إزاي ممكن بعد مرور السنين دي كلها على قرار التحفظ وتجربة السجن والظلم، أننا نتعزى بمذكرات السجين؟ وإزاي شخص في السجن اللي أتقال عنه إنه من أشد السجون في مصر كلها أنه يكتب تأملات يومية مع الله؟! والغريب أن في وسط الآلم اللي مَر به الأب يوسف أسعد لكنه كان بيشعر بالسلام الإلهي..
فترة قاسية في تاريخ مصر مر بيها القمص يوسف أسعد / كاهن كنيسة العذراء مريم بالعمرانية من يوم 3 سبتمبر 1981 إلى 12 يناير 1982 سجين في سجن التجربة بسجن المرج اللي بيذكر عنه أبونا يوسف على لسان أحد السجانين: وقد قيل لنا أنهم كانوا يريدون أن يذيقوكم الموت بلا موت، حيث الأطباء يعالجونكم لكي يزداد تذوقكم للموت! . . صلوات في السجن.. تسبحة ليلية يومية.. خدمة الكهنة والأساقفة المتحفظ عليهم للمساجين الجنائيين.. عشيات وتماجيد الأعياد والقديسين.. صلوات وتسبحة شهر كيهك/ديسمبر.. قداس عيد الميلاد المجيد.. كل الأوقات المباركة جدًا في السنة أتمها الآباء في سجنهم وأنا عشت معاهم كل صلاة بشعور عظيم! . .
من أعظم الصلوات المليانة تسليم ورجاء من داخل السجن اللي صلالها أبونا يوسف: نفسي تعبانة جدًا، لكن أشكر الله فالشكر في زمن الضيقة هو أفرح ذبيحة يفرح بها الله المحب. أعنّي يا رب لأشكر دائمًا فإن أي تضحية مهما كانت نفيسة قد يصاحبها الخوف مما يجعل الفرح هارب من القلب والجهاد. ولكن كيف الله الذي كله حب وحنان يطالبني بشيء ثم يجردني في النهاية من الفرح؟ إنني أقدم لك كل شيء حتى فرح لقاء أسرتي وشعبك وفرح الحياة العائلية والكنسية، أقدم لك هذا برضى وفرح..فقد أختبرت يا سيدي أنك لا تأخذ شيئًا دون أن ترد مكانه أشياء اخرى بسخاء وفرح. أناديك: كل ما يأتيني من لدنك أيها المبارك المحبوب دائمًا مباركًا مهما كان شاقًا . أنت الكريم في كل شيء وكريم ومبارك في مشيئتك. لأنها دائمًا مشيئة اللطف والرأفة مهما كانت قيادتك لي خلالها في طرق صعبة لا يتخيلها عقل أو يقوى على فهمها وتؤدي إلى اليأس والمر، إن ذبيحة التسليم والتسبيح تخفف حدة المرارة بل تغيّر طبعها لمذاقة الحلاوة.
كم أحببتك ياأبي وأحببتك بالاكثر حين قرأت مذكراتك وانت بداخل السجن وقلبك مفعم بحب الرب يسوع عريس نفسك الذي لطالما أحببته وحدثتنا عن محبته واخيرا استشهدت علي اسمه المبارك كم احببت صوتك الحلو ياابي الذي يعيد الي سلامي حين تنتزعه مني أعباء الحياة وثقلها صلي من اجلي واذكرني امام عرش النعمة واذكر الكنيسة التي احببتها أمام ربنا يسوع
كلام كُتب في عمق الألم وفي عمق مرارة السجن وفي عمق الظلم الرهيب، لكن ينقل لنا كم من العزاء لا يوصف، فالله لا يترك مختاريه بل يحارب عنهم وهم صامتون، وفي الوقت المناسب تمتد يد الله بالمعونة الإلهية لتقوي وتشجع وتعضد، في حماية الله وفي ستره نعيش وفي اتون النار نثق في وجوده وسطنا فلا نرهب ولا نرتعب ولا نخشي ماذا يصنع بنا الإنسان.