أحمد إبراهيم الفقيه يسحب القارئ إلى سيالات خيالات منزرعة بصور مرئية وغير مرئية وبمعانٍ تدور كدوامات أسطورية ويدور الذهن في حلقاتها اللانهائية ليغوص في أعماق توصل إلى مدائن يستقر في حناياها إنسان متوزع الطموحات، تتصارع في داخله كل الأشياء وكل الفلسفات وكل القيم، يصرخ يستغيث من نفسه ليلتجأ منها إليها. زمن هارب وزمن آخر ينتظره ذاك المنتظر على حواف الأمنيات داخل الإنسان مرئيات من الحياة تنساب في سأهبك مدينة أخرى، تزخرف البنية الروائية بعطاءات لغوية هي للإبداع أقرب، وبقدر ما يبتعد الروائي عن التكلف، بقدر ما يقترب من الأحاسيس والمشاعر التي تبقى رهينة الصفحات الحافلة بالأحداث الهاربة عباراتها من عمق مواطن النفس حتى آخر حرف
أديب ودبلوماسي ليبي مواليد جنوب طرابلس 1942، نال درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة إدنبره، وعمل بالمجال الصحفي منذ 1959، فرأس تحرير 12 مجلة. وهو صاحب أطول رواية عربية هي «خرائط الروح» التي تتكون من 12 جزءًا وتتناول تاريخ الاستعمار في ليبيا. وقد صدر له عن دار الشروق: «خمس خنافس تحكم شجرة» مجموعة قصصية 1997، «غناء النجوم» مسرحية 1997، «مرايا فينيسيا» مجموعة قصصية 1997، «حقول الرماد» رواية 1999 بدأ ينشر مقالاته وقصصه القصيرة في الصحف الليبية بدأ من العام 1959، اتفوز مجموعته القصصية "البحر لا ماء فيه" بالمركز الأول في جوائز اللجنة العليا للآداب والفنون بليبيا. عمل في عدد من المؤسسات الصحفية كما عمل سفيرا لليبيا في أثينا وبوخارست.
عندما يبحث البدوي عن نفسه في الخارج الرواية تدور حول شاب عربي ليبي يسافر إلى ادنبره من أجل إنهاء رسالة حول العنف والجنس في كتاب ألف ليلة وليلة، وكيف تأثر به الأدب الغربي معظم الرواية تدور حول العلاقات العاطفية المتعددة للكاتب، بداية من علاقته مع أمرأة متزوجة يعيش معها ومع زوجها تحت سقف بيت واحد، ونهاية بفتاة متحررة ترفض القيود بكل انواعها، وفي كل علاقة يكتشف المزيد من المساحات الفارغة بداخله، ويفهم نفسه أكثر الرواية بشكل عام مميزة، وتم توظيف الجنس فيها بشكل راق دون ابتذال، تسلسل الأحداث بطئ إلى حد ما نتيجة لاسهاب الكاتب في الوصف بصورة معبرة أحياناً، وبشكل لا يخدم العمل أحياناً أخرى، اللغة رائعة والنهاية تقليدية ومنطقية
سأهبك مدينة أخرى هو الجزء الأول من تلك الثلاثية التي يتحدث فيه الكاتب عن شخصية خليل الإمام الذي انتقل من وطنه الصحراوي الرمالي إلى بلد آخر ألا وهي بريطانيا بكل ما تحمله من تناقضات واختلافات عن بلده الأم التي نشأ وتربى فيها. ذهب هناك من خلال منحة حكومية لإنهاء رسالته في الدكتوراة عن موضوع غريب لم يتطرق إليه أحد من قبل ليجد أن ذلك الموضوع سيكون مدخلا إلى حياة لم يكن يتخيل في يوم من الأيام أنه من الممكن أن يحياها. يدخل بطل الرواية في علاقات معقدة تصبغ حياته بصبغة المجتمع الأوروبي البعيد تمام البعد عن ثقافته التي درج عليها ليعود في النهاية إلى بلده الأم مثقلا بعبق تلك الأيام التي يقول أنه لن ينساها أبدا ما بقي في عمره من بقية.
كان ظلما وإجحافا أن أهمل أدب بلادي، والآن فقط وجدت إجابة عن تساؤل ساذج يهجم كلما يئست من البؤس الذي بات يزورنا أكثر من شمس الصيف التي تكسبنا حنطتنا، ما الجميل في ليبيا؟، قطعا، أدبها، فاتن كرمال صحرائها الشاسعة الخالية المليئة! ، السيد الأديب الفقيه أخذني في رحلة من هنا إلى أدنبرة، رحلة لا تنقصها الاثارة أو الجمال.
إنك دائماً تريد أن تكون ما هو ليس أنت، تريد أن تكون فاسقاً وأخلاقياً، متديناً ومتحرراً من الدين، تريد أن تعيش في العصور الوسطى والعصر الحديث، تنتمي إلى الشرق، وتنتمي إلى الغرب، تضع قدما في الواقع وقدماً في الأسطورة، وتكون النتيجة أنك لست فاسقاً ولست أخلاقياً، لست مديناً ولست أخلاقياً، لست متديناً ولست متحرراً من الدين، لا تعيش في العصور الوسطى ولا في العصر الحديث، لا في الواقع ولا في الأسطورة، ولا تنتمي إلى الشرق ولا إلى الغرب.. .. شاب ليبي سافر إلى إدنبرة عاصمة سكوتلندا من أجل إتمام الدراسة وعمل دراسة بحثية عن العنف والجنس في ألف ليلة ولية يبدو موضوعاً مثيراً بحق، يرتطم في البداية بين ما شب عليه وما يراه في هذه المدينة، بين الجمود والتفتح، والانغلاق والتحرر، بين البربرية والعيش في العصور الوسطى وما بين التقدمية والحداثة، يجد نفسه في البداية مشتتاً، يحاول أن يعثر على حب يقيه من صخب المدينة الكبيرة التي تتسع للعالم وتضيق به وحتى يتخلص من بركان الكبت الذي يغلي في دواخله "حاذر أن تدخل مدينة كبيرة دون أن تكون مسلحاً بامرأة تحبها".. أخيراً يعثر عليها.. .... ليندا الشاهدة الأولى على نزواته التي حاول دوماً التخلص من عبئ الغربة من خلالها، المرأة المتزوجة التي يستأجر غرفة في بيتها، يجد نفسه في لحظة ما يذوب فيها كقطعة سكر في كوب ماء، في لحظة ما يجدها بين أحضانه ويتحدان حتى يصل المنبع بالمصب.. حينها تبدو المفارقات، دونالد زوج ليندا وصديق خليل، يشعر خليل بالاحتقار وكراهية الذات، يحاول تبرير فعلته تحت مسمى الحب، تنتشله ليندا من بحر ظلماته حين تخبره أن دونالد يعرف كل شيء، ويقبل به في مقابل ألا ترحل ليندا عنه، صار الرجلان يتشاركان امرأة واحدة! هنا تكمن المفارقة ما بين الأفعال التي تنبع من الذات والتي تصدر من القلب، تظهر في بعض الأحيانا صراعات بين الذات والفؤاد، حتى يجد دونالد نفسه من جديد بواسطة أنار ويصل للنيرفانا البوذية التي يؤمن بها كسبيل للخلاص الإنساني.. حينها تبدأ علاقة ليندا وخليل في الانحدار نحو الهاوية، أدركت فيما بعد أنها أحبت دونالد لكنها تحت إلحاح الغريزة أرادت رجلا آخر، وخليل لم يكون سوى رجل لإشباع غريزتها الجائعة بعد وصول زوجها لسبب نفسي إلى العجز عن مضاجعتها، في النهاية تجد ليندا نفسها وحيدة تتخلى عن راوي الأرض العطشى وتخسر من هواه فؤادها، لكنها تظفر بطفل بنطفة عربية واسم بريطاني... .... ساندرا، التجسيد المادي للحرية في أبهى صورها، الانطلاق دون حدود، المغامرة المطلقة، الركض وراء التجربة، غواية القنص واجتراع اللذات ، حبها للإنسانية وثقتها الساذجة فيهم، الحياة تبدو ممتعة بدون أصفاد، يكتشف خليل نفسه معها من جديد، أنامت ذاته على أسرة الفؤاد، فلم يعد يتحدث معها سوى القلب، لا غيرة لا كراهية لا امتلاك، فقط حب وهوى واستمتاع تام بلحظات اللقاء، يجد نفسه مجنوناً بها، منحته كل ما لا يخطر له على بال، صار إنساناً آخر، يشعر بسعادة غامرة ومتعة هائلة في وجودها، غيرت له الكثير من المفاهيم ووضعت في صدره بذور الإنسانية حتى حصدت هي المقت في يوم ما، حين اغتصبها 5 شباب، تناوبوا عليها لمدة أيام، أصابوها في مقتل، خذلوا ثقتها في الجنس البشري، قتلوا روحها الحرة واطفأوا سراج النور في عينيها، حينها كان لا بد من ضحية، وقد كان خليل ضحيتها، الفراق هو النتيجة المنطقية للعلاقة خاصة بعدما اكتشف خليل أن ساندرا التي لم تكن تحصل من الدنيا إلا على الفتات وتعيش في بيت الطلبة لم تكون سوى ابنة مليونير قررت ترك البيت والاعتماد على نفسها، لكنها تعود للبيت من جديد، هنا الحرية كمرادف للخطر والبيت كرمز لتقييد الحرية مقابل الأمان.. يجد نفسه في النهاية يحاول الرجوع لليندا واصطحابها لبلاده، لكن لا يمكن للحياة أن ترتمي في أحضان الموت، ولا يمكن لوردة بهية أن تنبت في الصحراء القاحلة.. ...... "سوف لن أقول وداعاً أيها الأصدقاء والأحبة، لأنني وأنا أرحل عنكم، فإن جزءاً حميماً من نفسي سيبقى معكم. به تتجدد علاقتنا، وتتجدد صداقتنا على مدى الزمن، على مدى الزمن" كانت هذه رسالة خليل لأحبته قبل الوداع والعودة لأحضان الوطن.. لكنني أشعر وكأنها موجهة من الأديب الذي رحل عن عالمنا أول أمس إلى كل محبيه وقراءه .. وسوف لن أقول وداعاً.
هل هذا حقًّا ما يفعله البدوي عندما يسافر مبتعدًا عن وطنه الذي ليس إلا قيودًا في رجليه؟ ينغمس في الخمر والنساء حتى الغرق؟ هذا السؤال جعلتني الرواية أطرحه على نفسي مرارًا وتكرارًا واستنكارًا.
ربما من الناحية الفنية متماسكة، وربما كانت اللغة جيدة جدًا -بغضّ النظر عن ورود جملة فيها "سوف لن" وكأن لن" وحدها لا تكفي، وجملة أخرى وُضعت فيها النون لفعل مجزوم من الأفعال الخمسة- لكن بصفة عامة هي لا تتحدث إلا عن الجنس، والتمرد على القيود البدوية/العربية/الإسلامية في "تقنين" الجنس وتحريم الخمر وكل ما يتّصل بها. في بعض الأحيان كنت أشعر بأني أقرأ سيرة ذاتية لا رواية، خصوصًا وكاتب الرواية حصل على الدكتوراة في الأدب العربي من جامعة أدنبرة مثل الشخصية الرئيسية في الرواية، بل إن التشابه وصل إلى حد الأسماء، فالكاتب أحمد الفقيه وبطل الرواية خليل الإمام، فهل يجب أن يحمل هذا أيّ معنى؟
بصفة عامّة كانت مخيبة لأملي، كل هذا الحديث الصريح الفج عن الجنس، والوصف الدقيق لأجزاء من بنية المرأة أفضل أن تترفع الكتب عن ذكرها، كل ذلك أزعجني وأعماني عن رؤية محاسن الرواية.
ثلاثية 'سأهبك مدينة أخرى' رواية ليبية ألفها الكاتب الليبي أحمد إبراهيم الفقيه, وقع اختيارها كواحدة من ضمن قائمة أفضل مئة رواية عربية. الرواية عبارة عن كتاب واحد في 516 صفحة يضم ثلاثة أجزاء:
سأهبك مدينة أخرى هذه تخوم مملكتي نفق تضيئه امرأة واحدة مقطع من الرواية جئت أول ما جئت ملفوفاً بقماطي المشرقي فوجدت نفسي جسماً غريباً لا يحقق توافقاً مع ما حوله . اجتهدت في أن أشتري قبولاً بالمبالغة في التشبه بهؤلاء الناس وإظهار الولاء لقيمهم وأساليبهم . كنت كمن يأتي من أفريقيا بقشرته السوداء ويضع فوق رأسه باروكة من الشعر الأشقر الناعم الطويل ويمضي في الشارع متباهياً بها، مدعياً أنها شعره الحقيقي . ثم اهتديت بعد ذلك إلى حل يضمن لي تحقيق هذا المقدار من التواصل الذي أحتاجه لعافيتي النفسية . فصرت لا أرى نفسي إلا حجراً متدحرجاً لا تنبت حوله الأعشاب .لا أطرح أسئلة حول ما يجب أن أفعله أو لا أفعله.
Ahmed Ibrahim al-Fagih is one of Libya's most well known authors, and arguably, his Trilogy of I Shall Present You With Another City is his most famous literary work. The trilogy of novels trace the life of a Libyan man, Khalil, as he begins his PhD on sex and violence in Scotland, then his eventual return to Libya and trying to readjust to life there. He starts a series of sexual relations with women in order to fill a void inside him.
In principle, I liked the idea of the novel, I just felt it was a bit all over the place. It tried doing many things at the same time such as presenting a cultural critique (both in Scotland and Libya), a psychological analysis, talking about suicide and mental illness, power dynamic in a couple, and of course, sex, and violence . Although beautifully written, it just needed more focus for me.
قرأت الرواية بدافع الفضول ربما تصميم الكتاب الذى يضم الثلاثية الروائية للكاتب او بسبب الاراء المكتوب في نهاية الكتاب لادباء ورأيهم فيها . بداية الرواية مملة ولكنها بدات تاخذ طابعا مثيرا بعد ذلك. النهاية أعجبتنى على الرغم من انها قد لاتعجب الكثيرين فهى تمثل بطل الرواية ذلك الشخص الهائم الذى يفشل في ايجاد نفسه اهو عربى ام غربى تقدمى ام رجعى اعجبنى في الرواية ايضا توظيف الجنس وعدم الابتذال فيه ربما من احدى الروايات القلائل التى اقرأها وارى ان الجنس موظف فيها لم يعجبنى اسهاب الكتب في الوصف لكل حدث في الرواية اذ انه يجعل القارئ للرواية يعانى من الملل.