كل الظروف تهيأت ليكون موته كما يريد، في أبهى صورة، خلت السماء من الغيوم الداكنة، التي غطتها لمدة يومين كاملين، وبدت جميلة بزرقتها الخفيفة، وقليل من النتف البيضاء، عالقة بها، والشمس الطالعة تلامس الأرض المشبعة "بسقعة" طوبة.
بدأ يومه بالاستحمام، بعد أن حلق شعر رأسه وذقنه، وعلى غير العادة، تكلم كثيرًا، وهو مقرفص على فرو الخروف قدام المزين الذي قال وهو يلم "الفوطة" البيضاء، المتسخة، المليئة بثقوب السجائر، وينفضها أسفل الحائط: "نعيمًا يا حاج". فجرت سحلية صغيرة، بذيل أزرق، واختفت بين قوالب الطوب المرصوصة، ثم أصر، رغم حلفان المزين الشديد، أن يرافقه إلى أول الطريق، ولم يتركه إلا بعد أن غاب عن عينيه، متجهًا ناحية النجوع القريبة.
وضعت له البنت الطشت وجردل الماء الفاتر في البقعة المشمسة بالحوش، بعد أن هشت منها النعجات الراقدة، فقامت في تكاسل، وهي تهز ذيولها، ثم ذهبت البنت وأغلقت الباب ورائها.
صار عاريًا، فخرجت الأرانب من جحورها، وأخذ الدجاج ينكش في الجير العالق بالحيطان، أما النعجات فقد رقدت على بعضها في الظل، وأخذت تجتر، وهي "تبص" على عريه بلا اهتمام.
"هؤلاء الذين يتوددون إليك ،ويدّعون محبتك ،إ نهم يجيدون الكذب ، ومهرة فى تسلٌّق الجدران والأسقف ،يبحثون عن عش لهم فى قلبك ،افعلها بدمٍ بارد يا يوسف ،كن شريراً مرة فى حياتك ، الأمر بسيط جداً ،ادهسهم بحذائك _دون أى إحساس بالذنب _ثم اركلهم إلى جوار الحائط ، وبعدها ،اشرب كوب الينسون ؛لأنك لا تريد أن تسهر الليلة"