يعالج هذا العمل تاريخ أهل السنة والجماعة، من أواخر القرن الأول الهجري “أوائل الثامن الميلادي” وحتى منتصف القرن الخامس الهجري “الحادي عشر الميلادي” عبر دراسة أصحاب الحديث والمتكلمين والفقهاء والمتصوفة، وتتبع تقلبات العلاقة بين السلطة السياسية وأهل السنة.
إن محاولة كتابة تاريخ أهل السنة والجماعة غير ممكنة من دون اللجوء إلى مصادر تاريخ الإسلام المبكر، ونصوص علمائه وفقهائه وأدبائه، ومقولات فرقه وجماعاته، وسير رجاله، وسياسات دوله. بيد أن هذا الكتاب لم يكن ممكناً كذلك من دون الرجوع إلى أعمال الزملاء والأساتذة، شيوخ دراسات الإسلام المبكر، الذين مهدوا الطريق لفهم نشأة أهل السنة والجماعة وتطورهم. مثل كتابات وأبحاث جوزف فان إس، مونتغمري وات، جورج مقدسي، رضوان السيد، وائل حلاق، كريستوفر ميلتشرت، مارشال هودجسون، أحمد كارا مصطفى، ألكسندر كينيش، جوناثان بيركي، م. م. برافمان، هيو كينيدي، وآخرين كثر، تحفل بأسمائهم وعناوين أبحاثهم هوامش فصول هذا الكتاب ومصادره.
أكاديمي وباحث، يعتبر من أهم المفكرين الإسلاميين الذين ظهروا في العالم الإسلامي والعربي في العقدين الأخرين. والذين أسهموا بشكل فعال وجلي في الحركة الفكرية والسياسية فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا بل وعالميًا.
= أهم المحطات والنشاطات في حياته العلمية والفكرية: - ولد بعد النكبة في التاسع من إكتوبر من عام ١٩٥٢م، في رفح إبان الإدارة المصرية، لذا فهو يحمل الجنسيتين المصرية والإيرلندية (نظرًا إلى كون زوجته إيرلندية الأصل). - من عام 1976-1979: عمل كمفتش أول للصحة العامة والطب الوقائي، في وزارة الصحة العامة، في أبو ظبي. - من عام 1979-1981: كان عضوًا في مجلس تحرير لمجلة "المختار الإسلامي" الصادرة في القاهرة. - من عام ١٩٧٩-١٩٨٢: كان معيدًا في جامعة القاهرة. - انتقل بعد تلك المدة إلى بريطانيا، وعمل عضوًا في هيئة تحرير مجلة "الطليعة الإسلامية"، وهى مجلة شهرية تصدر في لندن، وكان عضوًا في مجلس إدارتها حتى عام 1986. - من عام 1983-1987: كان مدرس في كلية كنغز كوليج في جامعة لندن. - من عام 1990-1994: كان مديرا قسم الدراسات والبحوث في "مركز دراسات الإسلام والعالم" World and Islam Studies Enterprise (WISE), Tampa, Florida, USA وعرف المركز مختصرًا بـ"وايز"، تيمنًا بكلمة "وايز" الإنجليزية التي تعني "الحكمة" بالعربية. وهو مؤسسة فكرية ضمن المراكز والمعاهد البحثية التابعة لجامعة جنوب فلوريدا في ولاية فلوريدا الأمريكية، وعرف المركز بإقامة الندوات ونشر الدراسات، وإصدار دورية علمية متميزة (وكان د. نافع رئيس تحريرها) تحت عنوان:"قراءات سياسية" وتوقفت عن الصدور في نهاية 1995م. في عام ١٩٩٦م رجع إلى بريطانيا التي يقيم فيها حتى يومنا هذا. - باحث في التاريخ الإسلامي في الكلية الإسلامية في لندن Muslim College - أستاذ الدراسات الإسلامية في كلية بيركبك بجامعة لندن Birkbeck College - أستاذ محاضر في قسم الدراسات الإسلامية في كلية الحجاز الإسلامية في نونيتون في إنجلترا Hijaz College, Nuneaton - 1994-1996: مدير قسم الدراسات والبحوث في المعهد العالمي للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية
= أهم مؤهلاته العلمية * 1991-1996م: دكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة ريدينغ لندن - إنجلترا.. وموضوعها: "السياسة والعروبة والإسلام والقضية الفلسطينية ما بين 1908-1941م"، والتي نشرت في كتاب لاحقًا. * 1991: دورة في فلسفة العلوم من المعهد الإسلامي في لندن * 1988-1989: زميل باحث (ما بعد الدكتوراه) في مستشفى القديس جورج
لن أشعر بأي تهويل لو قولت أن هذا الكتاب هو من ضمن أهم 10 كتب قرأتهم في حياتي لأسباب:
1- هذا الكتاب تطرق إلى موضوع البحث والكتابة فيه يكاد يكود منعدم 2- كم الاستفادة التي حصلت عليها من قراءتي للكتاب والتي فتحت أفاق فكري متعددة بالفعل
من يهتم بالفرق الإسلامية، أصبح لديه مجموعة متنوعة لا حصر لها من الكتب التي تحدثت عن تلك الفرق: شيعة - خوارج - معتزلة - وغيرهم الكثير.
ولكن ماذا عن السواد الأعظم من المسلمين "أهل السنة والجماعة"؟ نرى عجزًا واضحًا للوقوف عن هذه الفرقة الكبيرة ولاتي تمثل غالبية المسلمين، ولا نكاد نعلم الكثير عن تاريخ تلك الفرقة ونشأتها ومعالمها، ومن هم أهل السنة والجماعة كمفهوم واسع.
في سبعة فصول، استطاع الدكتور بشير، من تقديم إجابة عن السؤال: من هم أهل السنة والجماعة؟
قد يبدو لدى البعض أن السؤال إجابته واضحة ولكن بالعكس، لأن هذا المفهوم يتسم بالضخامة، ولذلك قام المؤلف بتقديم الصور المختلفة لأهل السنة والجماعة، وفي البداية حاول تقديم منشأ هذه الفرقة تاريخيًا والذي كان في القرن الأول الهجري وتحديدًا بعد انتهاء الفتنة الثانية.
أما الفصل الثالث والذي يعتبر أهم وأضخم الفصول وأكثرها تخمًة بالمعلومات فكان عن العقيدة وأصول الدين وفقًا لعلماء أهل السنة والجماعة.
هذا الفصل يضم فيه العلماء الذين تصدوا للآراء الشاذة في أمور العقيدة للفرق المختلفة ونشأة السجال بين العلماء في أمور الكلام المختلفة ومحنة خلق القرآن.
نرى عبر هذا الفصل، أن من تصدى للمعتزلة على سبيل المثال كانوا الأشاعرة وهؤلاء يتم اليوم إخراجهم من دائرة أهل السنة والجماعة من بعض "المهابيش" ممن ينتسبون إلى الحنابلة أو السلفيين.
مع الأشاعرة، ولد الماتريدية، وكان لهم الفضل في تسنن قطاع كبير من أتباع المذهب الحنفي في القرنين الـ 3 و الـ4 حيث كانوا مرجئة ومعتزلة.
الفصل الرابع هو عن الفقه والفقهاء ونشأة المذاهب الفقهية ومن اندثر من المذاهب، مثل المذهب الظاهري والمذهب الطبري
بالإضافة إلى الرد على الدعوات التي قالت بأن الفقه الإسلامي يعود إلى أصول يهودية أو مسيحية، لأن الفقه الإسلامي تمتع بالتطور التدريجي، والذي يوحي ويؤكد بأنه لم يستعير أي شكل من الشكال من الديانات الأخرى.
والدليل هو حضور أراء النبي ثم الصحابة ثم التابعين في البدايات المبكرة للفقه قبل تشكل المذاهب، وبعد ذلك اعتماد كل مصر على الأراء الفقهية للصحابة والتابعين التي عاشت أو استقرت في تلك المصر.
والفصل الخامس كان عن التصوف والصوفية الخاصة بأهل السنة والجماعة، وإسهامات أبرز علماء الصوفية في المشهد السني مثل الإمام الغزالي، والحكيم الترمزي، وتطور الأراء الصوفية والمصطلحات.
وما الفرق بين الزهد والتصوف، وهل التصوف تطور شكلي للزهد الذي كان موجودًا في الأيام الأولى من الإسلام.
كما أورد لنا أشكال التوتر التي شابت العلاقة بين علماء الحديث التي تعاملت مع التصوف ببعض الريبة والشك، انتهت في بعض الأحيان إلى حملات شعبية عنيفة ضد الصوفية في بغداد على سبيل المثال.
أما الفصلين السادس والسابع فكانا عن الإمامة والسياسة والخلافة.
ونرى أن أهل السنة والجماعة في البدايات كانت تتمتع بالتعددية، وأن سلطة أهل السنة لا تملك حق الإخبار عن الدين الصحيح، وأن الإجماع السني لم يسلم لعالم أو سلطان بالقدسية.
عبر الفصلين الأخيرين، نرى أن معظم من وصل للحكم أو الخلافة مهما كانت مرجعيته الفقهية أو المذهبية، تصوراته وقراراته كانت لا تعتمد على تلك المذهبية، وبشكل كبير كانت تعتمد على "أين تقع مصلحتي فاتبعها"
ولو قرأنا تاريخنا مرة أخرى بعقلانية مع حذف نزعة التسييس المفرط في قراءة التاريخ المؤدلجة، سنرى تاريخًا جديدًا أقرب إلى الصواب.
لا أعلم من الفرق الإسلامية، اختلافات حول أصول الدين، فلا نرى فرقة قالت بأن ركعات صلاة المغرب 5 ركعات على سبيل المثال، أو أن الصيام في شهر رجب وليس رمضان. ولكن الاختلافات كلها في فروع الفروع، والخلاف الأكبر هو عن ما يعرف في الكتب بـ "الأمر" أي الخلافة والتي لو لها أهمية في الدين لنزل بها وحيًا أو قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم وشرحها لنا مثل باقي أمور الدين.
كتاب فخم جداً،، استطاع مؤلفه ان ينشأ سردية مكثفة ومتماسكة إلى حد كبير عن نشأة أهل السنة والجماعة منذ نشأتهم وحتى زمن صعود السلاجقة، عبر محاور العقيدة بمدارسها والفقه بمذاهبه والتصوف بطرقه ثم العلاقة بين العلماء والسلطة، وكنت اتمنى لو تابع المؤلف في الفصل الأخير عن العلاقة بين العلماء والسلطة حتى العصر الحديث ولم يتوقف عند السلاجقة.
الكتاب سلس ومنظم بطريقة ممتازة لا تشعر بانقطاع بين فصوله او أفكاره، طريقة الكتابة تُشعر وكأنك تقرأ مغامرة الإسلام لهودجسون كما إن جهد المؤلف الكبير واضح فيه وقد أعجبني انه اعتبره مقالة طويلة وليس كتاب ناجز ومنتهِ.
استمتعت جدا بقراءته كما اني أنصح به ولي عودة لقراءته مرة ثانية بإذن الله....
بشير نافع وذكره لدور الإمام البيهقي في المدرسة الكلامية الأشعرية إذ يقول: لم يقدم البيهقي إضافة ملموسة في الموضوعات الكلامية التي سبق تناولها في أعمال الأشعرية المتقدمين -الأشعري والباقلاني وابن فورك والبغدادي-، ولكن الموقع الذي احتله البيهقي في مسيرة المدرسة الأشعرية يعود بالتأكيد إلى - استدعاء النص أساسا لتبيين مسائل الكلام، مستندا إلى علم غزير وخبرة لا تخفى، يلجأ البيهقي بصورة لم يعرفها أشعري قبله إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ليضفي شرعية على آرائه، لم يشكل تحديا لاحتكار أصحاب الحديث المديد للمرجعية النبوية وحسب، بل مقاربته تستبطن القول بأن المدرسة الأشعرية تسير هي الأخرى على طريق صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام. وكما طريقة أصحاب الحديث، لا يذكر البيهقي اثرًا من دون سلسلة الرواية والإسناد. بكلمة أخرى، ما يبدو أن ما اراده البيهقي وعلى خطى أصحاب الحديث كان استنطاق القرآن والحديث، بحيث يختفي قوله هو ومنطقه خلف نصوص الكتاب وما نقل عن النبي المرسل.
وبعد الانتهاء من الفصل الثالث من الكتاب.. سَرد الأستاذ بشير نافع في كتابه "أهل السنّة والجماعة" الجديد لتطور الفكر العقدي لعلماء المسلمين من المذاهب الثلاثة الحنابلة والأشعرية والماتريدية = سرد قوي ومتين.
وعرضه لفكر الأئمة الأعلام وما يعتقدون من اعتقاد وتفنيده وإبراز مسائل الخلاف عندهم، بل والإشارة إلى ما يميّز الإمام عن نظيره في نفس مذهبه في أدق مسائل العلم الكلامية، يجعل القارئ يظن أن المؤلف -بشير نافع- قد درس وتوغل في المدارس الكلامية الثلاثة واستطاع استيعاب آراء أئمتها، ووقف على تفاصيل الخلاف بينهم، مما جعل له القدرة على الجمع والكتابة بصورة علمية رصينة، وبشكل بديع منقطع النظير، ولا أبالغ إذا قلت أن الكتاب سيكون له حظوة كبيرة في بابه عند أهل التخصص، وأول الدراسات التي سيقف عليها الباحثون ولن يكونوا في غنى عنها لفهم تطور الفكر العقدي عند العلماء المسلمين.
كتاب قيّم ورائع، وجدير بالدَرس والمراجعة والمناقشة مرارا.
ثمة جهل كبير يحيط بالمذاهب الإسلامية لا اقصد بين المستشرقين أو الغرب بل المسلمين أنفسهم حالة التراشق السني الشيعي اليوم مثال واضح وحتى التراشق السني - السني حالة حنابلة اليوم والأشاعرة وذلك رغم حالة التعددية الكبيرة التي كانت تعيشها حواضن الإسلام بغداد وبلاد فارس والشام، دكتور بشير يدرس ظهور أهل السنة والجماعة أو السواد الأعظم من القرن الأول إلى الخامس هجري ومنذ ظهور مصطلح الجماعة بعد تنازل الحسن لمعاوية وحتى مابعد البوهيين والسلاجقة حين اكتمل وعي السنة وظهور كتب الحديث والفقه السُنية الظهور السُني لم يكن مدينًا لقوة دولة أو تعاون بين سُلطة وعلماء بل كثير من علماء السنة كانوا ينفرون من بلاط الخلافة وكرسي الحكم ولا يحتكون بالأسرة الحاكمة بنوع من الزهد والورع والخوف من فتنة الحكم يظهر هذا جليًا بعد فتنة خلق القرآن وحتى بعد وصول المتوكل الذي انتصر لأهل السنة وأنهى النفوذ المعتزلي بالحكم لم يحاول العلماء وأبرزهم بن حنبل التقرب منه حتى أنه هاجر من بغداد للهروب من الخليفة وأمواله نعرف اليوم أن غالبية المسلمين اليوم سُنة وأن السنة لا ينظرون لأنفسهم كطائفة من الطوائف بل هم الدين وهم أهل الوسط بين المذاهب، ولكن هذا لا يعني أنهم يخرجون كل الطوائف خارج دائرة الإسلام رغم محنة خلق القرآن لم يتم فصل المعتزلة عن التاريخ الإسلامي ودائرة الإسلام وبعد ظهور الإباضية وهم (خوارج معتدلون) أيضًا لم يُنظر لهم خارج دائرة التاريخ والدين حالة الجاحظ اكبر تجلي لهذا كان الجاحظ عثمانيًا ويهاجم الشيعة ويقول بأنهم ليسوا منا، بهذا المعنى تجتمع المذاهب الثلاثة معتزلة خوارج سنة ضد الشيعة جاء المذهب الشيعي استثناء من هذا كله الشيعة لهم نظرة خاصة للتاريخ ولذلك يُرون وكأنهم خارج التاريخ الإسلامي وسبب القطيعة نظرتهم لأنفسهم بأنهم طائفة مظلومة ومهمشة ونظرتهم للتاريخ والقرون الأولى مسألة عدالة الصحابة والإمامة وأهل البيت كل هذا احدث فجوة بين السواد الأعظم وبين الطائفة الاصغر ورغم ذلك كله لم يُنظر للشيعة (الإمامية) أنهم كفار، صحيح هناك من كفر لكن هناك من رأى أنهم يدخلون من ضمن الإجماع ابن تيمية وفتوى الطلاق كمثال القراءة عن تشكل المذاهب والأفكار الإسلامية مهمة لأنها تعطي تصور واضح للآخر المذهبي وفهم اكثر نضج من حالة التراشق السخيفة الحالية
عمومًا خاتمة الكتاب توضح كيف أنتهى زمن تأثير العلماء بالمعنى الكلاسيكي منذ القرون الأولى وحتى القرن التاسع عشر مع الدولة الحديثة التي سيطرت على كل شيء التحديث انتزع ��ن العلماء سلطتهم وحقوقهم وتقوض دورهم في المجال العام هذا من شأنه تغيير رؤية المسلمين لدور الدولة الذي كان مقتصر على حراسة الدين وتوفير الموارد لبيت المال وحفظ الأمن اصبح الآن هو كل شيء.