الطائفة

by جيلان الشمسي

الضباب الذي بدأ في الشمال لم يبق حبيسا هناك، إنما تسلل ليغلف مدينة الإسكندرية مدعوما بحرائق وخراب في كل مكان. وقفت كارما تشهد كل هذه التغيرات، تفتش بقوة عن كتاب مهجور قديم لم يقرأه أحد، يعتبر كتاب مقدس لطائفة تجولت في كندا ثم نُقلت تعاليمها للإسكندرية. كتاب نيتشه الأصلي الذي لم يطلع عليه أحد، وجده مختار في ألمانيا ونقله لأفراد الطائفة التي تواجه الضباب. يمشون في الطرقات متكاتفين، والنبوءة تسير بين شفاهم لكن لا يصدقهم ولا يتبعهم أحد إلا بعد فوات الأوان.

Unknown Binding

About the author

من مواليد الاسكندرية
1986

حاصلة علي بكالوريوس الهندسة
جامعة الاسكندرية
2008

Reviews

[نورا ناجي · Rating 4 out of 5]

يبدو أن جيلان فيلسوفة كبيرة، أحب أفكارها المنظمة ورؤيتها المغايرة للعالم، تخرج منه سحراً وخاصاً وهي قادرة على تقسيمه إلى طبقات كثيرة، تفصيصه يعني كما تفعل مع الشخصيات أيضاً. لا أعرف إن كان يمكن تصنيف الرواية على أنها ديستوبيا لكن هي بالتأكيد فلسفية مع لمسة واقعية سحرية، وتعتمد على نظرية نيتشه "العود الأبدي" وهي نظرية معقدة وتحوي سحراً مغرياً للمبدعين باستغلالها بأشكال كثيرة، منها هذه الرواية متعددة الأصوات، والطائفة التي تسعى لمثل هذا الخلود الأبدي باستخدام نظريات لم تنشر لنيتشه أخفتها أخته عن الجميع . وإلى جانب الطبقات المعقدة والدقيقة للرواية ، هناك أيضاً أسلوب جيلان الساحر والممتع الذي يجبرك على التمسك بالرواية وعدم تركها، وطريقتها الجميلة في التعبير عن مكنونات كل شخصية بتعبيرات طازجة واستبطان دقيق.

[Sama ziada · Rating 4 out of 5]

ثلاث حيوات لروح واحدة

هل تخيلت يوماً أن يسيطر الضباب على العالم ولا نستطيع منه فكاكاً؟ كيف ستكون شكل الحياة؟ وماذا سنفعل وقتها؟

في روايتها الطائفة تستعرض الكاتبة جيلان الشمسي هذا الموضوع المثير للجدل، وتتسائل معنا كيف الخلاص؟
من خلال قصة أربعة أصدقاء يكونون طائفة تحذر من الضباب، فيسخر منهم الناس إلى أن يبدأوا في إستشعار الخطر فيصدقوهم
فكيف ستنتهي الحكاية؟

مواضيع الرواية:
*طرح فكرة العود الأبدي لنيتشه
*ربط الواقع بالميثولوجيا الإغريقية
*الولوج داخل كتاب هكذا تكلم ذرادشت
* تصور لماهية الحياة وسلوك البشر داخل الضباب المزعوم


إذن لماذا ديونيسيوس؟ وما علاقته بنيتشه؟
ديونيسيوس هو إله الخمر والنشوة عند الإغريق أو بإسم آخر هو الإله باخوس.

فلماذا إختارت الكاتبة ديونيسيوس ؟
لأن ديونيسيوس بالمفهوم النيتشوي هو المقابل لأبولو فكما أن أبولو رمز للعقلانية والحياة المنظمة التي تسير وفق معايير محددة
فإن ديونيسيوس يسير بشكل عاطفي انفعالي غير عقلاني. وهو في ذلك لا يحترم القواعد ولا يلتزم بالقوانين. لقد كان قوة مفرطة تحطم كافة أشكال التوازن والانسجام.
وهكذا هي الحياة عند نيتشه
والإنسان مدفوع دفعًا بيولوجيًّا بالرغبة في التدمير،وهي رغبة يجب ألا يخشاها، لأن التدمير هنا إنما هو تدمير القواعد التي شوّهت الطبيعة، والتدمير إنما يكون بغرض كشف الحقيقة.
ولذلك جاءت الكاتبة بالضباب، كوسيلة لتدمير الواقع المشوه الذي عليه الحياة، لتأتي حياة جديدة آخرى بعد الضباب
قد تكون حياة مختلفة ولكنها بنفس الحيوات السابقة في شخوص جديدة. وهي ما قامت عليه فكرة العود الأبدي لنيتشه.

شخصيات الرواية:
الأسماء في الرواية رمزية
فهناك:
*مختار؛ وهو ما كانت تطلق عليه كارما ديونيسيوس
فهو المختار الموعود للطائفة بحمل رسالة نيتشه
فهو ديونيسيوس في حياة آخرى، الذي أصبح نيتشه في حياة سابقة، ثم عاد من جديد كمختار في هذه الحياة، فأصبح الأجدر بحمل النسخة الأصلية من كتاب " هكذا تكلم ذرادشت"
* كارما؛ وهي فرد الطائفة الذي دعا لتأسيسها وآمن برسالتها، فهي بمثابة الروح الكامنة التي تنتج من تصرفات الفرد، والتي على أساسها يتجسد في الحيوات الآخرى لينقذها، وهي في تجسد سابق سالومي التي أحبها نيتشه.
*ناجي؛ وهو فعلاً الناجي الذي إستطاع أن ينجو من الضباب ليرجع ويبشر بقدومها ويحذر منها
*فريدة؛ الروح الفريدة التي كانت كبش فداء المجموعة في النهاية لينتهي الضباب وتعاد للحياة من جديد بشخوص آخرى.

لو إتكلمنا عن إمكانيات جيلان ككاتبة:
فالرواية بتدل على تمكنها من أدواتها لغة وإسلوب وطريقة في الحكي والسرد مميزين، تندرج تحت عدة أفرع فهي ديستوبية، واقعية سحرية، فلسفية.

حقيقي رواية رائعة بكل المقاييس

[Mohamed Sersawy · Rating 4 out of 5]

حوارى مع الأديبة جيلان الشمسي عن رواية "الطائفة" فى جريدة الأخبار
---------------------------------------
"جيلان" تغرق فى الخيال:
"الطائفة" تواجه ضباب الشمال!
هل يمكن أن تتحول عروس البحر إلى مدينة أشباح، وماذا يحدث إذا تحولت مدينة الإسكندرية إلى منطقة مهجورة، لا يرغب أحد من الناس فى الذهاب إليها؟، سؤال تحاول أن تجيب عنه الأديبة جيلان الشمسى عبر روايتها الجديدة "الطائفة" التى تحكى عن أعضاء منظمة "الطائفة" التى تحاول انقاذ الإسكندرية من الضباب الذى صار يحاصرها، وتقول جيلان عن الرواية -الصادرة عن دار العين للنشر-: فكرة الرواية قديمة جدا بداخلي، وقد بدأت الكتابة فيها فعليا منذ 2012، لكنها لم تكن بنفس الشكل الحالي لها، ولأنني ارتبطت –وجدانيا- بتلك الفكرة فقد تطورت في ذهني بمرور السنوات، واتخذت عدة أشكال وأفكار قبل أن تتحول إلى شكلها النهائي، توقفت عن إكمالها لفترة أثناء كتابة مجموعتي القصصية (كأن تنقصه الحكاية) التي صدرت عام 2018، ثم عاودت العمل فيها مرة أخرى، الفكرة الفلسفية التي كانت وراء أحداثها ظلت تطاردني لفترات طويلة، فكرة العود الأبدي كانت هي المحرك الرئيسي داخلي والمزج بين زرادشت وديونيسيوس، أردت أن أخط كل تلك الأفكار التي كانت داخلي، وهكذا نشأت رواية (الطائفة) شيئا فشيئا، وقد تحدثنا مع جيلان عن روايتها عبر السطور التالية:
جعلت مدينة الإسكندرية منطقة مهجورة، فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟
- الإسكندرية بالنسبة إلي ليست هي فقط المدينة التقليدية والبحر والأجواء المعتادة التي يحبها الجميع، أنا أحب الكتابة عن (إسكندريتي) الخاصة بي. إسكندرية بالنسبة إلي هي ذلك المنزل، ذلك المكان الذي تنتمي إليه بطريقة أو بأخرى، أحيانا تظهر بوضوح كما نعتادها، وأحيانا أخرى تتحول إلى مدينة أخرى ليست بشكلها التقليدي، الإسكندرية في الرواية هي بوابة لحلول الضباب من الجانب الشمالي إلى الجنوبي، كما هي في حقيقة الأمر تلك النافذةعلى مر العصور، تشكل الإسكندرية ركنا أساسيا في تفكير الطائفة، فتلك المدينة حتى وسط الضباب وتحولها إلى مدينة مهجورة ينزح سكانها إلى الجنوب، تشكل محورا أساسيا داخل شخصيات الرواية، كأنها ركيزة داخلهم لا يستطيعون التخلي عنها أو البعد لمكان آخر، فتتقاطع المسارات فيها طوال الوقت، تبقى الإسكندرية محورية رغم الضرورة التي تبدو ملحة لهجرانها، والابتعاد عنها. لكنها تشكل بطريقة ما المنزل الذي تحيا أفكارهم داخله.
الطائفة منظمة، انشأها بعض الشباب الجامعى، هدفها حماية المدينة من الضباب، فمتى يلجأ الشباب إلى مثل ذلك؟
- أفراد الطائفة كانوا مجرد أصدقاء يرون الخطر المحدق بهم طوال الوقت محاولين تنبيه الجميع دون أن يصدقهم أحد، لم تكن الطائفة منظمة بأي حال من الأحوال، بل كانوا طوال الوقت مجموعة أصدقاء يشكلون تجمعا خاصا بهم يحمل طافتهم وأفكارهم، طائفة تذكرنا بالطوائف التي اشتهرت مثل مانسون وغيره. مجموعة أصدقاء يؤمنون من داخلهم بأنهم حقا سيجدون الكتاب المفقود، يؤمنون بفكر فلسفي معين يجتمعون حوله وتتشكل علاقاتهم الشخصية طبقا له.
فكرتا: "الديستوبيا" و"المنظمات" تم تناولهما فى أعمال إبداعية سابقة قكيف استطعت أن تبتكرى رؤية جديدة لهاتين الفكرتين؟
- فكرة "الدستوبيا" في رواية الطائفة ليست قائمة على حدث يؤدي إلى نهاية العالم قدر ما هي في النهاية تقوم على فكرة فلسفية تؤدي إلى هذه النهاية تمهيدا لظهور عوالم أخرى، وليس الأمر هنا متعلقا بوباء، أو تغيرات مناخية أو ظهور كائنات فضائية، بقدر ما تقوم على فكرة العود الأبدي التي تحتم تكرار العالم، لم يكن الضباب هنا نتيجة لأية ظاهرة طبيعية أو غيرها قدر ما كان محركا لفكرة فلسفية كي تكون هي نتيجته وليس العكس. طوال الوقت يتحرك العالم الخاص بهم حول فكرة العود الأبدي كفكرة خالصة دون أي مؤثر خارجي.
قمت بتحويل الفيلسوف الألمانى نيتشه وزرادشت إلى شخصيات روائية، فما سبب انجذابك لهذين الشخصيتين؟
- (نيتشه) فيلسوف عظيم وطالما افتتنت به، حتى طريقة كتاباته لأعماله كلها لم تكن بتلك الطريقة الأكاديمية المجردة، قدر ما تحمل كلماته وسطوره ذلك الحيز الواسع من التأويل والتفكير، وليس باستنتاجات منطقية أو حجج كعادة الفلاسفة عامة والفلاسفة الألمان خاصة، منذ كتابه الأول (مولد التراجيديا من روح الموسيقى) تجد فيلسوفا عصيا على التصنيف في عصره وأن أعماله وحياته سلسلة متصلة وروحا واحدة لا تستطيع فصلها بعضها عن بعض، في رأيي بلغت ذروتها في كتابه الأشهر (هكذا تكلم زرادشت). "زرادشت" و"ديونيسيوس" تجدهما في جميع كتاباته، حتى لو لم يصرح بهم. "نيتشه" نجح في إعطاء إله إغريقي مثل "ديونيسيوس" بعدا فلسفيا مختلفا عن جميع التأويلات التي سبقته، وكذلك فعل في الحكيم الفارسي "زرادشت".
جعلت شقيقة نيتشة تشوه كتابه الآخير، هل الكتب الخالدة صارت أمرا مشكوكا فيها؟
- أحيانا تكون حقيقة الكتابات الخالدة خاضعة للشكوك خاصة، لو ظل المؤلف بعيدا عنها مدة طويلة في حياته، نيتشه كانت حياته سلسلة متصلة من المآسي، والبعض من كتبه الأخيرة لم تنشر إلا أثناء مرضه وبعد وفاته، لا يوجد كتاب خالد بالمعنى التقليدي، فأي كتاب قد يخضع للتغيير عن مخطوطته الأساسية سواء بفعل تغيير أحد قبل النشر أو حتى الترجمات التي كثيرا ما تغير من معنى الكتاب الأصلي، في الفلسفة للكلمة معنى محدد وواضح يختلف أحيانا من فيلسوف لآخر، لبعض الفلاسفة حتى مصطلحاتهم الخاصة التي تحمل معنى خاصا بهم مثالا لذلك الفيلسوف الألماني "هيدجر"، لذلك فأي تغيير طفيف يمكن أن يغير من الفكرة الفلسفية الأصلية تماما حتى لو تم دون قصد. في حالة "نيتشه" حاولت شقيقته "إليزابيث" فرض وصايتها على حياته كما فعلت مع كتاباته، ساعدتها في ذلك حالة الاضطراب التي اعترت الفيلسوف في سنواته الأخيرة.
- قالت إحدى بطلات روايتك: "كنت أستطيع خلق عالم آخر أكثر حقيقة، ووجودا من الخيالات التى تلاحقني، فكيف يحدث ذلك؟
- أحيانا يكون العالم الذي نشيده داخل عقلنا أكثر حقيقية من الواقع الذي نعيشه. طوال الوقت، أثناء حياتنا نحاول خلق صور في الحقيقة لتتشابه مع ما نعيشه داخل رؤوسنا، أحيانا نتمكن من النجاح، وفي أحيان أخرى نفشل في تحقيق ذلك، فنجد عزاءنا في ذلك العالم الذي شيدناه بأنفسنا داخلنا لنعبر به عن ذواتنا. في معظم الوقت تصبح الخيالات داخلنا أكثر حقيقية مما نعيشه حولنا، لكننا لا نتوقف عن محاولات تحقيق تلك الخيالات وإيجادا��ملامح المفقودة لذلك العالم الموجود داخل رؤوسنا.
- محمد سرساوى

[هبة بسيوني · Rating 5 out of 5]

من أجمل ماقرأت حديثاً ، رواية كُتبت بإحترافية عالية وبها جزء من روح الكاتبة وهي الكتابات الأجمل والي بتلمسني.متعة خالصة💜

[Youhanna William · Rating 4 out of 5]

الرواية متقسمة ل3 أجزاء من جوه وواضح جدا فلسفة الكاتبة بداية من اختيار أسامي الشخصيات الرئيسية زي كارما ومختار وفريدة وناجي. أعتقد أن لكل الاسم دلالة عن مصير الشخصية ودورها جوه الأحداث. الأجزاء اللي من كتاب نيتشه والرسائل فعلا ماشية متوازية مع الأحداث. الرواية مش مجرد فكرة يتحطلها أحداث مشوقة وتقفل الكتاب ومترجعلوش تاني. أنا حسيت أن كل فصل محتاج يتقري كذه مرة وأعتقد أن الرواية ديه مش من النوع اللي بعد ما تخلصها مترجعلهاش تاني, لا أنا شايف نفسي كمان سنتين أو أكتر راجعلها ومتأكد أني هكتشف فيها شيء تاني جديد.
عامة الروايات اللي بتعرض نفس الحدث من وجهات نظر مختلفة في رأيي ليها سحر خاص, والرواية ديه منهم.
يمكن الشخصيات كبناء زي مختار كان ممكن تاخد مساحة أكبر وصوتها من حتى أنها ذكورية نوعا ما فمش بتركز في تفاصيل معتقدش أن فيه ناس بتركز فيها أوي. لكن بغض النظر عن ده..كأول عمل روائي للكاتبة , الواحد متشوق للي جي فعلا !

[Mohmmed Osama Ahmed · Rating 4 out of 5]

#ريفيوهات
"الطائفة....ما بين الولادتين ورقصة لسيمليه"
- عندما قطعت جزءا بسيطا من الرواية، جذبني اسم إله النشوة في الميثولوجيا الإغريقية "ديونيسيوس"، إذ أنه مذكور أيضا في مجموعة "كأن تنقصه الحكاية " للكاتبة أيضا، ومنه كنت أفكر في التحدث عن الفكرة الرئيسية للرواية ثم المواضع المرتبطة، ومنها أيضا أسجل إعجابي للكاتبة التي التقطت فكرة متوارية لتصنع منها عالما مختلفا.

-إلا أن -وبدافع الفضول- وجدت في قائمة الفصول ما شد انتباهي، وعندما قاربت على الانتهاء من الرواية تيقنت أنني أمام ثنائية تجمع مسارات دائرية لا مفر منها، تنتهي وتولد كما ولدت أولا مرارا وتكرارا، وكما ولد ديونيسيوس مرتين.

-- إشكالية المبلغ
❞ شعر وقتها أنه كالإناء الذي يحمل داخله طوال تلك الأعوام الحكمة الأزلية للكون، لكنها أتخمته حتى صار لا يستطيع النطق بها. ❝

- ‏ولأن الفكرة تدور حول العود الأبدي، والتي مختصرها كل شيء يسير في مسار مغلق متشابه إلى أكبر حد تتصل نهايته ببداية جديدة، فلا عجب أن تكون الشخصيات -بالإضافة إلى إحساسها الداخلي بأنها مرت بنفس الحدث- متشابه دورها، ولذلك حين نضع شخصيات "ديونيسيوس ونيتشه وزرادشت ومختار وشتيفان " فإننا نرى مسارا لفكرة معرفة الإنسان الأعلى، الحكمة لمعرفة معاني الأشياء وخفاياها، والتماهي مع الطبيعة والوصول بذلك لقمة الانتشاء، كما ذابت كارما مع روائح العطر، وكما حرك صوت النهر نيتشه وجعله يفكر ويسود الصفحات، وأيضا كما انفتحت الأصوات والروائح وتزاحم الصدارة مع أبطال قصص "اختفاء عازف التشيللو وضفيرتان معلقتان من خصاص نافذة وأصداء مدينة بعيدة وسحابة برتقالية اللون" من مجموعة كأن تنقصه الحكاية، فتتشكل "وحتى إن كانت رائحة صدئة مليئة بالرماد" حين تمامها برقصة أثيرية يمتزج معها كل شيء، وحينها يرتقي الإنسان ويستطيع أن يرى وهج ملهمه الأول "كما رأى نيتشه وهج ديونيسوس في عين الحصان"، فيتحرر من سجن عقله بتلك الرقصة، ولا يدرك أنها النهاية كما فعل البهلوان وكما فعلت سميليه بالتحامها مع زيوس في قصة "مولد أول لديونيسيوس"، فيصل إلى الجنون غالبا الذي يحر.ق خلايا العقل، أو يبقى منغلقا في خياله محتفظا برقصاته "التي لا يفهمها العقل المجهد" بعيدا عن عالمه بولادة جديدة "كمختار ونيتشه" مشوهة كتمثال ديونيسيوس عند شتيفان ونظرة هيرا لديونيسيوس ذاته تنتظر أن تلتهمها قوى أكبر، لتعود لنقطتها مرة أخرى

- وما بين بلوغه تمام العلم وارتقائه وفهم معنى الإنسان الأعلى، وبين انغلاقه هذا، تتولد فكرة النذير، رغبة في أن يتشارك العالم ما اقتبسه، ويصلون للحقيقة التي وصلها، إلا أنه حين يقف أمام قومه يشكل هذا الارتقاء أزمة أمامهم، كأننا أمام سخرية معادة من قوم زرقاء اليمامة عليها وهي تنبئهم بسير الشجر، سخرية جامدة لا تتحرك لما وراء المعنى بل وتريد أن تنساه باللهو، ومنها تتولد الشفقة من جهة عليهم لأنهم لا يفهموه وعلى نفسه لأنه صار عاجزا بعلوه ومعرفته على مد يده ليصلوا إلى ما وصله.

❞ ‫ صورة أخرى نجدها في يوم آخر لـ(آينشتين) جالسا فوق صخرة أمام البحر واضعا ساقا فوق الأخرى أبتسم حين أراها تقترب مني مدام (منى) ممصمصة شفتيها "ياختي إيه الشبشب اللي لابسه ده". أقلب نظري بينها وبين الصورة ثم أجيب "بتبصي للشبشب، إحنا بنبص للي ورا الشبشب" ثم ململما أوراقي أستكمل "ده الفرق". ❝

قصة آينشتين- كأن تنقصه الحكاية

ملاحظة: كأنه لو وصفنا علاقة الانسان باللهو كتلاحم العشاق، فممكن أن يكون صوت الطفل "مش لايقين مش لايقين " في قصة 8 من 10 "مجموعة كأن تنقصه الحكاية " هو ذاته فكرة النذير لكن بتصريف قليلا

ولذا كان مفهوما أن نرى زرادشت يفضي بجداله مع القزم للبحارة، ونجد نيتشه يصنع كتاب "هكذا تكلم زرادشت" ويخفي بين السطور مراده، وهكذا كان شتيفان في آخر الأمر، يضعان ذلك أملا في فئة تتوسط طبقتهما بالعامة "ناجي ومختار وكارما وفريدة" تفهم ما وضعوه ومن ثم تنشره للعامة كما يفهموه

--لولا يهوذا...

❞ "إذا كان العالم احتاج يومًا للمسيح فإن وصم يهوذا بالخائن قد أوصله للخلاص ❝

وبالانتقال للمسار الثاني الذي يدور فيه "ناجي وإليزابيث ومليكة والفتى المجنون" وبقول شتيفان أن الضباب أو الإظلام هو إعادة بناء، فكان هؤلاء كلهم نتيجة تكرار المسار وتولد حب القدر داخلهم -والذي سنوضحه في فقرة تالية- أحبوا دور يهوذا وانجذبوا إليه، ورأوا أنفسهم "إن كان ظاهرا كناجي أو مخفيا كإليزابيث" متممين لصورة الصراع الأزلي، ويكون لولا النار ما كان الضوء، كما أن لولا يهوذا لم يصل المسيح للمكانة المخلصة -في العقيدة المسيحية- أو الرفعة والتطهير في العقيدة الإسلامية

-ولذا في تحريف إليزابيث لكتب أخيها واشعال ناجي الحرائق كان مفتاحا لتحريك المسار كما هو معروف، وهو إشباع الرغبة البحث عن المنجد أو المخلص الذي يعيد الأمور لاتزانها، ولعله يتجسد ذلك المخلص في ضباب رقيق يغمر النفس كوردة في أول الأمر، ثم يشتد..

- من غيرها يبقى العقل مجمدا خاويا كخواء مختار مع مليكة أو خواء الفتاة المريضة في قصة "فراشة للاحتراق "، ولذا لعبت الذكريات دور يهوذا لترقص رقصتها للخلاص مثلا "في هربها من النافذة"، ولذا نرى مليكة خاوية تماما بإنكارها للفكرة حتى النهاية "لأن حبها يعتبر مجرد تملك وتفريغ طاقة لا أكثر في رأيي"

--فاتي آمور "حب الضحية ومعرفة اللب"
❞ ‫ لكن الشجاعة هي أفضل قاتل، الشجاعة التي تهاجم. فهي تقتل حتى الموت؛ لأنها تقول لنفسها: "هل كانت تلك هي الحياة التي تتحدثون عنها؟ إذن يجب أن أعود مرة أخرى". وهكذا، من دون توقف". ❝

- كان لمساجلة زرادشت مع القزم مساحة لفهم معنى حب القدر، إذ أن الزمن -على حسب فهمي المتواضع- لزرادشت مساران ممتدان بتلاقي وتقاطعات ويحسمهما بوابة تسمى الحين، بينما للقزم هو مسار دائري، وأنا أرى الاثنان معا، ولكن المنظور طبعا يختلف، فالناظر للمسار من خطواته يستطيع أن يرى التفاصيل المنطوقة في كل ركن، يدرك معنى التكرار والعودة، والتشبع من النظرة العميقة للمسير، فيمتلئ بالشجاعة للعودة لنفس الحركة، ومنها نرى استمتاع فريدة ورقصتها وهي محترقة وشهادة البهلوان قبل موته، وشجاعة سيميله في "ميلاد أول لديونيسيوس " بوضوح لتكون أقرب لصورة حب القدر، وهو سبب نافذ لدوام المسار

وهنا ممكن أن نختتم بسؤال، هل من الممكن أن يكون مختار ضحية هو الآخر؟ وأنه دفع مثل موظف الحديقة في قصة "صلوات لديونيسيوس" بفضل فتنة الجسد "كارما" وبفضل المال "ناجي أو يهوذا" فصار صورة مشوهة تحل محل ديونيسيوس؟ كأنه مثل نيتشه حين وضع سعادته ضحية حين جسد الرابطة بينه وبين سالومي وبول ري في صورة، ونظر لخارجها بشكل مبهم؟ ربما

الخلاصة: رواية لطيفة جدا، استمتعت بها بخطوط حبكتها المحكمة وشخصياتها وعقدها، وأفادتني فلسفتها العميقة والبسيطة

[maged senara · Rating 3 out of 5]

"إنه شيء شديد التحامل علي أنني إنسان، ولكنني مع ذلك استطعت أن أعيش بين البشر، وصرت أعرف الأشياء التي يختبرها الإنسان، من أدنى الأشياء إلى أعلاها"
"القاهرة ليست للعناق. لا مكان للحب هنا"
...
العود الأبدي، الحياة التي تنتج نفسها بنفسها، الخلود بمعنى مغاير عن السائد، الدائرة، بعث متواصل، فكرة جريئة، عتمت عليها أخت نيتشه، أحد الفلاسفة الألمان البارزين، الذي حمل نقمة على العالم، أخلاق العبيد كما كان يسميها ليقوض أركان الفكر الغربي من خلال الهدم والبناء ويضرب المبادئ المسيحية الداعية للخنوع في مقتل، ثورية نيتشه على كل شيء كانت لافتة، وما لفتني أكثر هي لحظات الخضوع التامة لنيتشه في حضرة "سالومي"، الجانب الأكثر ضعفاً فيه، رهافة المشاعر، العشق المجنون، المس، الجزء الشاعري في نيتشه، والهوان الذي تعرض له، وهذا ما يبرر نظرة نيتشه التي تتسم بالعنف والنقمة على المرأة في الكثير من الأحيان.. "امسك لها السوط" كأكثر الجمل انتشاراً في التعبير عن نيتشه وعلاقته بالمرأة فيما بعد.. والحق أقول لكم كما يقول زرادشت أن هذا الأجزاء كتبت بسحر خاص وشاعرية في السرد مدهشة، وهذا يحسب كثيرا لجيلان..
على جانب آخر، الإسكندرية، مدينة الرب، اقترابها من الفناء من خلال الضباب، خاصة وأن الاسكندرية مهددة بالغرق فعلاً بسبب التغيرات المناخية، قد تختفي كما أشار "بوريس جونسون" رئيس الوزراء البريطاني السابق، لكن فكرة جيلان تحمل الهدم والبناء، الموت ثم البعث من جديد كالعود الأبدي، إشارة ربما لغضبها أو حزنها لما آلت إليه إسكندري�� وكيف أنها صارت مباحة مستباحة من الجميع، هذه المدينة الجميلة التي بناها الإسكندر لتحمل معاني التفرد، الفتنة، والخلود، وربما الحل يكمن في العود الجديد بعد هدم ودمار..
الطائفة، محاولة أخيرة لإنقاذ العالم، كارما، العاشقة التائهة، هي تعبير عن نيتشه بالنسخة الأنثوية، العشق مرة أخرى قد يكون هو الفخ، أو ربما الخلاص، مختار، الرجل الذي رأت فيه ديونيسيوس، إله الخمر، الرقص هو الخلاص، رقصة النهاية، والاحتراق يحمل معنيين، الدمار والتطهير، الإعادة لنقطة البداية، أن يعود كل شيء لأصله، والقاهرة عندما تكون مدينة للموتى، لا قلب لها.. تقهر الجميع..
المزج بين ديونيسيوس ونيتشه والطائفة، لمسة الواقعية السحرية، التضحية التي تجمع بين كل العناصر، توظيف المفهوم من خلال المسيح والصلب، إنها في النهاية تحمل خلاص البشرية، مشهد احتراق صديقة كارما، والحب الذي حرقها، ومختار الذي تخلى عن كل شيء عندما شعر بتجسد ديونيسيوس بداخله، فأراد الاتحاد برقصة في وسط النار والضباب ورائحة احتراق صديقة كارما...
ما يميز جيلان حقا هو تمكنها من اللغة، تطوعها بانسيابية ويسر وتشكل منها جملا سردية غاية في الإتقان والجمال..
ربما ما يعاب على الرواية النهاية، شعرت أنها نهاية مبتسرة ومصائر حائرة لم تصل لنتيجة، ربما قصدت بذلك كتعبير عن حيرة الإنسان في كل زمان ومكان، وحيرة الإنسان المعاصر بشكل أكبر وحالة التيه التي يعيش فيها الجميع، لكنني تمنيت بداخلي لو امتدت الرواية لصفحات أخرى لنرى النتيجة لكل ذلك، ونفهم بشكل أكثر عمقا واستفاضة فكرة العود الأبدي..
ومع ذلك، فالحق أقول لكم إنها رواية ممتعة.

[محمد أحمد فؤاد · Rating 5 out of 5]

ماذا لو أصبح كتاب (هكذا تكلم زرادشت) كتابًا مقدسًا؟!
وماذا لو أصبح نيتشه نبيًّا؟!
قد تبدو هذه الأسئلة عبثية، إن نظرنا إلى قول نيتشه نفسه الذي نصه: "انفضوا عني، ولا تعودوا إليَّ إلا إذا أنكرتموني".
هو لم يُرد أن يكون نبيًّا، ولا حتى صاحب مذهب فلسفي يجتذب إليه المريدين؛ بالرغم من أنه صاغ كتابه الأشهر على نهج الأناجيل. لعله عمد إلى ذلك بقصد السخرية؛ فللتعالق النصي أغراض كثيرة! هو على كل حال سار في حياته على نهج زرادشت في كتابه، مفضلا مخاطبة الأفراد على الجموع؛ لأن فمه لا يصلح لآذان القطيع.
رواية (الطائفة) تعيد خلق نيتشه، من خلال فرضية مفادها أن كتب نيتشه حُرِّفت، وأن المخطوطة الأصلية لكتاب (هكذا تكلم زرادشت) تحوي أسرارًا ومفاجآت، من شأنها أن تنقذ العالم؛ وذلك بالإسراع بإنهائه، عبر الضباب المجتلب بالحرائق المفتعلة/التضحية (التي بها ينتهي العالم وفق تصور هيراقليطس عن العود الأبدي. وقد أعجبني إسقاط هذا الأمر على مستقبل الحياة على الأرض، المهدد بالاحترار العالمي، الذي هو وجه آخر لانتهاء العالم بالنار، إيذانًا ببعثه).
تسود الرواية من بدايتها غرائبية، ذكرتني بروايتَيْ ساراماجو: (العمى) و(البصيرة)، وهي غرائبية موظفة بعناية، من خلال أسلوب يكتنفه الغموض، لإثارة شعور الرهبة بإزاء اقتراب النهاية، وبزوغ (الطائفة) التي تحمل إلى العالم الخلاص، وكذلك الاغتراب، الذي يتجاوز معناه الضيق، إلى أفق أنأى، هو اغتراب الإنسان الحديث عن الحياة، واغتراب العالم الحديث المشوَّه عن الكون برمته!
يتوازى السرد الروائي مع نصوص أدبية لنيتشه أو عن حياته، توحي بحتمية العود الأبدي، حين نوازن بين ائتلاف نيتشه وصديقه وحبيبته ومسار حيواتهم، ونواة (الطائفة) المصرية المشكلة من مختار وكارما وفريدة. كنت أفضل أن تُستبدل بالترجمة الحديثة لـ (هكذا تكلم زرادشت)، ترجمة (فليكس فارس)، الأجزل عبارةً والأسمى أسلوبًا؛ لأنها أكثر من الحديثة مشاكلةً للتصور التقديسي للكتاب، الذي تتمحور حوله الرواية.
"يصعب أن يتذكر الإنسان لحظة ميلاده، لكنه يعلم جيدًا الطريق الذي خطه لفنائه الخاص".
هذه في رأيي هي العبارة المحورية للرواية. فلا يمنع المستهزئين بالطائفة من تصديق العود الأبدي، غير نسيانهم لحظة البداية التي تمخضت عنها النهاية السابقة. وهاهم يسيرون إلى مصيرهم الذي اختطُّوه بأيديهم، ليعيدوا الكرَّة، للأبد. وقد جاءت بنية الرواية ملائمة لفكرتها الرئيسية؛ فهي تعرض الأحداث بالعكس، فلا نعلم كيف بدأت إلا في نهايتها، التي تستحثنا على العودة إلى البداية، لاستكناه حقيقة الأحداث... إشارة إلى دائرية الزمن وحتمية العود الأبدي عند نيتشه، واقتُبست في الرواية هذه العبارة من كتاب نيتشه لتأكيد هذه الفكرة: "ألا يمكن أن كل ما بصدد الحدوث، ويمكن حدوثه، قد حدث بالفعل؟! مر قبلًا؟".
رواية ممتعة ومشوقة، وتستحق القراءة غير مرة.

[نورهان البسيوني · Rating 5 out of 5]

“٤ أفراد تجمعهم أفكار فلسفية موحدة يقطنون فى مكان واحد متأثرين بفلسفة “نيتشه” باحثين عن خباياه فى كتابه المفقود لتأكيد نظريته “العود الأبدى” …هل سيجدوا ما يبحثون عنه أم سيتشتتون ؟رواية مزجت الفلسفة بجعلها مضمونها لتتطرق للقارئ كثير من الأسئلة داخل عقله …ذلك من خلال التنقل بين الأزمنة “الحاضر و الماضى “ من خلال عدة مدن ك الإسكندرية و برلين و إيطاليا و سويسرا خاصة فى ليالى الشتاء الباردة .
-عظمة الغلاف (عبد الرحمن الصواف).
- رواية فلسفية من الدرجة الأولى .
- تمكن فى اللغة ب إبراز المعانى و المشاعر …فصحى جميلة .
- -السرد سلس و ناعم يسترسلك بخفة لمعرفة نهاية الرواية .
- الوصف الدقيق و التفاصيل فى الأحداث …تحفة ، تجعلك تموج و تنقلب بين الصفحات .
- أعجبنى مكنون الفكرة “العود الأبدى” لنيتشه الممزوج ب “زرادشت” و “ ديونيسيوس “ : إلهه الإغريق .
- رمزية “الضباب” : قرب النهاية “ الموت “ و تنقل الضباب بين المدن الإسكندرية و برلين … وذلك يؤكد نظرية التكرار “العود الأبدى”
- أعجبنى تقنية تجميع المشاهد بمعنى كل مشهد يتكون من قطع صغيرة فى بداية الرواية إلا أن يكتمل كقطعة بزل .
- مفهوم أو مصطلح “الطائفة” بالنسبة لى كان جديد على … فيتسلل للقارئ سؤال …هل كل مجموعة من الناس لهم فكر و أسلوب مختلف يؤدى إلى نبذهم ب أساليب عنف و تنمر …أم نطلق لهم حرية التعبير ؟!
- وصف تفاصيل إسكندرية كانت رائعة … ووصف الإسكندرية بعلاقتها بالمدن الأخرى ص١٢٣ كان رائع .
- وصف الشجاعة ص ١٤٣ رائع .
- أعجبنى النبذة التى ذكرت عن “ديونيسوس “ و رمزية “مختار”ب “ديونيوسيس” و ذلك بالإضافة إلى إعطائنا نبذة عن الأبطال الإغريقيين ك “أخيليس” .
- فى آخر الرواية : تجد الماضى و الحاضر التقيا بتكرار الأحداث فتؤكد نظرية “العود الأبدى” قمة العبقرية حرفيا” …يرفع لكى القبعة .
- تقييمى ٥ /٥ .

[Kamel Elsheikh · Rating 4 out of 5]

كتابتها رقيقية كخطوات طفلة علي صلصال هناك فوق قلبي او ربما هو قلبي