Jump to ratings and reviews
Rate this book

جزيرة المطففين

Rate this book
تبدأ هذه المغامرة الروائية التي بين يديك من أغنية يمنية قديمة، يسمعها الراوي في إحدى مدن الشمال الفرنسي المصفدة أثناء الحجر الصحي جراء انتشار الوباء الفتاك. خيط غير مرئي يلقي بك في دوامة الأسئلة المسكونة بمصائر البشر، خاصة اللاجئين القادمين من وطن الشتات العظيم، لتمضي مع طفران اليمني وحجي الحبشي، قبل أن يلتحق بهما فرید العصفور النادر وسینديا الصحفية القادمة من المستقبل القريب؛ في عالم متهالك، هو عالم الفيروسات والجوائح المهلكة، لكنه أساسا عالم الحروب والظلم والقهر والموت المجاني.

هل قرأت يوما أن «اليمن سجن تحت سماء مفتوحة»، وكيف تصبح المعمورة بأكملها كذلك؟

في «جزيرة المطففين»، يروي الكاتب الروائي حبيب عبد الرب سروري بعض أسرار ومطبات هذا العالم، يتقصى تفاصيل تجبره على النهايات التي يصنعها بيديه الحديديين، وبالتناقض ذاته بين تطوير التكنولوجي وتقهقره الأخلاقي حد القاع.

رواية كتبت بنفس مكتف، وبشغف قاتل لا يلين لتفكيك ألغاز بؤس الإنسان المعاصر، على لسان أبطال عاشقين للجمال، مقاومين، منبوذين، يؤمنون أن الحب څلق ليلغي الحدود والمسافات.

- الناشر

253 pages, Paperback

First published February 1, 2022

1 person is currently reading
101 people want to read

About the author

أكاديمي وروائي يمني.
بروفيسور جامعي في علوم الكمبيوتر بقسم هندسة الرياضيات
التطبيقية (كلية العلوم التطبيقية، روان، فرنسا)، منذ ١٩٩٢.
يشرف على مشاريع فرق أبحاث جامعية مشتركة، وعلى كثيرٍ من أبحاث الدكتوراه. بيد أن شغفَهُ بل هوسَهُ الأوّل والآخر، الظاهر والباطن: الكتابة الأدبية، وذلك منذ أن نشر أوّل قصيدةٍ شعريّة في مجلة "الحكمة" في ١٩٧٠.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
0 (0%)
4 stars
4 (36%)
3 stars
3 (27%)
2 stars
3 (27%)
1 star
1 (9%)
Displaying 1 - 7 of 7 reviews
Profile Image for Mohammed.
539 reviews777 followers
January 30, 2024
تقع عينك على الغلاف ويبدأ ذهنك بالتنبؤ، "جزيرة" تلمح إلى مغامرة، "المطففين" لفظة كلاسيكية قرآنية، ثم الغلاف المزدان بمسارات إلكترونية، يقف عندها ذهنك مشدوهاً، هل هذا النص مجنون أم عبقري؟ أم هو في منطقة وسطى ما بين الجنة والنار؟ تود أن تخوض غمار هذا النص الذي يبدو متنوعاً حد الإدهاش، وتخشى أن يفلت منه زمام الأحداث وتختلط عليه الثيمات، لكن ثقتك بسروري تشجعك على المضي قدماً، ولن يخذلك الكاتب كالعادة.

في عالم منقسم ما بين الوفرة والشحة، الأمان والعنف، التقدم والتخلف، ينطلق فريد وزريقة في جولة لنقل مآسي وطن الشتات الكبير وفضح مؤامرات جزيرة المطففين.

يقدم لنا حبيب سروري وصفة جديدة، مؤلفة من مكونات قديمة وجديدة، والنتيجة، يشعر القارئ بأنه يلتقي بصديق قديم لديه أخبار جديدة. ضمن الثيمات المألوفة لسروري، وجدت في الرواية ما يلي:
1- الأضرار الجانبية للتكنولوجيا، وخاصة الهواتف الذكية، على صحة الإنسان وقدراته الذهنية.
2- استشراف المستقبل من حيث الحروب، الأوبئة والكوارث الطبيعية.
3- التدين، الإلحاد، والظلال اللاأدرية بينهما.
4- الافتتان الجسدي بكل جنونه وفنونه.
5- الهيام بالطبيعة والتنوع الجغرافي والبيولوجي.

أما المواضيع الجديدة، بالنسبة لي على الأقل، كانت مأساة اللاجئين في الشتات، ما بين قسوة الوطن وصلف الغريب. أولئك المبعثرون في شتى أصقاع الأرض. فهذا يطردهم وهذا يتاجر بهم وآخر يشيح بوجهه عنهم. ومع ذلك فهناك من يحنو عليهم ويقف في صفهم حتى لو كان الثمن حياته. من الجديد أيضاً هو تفرغ المؤلف لنقد القوى العظمى، أمريكا على وجه التحديد، من حيث استغلالها لثروات العالم وعدم اكتراثها لمصير للشعوب المهضومة خارج خريطتها. يميط سروري اللثام عن النفاق الأمريكي البديع، الذي ينادي بالمثاليات وهو لا يهتم سوى بجني الأرباح ومراقبة الجميع. ثمة مساحة لا بأس بها من الكتاب لمناقشة تجسس العم سام على الشعب الأمريكي وسائر شعوب العالم.

الجانب الرمزي للنص مشروح في الآن ذاته بطريقة مباشرة، والمستوى الدستوبي يسقطه النص على الحاضر بشكل لا يخفى على القارئ. ثمة نبرة أورويلية تنأى وتقترب من وراء السطور. كما أن النص مليء بالاستطرادات والتأملات التي طغت على الحوارات ورسم المشاهد المفصلة.

اللغة رشيقة ولعوبة لا ترى إشكالية في استخدام الألفاظ اليمنية الدارجة "تفتقش، يترندع، يقربع" إلى جانب مفردات تقنية حديثة "عصبونة، إلكترون حر، وحدات سحابية..." ، إلى جانب مصطلحات قرآنية "بصرك اليوم حديد"، اقتربت الساعة وانشق القمر، اللوح المحفوظ"، ثم تغدو اللغة شعرية بحتة في سياق العشق وجمال الطبيعة. كذلك هو عالم حبيب سروري، من كل بستان زهرة، ومن كل عصر لقطة ومن كل حضارة لفتة. كاتب منفتح على الجميع ومنحاز للإنسان.
Profile Image for فايز غازي Fayez Ghazi.
Author 2 books5,133 followers
June 16, 2023
جزيرة المطفّفين... السروري يحذرنا.. مجددًا!

رسومات الكترونية تناقض العنوان شبه التراثي ثم تصدير لآرتور رامبو "سيقوم عالم صغير، شاحب، وبلا عمق"، ثلاث عتبات كفيلة بأن تسحبك (مجددًا) الى عوالم سروري الروائية بقوة جذب فكرو-مغناطيسية. التصدير تحديدًا يعكس ما سيظهره النص وينعكس في أحيائه الداخلية بعدّة أشكال وصور من حيث الحجم واللون والهيئة.

النص الروائي، كما بدا لي، مقدمة واقعية آنية تفضي الى خيال علمي-تكنولوجي غير مستبعد يحتل معظم صفحات النص فخاتمة سوداوية شبه مغلقة لولا بعض رموز الفرج! فالنص ينطلق من "غاب كالية" ما بين جائحة الكورونا وبؤس الإنتظار ومآساة اللجوء وصدفة الإسم (فريد) دون إغراق او اجترار لينفتح على عالمٍ متخيّل (وواقعي ويمكن اسقاطه في اللحظة حتى) آخذًا اسم "أطلس" كإطار عام للعالم في بؤرته "ق.ع" كمركز سيطرة وفي محيطه آحياء بعضها متطور متقدم يعيش مرحلة الحياة الإنسانية وما بعدها وبعضها الآخر متخلّف متحجّر متقوقع يعيش حياة بدائية غيبية عبثية ولا يعدو ان يكون الا ميدان تمرينٍ او سوق استهلاك (ونحن في هذه الأحياء تحديدًا ومن هنا يأتي التحذير!). مفهوم الزمكنة بديلًا للعولمة بالإضافة الى مفهوم المدينة-العالم

"كل لاجئ عوليس معاصر، له أوديسته الخاصة، وحلم واحد: الوصول الى إيتاكا، حيث تنتظره زوجته بينولوب: أوربا، موطن موته الذي يبتغيه، وليس موطن ولادته الذي لم يقرره."

"أمة عربية واحدة، لا يحيا في بلدانها عالم او باحث او حرّ او رافض للديكتاتورية. رسالتها الخالدة: بيع المواد الخام، واستهلاك سلع الصناعة الغربية. تديرها اسرائيل وإيران وتركيا، وفوقهما القوى العظمى."

"اما اذا برزت بوادر "حرب داحس والغبراء" بين مقاطعتين غنيتين من أطلس، فتفرك ق.ع. يديها بسعادة: تستنزفهما معًا بحجة الدفاع عن كل واحدة من عدوان الأخرى؛ اي تحرس نفسها من هجوم نفسها، وبأجرتين سخيتين من داحس والغبراء معًا!.... كلما قيل لها: هل امتلأت؟ تقول: هل من مزيد؟..."

يركّز سروري في هذا النص على التطور التكنولوجي والذكاء الإصطناعي بشكل كبير، على البرمجيات الخبيثة وبرامج التجسس وخوارزميات الرصد والجمع وتكوين الملفات لكل كائن حيّ ومن ثم دراسة هذه الملفات وتصنيف كل فرد حسب "حاجته" او "حاجة" المنظومة اليه! (ذكرني جدًا بمقولة لم أعد اذكر لمن بأن الشعوب المتخلفة في طريقها الى الفناء وليس علينا (الشعوب المتطورة) سوى تسهيل الأمر عليهم) ركّز في المقابل على الجانب الآخر من العالم، جانب التخلّف والرجعية والديكتاتوريات (العلنية والمقنّعة) والبئس والعبث الذي يعيش افراده فيه.

تنبأ النصّ ايضًا بجوائح جديدة او أمراض ينتجها الإدمان على الشاشات كجائحة "رقص العناكب الطائرة" وترياقها المستخلص من دائها! وبروز متحولات اخرى لكوفيد وغيره من الفيروسات.

من الناحية البنيوية للنص، فمفصل عودة "سينديا" بالزمن ولقاء الراوي في بداية النص كان بلا معنى (بلا طعمة باللبناني) وذلك لعدة أسباب: اوّلها غياب الفعل في هذه العودة (رغم انها ذكرت لماذا عادت لكنها لم تقم بشيء)، التقارب الزمني ما بين العودة والحدث اللاحق(وهذا ضد المنطق فهي عادت من زمن قريب من غير المناسب فيه ان يكون جهاز العودة بالزمن قد تم اختراعه) وأخيرًا عدم إضافة شيء للرواية (فلو حذفنا عودتها لما تغيّر شيء في المعنى). بالإضافة الى الفصل الأخير من النص الذي قال عنه الراوي "انه الفصل الأخير من رواية فريد"، وأعتقده الفصل الأوّل خصوصًا لما عاناه وعاشه فريد و"زريقة" في الحيّ "ياء" ولم يتطرق الفصل له! رغم انني اقدّر رسالة النص الضمنية في الفصل الأخير بإمكانية النجاة بواسطة الحب والعودة الى الطبيعة.

أمّا اللغة فقد غلب عليها الطابع الصحفي والعلمي مما أفقد النص بعض التوازن ما بين اللغة العلمية واللغة الأدبية (والتي نعرفها جيدًا من خلال رائعة الكاتب "وحي") لكنها كانت لغة سلسة ومرمّزة في بعض الأماكن وشارحة ومباشرة في أماكن اخرى.

رواية جيدة جدًا، فريدة من حيث الموضوع كما عوّدنا سروري، وأعتقد ان ميزتها الكبيرى تأتي من طبيعة رسالتها.

"أطلس اليوم خلطة فوضوية عجيبة من أحياء سكنية، لا يفصلها فاصل، بعضها سلع ذكية راقية، تسعى للوصول الى خلود الإنسان وحياته المتأبدة بدون مرض. وأخرى لا هم لها غير "الجهاد في سبيل الله". غير منتجة. تأخرت كثيرًا عن مواكبة تطور الحياة على الأرض، تعيش في الماضي، في عصور الطغاة والدولة الدينية."


التقييم الفعلي:
3.5/5
Profile Image for محمد خالد شريف.
1,024 reviews1,233 followers
August 20, 2025

"كيف يُمكن أن نشرح لسقراط، لشكسبير، لعمر الخيام، لفولتير، لكارل ماركس، لإدجار موران، ولفلاسفة الإنسان كلهم أن إنسانية اليوم ليست أكثر من ملف مايكروسوفت - إكسل، لكل إنسان فيها سطره اللانهائي الخاص؟!
قيمته الوجودية في نهاية هذا السطر: رقم عشري بين الصفر والواحد! بئسها من حضارة!"

رواية "جزيرة المطففين" هي تجربتي الأولى للكاتب اليمني "حبيب عبد الرب سروري"، وهي من تلك التجارب التي ستظل عالقة في الذهن لفترة طويلة، تجربة مزلزلة ومُفاجئة، ومجنونة، ومُختلفة تماماً، ليس فقط لأن الموضوع جذاب أو مُختلف، فأنا أرى موضوع الرواية مُستهلك، ولكن منطقته، ونقطة إنطلاقه من واقع الكوفيد، كان رائعاً، بالإضافة إلى سرد الكاتب وألفاظه، وألاعيبه في الجمل والكلمات، المقصودة طبعاً، وسخريته، صدق أو لا تصدق، الكاتب يسخر بطريقة لن تقرأ مثلها من قبل، سخرية سوداء من رحم الواقع، الواقع الذي نتجه إلى نهايته بلا هوادة، بلا رحمة، وبسرعة أسرع من الصوت أو الضوء أو كليهما.

ماذا لو لم ينتهي وباء الكوفيد عند هذا الحد؟ هذا السؤال حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه السطور لا نستطيع الإجابة عليه بشكل وافي، فما زالت هناك العديد من التطورات التي تُقلق البشر والعلماء والأطباء، تحورات من الفيروس الذي أثبت بجدارة أننا لا نستحق كُل ذلك الغرور الذي نتشبث به، فيتخيل الكاتب، أنه لم يقف عند ذلك الحد، وتطور وتمحور، حتى أصبح الوضع لا يُمكن السيطرة عليه أو احتوائه، فكان الحل في الروبوتات، ومن هنا تأتي كابوسية الرواية، أنه من المُمكن أن نعيش كُل ما كُتب في الرواية، في ظل التقدم التكنولوجي الذي أصبح مُسيطراً على حياتنا الواقعية، والفايروسات التي لا تتعدى النانومترات التي تُحيل أجسادنا إلى كتلة من التعب المُرهق وتعيث بها فساداً.

وفي ظل ذلك التخيل المُرعب، يستمر الكاتب في بناء واقع بهذا الشكل، يتخلله اللاجئين، الطوائف الدينية المُتشددة، مواقع التواصل التي أصبحت مرضاً، مرضاً حقيقياً لا تُشفى منه إلا عن طريق أن تلصق عينيك بشاشة، روبوتات تقوم بعمل كل شيء، حتى عمل البشر، إلى الدرجة التي تجعلنا نتساءل، وما نفعنا نحن كبشر؟ بل ويصل الجنون في التخيل إلى الحد الذي يجعل الآلات تقوم بتعيين البشر كموظفين لديها!

ختاماً..
رواية رائعة، ولكنها ليست سهلة القراءة، تحتاج بال رائق، وذهن مُنفتح، وقبول للرأي المختلف، طالما كان بشكل محترم دون التعدي على المعتقدات الأخرى، مليئة بالرمزيات الواضحة والمُستترة، ومُربكة، وأحياناً مهرطقة، لذلك وجب التنويه.
Profile Image for Nabil مملوك.
Author 3 books74 followers
May 20, 2022
جزيرة المطفّفين لحبيب عبد الرّب سروري: نحو نقد فكريّ لظواهر كونيّ��
20-05-2022 | 08:26
نبيل مملوك- المصدر : النّهار


في روايته الأخيرة جزيرة المطفّفين الصّادرة عن دار المتوسط (طبعة أولى 2022)، اتّجه حبيب عبد الربّ سروري (66 عاماً) إلى السّرد الفكريّ والتواصليّ دون أن يبتعد بشكل كلّي عن المبنى الفنّي موظفاً أفكاره التي تمحورت حول عملية نقد حال "المجتمع الكونيّ" وما وصل إليه نتيجة تفشّي جائحة كورونا وارتفاع منسوب القتل في الشرق الأوسط وتهديد الأمن القوميّ الأوروبي تحديداً من خلال جملةٍ من العوامل السياسيّة والإجتماعيّة والإنسانيّة (لا سيّما اللجوء) وكان لا بد لسروري أن يتوّج هذا النّقد أو الكشف أو الطّرح من خلال الانطلاق من مكان ما هو "كاليه شمال فرنسا" الشهيدة على مغامرة كشفت الكثير مما حقّقه النّص وأخفق به.

المكان واللاوعي المُحرّض

في كتابه "مقدمة للشعر العربي"، يرى أدونيس أن المكان يمكن أن شكل عامل جذب أو عامل نفور بالنسبة للمرء ولو أن أدونيس قد حصر في تصنيفه هذا الحديث عن الشاعر ولا سيّما العربي منه، إلا أن الشاعريّة في رواية سروري ظهرتْ من خلال الأغنية...النواة التي شكّلت الرواية، الشّرارة العاطفيّة التي حرّضت بشكل لاواعٍ السّارد الصحفي على الرجوعِ الى مصدرِ الصّوت والإصرار على متابعة مغامرته بطريقة مغايرة "أسرّني هذا النغم الثخين المُعتّق، كهربني في الحقيقة" (ص 12)، ولعلّ هذه الأغنية قد طالت بدورها مطلقها لا المنصت اليها فحسب، فالعاطفة التي تعدّ عنصراً من عناصر العمل الأدبيّ أيضاً تعدّ في الجانب النفسي جزءاً لا يتجزّأ من إنتقال المرء من الكبتِ الى التّسامي حيث عبّر سيبغموند فرويد عن هذه العمليّة بعبارة شهيرة "في حياة كل مبدع ألم وكبت وحرمان" ولو أعدنا المشهد الذي صوّره صاحب إبنة سوسلوف إستنتجنا أن "طفران" اللاجىء اليمنيّ وفقاً لسروري هو مبدع خاصة وأنه خلق شعوراً بالحنين والأمان لصحفي عابر في مدينة كئيبة ككاليه شمال فرنسا "لستُ إذن العصفور اليمنيّ النادر الذي يعيش في فرنسا، ويسير الآن وحيداً في أقصى أطرافها" (ص 12-13) وقد انطلق السّارد بدوره من هذا المكان المفتوح الباعثِ على الجمود والكآبة والغربة الى عالم من الألفة والإنسانيّة التي دفعت سروري بشكل مباغت إلى البدء بالتطرق لقضايا فكريّة هزّت العالم وسط إمعان الوباء في حجر الشعوب في منازلها، فعلى الصعيد الإنساني إختار سروري طفران ليكون خيط حديثه عن اللجوء ومعاناة اللاجىء والصراع التقليدي بين المبحر واليمينيّ المتصدّي له "كوكب الأرض كله يعيش في حالة عزلة وتصفيد دائم، البشر يختفون في أوكارهم كالديدان ..." (ص 30)، "كلّما تراكمت توسعت الخيام الجديدة، قامت الشرطة بانتزاعها بعنف" (ص 39)، وأيضاً على الصعيد نفسه أظهر سروري بشكل واضح كيفيّة عودة الإنسان الى بدائيته وغريزته في سبيل البقاء، طارحًا من خلال تدابير الحد من تفشي كورونا كيفيّة ترجمة العنف تجاه فرد متمرد في سبيل بقاء الأنا العليا "ومن سيعاقب أيّ انسان يغادر باب منزله؟ الرد بديهيّ أيضاً :درونات الحكومة الموحدة بكل تأكيد" (ص 45)، أمّا على الصعيد الأيديولوجي والفكري فما كان من فريد إلّا أن يكون جسراً لكي ينتقل السّارد من صفته المصاحِبة روائياً وسردياً الى صفة الناقد المنصهر برؤية الكاتب نفسه.

إذن كان المكان منطلقاً لمعالجة قضايا لم تعد محليّة بل باتت كونيّة متشابهة صرّح عنها الكاتب من خلال السّارد الصحفيّ المغامر في عالم ما بعد الإنسانيّة، الأمر الذي وضعنا أمام نقاش آخر حول الظواهر المجتمعيّة والتّناصات والأشارات المعبّر عنها من جهة، والمبنى الحكائي وبناء الشخصيات والتحولات التي شهدها البعض منهم من جهة ثانية.

الظواهر الكونيّة وسيميائيّة التعبير

لم يستطعْ صاحب "تقرير الهدهد " الابتعاد عن اليمن والأزمة السياسيّة والإنسانيّة فيها فكانت جزيرة " ق.ع. " وما تحمله من أحياءٍ مقسّمةٍ ومسماةٍ بالأحرفِ الأبجديّةِ التي تُعبّر عن التفاوت الإجتماعيّ والمعيشيّ فيها، فقد أشار سروري الى اليمن من خلال جملة عوامل أو جملة وحدات سرديّة مظهراً بذلك رؤيته تجاه الحرب المُتّقدة فيها بطريقةٍ سيميائيةٍ تحمل عدّة تأويلات وتحيلنا بذلك إلى عدّة أزمات في بلدان مختلفة كالعراق وسوريا أيضاً على سبيل المثال لا الحصر: "قصف وذبح واغتصاب يوميّ في أرجائها كلّها. إبادات طائفية جماعيّة، تعليم ظلاميّ..." (ص 103) وأيضاً الواقع العربيّ ككل من زاوية" الأطلس "اذا أراد المتلقّي أن يمعن في التَأويل من خلال التطرّق الى جزيرةِ ق.ع المبتكرة والتّقسيم الطبقيّ التي تعيشه في ظلّ الأزمات " كيف يتجرّأ المرء الحديث المنافقِ عن العدالةِ الإلهيّة وفي الجانب الآخر من أطلس، حيث يعيش 99 بالمئة من سكّانه... تملأ شوارعها كلّها أنهار المستنقعات السوداء" (ص 103)، وإلى جانبِ العُقد السياسيّة والإجتماعيّة كرّس سروري جزء من نصّه للإفصاح عن حفرٍ عميقة في الفكر العربيّ الحديث لا سيّما من خلال تناصّات دينيّة ومقاربات اسطوريّة عدّة، فوضع الصراع بين إيروس إله الحب والرغبة وتيتانوس إله الموت على حلبة أزمة اللاجئين ونضالهم للوصول إلى برّ الأمان ولو بطرق غير شرعيّة وتمادى في التوصيف الميثيولوجي لهذه الظاهرة الأزلية من خلال العودة الى الأوديسة "كل لاجىء عوليس معاصر، له أوديسته الخاصّة وحلم واحد الوصول" (ص 25 ).

لعلّ هذا التناص أو المقاربة النصيّة للواقع المرير مقبول ومتاح ويلامس المنطق لكن واستمرارًا في إتمام المشهد خصوصًا مشهد الإتصال بين العاملين الذات ( اللاجىء) والعامل المعاكس ( اليمين المتطرف ) بحسب غريماس هل من المنطقي السير بنفس الوتيرة التقليديّة لمقاربة الفرد ومعاناته بالأنبياء والقديسين ؟" ...سائل أحمر لامع وعميق (قرمزي كما يقولون ) ذكّرني بجراح المسيح والحسين ، عليهما السلام ... " (ص.75 ) هل نحن هنا أمام أداة جذب للمتلقي من خلال الدين الذي يعد واحدًا من الأقانيم الّداعمة للعمل الأدبيّ ؟ أم مجرّد مقاربة عابرة لمأساة متكررة حد الثبات؟ وما يثير التساؤل أيضاً هو المقاربة السيميائيّة لعقيدة يحاول الغرب بفعل التقدّم التكنولوجيّ والرقميّ حيث أن سروري طرح كل العمليات والخطط والمسارات والغايات التي يتوخاها جمهور من العلماء الغرب في هذا العالم بدءاً من تطبيق أوميغا الذي يلاحق الفرد أينما ما كان من خلال هاتفه والذي أسرَ السّارد بشكل كليّ ومن جهة ثانية الروبوتات التي اخترعها المرء لتريحه من إثم القتل "لعل اختيار الروبوتات الفاتلة ل ق.ع. كلّها... كان أدهى وأخطر وأذكى ما فعلته ق.ع." (ص 189) ليكون التساؤل هنا هل ما وصل اليه السّارد أو الكاتب إلى اِنهيار بفعل تعطيل "ص" لعمليات تتبع فريد بعد انتهاء مهمته جزء عابر من الحكاية أم رسالة تشير الى مدى تعلقنا بالعالم الرقميّ أم رؤية الكاتب تجاه التكنولوجيا نفسها "ها أنا منبوذ، عارٍ، أغرق وحيداً في دوامة أسئلة مفتوحة. لا أدري إلى ماذا سيقود الآن مصير فريد وزريقة" (ص 197) وكيف نفسّر اختيار الرّاوي لنهايته مع الطّبيعة وانصهاره مع الإنسانيّة "كم كنت أعشق استنشاق عبق المكان... أجلس تحتها في اللّيل، مع القمر، ونجوم لها حفيفٌ ناعمٌ ..." (ص 251). هل هي عودة لا بدّ منها إلى الإنسانيّة البحتة؟ أم طريق مجهول يؤسّس لمغامرةٍ جديدٍة؟

كلّ هذه التساؤلات التي فرضتها هذه المشهدّيات السيميائيّة تحيلنا إلى مقاربة المبنى الحكائيّ الذي حمل كلّ هذا الفائض من المقاربات والحلقات النقدية.

البنية النصيّة بين الخطاب الفكريّ والنّص الروائيّ

لم يستطع ْصاحب كتاب "لا إمام سوى العقل" أن يكون روائياً مئة بالمئة، بقدر ما كان ناقداً أو باحثاً عن الثغرات في الطّروحات من خلال الشخصيّات، أي أنَّ الشخصيّات لم تكُنْ سوى جسور لتنقل تطلعّاته وهذا ما يذكّرنا بأعمال نوال السّعداوي وإبراهيم عيسى وغيرهم حيث يكون النص هو الوعاء المساعد لاحتواء الفكر، فعلى الصّعيد التقنيّ كان المبنى الحكائيّ أقرب الى الخطاب الفكريّ بقدر ما هو قريب من الروائيّة وذلك بفعل الإنزياحات السرديّة التي تنقل من خلالها الكاتب من قضيّة إلى أخرى بالإضافة الى حصر الصوت الروائي بالسّارد وحده الذي قد يكون غالبًا هو الكاتب نفسه، السّارد الذي أرانا فريد وطفران وحجّي وزريقة وباقي الشخصيّات من خلاله وما التقليل من الحوار والتّركيز على الوصف والذاتيّة من خلال جملة مواقف وخلاصات لا سيّما فيما يخصّ "ما بعد الإنسانية " ما هو إلّا دليل على ذهاب الرواية نحو الخطاب الفكريّ أكثر "هل سمعتم جيّداً سيتم إقتلاع المشاعر والرّغبات والعواطف كلّها..." (ص 246) "مثلاً دون الحصر".

بالاضافة إلى إبعاد الكاتب الشخصيات عن حياتهم الخاصّة وحصر علاقتها ووضعها كعوامل بمصير فريد ومسار تحولاته الفكرية من عاشق للفن والرأسماليّة إلى زاهدٍ لادينيّ يبحث مع زريقة عن ظلاله.

لم تكن جزيرة المطفّفين إلّا هذا العالم المبنيّ على الغشّ والقتل والكراهية، هي وثيقة فكريّة تنضوي في قالب أدبيّ وفي مبنى حكائيّ لم يراعِ المتتاليات بقدر ما راعى تتالي الأفكار والظواهر من خلال إعتبار الشخصيات نموذجاً يدعم كلّ فكرة والحدث هو الحجّة لكل هذه المحاولات المتمرّدة.


الرّابط: https://www.annahar.com/arabic/cultur...
Profile Image for أحلام جحاف.
Author 5 books45 followers
February 8, 2023
رواية تبدأ بداية مشوقة...لغة الكاتب جميلة، تعبيراته الساخرة تضع لمسة خاصة بالكاتب ...
استخدام المفردات والقصص القرآنية ومصطلحات تراثية جعل للرواية مذاق خاص...
الرواية تناقش عدد من المواضيع أهمها حروب الكبار في الدول التعيسة التي رمز لها بأطلس ومنطقة ياء الواضح أنها اليمن...
يوجه نقد لفترة حكم الرئيس اليمني الذي يلمح له بتعبير جاء على لسانه ذات يوم عندما وصف حكمه بأنه رقص على رؤوس الثعابين...
يوجه نقد لاذع لأمريكا التي تقود حرب اليمن لصالح خاصة بها، والاستهتار بقيمة الإنسان في بلاد مثل اليمن...
يتناول مسائل الذكاء الاصطناعي والفرق بين الدول الغنية التي يصفها بالمطففين...
لكن في الرواية فجوات أو مناطق غير مفهومة ...تخص الزمن...
بداية الرواية تشير لفترة وباء كوفيد والحجر الصحي ...وفي نهاية الرواية رغم أن الأشخاص هم ذاتها لم يتغيروا يصبح هناك تطور كأنه في المستقبل. فأي مستقبل يقصد؟
شخصية الفتاة القادمة من المستقبل والتي جاءت لتعرف كيف ظهر المرض الذي ستعاني منه الناس في المستقبل ...لكن في بقية الرواية كأن الكاتب نسي أنها جاءت من المستقبل!!!
غلب على الرواية أسلوب التقرير الصحفي ونشر المعلومات.
Profile Image for Maha.
627 reviews
January 31, 2023
لا أظن هذه رواية! يبدو أن الكاتب لديه نقد للأوضاع الحالية حول مواضيع منها: سيطرة دول كبرى على اقتصاد العالم، إشغال الدول المتخلفة بمشاكلها من قتل ودمار وتطرف، التجسس الإلكتروني والأنظمة الذكية، والهجرة الى الدول الغربية بطرق غير مشروعة. يطرح الكاتب السؤالين، من أنا؟ وكيف أغير العالم؟ من خلال شخصية فريد الذي يتتبعه الصحفي (الجاسوس) بصورة شخصية اولا ومن ثم خلال مهمة. لغة سروري دائما جميلة لكنه لم يوفق في صياغة هذه الافكار كرواية. كان من الأجدر ان يقدم هذه المواضيع في كتاب غير روائي. اتسأل لم اختار الرواية؟ ولا أجد إجابة الا ان مثل هذه المواضيع حساسة وربما الرواية هي أمن الطرق لأنها متخيلة!

ملاحظة: تقييمي للرولية يعكس مدى استمتاعي بالقراءة اكثر من كونه تقييما نقديا. ربما هذه الرواية جاءت مختلفة عن قرآتي السابقة لسروري فأصبت بشئ من الاحباط.
Profile Image for ناديا.
Author 1 book386 followers
June 14, 2024
يقول البروفسور حبيب سروري عن روايته هذه في كتابه "الرواية مدرسة الحياة" الصادر عن دار المحيط للنشر حديثًا: كان هوسي الكبير هو الاتجاهات المستقبلية للوضع العالمي الحالي، بكل معالمه المرعبة: التجسس الإلكتروني على الإنسان، أوضاع المنبوذين واللاجئين والهاربين من خراب دولهم، الحروب العربية الدائمة …

من يتتبع قلم سروري سيتعرف على نصًا له دون ضرورة تذييله باسمه، لانصباب اكتراثه في مواضيع بعينها، يغلب عليها الهم العلمي والمعرفة، حرية الفكر والمعتقد.

الرواية مُلهَمَة من زيارة الكاتب لمدينة كاليه شمال فرنسا، حيث ذهب لمهمة كتابة مقال عن اللاجئين الغير شرعيين فيها، بنى على إثرها مكانًا مُتخيلًا (جزيرة المطففين) في رؤيا استباقية لما سيصيره مستقبل الكرة الارضية من وجهة نظره.

أعتقد أن سروري هنا فقد ملامح الرواية لصالح المقالات العلمية، رغم محاولاته البارزة التصدي لذلك عبر الشخصيات التي ابتدعها! حيث طغت برأيي شخصية العالم على الروائي، فبدت الحكاية استعراضًا لما توصلت اليه التكنولوجيا حديثًا، أفكاره الخاصة المسرودة عبر الراوي، مما أفلتني حتى من أجواء الترحال الحاضرة دومًا مع سروري انعكاسًا لعشقه السفر، ممارسته له أغلب السنة.
فريد وسينديا بطلا الرواية، الحاضر والمستقبل يجتمعا معًا في خطوط تخيلية علمية، يطرحا معًا هموم اليوم، في دعوة صريحة لتبني العلم أداة للتخلص من كل تخوفات الانسان، قيود المجتمع والدين!

تتخيل الرواية قيادة عامة وحكومة واحدة تحكم الكوكب، هيمنة للتجسس والروبوتات، مختبرات تتحكم بالافكار والذاكرة، في جزيرة المطففين التي قسمها لثلاثة أقسام، أحدها مراكز ابحاث علمية، ثانيها مصانع عسكرية تُعد روبوتات قاتلة، والأخير يحوي ثكنات تكنولوجية بها كمبيوترات البيانات الاستخبارية!

اتسمت سردية د. حبيب بالسخرية، متقصيًا ماض لا يرضيه، متجاوزًا الحاضر المؤلم من أوبئة وحروب، الى مستقبل يراه قد تمكن من التحكم بالموت وصولًا للخلود.
لغة سروري مدهشة نسبة لشخص عاش معظم حياته بفرنسا، حذقة في تمرير افكاره الخاصة!

▪️لست في الحقيقة اكثر من رجل ظل. يمشي في هذا العالم بخطوات خفيفة( لا اسم له كما لاحظتم ولا عنوان) يعشق فك طلاسم السر، واستيضاح وقراءة المؤشرات الصامتة لمعالم الزمن القريب القادم .
Displaying 1 - 7 of 7 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.