يمكنك أن تبدأ في الرسم في أي مرحلة من حياتك ، و حين تتكالب عليك الحياة ، رُبما توقفت مؤقتًا ، يسمونه إرهاق الألوان ، لكن حين يرفض الجميع ما ترسمه من لوحات ، و ترفض بدورك رفضهم لك ستبدأ في الكتابة . ضجيج بملئ الكون يسكن جنبات رأسك حتى حواف الجنون ، كإنذار الأرض قبل أن تبدأ في الإنفجار .. هزة عنيفة ، ثم تنبعث الحمم من البؤرة الضعيفة ، و إن لم تسمح للسائل المُنصهر بالخروج لن يرحمك الصُداع . لُهاث، ثرثرة غير مفهومة ، تركض داخل دائرة و قبل بلوغ نهايتها تكون بالفعل داخل واحدة أكبر ، أكثر إثارة ، و أعمق . سيحدث الأمر في تسلسل كلاسيكي ، حتى يبلغ الحُزن منتهاه .. هناك وقتٌ يكون فيه تناول الطعام مناسبًا تمامًا لحالة الجوع ، ستأكل بشهية وسعادة مهما كان الطعام قليلًا ، أو حتى بلا طعم .. هذه اللحظة إلى نهاية بالتأكيد .. ستذهب لتملأ طبقًا آخر ، ستضعُ شرائح الخس ، بكميةٍ أكبر ، مغسولةً بعناية ، قطعةً كبيرةً من فطيرة الجبن التي أوشكت على الإنتهاء ، و قبلَ أن تمرَّ دقيقةٌ كاملةٌ تشعر أنك فقدت الرغبة أو الفرح ، أو الألم أو الأمل أو الإحباط ، كخيالٍ جريح يشد بعضه بعضً
بعد قراءة المجموعتين القصصيتين"نصف تُفاحة" و "حذاء يدوي الصنع" أعود مرة أُخرى لقراءة تجربة مختلفة للكاتبة، ذات طابع يتمايز بالفلسفة، ومزج بين عدة حالات نفسية مُختلفة، نجح الكاتب أن يُعبر عنها على طريقة فن الكولاج أدمج الكاتب وحدة اللون، مع وحدة النص فى كل صورة سردية بشكل مُنفصل، أستخدم فيها الكاتب ثلاثة عشر لونًا للتعبير عن كُل صورة حياتية "فلسفيًا" بلون خاص، يليق بها.. الأمر الذى سيجد القارئ بعد قراءته لكل لونِ أنه كان لا يُمكن بأى حال من الأحوال أن يختار الكاتب لونًا آخر غير الذى أستعمله فى التعبير عن نصه بل منح الكاتب القارئ، مساحة يتفاعل بها مع لونهُ، فإن لم يجد، سيدخل من ضمن صور الألوان المُحايدة، ويمزج اللون الذى يهتدى إليه ، لذلك بدورى قُمت بأختيار مجموعة من الألوان التى وجدتها تُعبر عني، وتأثرت بفلسفة الكاتب بها
[أبيض] لون الحلم، ولون الحُب، لون النجاح عبرت الكاتبة عنه، فى صورة سانتا محقق الأمنيات، رغبة كل طفل أن يجد أمنيته، تسقط عليه فى صورة هدية من النافذة لكن هُنا جاء سانتا بثلاثة أزمنة مختلفة فقد أرتأت الطفلة أن دور سانتا الحقيقى لا ينحصر فى فقط فى جلب الهدايا، بل يمنح البقاء لأحبابها، خوفًا من فقدانِهم ونجد ذلك فى أكثر من جملة مثل (أحب "بابا" و"ماما" جدًا جدًا، ولا أريد لهم الموت أبدًا) (لست أريد منك سوى أن ترعى جدتى!) ثم جاء سانتا مرة أخرى، كمحقق للنجاح، أرادت منه الشابة أن يمنحها( فرصة حقيقية، كى أثرثر للساهرين ببعض الشعر والحكايات الطريفة ... إلى أنتظر ردّك) وأخيرًا، جاء سانتا فى صورة كيوبد، أرادت بطلة النص، أن يمنحها ما تبقى من الأمنيات، الحُب، طوق النجاة الوحيد لكل الأمنيات الغارقة منذ طفولتها .وفى هذة الصور الثلاثة، عبرت الكاتبة ببراعة عن فلسفتها، بصوت عالى "أن الله لا يتجسد" وأن الإنسان ينتهى إلى ما قُدر له فى النهاية
[رمادى] لون الضجيج، لون الحزن ولون الذكرى.. عبرت البطلة عن مشاعرها، بين الماضى والحاضر.. الحاضر المليئ بالضجيج الغير مفهوم، وفقدان الرغبة فى كُل شئ، والكبت وهذا التقلب أستحضر معه كابوس، ترى فيه البطلة نفسها بالسقوط، وربما هذا السقوط هو نوع من معاقبة الضمير ولومِها عن ذكرى، أرتبطت عندها بألم أحدثته لجدتها من قبل. والمتمعن فى النص، سيرى إستحضار حالة الفخر بالإنتماء لهذة الجدة فى الحاضر وتشابه الشخصيتين بين الحفيدة والجدة وحالة الفقد المستمر لصورة هذة الجدة فى الماضى
[أزرق] لون الخيانة.. فى صورة سريعة عرضت الكاتبة مسرحية سريعة بين إمرأة يخونها زوجها مع خادمة، وليس بشرط أن تكون الخادمة هنا كتعبير عن المهنة بالمعنى الحرفى، بل لأن الخادمة صورة أرتبطت كثيرًا بالأذهان بخيانتها مع الزوج.
[بني] لون العتاب.. أنا هنا، قالت البطلة، أستعرضت أية الجمال فى نفسها ثم وجهت التساؤل إن كان الجمال فتنة، فما ذنب التى ولدت به، أنا هنا الجمال جزء من شخصيتي، وحريتى لجسدى حق، مثلما هو حق للرجل؛ ثم تسائلت لحبيبها إن كان الجمال هو إتهام بالفتنة، كيف يقتلها لجمالِها ويتهمها بالخيانة ولا يستأثر به لنفسه، ويحرص على إزدهاره شيئًا فشيئًا!! من أنت، عتاب شديد ونقم، ودت البطلة لو تصفع حبيبها رحمة بكبريائها وشوقها، الذى لا يقدره الآخر، ثم تبين الكاتبة، صراع الإقدام الإحجام، بين شوق وغضب، لهفة وعتاب، رغبة ونفور، إهتمام وزهد، يأس ورجاء ويظهر ذلك الصراع بصورة رائعة مثل (اصفعنى بقوة واجعل علامات أصابعك أخاديد بوجهي فتظل عالقة لو غِبت أنت... أنا لا أراك ولا أرانى)
[ذهبى] لون التساؤل.. من أنا تسائلت بالبطلة عن نفسها فى عدة حالات .. صلب ، سائل، غاز ؛ هل هى ذلك الجسد المجرد الذى يستحم، أم ذلك البخار المُتشكل على المرآة، أم ذلك الظل المنعكس صورته على البلاستيك تسائلت لِم لم تركن إلى واحدة من هؤلاء، وكيف ستتعرف إلى صورتها بعد ذلك. لكنها فى النهاية، أرتأت ان تعانق ذلك البخار المتشكل بصورتها على المرآة والإستسلام لها والإندماج معها.
[ُقوس قزح]
الصورة المعبرة عن المزج، والمجمعة لألوان النصوص كُلها، لقد رأيت فى كل لون من الألوان حالة الفقد المصاحبة لرغبة أو عاطفة أو ذكرى ما، وهذة الحالة كان لابد فى النهاية، أن تتوقف حتى لا تستمر الألوان بالتدفق لونًا بعد لونًا، وتمتزج الألوان مشكلة ألوان أٌخرى إلى ما لا نهاية، وهنا جاء قوس قزح معلنًا عن إمتصاصه لكل ألوان البطلة فى كل نص، كأن الألوان هى نهر يستمر بالتدفق، وقوس قزح هو المصب فى النهاية، أو نقطة فاصلة لنص آخر، يستطيع من خلاله الكاتب أن ينقل بطله من عالم الألوان وما تعبر عنه، إلى عالم آخر ومجموعة نصوص أٌخرى وقصص أخرى ونرى أن الكاتب حافظ على رابط الحزن الذى تلتف حوله الألوان كلها، بإلحاق وصف الثعلب الحزين، عند حديثه عن صديق البطلة الوهمى، كتعبير عن إستمرارية الحُزن القادم من "أبيض"و"رمادى" وربما يكون الثعلب الحزين هو بطلًا آخر، تداخلت فيه الألوان كلها، حتى أضفت عليه البطلة شيئًا من القداسة،او ظهر فى صورة الناسك، لتسأله فى النص أسئلة عن الخلق والحياة والموت. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لقد صحبنى الكاتب، لعدة حيوات من خلال كل لون على حدى وعبرعن الحياة بما فيها من سعادة وحزن وحب وإشتياق وذكرى وألم بصورة ممتازة، وجائت فكرة الألوان ليضيف للمجموعة طابع خاص غير إعتيادى، مختلف عما أستخدمه كتاب آخرون فى التعبير عن الحياة، بالصورة التى تأثرت معها، أحببت ألوانًا ووقفت عند ألوانًا أخرى، وتسائلت عند محايد وأفترضت ألوانًا له من مخيلتى وأنصح بقراءته بتمعن. وأنهى عند جملة كنت أرددها مع كل نص.
" بعد رسم الكثير من اللوحات لن يسألك أحد لمن هذة "
Merged review:
بعد قراءة المجموعتين القصصيتين"نصف تُفاحة" و "حذاء يدوي الصنع" أعود مرة أُخرى لقراءة تجربة مختلفة للكاتبة، ذات طابع يتمايز بالفلسفة، ومزج بين عدة حالات نفسية مُختلفة، نجح الكاتب أن يُعبر عنها على طريقة فن الكولاج أدمج الكاتب وحدة اللون، مع وحدة النص فى كل صورة سردية بشكل مُنفصل، أستخدم فيها الكاتب ثلاثة عشر لونًا للتعبير عن كُل صورة حياتية "فلسفيًا" بلون خاص، يليق بها.. الأمر الذى سيجد القارئ بعد قراءته لكل لونِ أنه كان لا يُمكن بأى حال من الأحوال أن يختار الكاتب لونًا آخر غير الذى أستعمله فى التعبير عن نصه بل منح الكاتب القارئ، مساحة يتفاعل بها مع لونهُ، فإن لم يجد، سيدخل من ضمن صور الألوان المُحايدة، ويمزج اللون الذى يهتدى إليه ، لذلك بدورى قُمت بأختيار مجموعة من الألوان التى وجدتها تُعبر عني، وتأثرت بفلسفة الكاتب بها
[أبيض] لون الحلم، ولون الحُب، لون النجاح عبرت الكاتبة عنه، فى صورة سانتا محقق الأمنيات، رغبة كل طفل أن يجد أمنيته، تسقط عليه فى صورة هدية من النافذة لكن هُنا جاء سانتا بثلاثة أزمنة مختلفة فقد أرتأت الطفلة أن دور سانتا الحقيقى لا ينحصر فى فقط فى جلب الهدايا، بل يمنح البقاء لأحبابها، خوفًا من فقدانِهم ونجد ذلك فى أكثر من جملة مثل (أحب "بابا" و"ماما" جدًا جدًا، ولا أريد لهم الموت أبدًا) (لست أريد منك سوى أن ترعى جدتى!) ثم جاء سانتا مرة أخرى، كمحقق للنجاح، أرادت منه الشابة أن يمنحها( فرصة حقيقية، كى أثرثر للساهرين ببعض الشعر والحكايات الطريفة ... إلى أنتظر ردّك) وأخيرًا، جاء سانتا فى صورة كيوبد، أرادت بطلة النص، أن يمنحها ما تبقى من الأمنيات، الحُب، طوق النجاة الوحيد لكل الأمنيات الغارقة منذ طفولتها .وفى هذة الصور الثلاثة، عبرت الكاتبة ببراعة عن فلسفتها، بصوت عالى "أن الله لا يتجسد" وأن الإنسان ينتهى إلى ما قُدر له فى النهاية
[رمادى] لون الضجيج، لون الحزن ولون الذكرى.. عبرت البطلة عن مشاعرها، بين الماضى والحاضر.. الحاضر المليئ بالضجيج الغير مفهوم، وفقدان الرغبة فى كُل شئ، والكبت وهذا التقلب أستحضر معه كابوس، ترى فيه البطلة نفسها بالسقوط، وربما هذا السقوط هو نوع من معاقبة الضمير ولومِها عن ذكرى، أرتبطت عندها بألم أحدثته لجدتها من قبل. والمتمعن فى النص، سيرى إستحضار حالة الفخر بالإنتماء لهذة الجدة فى الحاضر وتشابه الشخصيتين بين الحفيدة والجدة وحالة الفقد المستمر لصورة هذة الجدة فى الماضى
[أزرق] لون الخيانة.. فى صورة سريعة عرضت الكاتبة مسرحية سريعة بين إمرأة يخونها زوجها مع خادمة، وليس بشرط أن تكون الخادمة هنا كتعبير عن المهنة بالمعنى الحرفى، بل لأن الخادمة صورة أرتبطت كثيرًا بالأذهان بخيانتها مع الزوج.
[بني] لون العتاب.. أنا هنا، قالت البطلة، أستعرضت أية الجمال فى نفسها ثم وجهت التساؤل إن كان الجمال فتنة، فما ذنب التى ولدت به، أنا هنا الجمال جزء من شخصيتي، وحريتى لجسدى حق، مثلما هو حق للرجل؛ ثم تسائلت لحبيبها إن كان الجمال هو إتهام بالفتنة، كيف يقتلها لجمالِها ويتهمها بالخيانة ولا يستأثر به لنفسه، ويحرص على إزدهاره شيئًا فشيئًا!! من أنت، عتاب شديد ونقم، ودت البطلة لو تصفع حبيبها رحمة بكبريائها وشوقها، الذى لا يقدره الآخر، ثم تبين الكاتبة، صراع الإقدام الإحجام، بين شوق وغضب، لهفة وعتاب، رغبة ونفور، إهتمام وزهد، يأس ورجاء ويظهر ذلك الصراع بصورة رائعة مثل (اصفعنى بقوة واجعل علامات أصابعك أخاديد بوجهي فتظل عالقة لو غِبت أنت... أنا لا أراك ولا أرانى)
[ذهبى] لون التساؤل.. من أنا تسائلت بالبطلة عن نفسها فى عدة حالات .. صلب ، سائل، غاز ؛ هل هى ذلك الجسد المجرد الذى يستحم، أم ذلك البخار المُتشكل على المرآة، أم ذلك الظل المنعكس صورته على البلاستيك تسائلت لِم لم تركن إلى واحدة من هؤلاء، وكيف ستتعرف إلى صورتها بعد ذلك. لكنها فى النهاية، أرتأت ان تعانق ذلك البخار المتشكل بصورتها على المرآة والإستسلام لها والإندماج معها.
[ُقوس قزح]
الصورة المعبرة عن المزج، والمجمعة لألوان النصوص كُلها، لقد رأيت فى كل لون من الألوان حالة الفقد المصاحبة لرغبة أو عاطفة أو ذكرى ما، وهذة الحالة كان لابد فى النهاية، أن تتوقف حتى لا تستمر الألوان بالتدفق لونًا بعد لونًا، وتمتزج الألوان مشكلة ألوان أٌخرى إلى ما لا نهاية، وهنا جاء قوس قزح معلنًا عن إمتصاصه لكل ألوان البطلة فى كل نص، كأن الأ��وان هى نهر يستمر بالتدفق، وقوس قزح هو المصب فى النهاية، أو نقطة فاصلة لنص آخر، يستطيع من خلاله الكاتب أن ينقل بطله من عالم الألوان وما تعبر عنه، إلى عالم آخر ومجموعة نصوص أٌخرى وقصص أخرى ونرى أن الكاتب حافظ على رابط الحزن الذى تلتف حوله الألوان كلها، بإلحاق وصف الثعلب الحزين، عند حديثه عن صديق البطلة الوهمى، كتعبير عن إستمرارية الحُزن القادم من "أبيض"و"رمادى" وربما يكون الثعلب الحزين هو بطلًا آخر، تداخلت فيه الألوان كلها، حتى أضفت عليه البطلة شيئًا من القداسة،او ظهر فى صورة الناسك، لتسأله فى النص أسئلة عن الخلق والحياة والموت. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لقد صحبنى الكاتب، لعدة حيوات من خلال كل لون على حدى وعبرعن الحياة بما فيها من سعادة وحزن وحب وإشتياق وذكرى وألم بصورة ممتازة، وجائت فكرة الألوان ليضيف للمجموعة طابع خاص غير إعتيادى، مختلف عما أستخدمه كتاب آخرون فى التعبير عن الحياة، بالصورة التى تأثرت معها، أحببت ألوانًا ووقفت عند ألوانًا أخرى، وتسائلت عند محايد وأفترضت ألوانًا له من مخيلتى وأنصح بقراءته بتمعن. وأنهى عند جملة كنت أرددها مع كل نص.
" بعد رسم الكثير من اللوحات لن يسألك أحد لمن هذة "
مروى عليّ الدين تملك من الأدوات ما يجعلها كاتبة رائعة، وتملك من الأفكار ما يُثقل كتاباتها فتدفعك للتفكير في أشياء كثيرة. ليست قرائتي الأولى لقلم مروى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، ولكنها لازالت تتجاهل/ تفتقد الحدوتة، الحبكة التي تجعل القارئ يستمتع وهو يحتسي كل هذه الأفكار الثقيلة. القهوة السادة - على روعتها -مُرة جدًا وليس كل من يحب القهوة يقدر على احتسائها، قليل من السكر يفيد كثيرًا في بعض الأحيان.