عندما أمتلئ، عندما أستوحش من الناس ومن نفسي، عندما أخاف أن أضيع مع الضائعين، عندما تلدغني الوحدة لدغتها القاسية، عندما تزدحم عليّ الأسئلة، عندما يتحدّاني أحدهم، عندما ترتفع أو تنخفض كثيرا ثقتي بنفسي.. عندها أفتح نافذة في حاسوبي كأنما أفتح نافذة على روحي.. لأنظر إلى ليل بهيم وحقول سوداء مخيفة، مترامية أطرافها على عتبات الأفق.. فأحمل كشافا بيميني ومسجلا صغيرا بشمالي وربما حشرت بجيبي شيئا أدفع به الخطر عن نفسي، ثم أقفز من النافذة لا ألوي على شيء.. صوت ما يخبرني أن أعود، لكني أنفضه من رأسي بعناد ولا أبالي.. أمشي خلف بقعة الضوء ضاما إليّ جناحي من الرهب، مستكشفا، مغامرا.. أدور حيث يدور الطريق وأقف حيثما وقف بي المسير، وخلال كل ذلك أسجل في مسجّلي كل ما أراه وأحسّه، فأسمع صوتي وأنا أتكلّم غريبا عليّ.. جريئا، حكيما أكثر مما أعرف عن نفسي، وقد أمطّ شفتيّ متعجبا من ذلك.. ثم ربما طالت رحلتي – بعدُ – على هذه الشاكلة وربما انتهت بعد وقت وجيز، لأعود منتعشا بعض الشيء، راضيا بعض الرضى، وربما كانت مغامرة ترتعش لها أوصالي من النشوة.. فأعودُ لبيتي وفي مسجّلي قصة جديدة.. أدخل من النافذة، ثم أغلقها مسرورا.. لتطالعني خلفية حاسبي الملونة..
كتيب جميل يستحق القراءة فعلا أعجبني أسلوب الكاتب وخاصة تلك الطرافة التي لم أجدها إلا عند الشيخ علي الطنطاوي وخالد توفيق ورفعت خالد -لحد الساعة طبعا- متشوق لأقرأ له كتبا أخرى وأظن أني كتابي التالي سيكون : اكتشفت الأدب
ونصوصه لا تشبع ملكة فذة في نقد التصرفات الاجتماعية وما أكثرها وعالجها بطريقة عفوية ، وأروع المقالات .. غباء الانسان ، ففي كم من سؤال وجواب وبقدار ثفحتين ، أثبت للملحدين أن عليهم أن يسألوا أنفسهم من جديد لا مزيد إلا بقراءته وحينها تلذذ