هذا العمل كما نقول بالعاميّة "ضربة معلم". حيث أنه تجربة سعودية أولى في الطب النفسي. رغم كل الثغرات فيها إلا أنها تُحسب تجربة مختلفة وجيّدة نوعا ما.
مستوحى من واقع يعمل الكثيرون على مداراته والتستر عليه, خوفًا من الفضيحة بين مجتمع ينقصه الوعي, وأهل يضربون بسوط العادات والتقاليد كل من يواجههم بحقيقة أحوالهم. تطرح فيه القاصّة والروائية فاطمة عبدالحميد, قضية حسّاسّة. (الشخصية المزدوجة) إذ كان تعدّد الشخصيات سِمة للعالم الجديد, وملامحه المستعارة ماعادت تكفي ولا تُخفي الحقائق. فضّة ولجين. وجهان لجسدٍ واحد. أُخذت الأولى بذنب الثانية. حيث عانت (فضّة) في صغرها من مضايقات خالها وانتهاكه لـ حُرمتها. فتخلّقت لديها (لجين) شخصية مُثارة دائمًا, شبقَة لا يردعها شيء. حتّى تزوّجت افتراضيًا من شخص في بلدٍ آخر, ترسل له صورها بأوضاع أقل ما يُقال عنها, مسرفة بالفُحش. من ثمّ تتصعّد الرواية دراميًا باكتشاف أهلها لما تفعله. فيأخذون بما يقوله العُرف السائد: أن (لجين) ماهي إلّا جنيّة, وبتحريض من إخوتها تُقاد لأحد المشايخ لـ يرقيها ويُخرِج هذه الجنيّة. لكن (لجين) تتمرّد على الجميع. حتّى يأتِ الوقت لتشخيص الحالة, طبيًا ونفسيًا بـ اضطراب الهويّة الفصامي. وبين تكتّم العائلة وعلاج الشخصيّة عبرَ جلسات تتنامى فيها كل الاضطرابات التي عانت منها, تتزوج من شاب مبتعث لكن النهاية مكشوفة إذ توقفت عن العلاج وتكتيم أهلها على وضعها يأتِ بالطلاق مجددًا لتدور الدائرة مرة أخرى. __ العمل طرح قضايا مهمة, مع الإغفال عن كثرة الشخصيات, والجمل القصيرة ودخول اللهجة العاميّة مع الفصحى في سباق..من حُرمة المحارم المنتهكة, إلى مشايخ الرقية الشرعية, وتصرفات بعضهم ومخادعتهم للناس خلف رداء الدين, ومن تناقض الأهل ورضوخهم لبعض التجاوزات وما يتناسب مع الأعراف. إلى نقطة المرض النفسي والاختلاف في قبوله أو رفضه والتكتّم عليه, ومحاولة لملمة الحالة دون تدخّل الطب خوفًا من انقطاع نصيب البنت وأحاديث الناس. ثم متابعة الحالة في الجلسات العلاجيّة, وتطوّرها وبروز التشخيص الأخير. ___ * الغلاف يحمل لوحة لـ بيكاسو, في إلماحة ذكيّة وترابط بين المحتوى العام للرواية والاضطرابات التي عانى منها بيكاسو في فترةٍ من حياته.
أعتقد أن جزء من براعة هذا النص تكمن في أن الراوي مشوش ذهنًيا، وبالتالي نحن جميعًا أسرى لسردية "فضة"، أم هي "لُجين"؟ من الصعب الجزم من فيهن تولت دفة الرواية.
تمتلك "فاطمة عبدالحميد" كل المقومات التي ستجعل منها قاصّة مذهلة، لكن العيب الوحيد الذي وجدته بالرواية هو كون بعض المواضع قريبة من "زهايمر" القصيبي ومن عوالم الروايات السعودية التي تصور الشخصيات النسائية بهشاشة مطلقة، وقد يكون السبب في ذلك هو كون العمل من انتاجات تلك الحقبة الزمنية فعليًا (٢٠١٣) مما لا يترك الكثير من الأدوات للروائية في كل الأحوال.
منذ البداية، تشعر أنك على الحافة.. تحاول أن لا تسقط في العادات، أو الدين، أو حتى المجتمع. لكنك تفعل. تسقط. تسقط بكل "خليجيّتك" وبكل ما يحمله هذا المسمى من تناقضات وفخر، وتنهض مدعياً أن لا شيء يوجعك. أنها كانت مجرد.. عثرة.
تفتنني الروايات التي تصطرع فيها ذوات الإنسان، لتهدم كل المثاليات التي شيدت لقرون حول الإنسان المنسجم مع ذاته و مجتمعه، ذاك الإنسان( ذو البعد الواحد) الذي إما أن يكون خيراً خالصاً أو شراً صرفاً، فلا مكان لإنسان رمادي. فقولبة الآخر تستدعي منا تصنيفا آحاديا له: إما خيّراً ملائكياً، أو شريراً شيطانياً. وهذه القولية تيسر علينا إطلاق الأحكام عليه، بل والتعامل معه وفق نموذج معدّ مسبقاً و اتفق عليه الجميع، فلا مجال هاهنا للتعامل مع كل موقف وفق سياقه و الظروف التي استدعت من الآخر التصرف بما صدر منه، بل يكفي أن تكون معرفتنا المسبقة به ( من الأخيار أو الأشرار) لنصدر حكمنا بغض النظر عن أي احتمال آخر قد يخالف الحكم المسبق الذي شكلناه عنه.
إن كانت كل من رواية( قصة الدكتور جايكل و مستر هايد الغريبة) لروبرت ستيفينسون، تشير إلى الصراع ما بين الحانب الشرير منا و الجانب الخيّر كجوهر ملازم للطبيعة البشرية، وان الغلبة أحيانا تكون للشرير الذي بداخلنا( خلافا للمثاليات التي تدعو الى انتصار الخير). و ان كانت رواية ( سيدهارتا) لهيرمان هيسه تخلص إلى فكرة ( أن في كل بوذا شيء من اللصّ، وفي كل لص شيء من بوذا) ، وان لا يمكن الوصول لحالة النقاء الأعلى دون المرور بالخطايا و تجربة الشرّ. والفكرة هذه يعود هيسه ليعالجها في رواية ( ذئب البراري) الممزق بين الخير و الشرّ في ذاته. وتصوير صراعاته بينها من منطلق وجودي، ليخلص إلى أن الإنسان مدينة من الذوات المتعددة، التي تتصارع مابينها . لكن يمكن القول أن هناك مقاربة أخرى لثنائية الشخصية ، ففي رواية ( حافة الفضة) تنطلق الكاتبة فاطمة عبد الحميد، من حالة معاناة الفتاة ( فضة) ابنة العائلة المحافظة على عاداتها و تقاليدها مع شخصيتها الأخرى التي تدعى ( لجين)، لجين المتمردة على كل القيم والأخلاق و العادات و التقاليد، التي ترسل صورا لها عارية يندى لها الجبين لشباب تراسلهم في برامج المحادثات. تكتشف عائلتها تلك الصور، لكن فضة تنكر ان تكون تلك الفتاة ذات الشعر المستعار الأشقر و العدسات اللاصقة الملونة هي نفسها، بل لا يعقل أن تقدم على مثل هذه الأفعال! من خلال هذه الشخصية التي تعيش بذاتين متناقضتين، تظهر احداها بشكل لاواع، وخلال الليل، ولا تكاد تتذكر فضة شيئا عن شخصيتها الثانية ( لجين) التي تتسرب من أعماق لاوعيها، تعالج الكاتبة الأسباب التي أدت إلى تلك المعاناة. إذ تسلط الكاتبة التي تعمل معالجة نفسية الضوء على كثير من الممارسات الاجتماعية التي تضج بالتناقض المرضي. إذ يحرم على الفتيات كل ما هو مباح للرجل، وتسيطر الخرافة و قصص تلبس الجن بالإنسان محل التفسيرات العلمية للأمراض النفسية، وكيف يؤدي اهمال العائلة للفرد ، والجفاف العاطفي، وتجارب الاعتداء في الطفولة إلى عقد نفسية قد لا يبرأ المرء منها مالم يكن أمامه المجال ليكون ( نفسه)، ليعبر عن ذاته، و معاناته. وكأن المرض الذي تعاني منه فضة هو انعكاس لصورة المجتمعات المتناقضة التي تحظر على الإنسان أن يعبر عن ذاته، فيتطرف حتى في ثورته على المجتمع والحياة.
على الصعيد الفني، ما أعجبني في هذه الرواية أنها لا تقول ما تريد قوله مباشرة، وكأننا نسمع بيانا وعظياً أو ثورياً، بل تتوسل تصوير كل فكرة بمشهد. وعلى القارئ أن يلتقط ذلك. #حافة_الفضة #فاطمة_عبدالحميد #رائدة_نيروخ
بما إني بدرس psychiatry هذه الفترة، فده كان السبب الأساسي لقراءتي للرواية، والسبب الأساسي لإكمالها للنهاية. الحقيقة بعد حوالي ربع الرواية، نحيت عين القارئ على جنب، وبدأت أقرأ بعين الطبيب النفسي بشكل أكبر بكتير واحلل كل حاجة.. سرد الأحداث كان زي الفراشة اللي بتقف على زهرة وتطير منها على التانية بلا هدف قبل ما تفهم حاجة، ولحد آخر الرواية مفهمتش ايه اللي بيحصل، حتى الدكتور موصلش لتشخيص، والرواية خلصت بدون حل العقدة وبدون علاج وبدون تغيير عن البداية بحس ببعض السخرية لما تتكلم عن أي شيء ديني يمس الموضوع أو لا يمسه، بغض النظر عن خرافات الشيوخ التي لا تخفى على أحد، وفي نفس الوقت محستش إنها معترفة بدور الطب النفسي بردو، طول الرواية أنا مش فاهمة الكاتبة عايزة إيه حسيت كأن السرد فيه نوع من الـ mania 😂 بعيدًا عن فضة نفسها الرواية في حد ذاتها مش طرازي، محبتهاش، بس هديها النجمة التانية عشان كانت interesting & weird psychiatric case بالنسبالي ✨
ألا يذهبون أن العمل الروائي الأول يحمل غالبًا من ذات المؤلف؟ سخّرتْ هنا عبد الحميد مهنتها كمعالجة نفسية لتروي واقعًا متعدد التفاصيل والأوجه.
عبر ازدواج شخصية( فضة ولجين) تطرقت الكاتبة لقضايا مجتمعية، سعودية المحور في أغلبها وإن تقاطع بعضها مع سقطات فكرية توحدنا عالميًا ربما، عربيًا خاصة كمسألة تقبل المرض النفسي، التكتم عليه
▪️المرض النفسي كالزلازل، طبيعية وخارجة عن السيطرة، وليس على المدن أن تخجل من زلازلها، بقدر ما تخجل من تباطؤها في اعادة ترميم نفسها وإصلاح عطبها.
رواية جيدة.. فكرة جريئة نوعا ما بالنسبة لكاتبة عربية ومن بيئة ما زالت حتى الآن تعتبر المرض النفسي ضرب من ضروب الجنون فما بالك لو كان هذا المرض هو الانفصام لشخصية متحررة إلى أقصى الحدود وغير مبالية لكل تقاليد وأعراف المجتمع أهل فضة ذكروني بالنعامة التي تدفن رأسها بالتراب كي لا ترى المصيبة والخطر.. فهي تعتقد أنها بهذا الفعل تنفي وجود الخطر وأنها إذا لم ترى شيئا فكأن شيئاً لم يحدث
هذه المرة الأولى التي أقرأ فيها للكاتبة فاطمة عبد الحميد، لأتفاجأ بأسلوب أدبي رفيع وقصة عالية الجرءة وجميلة. هذه قصة أنصح بها محبي الأدب ولا بد لي من التعمق في اكتشاف المؤلفة.
من المفترض ان بطلة الرواية تعاني من " اضطراب الهوية الانفصامي" الامر الذي يجعلها تعاني بين شخصيتين لا تمت احداهما للاخرى. العمل جيد لكن صوت الراوية والذي من المفترض ان يكون صوت احدى "شخصيتيّ" بطلة الرواية، جاء متزناً وعاقلاً ومطعم بكثير من السخرية على النقيض تماماً مما يجب ان يكون عليه بسبب ضعف هذه الشخصية واهتزاها واقعاً. هذا النناقض اكبر نقطة ضعف في الرواية والذي جعلها تبتعد عن المصداقية بشكل ما.
أمتزجت أحاسيسي مع هذه الروايه كُلياً .. تألمت مع واقعها وتعثر روحها التي سقطت تحت سفح العادات والتقاليد ، بكل جوارحي عشت لحظه مع فضه وظلالها من لجين .. روايه تحدثت عن حاله نفسيه معقدة احتمال نجاتها ضعيف وهي محاطه بطوق من الجهل الاجتماعي الخانق .. همسه للكاتبه المتميزة فاطمه عبدالحميد .. كم افتخر بكِ 🌹