في تاريخ الإنسانية عظماء، كانت عظمتهم مستمدة من وحي الله تعالى لهم، فكان تاريخهم ملكاً للإنسانية كلها، لأنهم مصادر الإشعاع فيها على امتداد أيامها، لا في تاريخ أمة معينة أو تاريخ قومية ما. فكان من تعاليمهم تحرير "الإنسان" من كل العبوديات سوى عبوديته لله تعالى، وكان منها تنمية خصال الخير فيه كلها ومكافحة ميول الشر والهوى. وعلى رأس هؤلاء وأولئك، صاحب هذه السيرة، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي اختاره الله تعالى ليكون أمام الأنبياء وخاتمهم، وليكون نموذجاً للإنسان، عبداً لله، وقد تمت فيه معالم الإنسانية وصفات الكمال فكان بحق، سيد ولد آدم، إليه ترجع المكارم فهو ميزانها القسط، وإليه تنتهي الأخلاق فهو تمامها، فنحن معين السيرة العطرة للنبي صلى الله عليه وسلم، كان في هذا الكتاب الذي تناول جهاد النبي صلى الله عليه وسلم والأحداث والوقائع التي جرت إبان حياته صلى الله عليه وسلم حسب تسلسلها الزمني.
صالح بن أحمد الشامي. ولد عام 1934 م في مدينة دوما الواقعة شمال شرقي دمشق. أتم دراسته الابتدائية في مدينته ، ثم انتقل إلى دمشق ليتابع دراسته الإعدادية والثانوية في “معهد العلوم الشرعية” التابع للجمعية الغراء ، وهو معهد داخلي. تخرج من هذا المعهد 1954 م وصادف ذلك إنشاء كلية الشريعة في الجامعة السورية – جامعة دمشق حالياً – في ذلك الوقت، فانتسب إليها بعد نجاحه في الاختبار الذي كان شرطاً لدخولها. تخرج من هذه الكلية عام1958 ، وكان أحد المتفوقين فيها.
عمل مدرسا لدى وزارة التربية والتعليم في محافظة السويداء, ثم نقل إلى بلده دوما واستمر في عمله حتى عام 1980 حيث تقدم بطلب لإحالته على التقاعد. وتم له ذلك.
وفي هذا العام انتقل إلى المملكة العربية السعودية حيث عمل مدرسا في المعاهد التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. واستمر في هذا العمل حتى عام 1998م حيث بلغ السن القانونية التي يسمح بها للعمل. ثم استقر بعد ذلك في مدينة الرياض. كان يخطب الجمعة في بلده في المساجد التي لا تتبع في إدارتها إلى الأوقاف, واستمر ذلك لسنوات عديدة. كان مدرسوه في معهد العلوم الشرعية من علماء دمشق المشار إليهم -يومئذ- , منهم الشيخ عبد الكريم الرفاعي, والشيخ عبد الغني الدقر, والشيخ عبد الوهاب دبس وزيت –الحافظ- , والشيخ عبد الرحمن الزعبي الطيبي, والشيخ أحمد الجباوي, والشيخ خالد انخل, والشيخ نايف العباس, وغيرهم رحمهم الله جميعا. لم يفكر في يوم من الأيام أن يكون كاتبا, أو أن يعكف على إخراج كتاب, فقد كان في نظر نفسه أقل من ذلك, ولكن الغربة والبعد من الأهل والوطن, والطبيعة الانطوائية له… وأسبابا أخرى جعلته يحس بالفراغ.. وتوفر لديه وقت واسع.. فكان يقطعه بالقراءة, ومتابعة جوانب من العلم كان يرغب في التعرف عليها. ودعي إلى إلقاء محاضرة عن واحد من بحوث السيرة النبوية.. وكانت موفقة بحمد الله تعالى.. وهذا ما دعاه إلى التفكير في تقديم دراسة للسيرة النبوية على ذلك النمط الذي جرت عليه المحاضرة.. وكانت هذه هي البداية. كان ذلك بعد الخامسة والأربعين من عمره, وصدر الكتاب تحت عنوان “من معين السيرة”. تلك هي الخطوط العريضة لسيرة متواضعة, دعا إلى كتابها سؤال رآه ولدي المهندس عمار على الشبكة العنكبوتية عن هوية مؤلف كتاب “زوائد السنن على الصحيحين”
السيرة النبوية سيرة لا يصيبها القدم ولا يمل الحديث فيها وعنها ولا تستوعب دروسها مهما حاول المرء أن يحيط بها علما فكل من كتب فيها كتبها من الزاوية التي تخدم الهدف والغرض الذي من أجله ألف كتابه عنها ،، من معين السيرة كتاب استعرض سيرة الرسول ﷺ من مولد سيدنا الكريم إلى اختياره الرفيق الأعلى مرورا بكل المراحل والغزوات والسرايا مستخلصا منها عدد من الدروس المستفادة والتآملات التي أسقطها على واقعنا العاصر ومايميز هذا الكتاب
،، رسولنا المصطفى ﷺ آية في الكمال ففي كل جانب من جوانب شخصيته أو حياته أو سيرته ستجد فيها عبرة وأسوة حسنة فصل اللهم وبارك على سيدنا المصطفى وسلم عليه وعلى آله وصحبه وأهل بيته تسليما كثيرا ،،،
الكتاب لا يتميز بالسرد التاريخي فقط بل أهم ما فيه هو تأملات الكاتب في أحوال النبي ﷺ وأفعاله و فيما في السيرة من أحداث كالغزوات و حادثة الإفك و حجه ﷺ فحين عاد المسلمون بعد غزوة مؤتة علق عليها الكاتب " وقد أحرز جيش الإسلام أكثر من انتصار في هذه المعركة ، إن مجرد دخول المعركة بهذا الوضع هو انتصار لا مثيل له ، وإن الثبات فيها هو انتصار آخر ..." ثم ساق دروس من هذه الغزوة و فقه الصحابة فيها ، فبعد كل حدث تجد مبحث الدروس المستفادة أو الحكمة من كذا أو فقه الصحابي فلان في فعله كذا أو مناقشة للأحداث ، فالكتاب سيفتح عليك أبواباً كثيرة في التأمل و التفكر في السيرة وفي فقه الانتصار والهزيمة وفقه الاستفادة من الدروس الماضية كتاب جميل جداً قيّمته ب ٥ من ٥ نجوم وهو يستحقها بجداره ، و قد تختلف مع المؤلف في بعض المواضع لكنك تقف احتراماً لهذا الجهد العظيم