هذا الكتاب المُسمَّى أنيس الجلساء في شرح ديوان الخنساء هو طبعة لديوان شعر تُماضِر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السُلمية، المعروفة في التاريخ باسم الخنساء (وتعني ذات الأنف القصير كما في الظباء)، وهي تُعتبر واحدة من رواد الشعراء في الجزيرة العربية في أواخر فترة ما قبل الإسلام. اعتنقت الخنساء الإسلام بعد لقائها بالرسول محمد (ص)، الذي قِيل أنه أُعجِب بشِعرها. ويرجع تقدير معاصريها ومن أتى بعدهم لشِعرها إلى حد كبير إلى قوة رثائها. وقد قُتِل شقيقاها في الحروب القَبَلية قبل اعتناقها الإسلام. كما مات أبناؤها الأربعة في الحرب من أجل العقيدة الجديدة بعد اعتناقها الإسلام. وقد أُعيدت طباعة ديوانها عدة مرات. وذكَر الأب لويس شيخو، محرر هذه الطبعة لعام 1895، في فقرة تمهيدية منمّقة، أن شعر الخنساء "أشعل الحسد في نفوس [الذكور] من شعراء العرب ورفع رؤوس جميع النساء في فخر." بدأ شيخو دراسته لأعمالها بمجموعة نُشِرت في وقتٍ سابقٍ في 1888. ولا تكمُن أهمية هذه الطبعة في تقديمها لمجموعة أشمل من شعر الخنساء وشروحاته الكلاسيكية فحسب، وإنما لأنها تُقدِّم كذلك نظرة لصيقة على الطُّرق التي استخدمها هذا المستشرق الشهير في البحث عن المخطوطات المفقودة وتمحيصها وتقديم شروحٍ تُفسِّر المتن وتربطه بشكل شامل بمصادره التاريخية والأدبية والمعجمية. كان شيخو معلماً للمستعرب الروسي المتميز آي. واي. كراتشكوفيسكي، الذي كتب في مذكراته عن سعادته المفاجئة وخيبة أمله فيما بعد عند اكتشافه أنه ومعلمه كانا يعملان على الشاعرة العربية نفسها.
هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الثُّريد، الربّاحية السَّلميّة، من بني سليم، من قيس عيلان، من مضر، أشهر شواعر العرب، وأشعرهن على الإطلاق، من أهل نجد، عاشت أكثر عمرها في العهد الجاهلي، وأدركت الإسلام فأسلمت. وفدت الخنساء على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع قومها بني سليم، فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستنشدها ويعجبه شعرها. أما أكثر شعرها وأجوده رثاؤها لأخويها (صخر ومعاوية) وكانا قد قتلا في الجاهلية. وكان للخنساء أربعة أولاد شهدوا حرب القادسيّة مع المسلمين ضدّ الفرس والتي انتصر فيها المسلمون، حيث جعلت تحرضهم على الثبات حتى استشهدوا جميعهم. توفيت الخنساء سنة 24 هـ الموافق 645م.
لا شك أن أعظم شاعرات العرب والمستعربين في الجاهلية والإسلام، قديماً وحديثاً، هما: الخنساء، وليلى الأخيلية، وإن كانت الثانية منوعة الأغراض بينما ينحصر شعر الخنساء - تُماضِر بنت عمرو بن الشريد - في الرثاء، وأكثره رثاء لأخيها صخر، ثم لأخيها معاوية وزوجها المرداس بن أبي عامر السُلَمي
تلاحظ في رثائها تكرار المعاني والصفات التي تصف بها أخيها، لكنها بديعة ومتفننة في إلباس تلك المعاني ألواناً شتى من الألفاظ والقوافي والبحور؛ فلا تشعر معها بالملل.. وفوق ذلك تجد المعاني التي تصفها، عالية نبيلة، جديرة بالاعتبار مع سهولة الألفاظ في الغالب
والخنساء، شاعرة مخضرمة، أعني أدركت الجاهلية والإسلام، وقالت الشعر فيهما، فديوانها له مكانة ومنزلة