تبدأ هذه الرواية مع النكبة الفلسطينيّة وتنتهي في الراهن، إلا أنّ زمن شخصيّاتها الفعليّ هو السبعينيّات والثمانينيّات في مدينة رام الله.
يبدو ما قبل هذين العقدين تمهيداً متأنياً وما بعدهما خواتيم حتميّة. كانت رام الله ملجأ قدريّاً لبطلي الرواية لم يختاراه، وحين احتلتها إسرائيل إثر حرب 1967 بدأت حياة جديدة ومختلفة، بل ومخالفة للمعروف من حياة معظم الفلسطينييّن بعد النكسة.
ما بدأ بلقاء صدفة بين سيّدة وشابّ انتهى بعمليّة خاصّة لتنظيم سرّيّ، حوّلت حياتيهما إلى أسئلة واحتمالات وأسرار. وبين البداية الواعدة والنهاية المعلّقة تأريخٌ روائيّ لحياة الشخصيّات وشطر وافر من حياة رام الله، في قلبها الأستاذ المحامي الذي منح السيّدة حياتها الجديدة وردّتها له دون أن يدري.
حين النظر إلى تلك السنوات في الوقت الراهن تبدو ملتبسة، ما يضطرّ، الشابّ في الرواية، العجوز في شيخوخته الراهنة، إلى تذكّر اعتذاريّ لحياته ولأسباب اختفاء السيّدة منها. ويتقاطع سرده لحياته مع سيرة مرويّة لحياة السيّدة مع الأستاذ المحامي. ولا يبدو هذا التقاطع مشغولاً بتعدّد سرديّ قدر انشغاله بتفريد سيرتيهما واقتراحها كعدسة خاصّة للنظر إلى رام الله في تلك السنوات.
كاتب وباحث وصحفي من فلسطين، حصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع من جامعة بيرزيت. صدرت له روايات "رام الله الشقراء"، و"القسم ١٤"، و"هاتف عمومي" و"جريمة في رام الله" ورواية "رام الله". عمل صحفيا في عدة وسائل إعلام عربية وفلسطينية.
أعترف ابتداء أني أحب هذه الطريقة في السرد. وعباد يحيى يتقنها.
الرواية ليست فلسطينية بالمعنى الضيّق، وإن كانت فلسطين خلفيتها التاريخية. كما كانت رام الله أرضيتها الجغرافية. وعلى الرغم من ذلك، فإن مصادفاتها لا يمكن أن تكون حقيقية إلا في سياق فلسطيني!
في الرواية اشتغال إنساني رحب على تفاصيل حياة أبطالها. أقرأ فيها مفارقات الأقدار، وقصص الحياة العجيبة. أقرؤها كممكنات قابلة للتصديق، ومثيرة للتفكّر.
صدفة مركزية واحدة لم أتمكن من التواطؤ على تصديقها، في سياق مجتمعنا، وهي بوح الهاربة الخائفة التي بالكاد اطمأنت للهارب اللاجئ في بيتها.
وكأني بالكاتب بات يخشى التورط بحجم الرواية الكبير، فسارع الأحداث، وجاءت بعض شخصياته (فطيرية) لمّا تختمر. وهذا ظلم لقارئه الذي تورط في جماليات سرده، وانتظار تأملاته السردية.
لقد تورط عباد يحيى في رواية (رام الله) كما تورط حرفيا في مدينة (رام الله). فغلبت (رام الله) و"غلّبت" أعماله حتى اللحظة.
رواية رائعة، تستكمل بذكاء ما بدأه الكاتب في ما مشروعه الروائي السابق حول رام الله. لغة جميلة وحبكة بانورامية محورها رام الله منذ الخمسينيات، أحداثها مكثّفة حدّ الإتقان. يشوبها عدم اكتمال الشخصيات وسرعة الأحداث في ثلثها الأخير وعدم الاستفاضة في القصص المحورية داخلها.
رواية رائعة بكل ما للكلمة من معنى، هي الرواية الأكثر فلسطينية من بين رواياته... قرأت لعباد جميع رواياته وهذه ورام الله أجملها عباد يحيى يستحق لقب راوي رام الله عن جدارة
رواية تعيش معها تفاصيل فلسطينية دقيقة لدرجة تتعجب من قدرة الكاتب على التقاطها وتصويرها بهذا الشكل... جهد يحتاج الكثير من دقة الملاحظة والكثير من الإبداع في التعبير عنها شكرا راوي رام الله