في هذا الكتاب يؤرخ يحيى حقي للفن القصصي المصري الحديث، ويكتب عن رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل ويكتب عن محمد تيمور ومحمود طاهر لاشين وعيسى عبيد وتوفيق الحكيم. كما يكتب عن رواية "عذراء دنشواي" لمحمود طاهر حقي، كما يكتب عن "اللوحات القلمية" كرافد لفن القصة القصيرة، ومن بين أولئك الذين كتبوا "لوحات قلمية" د. حسين فوزي والشيخ مصطفى عبد الرازق ود. أحمد لطفي السيد.
يُعد رائداً لفن القصة القصيرة العربية؛ فهو أحد الرواد الأوائل لهذا الفن، وخرج من تحت عباءته كثير من الكُتاب والمبدعين في العصر الحديث، وكانت له بصمات واضحة في أدب وإبداع العديد من أدباء الأجيال التالية.
وُلد يحيى محمد حقي في 7 يناير 1905، ونشأ في بحي السيدة زينب، وكانت عائلته ذات جذور تركية قديمة، وقد شب في جو مشبع بالأدب والثقافة، فقد كان كل أفراد أسرته يهتمون بالأدب مولعين بالقراءة.
تلقى تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب السيدة زينب، ثم التحق عام 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بالقاهرة، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم انتقل إلى المدرسة السعيدية لمدة عام، ومن بعدها إلى المدرسة الخديوية والتي حصل منها على شهادة البكالوريا، وكان ترتيبه من بين الخمسين الأوائل على مستوى القطر كله، ثم التحق في أكتوبر 1921 بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وحصل منها على درجة الليسانس في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر.
عمل يحيى حقي معاوناً للنيابة في الصعيد لمدة عامين من 1927 إلى 1928، وكانت تلك الفترة على قصرها أهم سنتين في حياته على الإطلاق، حيث انعكس ذلك على أدبه، فكانت كتاباته تتسم بالواقعية الشديدة وتعبر عن قضايا ومشكلات مجتمع الريف في الصعيد بصدق ووضوح، وظهر ذلك في عدد من أعماله القصصية مثل: "البوسطجي"، و"قصة في سجن"، و"أبو فروة". كما كانت إقامته في الأحياء الشعبية من الأسباب التي جعلته يقترب من الحياة الشعبية البسيطة ويصورها ببراعة وإتقان، ويتفهم الروح المصرية ويصفها وصفاً دقيقاً وصادقاً في أعماله، وقد ظهر ذلك بوضوح في قصة "قنديل أم هاشم"، و"أم العواجز".
في عام 1991 صدر له كتاب "خليها علي الله" مبيناً علي غلافه الداخلي أنه "السيرة الذاتية لأديبنا الكبير يحيي حقي، عاشق اللغة العربية تحدثاً وكتابة وقراءة، وأحد أبرز رواد الرواية والقصة القصيرة واللوحة القلمية في الأدب العربي الحديث والمعاصر والحائز علي أكبر جائزة عالمية تمنح للعلماء والأدباء وهي جائزة الملك فيصل العالمية، التي نالها تكريماًَ وتقديراً لعطائه الإبداعي وجهوده الأدبية". نال يحيي حقي أكثر من جائزة في حياته الأدبية، من بينها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969، كما منحته الحكومة الفرنسية وسام فارس من الطبقة الأولى عام 1983، كما نال العديد من الجوائز في أوروبا وفي البلدان العربية، منحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة عشرة؛ جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي
بقلم الناقد وقلب الاديب المحب للأدب والقصة يبدع كاتبنا العظيم عن بدايات نشأة القصة القصيرة واهم من حمل لواءها وأقام أساسات صرحها من الاوائل د. محمد حسين هيكل ، محمد ومحمود تيمور ، محمود طاهر لاشين ، توفيق الحكيم ، شحاته عبيد ، عيسى عبيد ، وغيرهم .. كتاب لا يمكن الاستغناء عنه لمعرفة أصل وفصل بدايات القصة والظروف المحيطة وتطورها على مر الزمان حتى كتابة سطور هذا الكتاب الجميل لغة وموضوعا لواحد من مبدعي فن القصة والرواية والنقد البناء...
لا تقتصر أهمية الأستاذ يحيى حقي _عليه رحمة الله_ على كونه أديبا فحسب ، ولكنه ناقد لا يقل أهمية ومقدرة عن النقاد الأكاديميين ، بل أراه يتميز عنهم في أشياء كثيرة ، أهمها أنه يقدم لنا نقدا حيا ، نقد قارئ متذوق لا نقد رجل صنعته الكتابة ومهنته النقد ، فالأستاذ يقدم لنا قطعا نقدية تعبر عن رأيه كقارئ ، وعن وجهة نظره كأديب ، بعيدا عن (الكليشيهات) المحفوظة والقوالب الجامدة ، والمقادير الصارمة التي يتبعها النقاد الأكاديميون _والتي نتعلمها في الجامعات_ ، التي تخرج لنا أعمالا نقدية ، وإن بدت كاملة من حيث الشكل مشتملة على عناصر النقد، فإنها تخرج بلا روح ، كأنك استنسخت إنسانا ، فخرج أمامك كاملا ، غير أنك وقفت أمامه عاجزا عن أن تبث فيه الروح التي تجعله إنسانا حقيقيا..
هذا عن الكاتب ، فماذا عن الكتاب ؟ الحق أنني فوجئت عندما رأيت العدد الهزيل للتقييمات ، والعدد الأكثر هزالا للمراجعات عن هذا الكتاب ، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن لدينا أزمة في أدبنا المصري ، أزمة لدى القراء ، وأزمة لدى القائمين على الأدب نفسه ، هي أزمة النقد ، فالقراء مهتمون بقراءة الأعمال الأدبية ، غير مهتمين بقراءة النقد ، الذي يعد الوسيلة الوحيدة لتطوير الأدب ، وتلافي الأخطاء التي يقع فيها الأدباء ، وتوجيه أنظار القراء نحو مناطق لم تصل لها عيونهم في الأعمال الأدبية ، ولكني أرجع فأقول أن ققراء العذر في ذلك ، فليس الخطأ خطأهم وحدهم ، وليست المشكلة من جانبهم وحدهم ، فما أقل الكتابات النقدية عندنا ! وما أقل الكتابات الجادة بين هذه الكتابات القليلة الضئيلة !
ينقسم هذا الكتاب إلى قسمين : القسم الأول دراسة عن ما أسماه الكاتب (فجر القصة المصرية) ، ويرى الكاتب أن هذه المرحلة تمتد خلال عشرين عاما ، هي الفترة بين 1914_1934 ، هذه الفترة التي شهدت ظهور القصة المصرية ، وتطورها خلال خطوات حذرة بدء من (زينب) محمد حسين هيكل ، وانتهاء ب( أهل الكهف ، وعودة الروح ) للحكيم ..
يرى الأستاذ أن نشأة القصة المصرية وليدة عدة عوامل ، أهمها ما شهدته هذه الفترة من رغبة في الاستقلال ، وتطلع لإيجاد مصر مستقلة بعيدا عن أغلال التبعية ، ومن مظاهر هذا الاستقلال إنشاء أدب مصري مستقل قادر على التعبير عن أفكار المصريين ومشاعرهم ، بل وطبقاتهم ..
أما العامل الثاني فهو اتصال الجيل الناشئ بالأدب الأوروبي ، وتحديدا الأدب الفرنسي ، هذا الاتصال الذي أنشأ نوعا من الصراع بين القديم والجديد ، بين اللفظ وافكرة ، بين تسخير الكتابة من أجل اللغة ، وتسخير اللغة لأغراض الكتابة ، هذا الصراع الذي كان طرفاه جماعة تربوا على أدب بن المقفع والجاحظ ، فرأوا الأدب جمعا للغريب من اللفظ ، وسبكا للبديع من الجمل ، دون النظر إلى المضون ، ودون الاهتمام بالفكرة ، وجماعة قرأت الأدب الأوروبي ، فرأت الكتابة من أجل الفكرة ، واستخدام اللغة كجسر لإيصال غرض في نفس الكاتب ..
كان إذن لابد من أجل أن يستمر الأدب العربي ، ومن أجل أن يقوى على مواجهة الزمن أن يطور من نفسه ، وأن يخرج عن قوالبه الجامدة التي ما عادت تناسب العصر ، والتي لا يعني التمسك بها إلا شيئا واحدا ، هو الفناء ، من هنا نشأت القصة المصرية ، ومن هنا كان فجر القصة المصرية ..
ويقسم حقي هذه الفترة إلى ثلاث مراحل : الأولى بدأها هيكل بقصته الخالدة (زينب) ، وهذه الفترة إن أردنا أن نصفها بشيء فقد كانت فترة رومانسبة ، يغلب عليها الطابع الرومانتيكي ، واللغة الحزينة الشاعرية ، رغم أن القصة تناولت الريف المصري ، بيد أنه جعلته ريف شاعريا يشعر أهله بالرضا والقناعة رغم بؤسهم ..
تلت هذه المرحلة المرحلة الثانية : وهي المرحلة التي تزعمها محمد تيمور ، وشقيقه محمود تيمور ، هذه المرحلة التي حملت تطورا كبيرا في القصة ، وشهدت تحولا كبيرا من الرومانسية إلى الواقعية ، لتهتم بشكل أكبر بالطبقات المهمشة ، موضحة معاناتها وآلامها ، وإن اكتفت بكونها لوحات تصور تصويرا خارجيا دون الغوص داخل النفس بما تحمله من مشاعر ، أو التعمق داخل المجتمع وتشريح طبقاته ..
لنصل إلى المرحلة الثالثة ، أو كما أسماها حقي المدرسة الحديثة : هذه المدرسة التي تأثرت إلى حد كبير بالمدرسة الروسية ، والتي اتخذت شكلا واقعيا أقرب إلى النضج من المحاولات السابقة ، وتزعم هذه المدرسة محمود طاهر لاشين ..
وفي النهاية كان توفيق الحكيم ، ذروة فجر القصة المصرية ونهايته ، فبظهور عمليه العظيمين ( أهل الكهف ، وعوددة الروح) وتناول النقاد لهما يؤرخ حقي لنهاية فجر القصة المصرية ، ووصول القصة إلى مرحلة من النضج لم تبلغها القصة قبلها أبدا ، كانت حلقة هامة في سلسلة تطور القصة ..
خلال هذا القسم أيضا يتناول يحيى حقي شخصية لا أظن أن الكثير يعرفها ، بل أعترف أنني سمعت عنها لأول مرة وهو عيسى عبيد الذي لا يعرف حتى حقي نفسه أين ذهب ، هذا الكاتب الذي في مقدمته لإحدى قصصه قدم رؤية سابقة لعصره للقصة المصرية ، وما يجب أن تكون عليه من واقعية وبعد عن الرومانسية والخطابة والسطحية ..
أما القسم الثاني فقد حمل دراسات منفصلة عن هذه المرحلة ، تناولت شخصية لم يجر ذكرها كثيرا أيضا على لسان نقادنا ، وهو محمود حقي (عم كاتبنا) صاحب (عذراء دنشواي) تلك القصة التي تناولت بشكل أقرب للتحرير الصحفي حادثة دنشواي ، ثم يتناول الكتاب عملا للأستاذ مصطفى عبد الرازق هو عبارة عن مذكراته التي كتبها في باريس تحت اسم مستعار ، ويختم الكتاب بمقالات ثلاث عن محمود طاهر لاشين صاحب المدرسة الحديثة ، تتناول كيف تطور أسلوبه بدء بمجموعته الأولى (سخرية الناي) ، مرورا بمجموعته الثانية ( يحكى أن ) وانتهاء بمجموعته الثالثة (النقاب الطائر) ..
الكتاب في غاية الروعة والأهمية ، لابد أنيقرأه كل مهتم بالأدب المصري ، والعربي !
بوجهه الطفولي يطالعك ، ابتسامته التي لا تُفارق وجهه ذلك ، العصا المعقوفة التي لا تفارق يده علي كبر ، إذا تحدث تشعر كأنك أمام أحد المعجونين في تراب البلد التي يحيي فيها ويعيش في غمارها ووسطها بدءا مذ أن كان يعيش في السيدة زينب يري الدارويش والمريدين ،ثم الانتقال الي منفلوط والعمل بها ، ثم بحكم منصفه جاب الكثير من أقطار الأرض ، هذا هو الحكاوتي المصري الكبير الأستاذ الأثير / يحيي حقي
الكتاب يتحدث فيه الأستاذ حقي عن نشأة القصة القصيرة في مصر وما الذي حدث لها ، مرتدياً عباءة الناقد لا الكاتب ، علي الرغم من كون الأستاذ حقي من الأوائل الذين وضعوا البصمة في القصة القصيرة ، بل هنالك غلو في ذلك فهو يُلقب بأبو القصة القصيرة .
الكتاب مُقسم إلي التالي : أولاً حينما كان يتكلم عن ملامح العصر الذي ظهرت فيه القصة القصيرة ، وهنا أيضا يعترف اعترافا صريحاً لا مواربة فيه في أن القصة جاءت إلينا من الغرب لافتقارها العنصر الخفي الذي يجعلها فناً فقصة وأن الذين أقاموا قواعد القصة هنا في مصر تأثروا بالأجرب الأوروبي عامة والفرنسي علي وجه الخصوص . ( وإن كُنت شخصياً أري غير ذلك وأعمل علي تبيبن غير ذلك الذي أعمل عليه ، وعندما أنتهي منه سأعلنه للعيان ولنترك وقتها التحكيم للعقل ) هنا أيضا تحدث عن دور قاسم أمين في سعيه نحو تحرير المرأة وهذا بدوره أثر تأثير قوي في ادخال التسمع إلي المشاعر والأحاسيس ووصف بدائع الطبيعية في القصة القصيرة ،
الجزء الثاني تحدث عن بعض الأشخاص الذين كان لهم تأثير قوي علي القصة المصرية وكان أولهم رواية زينب للأستاذ محمد حسين هيكل والتي يعتبرها الكثير من النقاد علي أنها أول رواية مصرية مكتوبة بشكل بارع وقلم دقيق مبدع حاول صاحبها مناصرة الفلاح الذي كان مُضطهداً من قِبل الكثير والكثير ثانيا الأستاذ محمد تيمور وكذا أخوه محمود تيمور ومن هنا خرجت بهذه العبارة المتينة القوية للأستاذ محمد تيمور الذي أختطفه الموت وهو لا يزال صغيراً في السن وهذه العبارة يقول فيها (( وإن روح القصة الحي وقكرتها الصميمة يجب أن تكون قبساً من الانسانية التي إليها مر الفن الرفيع في شتي صوره من بيان وموسيقي ورسم وتمثيل ... )) بعدها عرج ع المدرسة الحديثة في القصة وجعل علي رأسها المهندس محمود طاهر لاشين ، ثم تحدث الأستاذ حقي بعد ذلك عن دور كلا من شحاته عبيد وعيسي عبيد في القصة المصرية
بعدها يتحدث الأستاذ حقي عن رواية " عذراء دنشواي " لمحمود طاهر حقي والتي صدرت عام 1906 والتي لم تكن رواية أو قصة طويلة بالمعني الحرفي ، وإنما كانت تأريج لم حدث في هذه الحادثة المفجعة والتي راح ضحايها العديد من أبناء الفلاحين من الطبقات الكادحة
وللحق قرأت الكتاب للمرة الثانية لكي أصل إلي هذا الفصل والذي فيه يتحدث عن "" اللوحات القلمية "" وهنا بالحق أبدع وعرفت الآثار التي تركها الشيخ مصطفي عبد الرزاق وعلي ، وايضا الشيخ عبد العزيز البشري وكذا بعض ما تركه الأستاذ محمد تيمور
وفي النهاية تحدث الأستاذ حقي واختص التعليق علي المجموعتين القصصيتين " سخرية الناي " و " يحكي أن .. " للمهندس محمود طاهر لاشين ، بحكم كونه مؤسس لمدرسة الحديثة في القصة
وفي النهاية أؤكد أنه لابد من قراءة هذا الكاتب لكل حكواتي يحاول أن يشق الطريق في الكتابة في القصص القصيرة بكل تواضع بعيداً عن أنفته أو تعاليه وعنتظته وكبرياءه ، وكذا لأصحابنا من من يريدون أن يعرفوا عن تاريخ القصة المصرية عامة ، وأن لدينا العديد من المحاولات التي كانت ج��يرة بأن يُشار إليها بالبنان
كتاب مفيد جدارائع يحتوي علي فصول اسلوبه الراحل يحي حقي شخصية معرض الكتاب هذا العام 2022 ملامح العصر زينب محمد تيمور الدرسة الحديثة عيسي عبيد توفيق الحكيم خاتمة
هذا الكتاب موجود على الرابط https://www.facebook.com/AhmedMa3touk... ★ كتاب فجر القصة المصرية ○ تأليف : يحي حقي ○ العدد رقم 6 من المكتبة الثقافية ○ عدد الصفحات : 148 صفحة ○ الحجم 2.68 ميجابايت ≡ الفهرس ⌂ ♦ الفصل الأول : ملامح العصر 7 ⌂ ♦-•- 1-10 فبراير 1908 9 ⌂ ♦-•- 2-11 فبراير 1908 25 ⌂ ♦ الفصل الثاني : زينب 40 ⌂ ♦ الفصل الثالث : محمد تيمور 57 ⌂ ♦ الفصل الرابع : المدرسة الحديثة ومحمود طاهر لاشين 76 ⌂ ♦ الفصل الخامس : عيسى عبيد 104 ⌂ ♦ الفصل السادس : توفيق الحكيم 121 خاتمة 140 أعمار 143 فهرس 145 المكتبة الثقافية 146 ◯◀ تحميل كتاب فجر القصة المصرية.pdf
بداية من رواية عذراء دنشواي الواقعية لمحمود طاهر حقي، والتي مهدت لمحمد حسين هيكل كتابة روايته زينب التي تعتبر البداية الحقيقية للقصة المصرية، وإن كان موضوعهما الريف والفلاح.. إلا أن الأخيرة اتحذت طابعا رومانسيا مقتبسا من الأدب الفرنسي. ثم محمد وأحمد ومحمود تيمور.. مرورا بالمدرسة الحديثة التي يلمع بين نجومها محمود طاهر لاشين وأقرانه الذين لم يتخذوا من الكتابة والأدب حرفة يقتتاتون بها. كان التأثر بالأدب الفرنسي والروسي بعد ذلك غالبا على المدرسة القصصية المصرية، بينما جاء خلفهما الأدب الانكليزي. ثم يأتي من بعدهم عيسى عبيد، وكان مقيما بالظاهر بالقاهرة -منطقتي بالمناسبة 😃- الذي نادى بالريالزم بدلا من الإيديالزم، بأدب واقعي بدلا من أدب وجداني. ويخالف بشدة محمد تيمور في كتابة المسرح باللغة العامية المصرية، وذلك لتعصبه للعربية والاعتناء بها. ثم ينتهي فجر القصة بالعبقري توفيق الحكيم، وأشهر رواياته "أهل الكهف" و"عودة الروح". ثم يتنقل الاستاذ يحيى حقي بين ما أطلق عليه اللوحات القلمية لكتابة ما بين المقال والقصة القصيرة، ثم أشار إلى النثر المفضوح، والذي ينقل فيه الكاتب على لسان آخر ليتجنب ردود الأفعال على ما أراد نشره من شذوذ الأذواق وغرائبها. يقول الكاتب: "هذه هي هموم كاتب القصة في العصر الحديث، التجريد، الوصول إلى قلب القاريء بالإيحاء لا بالتقرير، أن تنطق الحوادث عنه بما يريد هو قوله..." الكتاب لا يخلو من النقد لبعض المحاولات الابتدائية في كتابة القصة، وذلك ليوضح المراحل التي مرت بها لقصة المصرية في بدايتها تصل إلى ما وصلت إليه وقت تأليف الكاتب لهذا الكتاب. يشتمل الكتاب على نصائح قيمة للمبتدئين في مجال الكتابة والتأليف الروائي، مثل أن يبتعدوا عن الحشو، وألا يفرضوا مشاعرهم بقوة على القاريء.