ولو اقتصر موقف الغزالي على رفض فكر أرسطو لكان الأمر هينًا، لكنه أفتى بتكفير كل من يأخذ بفكره. وهذه المسألة تقود إلى نتيجة غاية في الخطورة وهي أن الكافر يُقتل في العرف الإسلامي، والغزالي ـ حجة الإسلام ـ قد كفَّر أرسطو، وبالتالي فإنه أحلَّ قتله، أي قتل فلسفته وهو الأمر الذي دفع بابن رشد إلى الذوْد عنه وعن فلسفته بالاستناد إلى محاججة برهانية ـ شرعية. ونظرًا لكثرة الخلاف والجدال القائمين على طبيعة شخصية الغزالي المتَّسمة بالازدواج والتناقض، انسحب ذلك الخلاف على حقيقة موقفه من أرسطو. أما الفيلسوف ابن رشد فسنجده مدافعًا في كل كتبه عن الفلسفة ورجالها، جاعلًا إياها واجبة شرعًا على كل مسلم ومسلمة، واستنكر على الغزالي إقدامه على تكفير الفلاسفة في مسألة لم ينص عليها الشرع صراحة أو ينعقد عليها إجماع المسلمين، بل هي من المسائل التي تمتُّ إلى التأويل، والوقوف على حقيقة الأمر فيها مقتصر على أهل البرهان.
يتكلم الكتاب عن الجدل حول قدم العالم في ثلاثة فصول:
(١): الظروف والعوامل الاجتماعية والسياسية والدينية المتحكمة بالفيلسوفين ويتكلم هذا الفصل بالنسبة للغزالي عن علاقته بنظام الملك والعوامل البرغماتية والفكرية والدينية في حياته اما عن ابن رشد فقد تكلم عن عصره وبيئته الفكرية
(٢): رؤى المفكرين العرب للنص الفلسفي عند الغزالي وابن رشد اقتصر الطرح على اثنين يشكلان علامات بارزة في ساحة الدراسات الفلسفية الإسلامية وهما سليمان دنيا الأكثر تخصصًا في دراسات الغزالي، ومع ابن رشد تناول الكتاب الدراسة التي قدمها محمد عابد الجابري وقد غالى الجابري في دفاعه عن ابن رشد كما غالى سليمان دنيا في الدفاع عن الغزالي
(٣): مسألة قدم العالم ابتدأ بالمفاهيم الميتافيزيقية عند أرسطو والمدرسة المشائية التي يمثلها كل من الفارابي وابن سينا ثم موقف الغزالي من أرسطو وابن سينا وأخيرًا موقف ابن رشد
************** الكتاب عبارة عن دراسة في الفلسفة الإسلامية وهو غني ومدعم بمراجع ومصادر كثيرة، ولكن يوجد تحيز واضح جدًا في الأسلوب