عجايب الآثار في التراجم والأخبار، الجزء الثالث: لقد قمت بتدوين أحداث أواخر القرن الثاني عشر الهجري وبدايات القرن الثالث عشر، حيث جمعت فيها بعض الوقائع بشكل إجمالي وأخرى بشكل تفصيلي. معظم هذه الأحداث كانت محنًا عايشناها وشهدناها، بالإضافة إلى بعض الأحداث التي سمعتها من الشيوخ. كما أضفت تراجم لبعض الأعيان المشهورين من العلماء والأمراء، مع ذكر لمحات من أخبارهم وأحوالهم وتواريخ مواليدهم ووفياتهم. رغبت في جمع هذه المعلومات وتنسيقها في أوراق مرتبة حسب السنين، لتكون مرجعًا سهلًا للباحثين ليستفيدوا منها.
عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي (ولد في القاهرة عام 1756 - وتوفي في القاهرة عام 1825). و هو مؤرخ مصري عاصر الحملة الفرنسية على مصر ووصف تلك الفترة بالتفصيل في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» والمعروف اختصاراً بـ«تاريخ الجبرتي» والذي يعد مرجعاً أساسياً لتلك الفترة الهامة من الحملة الفرنسية. قدم أبو جده من قرية جبرت - والّتي تقع الآن في أرتيريا - إلى القاهرة للدراسة في الأزهر، واستقر بها.
دفع الجبرتي الاشتغال بكتابة تاريخه أن وقف موقف المعارضة لحكم محمد علي باشا منذ بداية حكمه لمصر وانشقاقه على الدولة العثمانية. وظل سنوات يترقب ما ستؤول إليه الأحداث في عهد هذا الرجل وكان خلال ذلك يرصد كل شيء، ويدوّن الحوادث والمتفرقات، ويسند كل ما يقول ويدون إلى مصدر ثقة أو شاهد عيان سماع عاصر الحدث أو سمع عنه. وكان يحرص أن يعاين الأحداث العامة بنفسه ليتوخى الصدق ويتجنب نقل الأخبار الكاذبة، لقد تعرّض الجبرتي في سياق ذلك لكل شيء، فقد ذكر الأحوال الاقتصادية من زراعة وتجارة وفلاحة، وإلى أنواع النقود المتداولة في الدولة وإلى الأسعار وأنواع المقايضات التي كانت تحكم العلاقات التجارية. وتعرض إلى الحياة الاجتماعية بكل ما فيها من أحوال شخصية وعادات أسرية وقيم سائدة في المجتمع آنذاك. كما تعرض إلى الحياة الدينية والثقافية وأخبار الأدباء والعلماء المشهورين والمشايخ البارزين.
الجزء الثالث هو بداية البذرة التي نشأ منها تاريخ الجبرتي ويحكي عن الاحتلال الفرنسي كما سبق وان روى الجبرتي ذلك في مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس. الجزء مليء بتفاصيل الاحداث التاريخيه للحملة الفرنسية علي مصر وكيفية هزيمتهم لأمراء المماليك انذاك، وحكمهم لمصر والمبادئ التي استخدموها في الحكم ومحاولتهم "جمهرة" مصر وادخال البيروقراطية والمستندات والسجلات للبلاد. كما يأتي ذكر الطائفية السائدة في مصر في اوقات الاضمحلال تلك والضغينه بين المسلمين والاقباط ونصارى الشام واستخدام الاقباط الحملة الفرنسية كوسيلة للأنتقام من المسلمين بعد تقلدهم المناصب.
والطريف علي شكل شخصي بالكتاب تفسير لاسطورة محلية في بلد فوة (انا منها) وهي ان فيها قبه مدفون فيها ولي من اولياء الله يقال له الشيخ دخان. وكانت فوة مدينة وميناء كبير بالنيل لجأ اليه اغنياء اسكندرية ورشيد ودمنهور بعد زحف الفرنسيين خوفا علي مالهم وذويهم. وتقول الاسطورة ان اثناء المعركة بين مراد بيك والجيش الفرنسي علي ضفاف النيل بين الرحمانيه ودسوق، خرج دخان من قبة الشيخ دخان وغطت فوة كلها وحجبتها عن اعين الفرنسيين فلم يدخلوها، والواقع ان اثناء المعركة فجر الفرنسيين سفن مصرية كثيرة معظمها كان يحمل البارود والالات الحرب وادي ذلك لانفجارات كبيرة ف حدود البلدة مما نتج عنه سحابة دخانيه.
وربط الاساطير المحلية والمصرية بالتاريخ في قمة الأرضاء ومحطات مهمه في رحلتي في استكشاف الفولكلور المصري وجذورة الذي كاد ان يختفي بسبب العولمة وتغريب الثقافة والادب المصري.