الفراسة عند العرب علم من العلوم الطبيعية تُعْرف به أخلاق الناس الباطنة من النظر إلى أحوالهم الظاهرة كالألوان والأشكال والأعضاء، أو هي الاستدلال بالخلق الظاهر على الخلق الباطن. وأما الإفرنج فيسمونه بلسانهم Physiognomy وهو اسم يوناني الأصل مركب من لفظين معناهما معا قياس الطبيعة أو قاعدتها، والمراد به هنا الاستدلال على قوى الإنسان وأخلاقه من النظر إلى ظواهر جسمه.
Jurji Zaydan جُرجي زيدان: مفكر لبناني، يعد رائد من رواد تجديد علم التاريخ، واللسانيات، وأحد رواد الرواية التاريخية العربية، وعلم من أعلام النهضة الصحفية والأدبية والعلمية الحديثة في العالم العربي، وهو من أخصب مؤلفي العصر الحديث إنتاجًا.
ولد في بيروت عام ١٨٦١م لأسرة مسيحية فقيرة، ورغم شغفه بالمعرفة والقراءة، إلا أنه لم يكمل تعليمه بسبب الظروف المعيشية الصعبة، إلا أنه اتقن اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وقد عاود الدراسة بعد ذلك، وانضم إلى كلية الطب، إلا أنه عدل إكمال دراسته فيها، وانتقل إلى كلية الصيدلة، وما لبث أن عدل عن الدراسة فيها هي الأخرى، ولكن بعد أن نال شهادة نجاح في كل من اللغة اللاتينية والطبيعيات والحيوان والنبات والكيمياء والتحليل.
سافر إلي القاهرة، وعمل محررًا بجريدة الزمان اليومية، انتقل بعدها للعمل كمترجم في مكتب المخابرات البريطانية بالقاهرة عام ١٨٨٤م، ورافق الحملة الإنجليزية المتوجهة إلى السودان لفك الحصار الذي أقامته جيوش المهدي على القائد الإنجليزي «غوردون». عاد بعدها إلى وطنه لبنان، ثم سافر إلى لندن، واجتمع بكثير من المستشرقين الذين كان لهم أثر كبير في تكوينه الفكري، ثم عاد إلى القاهرة، ليصدر مجلة الهلال التي كان يقوم على تحريرها بنفسه، وقد أصبحت من أوسع المجلات انتشارًا، وأكثرها شهرة في مصر والعالم العربي.
كان بالإضافة إلى غزارة إنتاجه متنوعًا في موضوعاته، حيث ألَّف في العديد من الحقول المعرفية؛ كالتاريخ والجغرافيا والأدب واللغة والروايات، وعلي الرغم من أن كتابات زيدان في التاريخ والحضارة جاءت لتتجاوز الطرح التقليدي السائد في المنطقة العربية والإسلامية آنذاك والقائم على اجترار مناهج القدامى ورواياتهم في التاريخ دون تجديد وإعمال للعقل والنقد، إلا أن طرحه لم يتجاوز فكرة التمركز حول الغرب الحداثي (الإمبريالي آنذاك)، حيث قرأ التاريخ العربي والإسلامي من منظور استعماري (كولونيالي) فتأثرت كتاباته بمناهج المستشرقين، بما تحمله من نزعة عنصرية في رؤيتها للشرق، تلك النزعة التي أوضحها بعد ذلك جليًّا المفكر الأمريكي الفلسطيني المولد إدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق».
رحل عن عالمنا عام ١٩١٤م، ورثاه حينذاك كثير من الشعراء أمثال أحمد شوقي، وخليل مطران، وحافظ إبراهيم.
مع الأسف أن الفراسة علم قد اندثر..حتى لا تكاد تجد من له فراسة في زمننا هذا. يحتاج إلى الفراسة الفقهي والقاضي..ولكن للأسف لا تجد له ذكرا بينهم إلا قول الشافعي:
"خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها ، ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في طريقي وهو محتبٍ بفناء داره ، أزرق العينين ناتئ الجبهة سِنَاط – قال محقق الكتاب : هو الكوسج الذي لا لحية له أصلاً كما في المختار.
فقلت له : هل من منزل ؟ قال : نعم قال الشافعي : وهذا النعت من أخبث ما يكون في الفراسة !! فأنزلني ، فرأيت أكرم رجل بعث إلي بعشاء وطيبٍ وعلفٍ لدابتي وفراشٍ ولحاف ، فجعلت أتقلَّبُ الليل أجمعَ : ما أصنع بهذه الكتب ؟ ، إذ رأيت هذا النعت في هذا الرجل ، فرأيت أكرم رجل, فقلت : أرمي بهذه الكتب !!
فلما أصبحتُ قلتُ للغلام : أسرِج ، فأسرَج . فركبت ومررتُ عليه ، وقلت له : إذا قدمت مكة ومررت بذي طوى فسل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي.
فقال لي الرجل : أمولى لأبيك أنا ؟! , قلت : لا !
قال : فهل كانت لك عندي نعمة ؟! , قلت : لا !!
قال : أين ما تكلفتُ لك البارحة ؟! , قلت : وما هو ؟!
قال : كراء المنزل ، فإني وسَّعتُ عليك وضيَّقتُ على نفسي !!
قال الشافعي : فغبطت نفسي بتلك الكتبِ ! فقلت له بعد ذلك : هل بقيَ من شيء ؟!
قال : امض أخزاك الله ، فما رأيت قط شراً منك.
فأعطاه الشافعي ما أراد وعاد فرحا ًبأنه لم يكن ليخيب علمه الذي تعلمه ، وحين عاد أخبر أصحاب الفراسة أن علمهم صحيح بشرط ألا يؤذوا الناس بذكر المساوئ أمام العامة". انتهى كلامه.
من الذين بلغني امتلاكهم شيئا من الفراسة في العصر الحديث، الشيخ مراد شكري بالأردن. إذ بلغ من فراسته أنه ركب في سيارة أجرة. وكان السائق لا يدع مطبا إلا ويقع عليه غير آبه بما قد يلحق بسيارته من ضرر أو ما يسببه المطب من إزعاج للركاب. قال الشيخ للسائق مباشرة: هل كنت تعمل بالمدفعية في الجيش؟ رد السائق مستغربا: نعم..كيف عرفت؟! وله في ذاك مواقف أخرى ليس هذا محل الحديث فيها.
الكتاب أشبه بالكهانة أولا وأخيرا..وهناك بعض المبالغات في التصور. كالزعم بأنه يمكن التعرف على شخصية الكاتب من خلال خطه..فوصف المؤلف من يكتب بخط كبير، بأنه مسرف وكريم..ومن يكتب بخط صغير بأنه مقتصد!.
قلت:هذا يشبه بمن يفسر الأحلام على ظاهرها..إذ أن أسهل شيء على الجاهل؛أن يربط كل شيء بظاهر ما يراه دون خوض في دلالات الرموز.
والتجربة تكذب مثل هذا التنظير.فكم من مسرف خطه صغير..فالخط يتعلق بنفسية الكاتب الآنية، لا بطباعه الدائمة والمستقرة فيه.
المؤلف الذي كتب كتابه في مطلع القرن الميلادي الماضي..قد كان متأثرا بتصنيفات الغربيين للشعوب..حيث يصف الأوروبيين بالشعوب المتقدمة..والأفارقة بالوحشية.
ومنشأ هذا في تحليلي بروز اتجاهات علمية زعمت أن الأفارقة أقل تحصيلا وقدرات من الرجل الأبيض. وقد ترتب على هذا أن منعت أمريكا في فترة الثلاثينات الأفارقة من دخول الجامعات. المؤلف لم يكن ليغرد خارج السرب.
هناك أنماط من الفراسة قد تجدها عند أصحاب المهن، الذين يتعاملون مع الجمهور. أحد تجار الكتب كان يعتذر لبعض المشترين عن عدم توفر كتاب ما موجود عنده؛ لفراسته في أن السائل لن يشتري.
أيضا.. أخبرني أحد الحجامين بأن الكأس ذَا الحجم الكبير ، لا يثبت في ظهر أقدام السعوديين فقط. فلو ثبت الكأس الكبير في القدم عرف الحجام بأن المحتجم ليس سعوديا، أو أن أحد أصوله غير سعودي (ربما لو قال من خارج جزيرة العرب لكان التوصيف أدق).
الكتاب يعرج إلى بحر من الكهانة حول خصال صاحب كل أنف وصاحب كل جبهة، حتى أنني كدت أتوقف من فرط الإيغال والجزم كالكهنة.
آخر الكتاب كان أفضل أجزائه..إذ جمع صور أصحاب بعض المهن،وعلق عليها بما هو مشترك بينهم، وبما يدل على مهنهم.
بعض الفراسة موجود في ذهن الإنسان..والمطلوب هو جمع كتب الفراسة وإعادة طباعتها لضخ الدماء في هذا الفن.
علم جميل قلما نجده في مجتمعنا الحديث او حتى من يتقنه.. كتاب جرجي زيدان يشير إليه بشكل مبسط بعيداً عن الخرافات والتنجيمات التي ارتبطت به.. الكتاب أعطاني فكرة عنه.. تمنيت لو كانت الأمثلة المطروحة حديثة ولكني تنبهت فيما بعد انه كُتب قبل ١٩١٤م .. بشكل عام كتاب جيد للتعرف على علم الفراسة… أحياناً اتسأل هل الفراسة هبه ام هي علم بحد ذاته أم يجب أن يشتمل على الاثنين معاً..
كتاب جميل , ربما أفضل الكتب العربية عن الفراسة , و إن كان لا يتعرض للفراسة بشكل علمي يمكن ان تتعرفوا على علوم الفراسة الحديثة بزيارتكم لموقع خبير قراءة و فراسة الوجه - احمد رياض
الفراسة علم طبيعي صحيح وهى ملكة لايتبع فيها إلا أناس فيهم إستعداد خاص لها وهى خلقية بلا علم ولادرس يحتاج إلى ذكاء وحدة الذهن وسرعة الخاطر ودقة الملاحظة إلا أن مازال هذا العلم حديث. على الرغم من قدم الكتاب إلا أن المعلومات التي احتوتها حول هذا الموضوع جداا جميلة وشيقة.