العقل الشعري هو العقل الرابع الذي يكشف عنه هذا الكتاب.فقد درج الفلاسفة وعلماء الحضارة والأنثروبولوجيا على وضع ثلاثة أنواع من العقول هي الديني والفلسفي والعلمي . يحاول الكتاب الكشف عن طبقات هذا العقل الشعري وبناه و يخوض في أدق التفاصيل التي كان يعالجها علم الجمال الشعري. الكتاب يطل من خلال نظرية الشعر،على العلوم الوضعية والفلسفة و الميثولوجيا والتاريخ وعلم الأديان وعلم النفس وعلم الاجتماع مرورا بالمناهج الحديثة في البنيوية والسيمياء والتفكير والتأويل ..
شاعر عراقيّ ولد في كركوك 1951 حاصل على شهـادة الدكتوراه في التاريخ القديم 1996 عمل في وزارة الثقافة والإعلام العراقية /دائرة السينما والمسرح لغاية 1998 ثم استاذاً جامعياً في جامعة درنة في ليبيا للفترة من 1998-2003 مدرسـاً للتاريـخ القديم وتاريخ الفن عـاد إلى العراق في آب 2003 كما أنه مؤلف مسرحيّ إضافـة إلى كونه مؤلفاً لأكثر من عشرين كتابـاً في المثولوجيا والتاريخ القديم والأديان القديمة ويقيم الان في هولندا.
راودني شعور بأن الكاتب بالغ في تضخيم دور الشعر تاريخياً على حساب الفلسفة مع أن الشعر في طول تاريخه فن نخبوي إلا ما لامس الحاجات الأساسية للإنسان في حياته العادية ولم يرتق الى أعماق الروح و الوجدان ، ويبدوا أن الدليل واضح على قيادة الفكر والفلسفة لركب الحضارة وكون الشعر يتردد على الباب مطروداً تارةً على يد أفلاطون وداخلاً تارة على يد أرسطو.
في الفصل المعنون ب (موت الحداثة) ينتقد الكاتب مرحلة الحداثة باعتبارها حالة انفصال تام عن التاريخ الأدبي للأمة، و أعتقد أنه يوجد لدينا استثناءات في المملكة العربية السعودية تمثلت في تجربة الشاعر محمد الثبيتي والتي تزينت بالحداثة شكلاً وحملت روحاً قديمة/حديثة داخلها، بتمثلها روح القبيلة العربية القديمة وطقوسها ورموزها، في تجربة فريدة جمعت بين الحداثة و الأصالة في ذات الوقت، و إغفال هذه التجربة خير دليل على انطواء كل قطر عربي على رموزه ومكتسباته و انتفاء كون الشعر فناً عابراً للحدود كما يدعي البعض.
كان بإمكان الكاتب أن يختصر عدد الصفحات الى النصف لو أنه كان محدداً في استعراض مفاهيمه من الشعرية والغموض..الخ، حيث كانت فضفاضة تستوعب المتنبي و آرثر رامبو في نفس الوقت، ولو أنه أحال القاريء على أعماله الكاملة بدل استعراضها و استخدامها أنموذجاً لنظرياته لتقلص حجم الكتاب بشكل كبير. و في نظري بأنك لا تستطيع أن تكون شاعراً وناقداً بهذا القدر إلا بأن تُخل بأحد طرفي معادلة الشعر والنقد، وكما قال محمود درويش في أحد اعترافاته في (أنا الموقع أدناه) ( النقاد مقالاتهم صعبة، إذا أنا لم أفهمها، كيف سيفهمها الناس العاديون..!!).
This entire review has been hidden because of spoilers.