وجدت أثناء دراسة شاملة لما يسمونه: (شرط القرشية في الإمامة) مركزية الاحتجاج بخبر السقيفة، وما زُعِمَ أن جوهر الحجاج كان يومها (شرط القرشية في الإمامة)، وأن الأنصار إنما تراجعوا عن تأمير أحدهم عندما أوقفوا على النص، فلم يستطيعوا له تجاوزاً، ولا منه فراراً. بل زعم بعض الأكابر أن ذلك مروي روي تواتر، فبنوا عليه (أصولاً)، ومن فوقها (قصوراً) في الهواء؛ فهذا الإمام الرازي يقول في المحصول (4/36: [الأول وهو أنه روى بالتواتر أن يوم السقيفة لما احتج أبو بكر رضي الله عنه على الأنصار بقوله عليه الصلاة والسلام الأئمة من قريش؛ مع أنه مخصص لعموم قوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قبلوه ولم ينكر عليه أحد ولم يقل له أحد كيف تحتج علينا بخبر لا نقطع بصحته فلما لم يقل أحد منهم ذلك علمنا أن ذلك كان كالأصل المقرر عندهم].
وبناء (قصور) الدين، على أسس وأصول وأعمدة في الهواء شر ممن {أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، (التوبة؛ 9 : 109). ولما كان هذا في غاية الخطورة، استخرت الله في دراسة خبر السقيفة دراسة مستقلة مدققة. وسرعان ما وجدت أن ذلك لا يتم فقط بدراسة مفصلة لمروياتها، ولما يسمونه: (شرط القرشية في الإمامة) ، بل لا بد أيضا من تمحيص متعلقاتها، وإخضاعها لدراسة مدققة عميقة. وأهم تلك الذيول والمتعلقات: أولاً: مسوغات بيعة أبي بكر، وبيعته العامة، وخطبته الأولى؛ ثانياً: موقف سعد بن عبادة، رضوان الله وسلامه عليه، من حادثة السقيفة؛ ثالثاً: تأخر علي بن أبي طالب، رضوان الله وسلامه عليه، عن بيعة أبي بكر، ودوافع ذلك؛ رابعاً: كشف وفضح أهم الأكاذيب حول السقيفة.
والموضع شائك، قد أفسدته الأهواء الطائفية، والصراعات المذهبية، والأهواء السلطانية؛ فهو في الحقيقة (حقل ألغام) لا يكاد ينجو من دخل فيها إلا من أخلص لله، وتجرد للحق، وطالب بالبرهان، واتهم النفس والهوى، وتضرع إلى الله: (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق: أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي؛ اللهم إني أسألك: خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة العدل والحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنا، وأسألك نعيما لا يبيد وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة؛ اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين)
نسأل الله العظيم أن ينفع بهذه الرسالة، وأن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم، إنه على كل شيء قدير. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المخلصين المجاهدين، صلاة دائمة، وتسليما وتبريكا كثيرا الى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين. https://www.tajdeed.org.uk/ar/posts/d...
الأمين العام لحزب التجديد الإسلامي والناطق الرسمي له. معارض سعودي يحمل شهادة دكتوراه في الفيزياء النووية من جامعة كولونيا بألمانيا - مقيم في لندن حاليا.
دراسة وجيزة متخصصة في نقد وتحقيق "الأخبار الواردة عن اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة" بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو الاجتماع - ربما - الأهم والمحوري في علاقة الديني بالسياسي بعد ذلك في تاريخ المسلمين حتى يومنا هذا ، بالطبع مع أحداث الفتنة الكبرى... وللأسف تخلو مكتباتنا من دراسات حقيقية علمية متكاملة في هذا الموضوع..
حسبك أن يقول الفاروق عن بيعة الصديق أنها كانت "فلتة" أو "فتنة" وقى الله المسلمين شرها!! وحسبك أن تعلم أن سعد بن عبادة زعيم الأنصار لم يبايع الصديق ولا الفاروق حتى مماته في الشام!! وحسبك أن السيدة فاطمة أيضا ماتت ولم تبايع الصديق!! وأن الإمام علي بايع بعد وفاتها أي بعد 6 أشهر!!
وهذا، وغيره، ينفي الأقوال الشائعة عن إجماع الصحابة على بيعة الصديق مبدأيا، ويفتح الباب أمام دراسات وتحليلات يفرضها واقعنا السياسي الديني المتخبط والذي ساهم في تثبيته - بعد علماء السلطان وفقهاء الفتنة - المؤرخون أمثال الدكتور راغب السرجاني والأستاذ الصلابي بما تحمل مؤلفاتهم التاريخية من لي لأعناق الروايات واستخدام ما يبرر وجهة نظرهم -الساذجة البلهاء - حتى لو كانت باطلة كما بينه الدكتور المسعري في لمحة من كتابه -د.السرجاني- عن بيعة الصديق!
أمر آخر في غاية الخطورة والأهمية وهو "الأئمة من قريش" وهي السوأة الفكرية التي تذرع بها الكثيرون على مر تاريخ المسلمين من السقيفة إلى الأمويين إلى العباسيين - حتى ليقال إن ما منع اللسطان الناصر صلاح الدين الأيوبي من تقلد الخلافة في بغداد هو عدم نسبته إلى قريش!! - وحتى الآن نجد الخليفة المزعوم الذي أعلنته داعش يؤكد على أنه قرشي!!
دراسة وجيزة جيدة تحتاج دراسات من جوانب أخرى عديدة حتى تخرج دراسة متكاملة عن الواقع الديني السياسي للمسلمين...