هذا العالم فقيرٌ من الحبٌّ، غنيٌ حدَّ التخمة بالتعلّق. نتعلق ببعضنا كطفيلياتٍ مثيرة للشفقة، ونحسبُ أن تعلقنا هذا حبًّا. لغتنا وثقافتنا وأدبنا واساطيرنا كلها خدعتنا وجعلتنا نتمسك بوهم الحبّ، بظلهِ، بسمومه، بوجهه المشّوه، هذه العلاقات التي تربط بين معظمنا ليست حبًّا، بل تعلٌّق عاطفي، حتى تلك القصص العظيمة التي قرأناها عن عشّاقنا التاريخيين لم تكن تجارب ناضجة، بل تكاد تكود أقرب للمرض، أنها تجارب من لم يعرف الحبّ ولم يسرِّ بدربه خطوة واحدة. الحب سعادة والتعلق تعاسة. الحب حريّة والتعلق عبودية. الحب جمال وضحك وراحة، والتعلق سهر وحزن ودموع. الحب أنت والتعلق أنا الخوف الدائم من خسارة الآخر والتمسك الدائم حدَّ الهوس به، هذا ليس حبًا، بل انانية. إن كان وجود الآخر يشعركَ بالأمان وانشغاله عنك يشعرك بالخوف والتعاسة، فأنت تحبُّ نفسك وتتعلق بالآخر من أجلك وليس من اجله. الحب أنت والتعلق أنا تكاد الفوارق تختفي أحيانًا بين الحبِّ والتعلّق.. المسألة شائكة لكنها ليست معقدة.. أنا أظنُّ بأن حبَّ الأم لولدها حب، لكن حبُّ الولد لأمه تعلّق.