بَگوان شْري رَمَنا مَهارِشي (١٨٧٩-١٩٥٠) أحد أهم العارفين، بل يمكن وصفه -وفق المصطلح الصوفي- على أنه قطب من أعظم أقطاب الروح الذين عرفتهم الهند الحديثة. انتابه ذات يوم وهو في سن السادسة عشر هلع من الموت فاستشعر أن ساعة أجله قد حانت، وبدلاً من تجاهل ذلك الهاجس أو التملّص منه، مضى معه في دروبه المروعة، فأخذ يحاكي سكنات الموت مناجياً نفسه عن حقيقة الموت والروح والأنا، حديث مع النفس كان قصيراً جداً بمقياس الزمن ولكنه على إثره سيغدو وهو لا يزال فتىً بعد من أهم الأولياء المستنيرين في تاريخ الهند بل والعالم، ومن رواد طريقة الاستفهام عن النفس. بعد تلك التجربة المصيرية، شدّ الرحال هاجراً بيته وأهله وكلّ متاع الدنيا إلى بلدة تِروڤَنّامَلَي (الكائنة في ولاية تَمِل نادو) حيث أقام حتى آخر رمق بجوار من كان ينظر إليه بمثابة مولاه وأبيه الروحي فلم يفارقه يوماً، جبل أَرُناتْشَلا المقدّس، مستقطباً بنظرته الشاخصة وحكمته الصامتة فُيوضاً من المشايعين والمريدين الذين تدفّقوا إليه من كلّ حدب وصوب كما الأنهر تجري مشتاقةً لعناق المحيط.
في هذا الكتاب 'تعاليم بَگوان شْري رَمَنا مَهارِشي بكلماته'، فإن جامعه (آرثر أُوزبورن) قد نجح في تقديم التعاليم الأساسية لـ بَگوان بصورة شاملة ومختصرة في نفس الآن وذلك من خلال مختارات قام بانتقائها بعناية من أحاديث بَگوان المدوّنة وأعماله المكتوبة. علاوةً على ذلك، فإن ملاحظات الكاتب والتي نثرها على مر صفحات الكتاب تقع على قدر كبير من الأهمية كونه كان معاصراً لـ بَگوان والأهم ملازماً كمريد لديه. أما بالنسبة لهذه النسخة المعرّبة، فبالإضافة إلى الجهد المبذول في تعريبها، فهي تحدّد في حواشيها (عبر إنفاذ الكثير من المقاربات) بعضاً من معالم تلك الظلال الصوفية الإسلامية لتعاليم بَگوان مما يؤكّد على عالمية رسالتها؛ كما تردم الكثير من فجوات الإشارات المرجعية للاستشهادات والاقتباسات، والتي غابت عن الكتاب المصدر؛ وأخيراً وليس آخراً، تقدّم شروحاً مستفيضة لمعاني العديد من المصطلحات السنسكريتية التي أتى على ذكرها الكتاب.
باحث متخصص في علم 'الهنديات' وبالتحديد الدراسات والآداب الروحية والتراثية الهندية. تعمّق في فلسفة اليوغا بمدارسها المتنوعة وخصوصاً المدرسة الأدْڤَيتية (اللاثنوية 'الأحدية')، بالإضافة إلى توسّعه في جميع الأسفار والملاحم والكتب المقدّسة للهند. شرع في تعلم السنسكريتية منذ أن حطّ الرحال في الهند والتي جالها بطولها وعرضها مُستقصياً سِّيَر حكمائها وزُهّادها ومستنيريها القدامى والمعاصرين وزائراً ومُعايناً لمعظم صروحها الدينية ومعالمها الروحية. تهدف أعماله بمجملها إلى إطلاع القارىء العربي وعن كثب على التراث الثقافي الروحي الهندي ونقاط الالتقاء بينه والتراث الثقافي الروحي العربي. يحمل ليسانس صحافة من جامعة دمشق، كما عمل في بداية حياته المهنية كمحرر نصوص لدى العديد من وكالات الإعلان العالمية.