ان التاريخ الجزائري و الاسلامي عامة الذي فيه مثل هذا العلامة الذي قاوم الاستعمار الفرنسي برفق و عزم و صرامة. قاومه بالفكر و العلم و القلم و نشر الوعي بالاهمية الوحدة الإسلامية و تعليم المرأة . و بالوقوف مدافعاً عن العقيدة الصحيحة سواء بالالقاء الدروس في جامع الأخضر أو. بالالقاء محاضرات في جل ولايات الجزائر و محاربة الطرق الصوفية التي عزز الاستعمار الفرنسي من انتشارها و دعمها.
و بالاطلاع على اخر مستجدات الثقافية و السياسية. سواء عن الطريق المرسلات بينه و بين امير شكيب ارسلان او الزيارات و الرحلات. و الذي جمع بين العلم و المقاومة و العبادة و تنظيم الوقت. يبعث الفخر و الامل عسى ان نقتدي به و نصنع مجدنا.
ما أن قرأت لمحة عن إنجازات هذا الشيخ في كتاب" مئة من عظماء أمة الإسلام" حتى تاقت نفسي لمعرفة منهجه الفريد الذي سار عليه في تربية الجيل الذي حرر الجزائر من الاستعمار الفرنسي ، حيث لم يحارب المحتل بالسلاح الناري وإنما بسلاح العلم والإيمان والوحدة ، وهذا ما أرى أننا بحاجته هذه الأيام ..الوعي بأصل المشكلة ثم حلها من جذورها ، ثم بعدها يأتي النصر. وقد طلب مني عمل بحث عن شخصية قيادية في العالم الإسلامي .. فكانت شخصية هذا الشيخ أول ما خطر في بالي.. لأنه بدأ بالأساس ، بدأ بتربية وتعليم الجيل الناشئ حتى صار قاعدة متينة عليها قامت أسس الثورة التي حررت الجزائر .. كان اهتمامه بالكيف لا بالكم ، لم يدرّس طلابه ليحصلوا على شهادات ، بل كان همه التربية ، لذلك قام بإعدادهم إعداداً قوياً مهتماً بجميع جوانب حياتهم؛ الخلقية والنفسية والايمانية والاقتصادية ، فكان منهجه متكاملاً .. وهذا ما لا نراه في أيامنا هذه ، فكل ما يسعى إليه أغلب المعلمين هو إنهاء المنهج والحصول على الراتب ، فنحن نفتقر إلى التربية لا إلى العلم ، التربية التي تهتم بجميع جوانب حياة الطالب، التربية التي توجّه الطالب .. أعجبت بقوة إحساسه بما تعانيه الأمة من ضعف ، وربط تخلفها وجهلها بضعف الايمان ، فراح يحيي في الشعب الجزائري القوة الإيمانية ، ولم يدع إلى حمل السلاح لأنه عرف أن شعب جائع ومتخلف وضعيف الإيمان لن يقوى على حمل السلاح فحارب هذه الأمراض جميعها بالإسلام ، فأنشأ الجمعيات التي تحرر الإنسان أولاً بإصلاح عقيدته وبناء شخصيته العربية الإسلامية -في الزمن الذي كان سلاح فرنسا الأكبر هو القضاء عليها وفرنستها- والتي تحارب ثانياً الخمر والميسر والبغاء والأمراض الإجتماعية -التي فشت بسبب فرض الثقافة الفرنسية على هذا الشعب- ، ثالثاً قامت بهدم الجدران التي بنتها فرنسا في نفوس الجزائريين بتفرقتهم عن بعضهم وخلق فتن بينهم، فقام بإعادة توحيدهم وصهرهم في بوتقة الإسلام التي لا تفرق بين عربي وأمازيغي وبدوي وصنهاجي..
أعجبت بوعيه الكبير بأساليب المحتل وكيفية مقاومته برد أسلوبه ، فقد علّمنا أننا ما لم نحرر أنفسنا لن نستطيع تحرير بلادنا ، علّمنا أننا مالم نعتز بإسلامنا ونحافظ على أخلاقنا لن تقوم لنا قائمة وسنبقى مقلدين لغيرنا محاولين التشبه بهم ، علّمنا أننا مالم نتوحد لن تكون لنا كلمة وستتكالب علينا الأمم.. علمنا أن بناء المقاومة لا يبدأ بالسقف وإنما بالأساس.. بالنسبة للكتاب كان أن اهتم بمنهج الشيخ وصفاته وأعماله ، وحرص فيه الكاتب على عدم تكرار ما ذكر في كثير من المؤلفات التي تحدثت عن حياته ، وقد وفقني الله باختيار هذا الكتاب لأنه كان مناسباً جدا لجانب بحثي ، حيث ركز كثيراً عن الشيخ القائد وصفات القيادة المتمثلة شخصه وكيف حقق أهدافه من خلال قيادته الحكيمة ..
سيرة تستحق أن تقرأ ويُستفاد منها، رحم الله الشيخ عبدالحميد ابن باديس وكتب الله أجره لجميع ماقدّمه لشعب الجزائر وللإسلام والمسلمين.. وفي آخر الكتاب يوجد بعض النقاط الرائعة التي كتبها المؤلف وهي الخصائص التي ينبغي أن تتوفر في الداعية، واقتراح جميل بأن يتم تدريس النشء مثل هذه السير المُعاصرة لتكون نموذج يُحتذى به في إعادة نهضة الإسلام والمسلمين.
للأسف الكتاب عبارة عن لمحات سريعة عن حياة ابن باديس وما فيهوش تفصيل عن كيفية محاربة الاستعمار وازاي بنى وربى جيل على ايده وازاي الجزائر اتغيرت على ايد ابن باديس..
كتاب جميل يتحدث عن علم من أعلام المقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسي ومثال يحتذى لصد محاولات فصل الشعوب المسلمة عن دينها ولغتها وحضارتها من قبل المستعمرين فهي مقاومة فكرية مستندة على عقيدة راسخة كانت تمهيدا للثورة الجزائرية عام 1954التي أطاحت بالاستعمار الفرنسي