هاهي سريبرنيتسا تقترب ، في كل مكان خطت قدماه ، حيث جرت ، حيث اختبأت ، حيث توقف ليلتقط أنفاسه، حيث توقف قلبه مع كل دمدمة أرض حيث رأى جسده بلا ظل ، حيث هرب ظله وتركه وحيداً في بحر من الجحيم بين السماء والأرض . هاهي سريبرنيتسا تقترب أكثر فأكثر ، يمتد النصب التذكاري شامخاً بين الأرض والسماء ، يحمل أسماء الأكوام البشرية التي تم دفنها تحت جنح العالم الدامس ، ارتعد جسده قدماه ترتعشان برهبة اللقاء، جاشت روحه ، كل هذا الأمس الذي لم يمت ، وظله الذي وجده هنا ، لم يتركه قط ، سار هائماً لوحده في هذه الأرض ، ينتظر عودته إن عاد ، أو يظل هكذا ، ظلاً هائماً كروح معذبة المصير .