اتسم شعره في الفترة الأولى بالرومانسية وبدا تأثره بجيل علي محمود طه من خلال تشكيل القصيد العمودي وتنويع القافية ومنذ 1947 انساق وراء السياسة وبدا ذلك واضحا في ديوانه أعاصير الذي حافظ فيه السياب على الشكل العمودي وبدأ فيه اهتمامه بقضايا الانسانية وقد تواصل هذا النفس مع مزجه يثقافته الإنجليزية متأثرا بإليوت في أزهار وأساطير وظهرت محاولاته الأولى في الشعر الحر وقد ذهبت فئة من النقاد إلى أن قصيدته "هل كان حبا" هي أول نص في الشكل الجديد للشعر العربي ومازال الجدل قائما حتى الآن في خصوص الريادة بينه وبين نازك الملائكة.وفي أول الخمسينات كرس السياب كل شعره لهذا النمط الجديد واتخذ المطولات الشعرية وسيلة للكتابة فكانت "الأسلحة والأطفال" و"المومس العمياء" و"حفار القبور" وفيها تلتقي القضايا الاجتماعية بالشعر الذاتي. مع بداية الستينات نشر السياب ديوانه "أنشودة المطر" الذي انتزع به الاعتراف نهائيا للشعر الحر من القراء وصار هو الشكل الأكثر ملائمة لشعراء الأجيال الصاعدة وأخذ السيات موقع الريادة بفضل تدفقه الشعري وتمكنه من جميع الأغراض وكذلك للنفس الأسطوري الذي أدخله على الشعر العربي بإيقاظ أساطير بابل واليونان القديمة كما صنع رموزا خاصة بشعره مثل المطر، تموز، عشتار، جيكور قريته التي خلدها. وتخللت سنوات الشهرة صراعات السياب مع المرض ولكن لم تنقص مردوديته الشعرية وبدأت ملامح جديدة تظهر في شعره وتغيرت رموزه من تموز والمطر في "أنشودة المطر" إلى السراب والمراثي في مجموعته "المعبد الغريق" ولاحقا توغل السياب في ذكرياته الخاصة وصار شعره ملتصقا بسيرته الذاتية في "منزل الأقنان" و"شناشيل ابنة الجلبي" . سافر السياب في هذه الفترة الأخيرة من حياته كثيرا للتداوي وكذلك لحضور بعض المؤتمرات الأدبية وكتب في رحلاته هذه بوفرة ربما لاحساسه الدفين باقتراب النهاية. توفي عام 1964م بالمستشفى الأميري في الكويت، عن 38 عام ونقل جثمانه إلى البصرة و دفن في مقبرة الحسن البصري في الزبير.
ماقدرش أدعي إني فهمت كل حاجة في الشعر، وماأظنش إن ده إدعاء ممكن يكون حقيقي تحت اي ظرف. الشعر بالذات الخصوصية فيه بتبقى أقوى من أي وسيط أدبي آخر.
كانت أول حاجة أقراها لبدر شاكر السيّاب هي أنشودة المطر. وساعتها عرفت إني مفتقد لحاجات كتير.
أكتر ما بأحبه في شعر بدر شاكر السيّاب، وقد يكون لأسباب شخصية - التجربة المعذبة اللي بتنقلها كلماته. فهو محطم وبائس لكنه بيبحث في وسط الحطام والبؤس عن سبب للحياة. متفهم إنه وجوده مش بس مش مفهوم بل هو لعنة، لكنه ماتوقفش عن محاولة التعايش مع اللعنة دي، وأحيانا إنه يحولها لنعمة. عنفه في تشبيهاته القاسية جداً أحياناً (أكتر من مرة جسمي يقشعر من شدة الصور وده شيء مش هين بالنسبة لي) من أكتر الأشياء اللي أثرت فيا مؤخراً.
بدر شاكر السيّاب من أهم ما قرأت في حياتي. وحأرجع له تاني وتالت ورابع، وحارجع هنا برضو بعدها.
"نودّ لو ننام من جديد، نودّ لو نموت من جديد، فنومنا براعمُ إنتباه، وموتُنا يخبئ الحياة، نودٌ لو أعادنا الإله، إلى ضمير غيبه الملبّد العميق، نودّ لو سعى بنا الطريق، إلى الوراء، حيث بدؤه البعيد. من أيقظ العازر من رقادهِ الطويل؟".
من أروع مَا قرأت خلال هذا العام على الإطلاق ، لغة شعرية وتصوير بديع فلسفي للسياسة وأحوال العراق السيئة ، تسري فيك رعشة حبه لوطنه من قراءتك لأبياته الرقيقة فـ "الشمس أجمل في بلآدي من سواها . . حتى الظلام هُناك أجمل . . فهُو يحتضن العراق" . . العراق الأم والحبيبة والزوجة المهجورة المنتظرة كما صورها السياب في أشعاره . . فن شعري من أرق ماكتب في العربية ومحسن مزاج ينتظر دوره في أن يصرف في الصيدليات . . هذا هو السياب كما قرأته بانتقاء أدونيس
فمن يشعل الحبَّ في كل دربٍ و في كلّ مقهى و في كل دارْ؟ ومن يُرجِعُ المخلبَ الآدميّ يدًا يمسحُ الطفلُ فيها جبينه؟ وتخضلُّ من لمسها، من ألوهية القلبِ فيها، عروقُ الحجارْ؟ * فأين أبي وأمي أين جدي أين آبائي لقد كتبوا أساميهم على الماء ولست براغب حتى بخط اسمي على الماء وداعا يا صحابي يا أحبائي اذا ما شئتمو أن تذكروني فاذكروني ذات قمراء ولا فهو محض اسم تبد بين اسماء وداعا يا أحبائي
و كل عام حين يعشب الثرى نجوع ما مر عام و العراق ليس فيه جوع مطر مطر مطر في كل قطرة من المطر حمراء أو صفراء أو أجنة الزهر و كل دمعة من الجياع و العراة و كل قطرة تراق من دم العبيد فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد في عالم الغد الفتي ، واهب الحياة سيعشب العراق بالمطر