دراستان تتناولان تفشي ظاهرة عيد الحب في مصر في السنوات القليلة الماضية. أجد الدراسة الثانية لأيمون كرايل هي الأفضل، ومفادها أن انهيار الطبقة الوسطى أدى لانتقال دور الريادة للطبقة العليا التي يتوفر لها رأس المال (المال والمكانة الاجتماعية والمكون الثقافي الغربي) بما يمكنها من توجيه المجتمع لتبني قيم الغرب. كما تظهر الدراسة الأولى لصامولي شيلكه عدة مؤثرات على مفهوم الحب عند المصريين، فهو خليط بين موروثات ثقافية نجدها في قصة مجنون ليلى ومظاهر حداثية مثل الاحتفال بعيد الحب. الشيء المؤسف أن الدارسين أجنبيان، وقاما بدراسة مسألة قد يراها البعض تافهة، إلا أنهما قاما بمجهود كبير ومقابلات ميدانية مع العديد من الأشخاص؛ لدراسة ظاهرة اجتماعية تفشت في المجتمع، وذلك في ظل غياب تام للدارسين المصريين!
دراسة لطيفة عن ظاهرة الإحتفال بعيد الحب في مصر بها من العمق الكثير لموضوع قد يعتبره الكثيرون لا يستحق الدراسة لكني أحببت هذه الدراسة و جعلتني أفكر في الأمر من منظور أخر لم أكن أعرفه :)
دراسة في مجال قليل جدا من الباحثين المصريين ما يتطرقون له رغم أهميته.
يتناول شيلكه وايمون ظاهرة عيد الحب في مصر ويتفرعا من خلالها إلى قضية الحب في مصر بشكل عام.
الحب بين واقع مفروض بحكم العولمة، والفضاء الاجتماعي المختلط بين الجنسين الذي تسامح به المدينة، وتراجع دور الطبقة المتوسطة الريادي في قيادة عملية التحديث منذ أواخر السبعينيات، لصالح الطبقات العليا، مما ساعد على سرعة انتشار عيد الحب كظاهرة عالمية حديثة في مصر، وتغلغل في كل الطبقات متخطيا الطبقة التي إستجلبته، بحكم رأسمال الطبقة العليا الرمزي والثقافي والإجتماعي، بالإضافة للتسويق وخلق الحاجة لدى المستهلك، وبين الحب في الخطاب الديني السائد والتراث.
ويظهر شيلكه من خلال دراسته التناقض يقع المحب المصري، بين ما هو سائد وما هو منتشر من خطاب ديني معادي للحب، وبين النموذج المثالي (العذري) الذي يوفره التراث العربي في شكل قصص قيس وليلى، وبين الواقع سواء بعد الزواج أو حتى إذا لم ينتهي الحب بالزواج، وأخيرا بين مرجعية دينية ومرجعية التحضر التي فرضتها الطبقات العليا.
دراسة جيدة بشكل عام رغم أنها غير وافية وشاملة، ولكن تعتبر نواة مهمة للإنطلاق في هذا المبحث.