- شخصية الإمام أبو حنيفة من الشخصيات التي تستمتع حقاً بالقراءة عنها فهو شخص جزيل الخُلق والعلم ولنا في حياته عبره وخصوصاً حيث كان الإمام معاصراً لفترات الفتن التي أحاطت بحقبة الدولة الأموية وفي مكان مثل كوفة العراق وهي مجتمع آنذاك زاخر بالفرق والملل والفتن ، وكيفية عمق شخصية إمام أهل الرأي في ذلك الوقت.
- وعن الإمام فهو أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي (مولي قبيلة تيم الله بن ثعلبة) والموالي كما أطلق عليه الحكام المسلمين في الدولة الأموية (لا سامحهم الله) هو المسلم من غير الأصول العربية فالإمام من أصل فارسي ولكن لا يخل مثل ذلك النسب في قيمة وقامة الإمام وخصوصاً أن النسب نسب العلم والتقى وتاجه الورع كما أن الأعراب هم من حملوا لواء العلم في عصر التابعين بعدما إنشغل العرب بالحرب وتوسيع رقعة حكمهم ، ولد الإمام بالكوفة (في أرض العراق) عام 80 هـ وكان تاجراً ألمعياً ذو إيمان وعلم فربحت تجارته وإتجه إلى علم الكلام المعني بدراسة العقائد وكان مناظراً جيداً إلا أنه وبنصيحه أئمة عصره إتجه إلى دراسة الفقه ولازم الإمام حماد بن إبي سلمان - ويروى عن الإمام بعد فتره من ملازمته للإمام حماد رغبته في الإستقلال عن إمامه فدخل عليه ذات مره في مسجدالكوفه عازماً على الإستقلال فلما ألفا الإمام جالساً فما كان منه إن لازم مجلسه فطرء على الإمام حماد طارئ إستوجب معه حل أبو حنيفه محل إمامه وعرضت عليه مسائل لم تعرض على مسامعه من قبل فتحقق وقارن وأجاب ولما رجع شيخه عرض عليه إجاباته فوافقه في أربعين وخالفه في عشرين فقال أبو حنيفه لا إفارقك حتى أموت أو تموت قبلي.
- كان الإمام أبو حنيفة النعمان ضابطاً لنفسه مسئولاً عن مشاعره لا تستفزة لفظة خارجة أو سؤال خبيث وكان ذلك الحزم مبني على رهافة حس وجم الشعور
- نشأ الإمام في وسط شيعي في الكوفة فعاصر محمد الباقر وجعفر الصادق ولكن الإمام ظل محتفظاً بالأئمة الكبار مع تقديرة للعترة النبوية الشريفة من آل البيت ، وكانت العراق في ذلك الوقت تموج بالتعصب الشيعي حتى أن سب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أصبح عادة في إرتقاء المنابر وكذلك ما مرت به الدولة الأموية من التنكيل بآل البيت غير عابئين بحرمة دين أو نسب للرسول صلى الله عليه وسلم ، فحضر رجلاً ذات يوماً مجلساً للإمام أبو حنيفة فجاء على ذكر عثمان بن عفان فترحم عليه فقال له الرجل وانت رحمك الله فما رأيت في هذه البلد من يترحم على عثمان.
- من صفات الإمام عمق الفكر والتدبر في الأمر المعروض وإعمال عقله تحت لواء النص من القرآن والسنة وأقول الصحابة ، ولا يتوقف الإمام في المسألة على ظاهر الأمر ويذهب إلى علله ومراميه البعيدة.