طِرتُ حماساً عندما وصلت الشُحنة التي تحوي هذا الكتاب فالعنوان يحوي فكرة غاية في الجمال والإبداع ولكن بدأت ذلك الحماس يبهت شيئاً فشيئاً حينما تصفحت الفهرس ووجدت أن أول مئة صفحة هي عبارة عن مقدمات وإن كانت مرتبطة بالموضوع بشكلٍ أو بآخر لكنها ليست ما أبحث عنه كقارئة من عنوانٍ كهذا تنفست الصعداء وقلت سأصبر ريثما أنهي تلك المئة صفحة الأولى وأحث طريقي إلى غايتي فيما أرومه بعدها قرأت المئة صفحة وكان مليئة بالحشو والإعادة - مع إحسان ظني بالكاتب- إلا أنه لم يسعني إلا أن أفكر أنه أراد إطالة الكتاب بهذه الطريقة بعدت عليّ الشُّقة كثيراً خلالها ثم أنهيتها نعم كان بعض ما قرأته منها مما أثر فيّ وذكرني والحمدلله لكن الحكمة وضع الشيء في موضعه وهذا ليس موضعها وقد ذكر الكاتب في مقدمته أنه بوّب لهذه العناوين في كتاب آخر مختص بها فلم أفهم لما أعادها هنا مرة أخرى بهذا الكم من الإستطراد وصلت بغيتي وبدأت في العناوين المباشرة للكتاب ولكن لم يتغير شيء أسلوب الكاتب هو هو الكثير من التشعب والحشو مما لا طائل منه سوى إملال القارئ من كتاب ظن أنه ربما سيغير حياته،تطرق عجيب لمواضيع مختلفة لا تمت للكتاب بصلة ووضع شخصيات أرى أن الأولى حذفها بحيث أن المذكور عنها مجرد ترجمة لها من كبار العلماء مع إسهاب في موضوع أخر مع سطرين متعلقة بحاله مع القرآن
حبذا لو أُصدِرت نسخة جديدة منقحة من الحشو خالية من تلك المئة صفحة التي ليس هذا موضعها وحذف كثير من التشعبات داخل مقال كل شخصية والإقتصار على ماهو مباشر في موضوع الكتاب تقلص الكتاب إلى ٢٠٠ صفحة مثلاً خيرٌ من ٥٠٠ صفحة بهذه الطريقة الكتاب به فائدة كبيرة وكنها لم تُخدم من الكاتب بصورة حسنة...
صور مشرقة واحوال مرضية من حياة السلف مع كتاب الله عزوجل تلاوة وحفظا وتدبرا والعمل به، نماذج ربانية تحتذى بيهم وأئمة يقتدى بهم.
تحدث المؤلف بين يدي الكتاب عن فضل وجلالة القرآن وتدبره وعناية السلف به ومسائل تتعلق بالتعامل مع كلام الله، ثم بدء يرصد احوال السلف مع القرآن وفي مقدمتهم رسولنا وقدواتنا ثم الخلفاء والصحابة الكرام والصحابيات والتابعين ومن تبيعهم من الأئمة القراء المشهورين. لكن الكتاب في الحقيقة ليس بالمعنى الدقيق لبيان حال السلف وكثير ما يخرج عن الموضوع.
الغاية من إنزال القرآن الكريم ليست حفظه فقط، أو فهم معاني غريبه وحفظ تفسيره، بل أن ينتفع العبد المؤمن بآيات القرآن إلى الحد الأقصى، فالقرآن الكريم دليل ومُرشد للأخلاق الحسنة و الأعمال الصالحة، فمنه نعرف أسباب القبول وموانع الإجابة، وفي هذا الكتاب ذِكر حال السلف الصالح مع القرآن وكيف أنهم لم يقتصروا على حفظه فقط بل فهموه و تدبروا آياته وهذا كله من توفيق الله لهم. قال الفضيل بن عياض : (حامل القرآن حامل راية الإسلام ،لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن). ___ قال ابن مسعود رضي عنه (إن معاذ بن جبل كان أمة قانتاً لله حنيفا، الأمة : الذي يعلّم الخير و القانت : المطيع لله وكان معاذ يعلم الناس الخير و مطيعاً لله ولرسوله). قال النبي ﷺ لمعاذ بن جبل (أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) . ___ من أدعية السلف : اللهم أخرجني من النار سالما، و أدخلني الجنة غانما. ___ قال الربيع بن خثيم رحمه الله (( إذا تكلمت فاذكر سمع الله إليك، و إذا هممت فاذكر علمه بك، واذا نظرت فاذكر نظره إليك، و إذا تفكرت فاذكر إطلاعه عليك فإنه يقول ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ )) ___ قال طلق بن حبيب رحمه الله ( التقوى : العمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك المعاصي على نور من الله مخافة عقاب الله ). ___ إن الأمثلة على دقيق استدلال محمد بن كعب القرظي – رحمه الله تعالى -بالآيات كثيرة مما يدل على علمه بتفسيرها ومعرفة معانيها وما يفتح الله عليه من دقائقها ولطائفها، ومن ذلك : أنه قال: «لو رخص الله لأحد في ترك الذكر الرخص لزكريا - عليه السلام - قال الله تعالى: ﴿ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُر رَبَّكَ كَثِيرًا ﴾، ولو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص للذين يقاتلون في سبيل الله، قال الله تعالى: ﴿ يَتَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ ___ من تدبرات إبراهيم بن يزيد التيمي رحمه الله تعالى ( ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف أن يكون من أهل النار؛ لأن أهل الجنة قالوا : ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾. و ينبغي لمن لم يشفق أن يخاف ألا يكون من أهل الجنة؛ لأنهم قالوا : ﴿ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴾).
( ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا ) - البخاري في كتاب الإيمان باب خوف المؤمن من أن يُحبط عمله وهو لا يشعر،عن إبراهيم التيمي. ___ قال بعض السلف عن الموت ( تذكر الموت يردع عن المعاصي و يليّن القلب القاسي ،و يُذهِب الفرح بالدنيا و يخوّن المصائب فيها) أيضًا قال كرز بن وبرة رحمه الله تعالى ( شيئان قطعا عني لذاذة الدنيا : ذكر الموت و الوقوف بين يدي الله عز وجل) ___ قال مكحول الشامي رحمه الله ( أربع من كن فيه كن له، وثلاث من كن فيه من عليه، فأما الأربع اللاتي له : فالشكر و الإيمان و الدعاء و الاستغفار، قال الله تعالى :﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ ﴾ ،وقال :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾،و قال :﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾. و أما الثلاث اللاتي عليه : فالمكر و البغي و النكث ،قال الله :﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ ،وقال سبحانه :﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾،وقال :﴿ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾.)
___ اهمية اللغة العربية: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ان نفس اللغة من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب و السنة فرض، ولا يُفهم الا بفهم اللغة العربية، ومالا يتم الواجب الا به فهو واجب) ___