سيجد القارئ في هذه الرواية الكثير مما تمت الاشارة إليه من قوة الوصف والتصوير والقدرة على الإمساك بزمام تطورها وعدم الانزياح عن الخطوط التي يرسمها لها، والبناء النفسي لها بطبيعة الحال. البناء اللغوي؛ وما يتضمنه من قوة الجملة السردية وبلاغتها قدرتها على إيصال المعاني المنشودة، ورسم المكان والشخصيات وإيضاح الأفكار إلى جانب سلامة اللغة. الاشتغال الموضوعاتي؛ والذي يتركز على الخطوط والمحاور والموضوعات التي يعالجها الروائي في عمله، ومدى براعته في لإيفائها حقها. البناء التخييلي؛ وهنا يكون دمج العناصر الروائية كلها من أجل بلورة نص متخيل، سواء كان متكئاً على الواقعي أو التاريخي أو التخييلي، أو منطلقاً منهما ومازجاً بينهما، وتظهر براعة الروائي في سبك نصه بلغة سردية ناضجة لافتة... يضاف إلى هذه العناصر والتفاصيل، الاستعانة بالخبرة والذائقة والمتعة والفائدة التي يمنحها النص الروائي للقارئ المفترض بطريقة أدبية إنسانية راقية.. الأمر الذي يجعل منه نصاً إبداعياً يضاف إلى عموم المدونة الروائية العربية المعاصرة. لذلك ساهمت في تقديمه وتسليط الضوء عليه جائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع والتي تهدف إلى رعاية المواهب الطاقات الأدبية والنقدية العربية، مسلطة الأضواء علىأسماء أصحابها ودعمهم والعمل على نشر وتسويق الأعمال الفائزة وخدمتها إعلامياً، والسعي لنشرها في المحيط العربي والعالمي، حيث المتلقي في الطرف الآخر والتي تسعى الجائزة لأن تكون نافذته التي يطل منها على فيض الجمال العربي بنتاجات مبدعيه. لجنة تحكيم الرواية جائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع
رابع روايه اقراها للاستاذ هيثم الشويلي تتحدث الروايه عن مأساه عائله عراقيه الظروف اجربتهم ع العيش في حي الاكراد و تأثير حرب ايران \العراق ع حياتهم الروايه كتبت باسلوب ادبي جميل تعاطفت مع سعاد وتشردها من الطفوله
صارت نزيهة تتمايل على غنائه الجنوبي الشجي، تخيلتْ أن الزقاق كله ينصت لهذا الصوت الذي يخرج من حنجرة صبحي العذبة، رقصتْ ودارت حول نفسها كصوفي في حلقة ذكرٍ إلهية، كانت تدور حول نفسها وتتأمل الصوت الخارج منه، كانت تتصور بدورانها هذا أن تصل لدرجة الكمال من اللذة والنشوة، كانت أشبه بالكواكب التي تدور حول الشمس، صبحي لم يفكر في أي شيء سوى أنه كان يطلق العنان لصوته الذي كان أشبه بفرس أصيلة تسابق الريح، ثوبها الوسيع الشفاف المطرز بالورد والدانتيل المذهب كان يدور معها ويرسم بدورانه دائرة وسيعة، كان دورانها يزداد كلما خرجت من حنجرته بحة قوية لتمنح غنائه نكهة بطعم المتعة. تصورتْ نزيهة أن صبحي يتلو عليها بعضاً من آيات الطرب والغناء وهي تدور وتدور بفعل ما يمارسه هو من سحر بحقها، وصلتْ لمرحلةٍ من الأرق والتعب وتعرق جسدها وأصبح ينز بالمياه، حتى سقطت بين يديه من التعب، أنحنى عليها شمها وأغمض عينيه وتنفس من أنفاسها نفساً عميقاً جداً، وشعر برغبة كبيرة لتقبيلها، ومن غير أن يعلم بما يحصل له وهو منكب عليها، دنتْ شفاههُ من كرز شفتيها وحين لثمهما سافر عبر بساط خياله السحري إلى عالم آخر، عالم بعيد، بعيد جداً، ولما استجمعت نزيهة قواها بعد أن قضت ساعتها الأولى بالدوران والرقص على صوته، أمسكت بيده وجرته إلى غرفتها المليئة بالمسرات والملذات، هناك كان على مقربة منها، تحسس بيديه ولأول مرة شيئاً غريباً، طفح له قلبه من غير أن يدرك ما يضمره هذا الجزء من النشوة المخفية فيه، تصاعدت الحرارة في جسده وعاد مرة أخرى قلبه إلى نبضه المتسارع، أحمر وجهه، وتعرق جبينه، غاصا كلاهما بحرارة الفراش، وتاه أحدهما بالآخر، كان صبحي في كل لحظة يكتشف شيئاً جديداً بحياته لم يره، فتش في كل المسامات وأحصى كل المتاهات، وتوصل إلى مبتغاه ولحظة مناه، وتذكر في تلك اللحظة فريد الذي شدد عليه أن يغتنم الفرصة، وتأكد من صدق ما قاله أخوه بأن الفرص تمر مر السحاب. كانت تلك الليلة هي الطريق ليصبح بعدها صبحي من كبار المطربين الذين يتنقلون بحفلات الغناء المنتشرة في المنطقة، وكان الفضل الأول والأخير لنزيهة التي مهدت له الطريق وأزاحت عنه هذا الخجل الذي كان يأكل رأسه ويمنعه عن الخروج إلى الناس، اندهش كل الذين سمعوا غنائه العذب، وبات الجميع يتسابقون على إعداد حفلة خاصة له، نزيهة بعد تلك الليلة الأولى لم يرق لها أي فردٍ غير صبحي الذي أصبح نقطة تحول كبرى في حياتها، وبات لا يزورها أي شخص عند المساء سواه الذي كان يطربها بصوته من بداية الليل وينتهى بعد لقائهما فوق سريرها المنثور بالورد والعطر المستخلص من زهرة الجوري، هذه الطقوس استحدثتها بعد ليلة صبحي المميزة التي لم يستطِبْ لها من بعده أي رجل آخر، وكانت له حكراً من دون البقية، وأصبحتْ تغار عليه حتى من النسمة وتراقب كل تحركاته، وكان هو يبادلها الشعور نفسه، فكان يراقبها حين تخرج من البيت إلى سوق الصدرية للتسوق، ويغار عليها كما تغار هي عليه. أصبح كلاهما لا يفارق الآخر، وكأنما خُلقا لبعضهما البعض..