول يحمل اسم " مملكة العصافير " يصف لقاء نشوان وإلهام وبدايات العشق بينهما، كذلك ذكريات نشوان عن طفولته، ظروفها وخروجه من اليمن إلى فرنسا حيث يقيم .. أما الجزء الثاني فيحمل اسم " نظرية الشهقة " حيث يحدث التوحد الجسدي بينهما ورقصة إلهام ليلة الألفية الجديدة، يعقبها الهروب وتكشف بعض الأسرار المخبوءة .. ثم الجزء الثالث الذي يحمل اسم " ألعاب نارية لاحتفال فض البكارة " حيث حلم اليقظة وإعادة التوحد المثالية، كذلك عودة نشوان إلى اليمن حيث يجد يمناً غريباً مشوهاً، يمناً يرتدي الجلابيب السود من رأسه حتى أخمص قدميه، ثم عملية البحث والتنقيب في حقيقة التحول الذي حدث وما يعقبها من صدفة قصة الأختين والغوص في أوحال البلد أكثر فأكثر .. أما الجزء الرابع والأخير فيحمل اسم " نعيم " حيث اللقاء الذي يكشف الستار عن حقيقة قصة الأختين وما عانتاه خلال طفولتهما ومن ثم العودة إلى مدينة الميعاد ( م ) ..
- لم تترك صفحات هذا العمل الروائي باباً من أبواب النقد الإجتماعي لكل مظاهر الفساد، التخلف، الديكتاتورية، الإفقار و البشاعة إلا طرقته بأعنف لغة ممكنة .. صب سروري جام غضبه على ذكورية المجتمعات الشرقية حيث الأب،الأخ والزوج محور كل شيء، كذلك فعل مع عاداتها هذه المجتمعات الشعبية من خرافات، أوهام وشياطين، كما وصف حال المرأة في اليمن وتبعيتها، اذلالها والتعامل معها بدونية رخيصة -ما ينطبق على مجمل بلاد الشرق- ، كذلك لم يسلم من كلامه تجار الدين ووعاظ المساجد بخطبهم الدموية والتحريضية المهملة لحال المجتمع وقضاياه الملحة، لينتقل في نقده إلى ميدان الثقافة المتدهور حيث لا جديد بل تكرار في الشعر وضعف وشبه غياب للقصة و كالرواية وخرس عن معالجة واقع البلاد المتردي ..
يغرق سروري في وصف الحب وشاعريته في أول جزئين من روايته لكنه يعود ويستفيض في وصف الخراب، الدمار، الفساد، الفقر، الجوع، تجارة الجنس (الزواج الساحي)، زواج القواصر وسفاح القربى ..
#اقتباسات :
" الحياة ملك المرأة ! المرأة ملكة الحياة ! هي أولاً وأخيراً، جذوة العشق، نبراسه، وعاؤه وكتابه ! سفينته وقبطانه ! إذ لا حول ولا قوة للرجل دون رغبتها، دون مددها وتفاعها، دون رطوبة أحاسيسها ورقة نظراتها، دون خلجات شهوتها وتبرعم رغباتها " ..
" الرقص يمنع تصحر الجسد، يرويه ويغسله، الرقص صلاة استسقاء للجسد ! دواؤهمن تصدئه ! أن لا ترقص يعني أن تحيى كسيحاً بشكلٍ أو بآخر " ..
" يلزم أن تخرج من مستنقع آسن لتسيل نوافير الفجر والحرية من أطراف أصابعك ! " ..
" غريب هو الإنسان ! جهاز ذهني ضعيف هشٌ وهنٌ ! يمكنه في لحظات ما قبل الإنهيار بسهولةٍ لا تخطر على بال، التشبث في العدم والإنجراف بأمواج الأوهام الصغيرة " ..
كعادة حبيب سروري السرد في الرواية ذاتي أي أن البطل هو الراوي ، يجيد الكاتب هذا النوع من السرد لتشعر أن البطل جالس أمامك ليفصح لك بما في مكنون قلبه بأسلوب حميم .. قريب جدا ، يلمس مشاعرك . أسلوب حبيب سروري رقيق مليء بالشاعرية "بالغ البلاغة" فتراه يصب المعاني في كؤوس أنيقة من الكلمات لترتشفها ذائقة القارئ بتلذذ.
يذوب القارئ في القصة يتماهى فيها لكن ما إن يتماسك فإنه يشعر بالمبالغة ، مبالغة في وصف المعشوقة ، مبالغة في وصف علاقة الحب ، هذه المبالغة قد تجعلك تخرج من تلك الأجواء الجميلة فما تلبث إلا قليلا ليعيدك أسلوب سروري الساحر للرواية مرة أخرى ، هذا ما أعيبه على الكاتب "المبالغة" والتي جعلت من قصة الحب "بلاستيكية"!
لايمكن أن يكتب حبيب سروري روايته دون أن يتطرق لوطنه ، "عدن" جنة الله التي كانت ! اسم الرواية معبِّر جدا "طائر الخراب" ، رواية ابتدأت بقصة عشق بين نشوان العدني و إلهام الصنعانية لكنها -الرواية- لم تكن قصة حب بقدر ماهي قصة وطن ، وطن كان في أزمان غابرة سعيدا والآن حلّ به الخراب ، ينتقد الكاتب الوضع المزري على لسان بطل روايته ، ينتقده بحدة وغلظة لكنك كقارئ تستطيع أن تلمس العشق اللامتناهي لذاك الجزء من العالم ، أن تشعر بالحنين الذي يملأ كلماته الحادة ، أن يتبدى لك مقدار الحسرة والألم لمدى الخراب الذي حل وظل ينتشر و يتمدد ، ومن يقرأ الواقع يستشرف ألا نهاية لهذا التمدد .
يغترف الراوي من الذاكرة ومضات عن "الجنوب العربي" -جنوب اليمن حاليا- بعد زوال الاستعمار واستلام الجبهة القومية (الحزب الاشتراكي لاحقا) للحكم ، لم يستفض كثيرا في ذلك وإنما "ومضات" كما ذكرت ، ربما افترض أن القارئ لديه خلفية بهذا الأمر أو ربما لم يشأ التوسع كثيرا فقد كان جل تركيزه على "يمن" الآن ( عام 2005 وقت كتابة الرواية) ، فنجده يذكر في الصفحة ٣٨، ٣٩ عن سفره لفرنسا عام ١٩٧٤ في "السنوات الثورية" التي كان السفر فيها مستحيلا . ١
و في الصفحة ٦٠ مرر معلومة عن تلك السنوات السوداء لحكم الجبهة القومية عن طريق ذكر إحدى عشيقاته وهروبها مع عائلتها عام ١٩٧٢ "عقب السبعة أيام المجيدة التي حولت الحياة في عدن و أريافها إلى مرقص مجانين" ٢
لم يتوقف الكاتب عن سرد المعلومات وتمرير رأيه في ماضي وحاضر وطنه ، فتراه يمرره عن طريق بطل روايته المولود عام ١٩٥٦ مثله ! ، فيذكر رأيه في الوحدة بين الجنوب والشمال ، يقارن بين عدن الماضي والحاضر ، ينتقد ظاهرة لم تكن موجودة قبل هجرته في السبعينات مثل النقاب ، يعرَّج على حرب يناير ١٩٨٦ البشعة .. وغير ذلك كثير .
تطرق لموضوع مهم كانت بوابته إلهام ، يختص بوأد الطفولة .. انتهاك كرامة و حق الأنثى في الحياة وتفرعت عن ذلك مواضيع أخرى مرّ عليها الكاتب بسرعة ، هذه الأمور وغيرها أدت إلى انزلاق اليمن في هوة عميقة من الصعب خروجه منها .
ما أود ذكره أن عبقرية الكاتب لم تجعله يخرج عن السياق أو على الأقل لا يجعلك كقارئ تشعر بذلك ، فتمريره لآرائه وللمعلومات عن اليمن يضعها خلف إحدى شخصياته أو خلف حدث ما أو مشهد ما في الرواية كمشهد رقص معشوقته والذي جعله يعود بذاكرته لرقصة "الليوة" التي كان يشاهدها في عدن عندما كان طفلا. تمت التنقلات بين قصة الحب وقصة الوطن بخفة وسلاسة ، بل تم المزج بينهما حيث استطاع الكاتب أن يجعل منهما نسيجا متكاملاً .
رواية "طائر الخراب" رائعة رغم الألم الذي تحمله ، وتستحق القراءة ، حقيقة أخشى من قول ذلك ، وأخشى أن أوصي بها مع أني لن أستطيع منع نفسي من ذلك ، خشيتي سببها أن تزيد بشاعة اليمن في أعين الآخرين بعد قراءتهم لهذه الرواية!
------------------------ ١- في تلك الفترة أيام حكم الجبهة القومية ذات الطابع الاشتراكي الشيوعي والتي لم تكن تعي من الفلسفة الشيوعية سوى أسماء: لينين ، ستالين ، ماركس، فقد كانوا جهلة من قاع المجتمع صعدوا فجأة إلى القمة فعاثوا فسادا في البلاد ، في تلك الفترة كان السفر صعبا والبلد بأكملها كانت كسجن كبير ، أولئك الأوغاد كانوا حراسه ، من أراد الخروج يجب أن يأتي بمبرر وسبب مقنع لسفره ، وكان من المستحيل أن يقبلوا بسفر عائلة بأكملها خشية ألا يعودوا لذلك السجن الذي كان تحت مسمى وطن .
٢- "الأيام السبع المجيدة" كما كان يطلق عليها "الرفاق" لم تكن سوى أيام سوداء كالحة قدم فيها الغوغاء من الأرياف إلى عدن للهدم والتخريب تحت شعار أبله "تمدين الريف وترييف المدينة" فعمّ المدينة الخراب و لم تتحسن أوضاع الأرياف بل باتت أسوأ ، كانوا ينادون بتخفيض رواتب الموظفين و خلع "الشياذر" (العباءات) تحت مسمى تحرير المرأة ، تم في تلك الفترة الاعتداء على علماء الدين بقتلهم بعد تعذيبهم ، فكانوا يأخذونهم من بيوتهم ومنهم شيوخ تجاوزوا الستين والسبعين عاما ويقوموا بربطهم بالسيارات لسحلهم في الشوارع على مرأى ومسمع من الناس ، كانوا يضربون بعضهم بالفؤوس والهراوات أثناء السحل ثم يقوموا برمي جثثهم ، ومن يتجرأ على أخذ جثة أحدهم للصلاة عليه ودفنه فقد حكم على نفسه بالموت.
تذكرت رواية "قلب كلب" للروسي ميخائيل بولغاكوف والتي كانت فكرتها ضد الشيوعية -التي تنادي بإلغاء الفوارق بين طبقات المجتمع - فأجرى بطل روايته الطبيب عملية لكلب مشرد أخذه من الشارع تم فيها "استئصال ملحق المخ- الغدة النخامية- واستبدالها بغدة نخامية بشرية" تحول بعدها هذا الكلب لإنسان و أساء التصرف من موقعه الجديد الذي لم يكن يناسبه، ولما عاد كلبا من جديد عاد لطبيعته و أدى دوره في الحياة بشكل مناسب. هذا التشبيه مناسب تماما لما حدث في جنوب اليمن أثناء حكم الجبهة القومية التي استوردت فكرة الشيوعية من الاتحاد السوفييتي ، وليتها طبقتها كما هي بل طبقتها بجهل وغباء .
و هل تتعرّف قلوبهم على السعادة إن قررت زيارتهم يوماً ما..؟! أتكلّم عن طفولةٍ لم تعرف معناً واحداً للطفولة!!
:
كلما قرأتُ رواية لكاتب يمني، شعرتُ بأن جُزء آخر من تصوّري الجميل لليمن يتمزّق.. و يزداد حُزني على هذا الوطن، و ألمي يكبر.. !
:
في بداية قراءتي للرواية، في الجزء الأول و الثاني، كُنت على وشك التخلّي عن الرواية..
و السبب، كثرة الوصف، و المُبالغة الشديدة لدرجة الخروج عن المنطق، و خلل في الحبكة، و التفرّع في السرد، و ذلك بالبدء بسياق معيّن داخل سياق آخر لم يكتمل، و تداخل فكرة في فكرة قبل اكتمال فكرة..!!
بالإضافة إلى استخدامه للغة بشكل غير مُريح، و فظ في أحيانِ كثيرة.. كانت تنقصه الأناقة في وصف المشاعر الجريئة!
:
بدأتْ حماستي للرواية ، و الشغف للقراءة أكثر، عندما عاد بطل الرواية "نشوان" إلى اليمن من بعد مُغادرتها في شبابه.. للبحث عن خيط يوصله بزوجته "إلهام"، التي ظلّت مُحتفظة بسرّ يتعلّق بطفولتها و لم تبح به له. و كان ذلك البحث من خلال أختها "نعيم"، الذي تعيش في صنعاء..
عندما وصل إلى عدن، بدأ نشوان يسرد التغيّرات التي لاحظها في وطن لم يعد يعرفه، و يقارنه بالماضي، و يتحسّر على الإنحدار الأخلاقي الذي وصل إليه، كـ نتيجة لأوضاع سياسيّة لم تنفك تجلد الوطن و تسلخ جماله!
وكاني رايت طائر الخراب نصب عيني، وكان لعنته اصابتي بعد ان قرات تلك الروايه ولكني لم اتعض عاودت قرائتها مراراً وتكراراً ولم ارتوي من جمال تلك الكلمات وروعت تلك الاحداث لم اروي ضماء الروح من فرط عشقي لما كتب فيها...
. اللغة التي كتبت بها الرواية لغة جيدة منمقة شيقة وعداها لاشيء يستحق الذكر . أحداث غير هامة يسهب الكاتب في وصفها ، حبكات غير منطقية وذات تسلسل ضعيف ، ثمة مبالغة وتكلف في توصيف القضية الأساسية للرواية " الخراب في اليمن " زواج القاصرات " زنى المحارم " وضع المرأة في المجتمع اليمني
حبيب عبدالرب سروري كاتب مميز جدا في اسلوبه وارائه والمواضيع الجريئة التي يطرحها حول ما يحدث في المجتمعات الشرقية يالهي كم هي عميقة هذه الرواية وكم سحرتني !!!!!!!!!!
بالرغم من التخصص العلمي الجاف للكاتب الا لغته رقيقة جدا رواية تصف اوجاع اليمن المباشرة و غير المباشرة وان كا التركيز علي قصة الفتاة الا انني احسست ان مقصوده اليمن ذاته