قراءة مفيدة نشرها أحد الأصدقاء أُثبتُها هنا : ملاحظات عابرة حول كتاب : القوات المسلحة الايديولوجية .. لمحمد منير الحجوجي يضم الكتاب ، الصادر سنة 2015عن منشورات " دفاتر وجهة نظر " ، سبعة عشر فصلا موزعة على 224 صفحة من الحجم الصغير . موضوع الكتاب : مقالات حول المدرسة والنخبة والاعلام والتحليل النفسي والثروة والسلطة والعادات والسياسة المحلية وعمقها الرأسمالي والمرأة والاستهلاك والسعادة والدين ... مقالات تبحث في جذور البؤس والشقاء المغربي / الإنساني ؛ تتشابه الأعراض والنتائج نظرا لتشابه الأسباب والدوافع ... مقالات تحاول الاجابة عن أسئلة تحاصرنا في كل لحظة : ماذا يحدث ـ الان وهنا ـ للانسان المغربي ؟ كيف ولماذا ؟ ما حدود مسؤولية النظام ( بآلياته الراعية للفساد والاستبداد ) ومؤسساته و" قواته الايديولوجية المسلحة " عن دفعنا ل"الارتطام بالحائط " ؟ هي باختصار مقالات تستشرف آفاق التغيير . وترصد مقدار الخسارة التي يتكبدها الانسان حين يجعل أصابعه في أذنيه يستغشي ثيابه ويغلق عينيه . منهجه واسلوبه : يعج الكتاب بإحصاءات ونسب عن مظاهر البؤس والاختلال في المغرب مشفوعة بتحليل "سوسيولوجي" يرصد دوائر التحكم وآليات صناعة خرائط الثروة والسلطة والأدوار ثم يبين سبل حراسة الأوضاع القائمة ـ بفسادها واستبدادها ـ ماديا ورمزيا . يبين دور العادات والتقاليد والمواسم والطقوس في الحراسة كما يرصد كيفية استدماج السلط والوسائل الحديثة من أجل رعاية نفس الوضع وتغذيته وتكريسه ؛ علم النفس والتلفزة والوزارة والأحزاب والمقاولات والمدرسة والنقابات والشيوخ ... في خدمة السلطة / العائلات / المافيات ... كل شيء في خدمة 10 في المائة ! هي ذات الاليات المعتمدة على المستوى الدولي ؛ الشركات متعدية الجنسيات والنخب الرأسمالية تمتص دماء العالم وتقامر بمصير الأرض إرضاء لنزوات ونزق الكبار ! أما الأسلوب فقد جاء طافحا بالمرارة والسخرية والتهكم ، مازجا بين التقريرية والايحاء وموظفا ، بين الحين والأخر ، جملا وعبارات عامية ( في الغالب عبارات شتم وسب وإدانة أو تكثيف لما يسود ويسكن في أعماق اللاشعور الجمعي الشعبي ) . الكتاب مفيد ، من غير شك ، بأسئلته وتهكمه وسخريته ومحاكماته واقتراحاته .. مفيد بمعاكسته للتيار الجارف ؛ تيار السلطة بأذرعها الخشنة والناعمة ... مرجعياته : يصرح الكاتب أن لا خيار للإنسان الا الانخراط في التغيير والا سيكون مكرسا للوضع القائم ومتآمرا على الإنسانية والأرض ... يصرح أن الانسان في حاجة لتغيير سلوكاته وتربيته وأفعاله وردود أفعاله تجاه العالم ؛ في حاجة للمصالحة مع محيطه وأصله الأرضي ... وقد عزز المؤلف رأيه باستشهادات ونصوص لمفكرين وأدباء وعلماء ( إدغار موران ، ماركس ، جان جونيه ، دولوز ، غواتاريه ، روجرز دولطو ... ) وانفتاح على مرجعيات متجاوزة لواقع الرأسمالية اللانساني ـ الأحادي البعد . يصرح الكاتب غير ما مرة أن البديل كامن في كلمة " لا " من حيث صدرت ؛ من الدين أو الاخلاق أو الماركسية ... ملاحظات ؛ 1. استأثر الفصل الأخير ( إضاءات إضافية حول سياسات الهاوية ) بحوالي 100 صفحة مما كسر انتظام الفصول وتوازنها وجعل الكلام مرسلا يفتقر للاحكام في الاستدلال ويطغى عليه التكرار لفقرات واستنتاجات سبق إيراده في الفصول السالفة. 2. يبدو المؤلف مهووسا بضرورة وضع حل جذري للمشاكل المغربية / الإنسانية عبر المصالحة مع الأرض والحقيقة الإنسانية ومعاداة الرأسمالية وذيولها وأخلاقها .. وفي سبيل هذا يجعل الكاتب كل دعوات الرفض في كفة واحدة ولا يتردد في نسبة جان جونيه مثلا ( !! ) الى الدين المحمدي ويصفه بالمفكر المحمدي / الابراهيمي جان جونيه ص40 ... ألمجرد أنه قال بأن الناس سواء يكون محمديا ! ؟؟ 3. في سياق حديثه عن التعريب ، يعتبر اللغة العربية عائقا " أن تعرب هو أن تسجن نفسك داخل وجود اللغة العربية .. الوجود الغيبي القدري الارتكاسي اللاتاريخي ص 102 " !! في مقابل الفرنسية التنويرية التقدمية ! .. كأن المؤلف يقول لو لم نعرب ـ علما أن التعريب لم يستكمل بل أجهض وحوصر ـ لكنا الان متقدمين متنورين . عجبا .. عجبا ! 4. يقول ص 169 : " أتصور أن لا حل لمشكلاتنا السياسية والوجودية الا باحداث انقلاب ديني عميق في رؤيتنا للسماء ، للأرض .. نحن مسلمون أي نعم لكننا مسلمون فوق الأرض " .. جميل أن تتوجه العقائد نحو إعمار الآرض ولكن ليس جميلا بالمرة أن يتم اختزال الرؤية الدينية في الأرض .. اذا كانت المشكلة أن الناس يهربون نحو السماء فليس الحل في محاصرتهم وإركاسهم في الأرض ! 5. يبدو أن الانشغال بالأرض جعل المؤلف لا يرى الأشياء الا من منظور أرضي حتى الله تعالى يصوره تصويرا قريبا من ذلك ؛ يصوره في صورة منافس أو مراهن او مصارع للبشر " عندما تنجح في فعل الخير فانك تكون قد هزمت الله ، قد سجلت نقطة رائعة في شباكه ... لا يكون الله الها الا وهو مهزوم والانسان يرفع التحدي ويربحه " .. لا تعليق هنا الا القول " وما قدروا الله حق قدره " ! 6. " ثلاثة أشياء استراتيجية يجب تدريسها للأطفال : أن لنا نفس الأصل ( جئنا جميعا من انفجار كوني هائل حدث منذ 12 مليار سنة وهو الانفجار الذي أعطى المجرات والكواكب والحشرات والبشر ...) ولنا نفس الحاضر ونفس المصير ... يجب إعادة بناء كل البرامج التدريسية العالمية في اتجاه دمج هذه الفكرة الدينية " ! أليس لنا أن نتساءل عن مدى مصداقية هذه الفكرة الدينية ؟ أليس في هذه الفكرة الدينية تحيزا بصالح مرجعية واحدة هي المرجعية المادية وإقصاء للمرجعيات الإسلامية اليهودية المسيحية القائلة بخلق الانسان وتفرد هذا الخلق واختلافه النوعي عن خلق الكائنات الأخرى ؟ أليس في هذه الفكرة الدينية تسوية للإنسان بسائر الكائنات الطبيعية وإهدار للتميز النوعي الروحي للبشر ؟ إذا كان الأصل واحد مع سائر الكائنات فلماذا يكون الانسان مسؤولا ؟! أليس من باب أولى أن نقر بالأصل الثنائي ؛ الترابي الأرضي ـ وهو لا يجعل للإنسان أية مزية ـ والروحي الإلهي ـ سر التفوق والفضيلة والتطلع نحو الكمال ؟! ( ... ) يبدو لي أن القيمة القصوى للكتاب ـ بغض النظر عن تلقينا لأفكاره ومرجعياتها وتحفظنا / أو تقبلنا لها ولخلفياتها ـ تتمثل في الإشكالات التي يثيرها والأعطاب التي يشير اليها والنفس النقدي "العنيف" الذي كتب به الكتاب .. قيمته ـ في نظري ـ في تحريكه للمياه الآسنة الراكدة ، في دفعه الناس نحو إبصار الهاوية وتجنبها ، في تذكيره بالواجب المقدس ؛ واجب الانسان في أن يحفظ إنسانيته ويحسن تدبير علاقاته مع بني جنسه ومحيطه الطبيعي . قد ترفض حلوله وآليات التغيير المقترحة ، ولكنك ـ إن أنصفت ـ لن ترفض البتة إبصار ما كشفه أمامك من " فضائح " ودسائس ومكائد .. ولن ترفض استعجال الانخراط في التغيير . ولكل وجهة هو موليها . عبد الحي طالبي
واحد من أفضل منشورات "دفاتر وجهة نظر" للكاتب محمد منير الحجوجي . مقالات يسارية حول المدرسة والمال والسلطة والسياسة وعلم النفس والمرأة..إلخ. بقلم يساري عنيف، يوجه نقدا ساخرا للمجتمع بغيث بعته من سبات التخلف الذي يغرق فيه.
القوات المسلحة الإيديولوجية حسب تعريف الكاتب ص 13/14 : " هناك نوع من المغاربة أسميهم القوات المسلحة الإيديولوجية نادرا ما ننتبه إلى خطورتهم على التقدم والتغيير.. إنهم ليسوا رجال الدولة.. لكنهم يقومون بعمل الدولة مكان الدولة وأحسن من الدولة.. يتحركون في كثير من المواقع الاستراتيجية بأقنعة من الصعب رصدها.. تجد بينهم الأستاذ والمحامي والجراح والقاضي والموثق والعقاري ومدير المدرسة الخصوصية والغبار والقواد..... والنفساني.. مواقعهم ورساميلهم وبلاغاتهم وألقابهم " العلمية" وملابسهم وسياراتهم ونظاراتهم وأيفوناتهم تجعلهم قويي " الخطوة".. هم آلة نار النظام.. شبيحته السرية.. هم أول من سوف ينزل إلى الشارع لحرق معارضيه.. لحرقنا. " إن عدو المرأة والرجل هو هذه القوات المسلحة الإيديولوجية وغيرها والتي تعمل على صناعة مجتمع تافه تقمع به مجموعة صغيرة من الذين نجوا من عبث قوات الخراب، وتستخدمه عند الحاجة مثلا وبالخصوص في الانتخابات، او كدرع تحتمي به ليهتف " كلشي زين" حين تصرخ مجموعة صغيرة من الناس " بغيت حقي" تصنع هذه القوات أربع طبقات، الطبقة الناهبة، وطبقة تنهب لها، وطبقة منهوبة. وطبقة ثائرة " افتراضيا" فالثورة الحقيقية ضد كل ما يخرب الفرد او الجماعة لا يمكن ان يقودها جيل من الضباع " ضحية" استراتيجية هذه القوات المسلحة منذ سنين، لأن الثورة تكون أولا فكرية، وأداة الفكر تم تخريبها عند الصغير والكبير، بحيث اصبحت المدرسة العمومية تعلم التلميذ كل شيء إلا العِلم، والمستشفيات لا تعالج وإنما تسرع موت المواطن، فنحن كثر! و برامج قنوات التلفزة او الإذاعة تقدم كل شيء إلا ما هو نافع للفرد والجماعة. لا اتوقع من مشاهدي "رشيد شو ولالة العروسة.. "ان يعُوا بخطورة ما يشاهدونه، وأغلبهن نساء، امهات تعلَّمنَ منذ الصغر ان يكنّ كل شيء إلا نساء.. وهناك " طبقة أخرى لا تنتمي لأي طبقة" إن الكتاب مفيد جدا، يتطرق لعدة مواضيع مهمة و أساسية هدمت هذا البلد و أضدادها هي ما سينهض من جديد بالبلد وما ولد حين نتجاهل تلك القوات المخربة وأولها التلفاز كما هو ظاهر على غلاف الكتاب، فلا تكن ذلك النوع من المشاهدين." حمار" شكرا جزيلا الاستاذ منير الحجوجي على هذا العمل وانا متأكدة انه سوف يكشف للمواطن أعداءه الحقيقيون. // كتاب القوات المسلحة الإيديولوجية المؤلف محمد منير الحجوجي 223 صفحة ___ اقتباسات " نحن لسنا مسؤولين عن أصولنا.. لكننا مسؤولون عن مستقبلنا.. ليس أمامنا إلا خياران: إما الإنسحاب وترك العالم يتعفن/تحلله الهائل، أو الوعي بقدرنا والعمل على تغييره.. إما الانخراط في مسلسل ابستمولوجي/سياسي شاق لوقف الكارثة، أو قبول العيش كقردة.." ص 7-8 ____ " هناك نوع من المغاربة أسميهم القوات المسلحة الإ��ديولوجية نادرا ما ننتبه إلى خطورتهم على التقدم والتغيير.. إنهم ليسوا رجال الدولة.. لكنهم يقومون بعمل الدولة مكان الدولة وأحسن من الدولة.. يتحركون في كثير من المواقع الاستراتيجية بأقنعة من الصعب رصدها.. تجد بينهم الأستاذ والمحامي والجراح والقاضي والموثق والعقاري ومدير المدرسة الخصوصية والغبار والقواد..... والنفساني.. مواقعهم ورساميلهم وبلاغاتهم وألقابهم " العلمية" وملابسهم وسياراتهم ونظاراتهم وأيفوناتهم تجعلهم قويي " الخطوة".. هم آلة نار النظام.. شبيحته السرية.. هم أول من سوف ينزل إلى الشارع لحرق معارضيه.. لحرقنا. " ص 13-14 ____ " عوض ايهام التلاميذ بحيوية الاقتتال فيما بينهم حول المراكز الأولى في الدراسة كمقدمة للاقتتال على المناصب في الحياة كما تفعل البيداغوجيا المدرسية/العائلية الرسمية، سيكون من الأفضل دفعهم إلى اكتشاف مناطق الضوء فيهم، إلى النظر إلى ما يختزنوه من طاقات معرفية جميلة، ثم إلى استثمار هذه القدرات فيما ينفع التطور الفردي و الجماعي.." ص 81 ___
" إن عدو المرأة حتما ليس الرجل.. عدو المرأة والرجل هي تلك المافيات التي تطحن المرأة والرجل معا.. على المرأة أن تفهم جيدا أن عدوها وعدو الرجل هي مافيات العقار و عصابات الصحة والتأمينات والتعليم الخاص والأكل المسرطن وصناعات الدواء المخرب ولوبيات السياسة وسماسرة الانتخابات ومهربو مواردنا إلى الأبناك الصهيونية.. مهم جدا أن تقوم المرأة بهذه الثورة الكوبرنكية في رؤيتها.. مهم جدا للمرأة ولنا جميعا ألا نخطأ العدو.. العدو الذي لا يفرق ولا يريد أن يفرق بين امرأة و رجل.. " ص 94 ___ " إن الاختلافات الوحيدة الموجودة بين الرجل والمرأة هي الاختلافات البيولوجية.. كل الاختلافات الأخرى هي صناعة اجتماعية." ص 98 ---- تحياتي لكل من يهدي نصا جميلا لطفلة قارئة، ومن يقتسم ما يملك مع جائع من العالم، ومن يفكر في كوكبنا وهو يفتح صنبور الماء، ومن يحلم ببناء بئر في منطقة نائية، ومن يعد دوكتوراه بهدف خلق ما ينفع الناس، ومن يفضل قضاء عطلته الصيفية مع امرأة مسنة بلا موارد على أوطيل فاخر في ملك نهاب من العالم، ومن لا يستعمل السيارة إلا عند الضرورة، ومن يقتني من السوق فقط ما يحتاجه، ومن يحتفظ بكلينكسه في الجيب حتى العثور على قمامة عمومية او حتى العودة إلى داره، ومن يجعل من إقامة مكتبة عائلية أولوية قصوى.. ص 165
كتاب مرعب على المخزن المغربي يفضح أدواته وآلياته لقمع المواطنين المغاربة، لغة الكاتب صريحة وشديدة اللهجة أزالت مساحيق التجميل التي يتجمل بها مستبدوا هذه البلاد السعيدة.. قراءة ممتعة..