تبدأ المسرحية عمليا بظهور ميري ، بيومياتها الحياتية في عائلة عادية . حيث الوجه المسلي في المسرحية يتمثل ببطل من خارج العائلة " كريستانوف". وربما كان ديميترديموف لا يبحث عن خصائص نفسية غنية . لكن نموذج كريستانوف يمثل ذلك إلى حد كبير . إضافة إلى أن المؤلف يستهويه هذا . النموذج بفوضاه الساخرة التي يحبها ديموف ويطورها دائما .
مهما كان أسلوب المسرحية فلا بد من وجود صراع ، والصراع هو نسيج الأقدار الإنسانية والقلق والاقتراب من أبطال المسرحية . وعند ديموف في "نساء لهنّ ماضٍ" يتقرر بسهولة الجانب الموضوعي للصراع والوضع المسرحي الأساسي : مجيء ميري أو إنسان الماضي . لكن هناك بعد آخر هو الجانب الذاتي او التناقضات داخل البطل . وهنا تتحدد الشخصية من خلال التناقض بين الأوضاع الحالية وبين وعي وماضي البطل . الصراع هو بين الحاضر (نينا) إحساسا وتفكيرا ونظرة إلى الحياة وبين ماضي الحاضر ، إنها (نينا) تريد التخلص من هذا الماضي الذي هو في الحقيقة يتلخص في واقعة واحدة وخطوة طارئة ، لكنها مرتبطة بذاتها . عند ديميترديموف يعيش الماضي والحاضر بصورة متمايزة في النموذج نفسه . فالإنسان ربما ينقطع ذاتيا عن ماضيه ، لكنه مسؤول عنه أمام الآخرين . إنه اجتماعي ومرتبط بالناس ، ومضطر إما إلى إخفائه أمام الجميع أو أن يفتخر به أمام الجميع . والنتيجة ليس الماضي مسألة ضمير فحسب بل هو تقويم اجتماعي . كل سر هو عبء وثقل وعدم قدرة على التحرر الداخلي للشخصية أمام نفسها وفي نفس الوقت أمام الآخرين . هكذا في الصراع الداخلي تسيطر الأبعاد الاجتماعية الأخلاقية وتتقدم على النفسية . هكذا هو الصراع داخل "نينا". عملية التحرر من عبء الماضي ، بكل أسبابه المبررة وغير المبررة تشكل أبعادا داخلية للصراع واتجاها فكريا أخلاقيا في مسار العمل .
مثل العادة ، المرأة وحدها هي من تعاني من ماضيها ، لا يكفي ما عايشته ولكن يجب عليها تحمل نظرات وأحكام الآخرين حتي تكفر عن أخطاء لم تؤذي بها أحدا غير نفسها....