علي المستوي التقني/ الاقتصادي تحدد الحداثة نوع العلاقة الناشئة مع الطبيعة
ثمة تحديد واحد اليوم هو الشائع والبديهي، يتناول الحداثة بوصفها معرفة علمية محققة تساعد علي تنظيم الإنتاج عقلانياً، وذلك في سبيل إنتاجية تبلغ حدها الأقصي.
تتناول الرسالة في خمسة فصول وخاتمة الأنساق والتحولات الحداثية من خلال الطبيعة والكون والمعرفة وتأثيرها في تشكيل العقل الحديث، وبودلير بين الهالة والطريق، وفي الفصل الثاني يتناول نسيم ما يسميه بعقل الحداثة عبر أربعة محاور هي الحواجز المتجاورة، الحداثة المتأخرة، البيانات، المسرح، أقنعة المدينة، أما في الفصل الثالث الأصول والنماذج يتناول ما يسميه بالمشابهة والاختلاف، الجماعة المغلقة والهوية الفردية، ونقد العقل التوفيقي، التجربة بين اليومي والجزئي.
أما في الفصل الرابع الصلب والأثير فيتناول المكان والعلامات والراوي والمتطور، وصعود الفردية أم انكسارها، والصياغات النظرية. أما في الفصل الخامس والأخير الذي جاء تحت عنوان النص والسياق فيتناول نسيم حداثة النقد، قصيدة النثر، المدينة والحياة اليومية.
يشير المؤلف في حديثه عن أنساق وتحولات الحداثة إلي أن تحويل البيئة الطبيعية هو في أساس تغيير شروط الحياة المتعاقبة، في العصر الحديث، لم تعد الطبيعة رحم كل نظام اجتماعي وأخلاقي، لم تعد انعكاساً أو مقياساً للانسجام الأزلي، إنها مستودع القوي المنتجة التي يتصرف فيها البشر ويعطونها قيمة من خلال عمل مكثف ومنظم، ما دام الإنسان يتموضع في الطبيعة بل في مواجهتها، وما عاد يعد نفسه عنصرا من عناصرها بل سيد لها متابع من خلال عمله مهمة الخلق نفسها.
إن تقسيم العمل الذي تفرضه متطلبات الإنتاج غير تماما العلاقة التي يقيمها المجتمع مع الوقت، هذا الوقت الذي لم يعد محسوباً بإيقاع الأشغال والأعياد المتطابقة مع دورات الطبيعة، بل صار مقسماً ومقدراً وفقاً للمتطلبات الوظيفية للعقلية الإنتاجية.
وعي محمود نسيم أنه علي المستوي القانوني / السياسي تكمن الحداثة في الفصل القائم بين دائرة الحياة العامة ودائرة الحياة الخاصة، هناك من جهة، الدولة المتعاظمة المجردة، ومجموع قواعد القانون الشكلية التي تتناسب معها، ومن جهة ثانية، هناك الفرد وحرياته المحددة هي أيضاً بصورة مجردة.
ويري محمود نسيم أن هذه الازدواجية مجهولة من الأنظمة السياسية كلها، وقد أشار ماركس ـ حسب المؤلف ـ إلي التماثل الذي كان موجوداً بين حياة الشعب وحياة الدولة في القرون الوسطي، حيث كان الإنسان آنذاك هو مبدأ الدولة الحقيقي.
أما هذا الفصل بين الدولة السياسية والحياة الخاصة، فهو من مقومات الأزمنة الحديثة، وحين تختفي أو تضعف المراتب والجماعات المتوسطة والتجمعات البدائية للمجتمعات التقليدية، تنبسط سيطرة الدولة البيروقراطية وتقولب تبعاً لعقليتها الخاصة، قطاعات الحياة الاجتماعية كلها، وتقلص مدي السيادة التي لا تزال في حوزة التجمعات والأفراد.
ويري محمود نسيم أن الاستتباب يتحقق لنفوذ الدولة مع ظهور حداثة فلسفية تحققت مع كانط الذي يطرح العقل بين الذات والموضوع، أي بين الوعي وهو في الموقع المركزي والكون. وتكتمل هذه السيرورة المزدوجة فيما يمكن تسميته الحداثة النفسية ـ حسب نسيم ـ أي من خلال طريقة تساعد الإنسان علي مراجعة نفسه كفرد، وعلي العمل لاكتساب هويته.
حصل على الليسانس في الفلسفة من كلية الآداب - جامعة عين شمس 1980, والماجستير من أكاديمية الفنون بالقاهرة 1994. عمل مدرسًا بكلية التربية النوعية بطنطا والعباسية, وعضواً بلجان تحكيم وقراءة نصوص إدارة المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة. أسس مجلة (كتابات) مع الشاعرين رفعت سلام, وشعبان يوسف, كما أنه عضو مؤسس بجماعة (إضاءة 77). نشر قصائده في عدد من الصحف والمجلات المصرية, وشارك في أغلب المهرجانات العربية, والمحلية, كما ترجمت بعض قصائده إلى الإنجليزية. دواوينه الشعرية: السماء وقوس البحر 1984 - عرس الرماد 1989 - كتابة الظل 1995, وله مسرحية شعرية بعنوان: مرعى الغزلان. نال الجائزة الأولى للمجلس الأعلى للثقافة بمصر عن مسرحيته الشعرية (مرعى الغزلان) 1986, وجائزة سعاد الصباح عن ديوانه (عرس الرماد) 1991. عنوانه : 4 شارع أحمد ماهر - أرض النعام - القاهرة .