تعالج هذة الدراسة التاريخية موقف ثورة يوليو من حقوق الإنسان و تقدم نموذجا لذلك ملف التعذيب في عصر عبد الناصر و قصتة مع المفكرين و المثقفين الشيوعيين من واقع الوثائق التاريخية و اعترافات سجناء الرأي الذين خاضو تجربة التعذيب في ليمان أوردي أبوزعبل و معتقل العزب بالفيوم و المحاريق بالواحات الخارجة و السجن الحربي و غيره من المعتقلات التي ازدحم بها عهد ثورة يوليو مع تحليل تاريخي لنظام عبد الناصر في ضوء تجارب النظم السياسية المقبلة
ولد المؤرخ عبد العظيم رمضان في ابريل 1928 عمل مدرساً للتاريخ بجامعة المنوفية وشغل منصب عضو في المجلس الأعلي للثقافة ورئيس لجنة التاريخ وعضو مجلس إدارة هيئة الكتاب المصرية وإشرافه علي سلسلة تاريخ المصريين إضافة إلي عضويته في كثير من اللجان وكذلك مساحاته الثابتة في مجلة أكتوبر الأسبوعية أو جريدة الأهرام ثم الجمهورية فيما بعد. ورحل في هدوء يوم 4 يوليه 2007 بسبب الطريقة التي حقق بها مذكرات سعد زغلول وبسبب كثرة معاركه فقد كان أحد الضالعين في التطبيع وصنعت حوراته مع الإسرائيليين تياراً عريضا داخل إسرائيل يناصر السلام وفي مصر كان مشرفا علي سلسلة تاريخ المصريين فنقل رسائل الماجستير والدكتوراه من رفوف المكتبات الجامعية إلى رفوف مكتبات المهتمين بالتاريخ والمعنيين بالقراءة فيه. جمع بين العمل الأكاديمي وجهده الأكاديمي محترم أما كتابتة السياسية فاشتملت آراء ومواقف شخصية مثيرة بطبيعتها للخلافات لموقفه من التطبيع فدخل معارك لاتنتهي منها ماهو دائم مع اليسار المصري وهو أحد مؤسسي حزب التجمع الذي استقال منه في عام 1985 ونشر هذه الاستقالة في كل الصحف المصرية ليعلن الولاء للحكومة. بالإضافة إلي ما سبق كانت معركة رمضان الأشرس مع حزب العمل وجريدته الشعب وكذلك جريدة الأحرار التي طلب من المسئولين رسميا سحب ترخيصها وإغلاقها لأنها تجرأت وهاجمته والجريدة من جانبها جيشت كل المختلفين معه للنبش في تاريخه والهجوم عليه. شمل هجومه بعض مشايخ الأزهر مثل الشيخ محمد سيد طنطاوي ومفتي مصر الأسبق د. نصر فريد واصل وامتد هجومه ليشمل الشيخ يوسف القرضاوي الذي نعته رمضان بأنه نسي مصريته وأعمته أموال الخليج.
الكتاب عبارة عن مقالات كتبها د. عبد العظيم رمضان ونشرها متتابعة في جريدة الوفد بين عامي ٩٦-٩٧.
الدافع الرئيسي لكتابة هذه المقالات كان -كما يوضح المؤلف- هو قيام عدد من الكتاب والنشطاء والسياسيين الناصريين بالدفاع عن حقوق الإنسان وتبني قضايا الرأي بعامة من خلال الكتابة بالصحف أو تأسيس المنظمات التي تعنى بهذا الأمر، وفي مقدمة الأسماء التي "يتهمها" بهذا فتحي رضوان ومحمد فائق وآخرون.
يعتمد الكتاب بشكل رئيسي على شهادات المعتقلين الشيوعيين الذين تعرضوا للتنكيل والامتهان في عهد عبد الناصر، ويستشهد بنقولات كثيرة من شهادات فتحي أبو الفتح وعبد الستار الطويلة ومحمود السعدني ومصطفى طيبة وسعد زهران وغيرهم لاثبات أن "نظام عبد الناصر" قام بجرائم بشعة ضد حقوق الإنسان وضد مخالفيه في الرأي، وأن أكثر من تعرض لهذه الجرائم وارتكبت بحقه هذه الامتهانات كانوا هؤلاء الذين يدافعون عن عبد الناصر، وقت كتابة هذه المقالات، ويسعون للدفاع عن حقوق الإنسان، هؤلاء اليساريين الذين يصفهم بأنهم توهموا أن تجربة عبد الناصر كانت تجربة اشتراكية، ينفي هذا بشكل عرضي ويؤكد على أن "نظام عبد الناصر" كان نظامًا فاشيًا عسكريًا، كرس لرأسمالية الدولة ولبورجوازية العسكر.
القضية كلها وموضوع الكتاب ووجهة نظره بكامل تفصيلاتها تم انجازها وحكيها فيما لا يتجاوز الثلاثة فصول/ مقالات الأولى من الكتاب، حتى بكل ما يلزم القاريء من إحالات إلى مراجع أو وقائع. لكنه يستغرق ما بقي صفحات الكتاب/ المقالات التى تجاوزت ٣٠٠ صفحة في تكرار لكل ما سبق وتكرار لبضعة مقولات محددة "فاشية النظام، تناقض اليسار، زبانية التعذيب" مع تنويع الألفاظ وصياغة العبارات، الأمر الذي يعيب المقالات وقد يثير تساؤلات حول مدى موضوعية ومصداقية المحتوى، ناهيك عن الملل الشنيع الذي يصيب القاريء.
يحرص الكاتب بشكل لافت على استخدام تعبير "نظام عبد الناصر" عند سرد كل الشهادات والوقائع المشينة التي يعرض لها، ما يوحي بتوزع المسئولية على النظام بهيئاته وتركيبته وشكله العام، على الرغم من هذا فإنه بعد حين، في النصف الثاني من الكتاب، يتحول إلى الإشارة إلى مسئولية عبد الناصر بشكل شخصي وكامل عن كل هذا، يورد أيضًا وقائع ضئيلة ربما من شأنها أن تنفي عن عبد الناصر جزء من هذه المسئولية الشخصية، لكنه يوردها ليقدم نفيًا جدليًا يعتمد على ترجيحه الشخصي. لا موضوعية هنا.
اختار المؤلف أن يضع المقالات في الكتاب على صورتها التي كانت تنشر بها في الجريدة، حيث كان يلخص في بداية كل مقال جديد ما انتهى إليه المقال الذي سبقه. من وجهة نظري هذا اختيار غير موفق ويزيد من منظومة التكرارات غير المبررة والتي تترك تأثيرًا سلبيًا.
بين حين وآخر يفلت -أو ينفلت- المؤلف عن حدود موضوعه ليطرح مقارنة بين "نظام عبد الناصر" وبين حلاوة الوفد، وطهارة أيادي رجاله، وليبراليته وصونه للحقوق والحريات والدستور والقانون ووو...، وقد يستعرض أمثلة من جلد تلك الذات الليبرالية لنفسها من فرط حرصها على حقوق وحريات الناس طوال الفترة التي سبقت ١٩٥٢، تلك الحكايا التي تشبه الأساطير التي تجد الوفديين يحرصون على اتحافك بها اذا أسعدك الحظ بمحاورة احدهم مرة أو مرات، يحكونها وتكاد أعينهم تفيض من الدمع كما لو كانت حكايا نورانية منزلة من السماء، والتي تتركك تردد بصوت مسموع "تراني تأثرت، لحظة أبكي!".
بشكل عام: - يحتوي الكتاب على مآسي جديرة بأن تطلع عليها. - شيء في منتهى الخسة أن تستخدم حقائق -خاصة إذا كانت تتعلق بمآسي إنسانية- من أجل صناعة دعاية سوداء ضد خصومك، ثم تتلو هذا بدعاية لاصدقائك ومن تتبنى فكرهم ونهجهم.
علي الرغم من كم الحقائق المذكورة في الكتاب -الجديرة بالاطلاع- عن حقبه عبد الناصر الا انه من أسوأ ما يمكن أن يقرأ لعدة أسباب :
١- يحسب علي الكاتب دافعه في كتابة هذا الكتاب و الذي لم يكن عرض حقائق مأساوية عن نظام عبدالناصر كما حاول ان يقنع القارئ بذلك، بل كان الدافع تشويه و الهجوم علي الكتاب و النشطاء السياسييين الناصريين المدافعين عن حقوق الانسان و عن قضايا الرأي في عهد مبارك .. استخدم الكاتب حقائق تاريخية ليس من اجل تأريخها بل لتشويه خصوم سياسيين و أيديولوجيين و صنع دعاية سلبية ضدهم لاختلافه معهم و لهجومهم علي تجاوزات نظام مبارك الموالي له الكاتب و تجميل الليبرالية المصرية بالتجني علي اليسار المصري و اليسارية بشكل عام.
٢- مط و تطويل و تكرار ممل في سرد الأحداث و اعادة صياغة الجمل و العبارات يجعل ثلث الكتاب الاول يشبه ثلثي الكتاب الأخيرين .
٣-ذكر الحقئق التاريخية المنصوصة في الكتاب كان لاظهار مساوئ و تجاوزات حقبة عبدالناصر علي صعيد حقوق الانسان من اجل تجميل الوفد و الحقبة الوفدية و الحقبة المباركية باعتبار انهم كانوا اقل وطأة من النظام الناصري...بمعني أخر مؤرخ خسيس و فاقد للموضوعية
كان من الممكن إيجاز الكتاب في ربع عدد صفحاته أو أقل , و إن كان يُحسب له فضح النظام الناصري الفاشيستي بالتفصيل من خلال وقائع مثبته بالمراجع , ورغم كل هذا , لا يمكننا التغاضي عن حقيقة مؤكده , وهي إستحالة إقناع الناصري بفاشية معبوده جمال , كما يستحيل إقناع المؤمن بعقيدة دينيه إرهابية بإرهابية دينه , عليكم اللعنه أجمعين يا كل المؤمنين الإيمان اليقين .