في نظر د.حب الله كل كائن بشري يحمل في صميمه وقرارة نفسه جرثومة العنف في وضعية الكمون. فغريزة الأقتتال الأخوي والحقد على الآخر جاهزان للظهور والانتشار ما أن تسمح البيئة بذلك وما أن يتوفر المناخ الأيديولوجي المناسب لها. وما من مجتمع أو فرد في العالم .بمنأى عن هذه الظاهرة
طبيب ومحلل نفسي لبناني، يعد من أبرز من يمثل التيار اللاكاني (جاك لاكان) في لبنان، وهو في الآن عينه تلميذ كل من لاكان وصفوان (مصطفى صفوان). توفي في حادث رياضي وهو في أوج عطائه العلمي عن عمر يناهز الـ 74 عامًا
ويعتبر البروفسير حب الله (1935 ــ 2009) من أكبر علماء النفس في العالم العربي، ويرجع إليه الفضل في تأسيس مؤسس المركز العربي للأبحاث النفسية والتحليلية.
وهو طبيب ومحلل نفسي مارس المهنة في فرنسا ولبنان، وله العديد من المؤلفات أبرزها: جرثومة العنف الذي تم ترجمته للفرنسية، والتحليل النفسي من فرويد إلى لاكان، والصدمة النفسية، والحرب الأهلية، والحدث السياسي بعد 11 سبتمبر، وحب الله وصفوان: اشكاليات المجتمع العربي في ضوء التحليل النفسي، إلى عدد كثير من المقالات والدراسات.
عندما نقرأ أو نشاهد الحروب فإننا ننظر إليها بالمجمل أو بنظرة متعالية لنحصي عدد القتلى والجرحى الإجمالي والخسائر المادية ومن هم المسببين الرئيسيين لها ولكننا نادراً ما نلتفت بأن لكل قتيل أو جريح هناك عائلة تألمت وبكت وخافت وأن هناك أطفالهم الذين عاشوا صدمات وجودية مرعبة جعلتهم يبحثون عن حقيقتهم وقيمتهم في مكان لا يمجد إلا الحقد والكراهية والدماء. وفي هذا الكتاب والذي يعالج الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) بمنظور التحليل النفسي فهو مختلف جداً فهو يغوص في حالات كان كاتب الكتاب وهو برفيسور في التحليل النفسي يعايشها ويعالجها وهو الذي وجد نفسه فجأة في وسط تلك الحرب الطاحنة والتي دمرت لبنان والتي كان العالم ينظر إليها بأنها مكان للرقي والتطور والثقافة والحريات فتحولت في شهور قليلة لساحة تشيع منها الأحقاد والقتل والكراهية والإرهاب لتستمر بعدها لمدة 15 سنة ولا زالت لتبعاتها إلى اليوم تؤثر على اللبنانيين خاصة وعلى العرب والعالم عامة. لماذا حدث كل ذلك؟ هذا سؤال عام ولكن السؤال المهم لماذا تطورت الأحداث لهذه المآساة التي خلفت أكثر 120 ألف قتيل وملايين الجرحى والمهاجرين؟ وفي الكتاب يطرح البرفيسور من واقع تجربته كيف أصبح المقدّس الذي يجب أن يؤمن به المجتمع المتعدد الأديان والأعراق والذي هو التعايش ليصبح الرغبة في إرهاب المختلف وتدميره وفناءه! الكتاب عميق جداً وهو يحلّل الحرب من منظار النفس البشرية الفاعل الأول والأساسي لأي حرب. ستقرأ فيه عن الطفولة والنساء اللواتي يتسمرن في أماكنهن ما أن يسمعن صوت انفجار أو طلقات رصاص فيركض بعدها للشوارع يبحثن عن أطفالهن وأزواجهن وأخوانهن وآبائهن، وكأن الحياة مجرد جري للبحث عن أشلاء أو أجساد تمزقت أعضائها أو إن كتب الله لهم النجاة مشروع قادم للموت ببشاعة! وكذلك ستقرأ الكثير من المواضيع التي ستجعلك تنظر للحرب من معاناة كل شخص فيها كان بريء أو شرير تطلخت يديه بالدماء.