What do you think?
Rate this book


207 pages, ebook
First published November 1, 1996
و بصورة عامة يمكن الجزم بأن القرون الوسطى تدين للثقافة العربية الإسلامية في تعرف الكثير من مؤلفات الفيلسوف اليوناني أرسطو. و بفضل ترجمات العرب و شروحاتهم الفنية المبدعة على مؤلفات أرسطو و متابعة الغربيين لهم في هذا المنحى دخلت الفلسفة الأرسطية في بداية القرن الثالث عشر للميلاد إلى مناهج جامعتي باريس و أكسفورد.
اشتكى أسقف قرطبة في العام 854 م من كون المسيحيين الشباب يأخذون من الآداب العربية أكثر مما يأخذونه من اللاتينية و يقرأون الأشعار و الحكايات العربية و يدرسون مؤلفات الفلاسفة و اللاهوتيين العرب بينما يتجاهلون تماما التعليقات و الشروحات اللاتينية على الكتاب المقدس.
بحث الأوروبيون لدي المسلمين أولا و قبل كل شيء عن العناصر الثقافية التي لم تستطع جهودهم الذاتية بلوغها. و من الواضح أن ما كان يعوزهم في القرنيين الثاني عشر و الثالث عشر للميلاد هو المعرفة الفلسفية.بدأ التقارب مرة أخرى و الدعوة للحوار عن طريق الفاتيكان في زيارة البابا بولس السادس للأردن و الشرق الأدنى عام 1964 و جاء في خطبته آنذاك: لأن الخلاص سيشمل أولئك الذين يعترفون بالخالق و أولهم المسلمون الذين يعتقدون أنهم يتبعون ملة إبراهيم و يعبدون معنا الإله الواحد الحي القيوم الرحيم الذي سيحاسب الناس يوم الدين. الإله الذي خلق العالم و كل ما فيه الذي يعطي الجميع حياة و نفس و كل شيء.
و لكن في المجال المعرفي البحت و بمرور الوقت تنامى موقف اللامبالاة و التجاهل إزاء الفكر العربي الإسلامي و بدأت أوروبا تتجه أكثر فأكثر نحو العلوم القديمة. و الأصعب من ذلك أن الأوربيين صاروا ينظرون إلى ترجمات العرب للمؤلفات اليونانية على أنها زائفة و ليس لها قيمة علمية حقيقية. بل إن صفة عربي ذاتها حملت في هذا السياق نوعا من المضمون التحقيري الإزدرائي.
في بيان علاقة الكنيسة مع الديانات غير المسيحية في عام 1965 و بتصويت 2226 أسقف بالموافقة مقابل معارضة 88 صوت أقر المجمع الكنسي ما يلي:الكتاب جميل و أرشحه بشدة للقراءة في أيام الفتنة هذه فهو يتتبع دعوات التقارب و التباعد بين الإسلام و المسيحية على مر التاريخ و يطرح الجهود المبذولة في ذلك سيما من الجانب المسيحي الرسمي و الكاتب شبه محايد فهو روسي في الحقبة السوفيتية التي لم تكن موسكو تمثل فيها أي دين.
إن الكنيسة تنظر بعين الاعتبار أيضا إلى المسلمين الذين يعبدون الإله الواحد الحي القيوم الرحيم القادر على كل شيء. خالق السماء و الأرض و مكلم البشر. الذين (أي المسلمين) يخضعون بكليتهم حتى لأوامر الله الخفية كما خضع له إبراهيم الذي يسند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي. و أنهم يجلون يسوع كنبي و إن لم يعترفوا به كإله. و يكرمون أمه مريم العذراء كما أنهم و بتقوى يتضرعون إليها أحيانا. علاوة على ذلك فإنهم ينتظرون يوم الدين عندما يثيب الله كل البشر القائمين من الموت. و يعظمون الحياة الأخلاقية أيضا و يؤدون العبادة لله لاسيما بالصلاة و الزكاة و الصوم.