لم يكن للكتاب نص خلفي كملخص، لذا سنختار منه مستخلص: نحن لم نعد نؤمن بسلطة رجال السياسة كثيرا، مقابل ازدياد إيماننا برجال العلم. والآن نحن نشكك في الوعي الأخلاقي لدى العالم!!. تساءل مرة "جورج شاربونيه"، في حواره الشهير مع "ليفي شتراوس": لماذا وضع رجل القانون نظرية التعسف في تطبيق القانون؟ وكان جوابه: "لأن التعسّف يبدأ مع استخدام القانون". والحال -كما يرى شاربونيه- أنّ نظرية التعسّف ليست موقوفة على القانون، بل تنسحب على المعرفة كلها، فالتعسف في المعرفة يبدأ من استخدامها أيضا. ومن صور التعسف في المعرفة ألا يمتلك صاحبها تصورات ناضجة عن الواقع والزمان والسياسة والمجتمعات والإنسان، لتكون ثمرة ذلك كله أحكاما قاصرة عن فهم الأحداث، ورؤى تتورط في أفعال مؤداها خراب البلدان وإتلاف الأرواح والأجساد.
رغم أن الحوار يدور بين عملاقين، إلا أننا يمكن تصنيف ماقرأنها بالفلسفة، والرأي القائم على الملاحظة والمراقبة، المستندة على المعرفة، لذا فهي آراء قابلة للتحديث والتطوير والإضافة، والالتحام مع الأسس الفكرية لكل مجتمع.