More on this book
Community
Kindle Notes & Highlights
وبحيرات قونيّة... أي عزلة هذه! لا أعلم مكاني من الأرض ولكن هذا لا يعنيني
٢ ”كانت الأرحام أوطاننا فاغتربنا عنها بالولادة“
ولادتي هي تأويل الشامة التي عاشت تحت عينه اليسرى طيلة حياته وبشّرته بها فاطمة: ”يا عليّ، إن موقع الشامة من وجهك يعني أنه يولد لك ابنٌ يرفع لك ذكرك ويحفظ لك قدرك ولكن مكانها تحت عينك يعني أنه يخالف دربك“.
”كل تقوى لا تعطيك مخرجاً من الشدائد لا يُعوَّلُ عليها“
”من غفل أفل“
وكأن كل ميل نقطعه في أرض الله يتّسع به قلبي ميلاً مثله،
كان الله الذي يختار فلماذا العبد يحار؟
” كل مكانٍ لا يؤنّث لا يعوّل عليه“
اكتملت في جبل المنتيار مكانة الشيخ الروحية. المكان ذكر. المكانة أنثى. آدم كان ذكراً لم يكتمل إلا بحواء. المنتيار كان جبلاً لم يكتمل إلا بالشيخ. إن آدم بلا حواء فردٌ لا ذرية له. إن الجبل بدون الشيخ تضريسٌ لا قيمة له. إن المكان بلا مكانة لا يكفي. لا بد من تأنيث المكان حتى تكتمل مكانته.
ثمة أسير في صدري يريد أن ينطلق. شمسٌ تنتظر أن تشرق. قافلةٌ تتوق لأن ترحل.
– إنما الكشف على قدر العارف. ولا بدّ أن يكون ذا ذوق.
”تتلوّن الحقيقة بوعيّ العارف كما يتلوّن الماء بلون الزجاج“
هل يعلمون أن الحياة في سبيل الله أشقّ وأصعب من الموت في سبيله؟
”أنا أورفيوس، غنّيت للعواصف حتى نامت، وللصخور حتى ابتعدت عن سفينتنا. لقد ذهبت إلى آخر العالم ورأيت أشياء أجمل ممّا تخيلت“.
إلهي، أنت المدين الذين يفي بدينه دائماً. ونحن نتلكأ على الأرض قليلاً ثم نعود إليك.
ثم نحن لك إلى الأبد. ولكن حبيبتي ذهبت إليك أسرع مما يجب. ذهبت إليك قبل أن تزهر زهرتها. وإني أسألك أن تعيرني إياها فقط، ولا تعطني إياها إلى الأبد. سنواتٍ قليلة ونعود إليك معاً“.
وعندما حاصر الجيش شنترين براً وبحراً كنا نحاصر جيدو وهي تقرأ لنا استغفار شانكارا ربه: ”اغفر لي يا ربي ذنوبي الثلاث: مشيت إليك ونسيت أنك في كل مكان، وفكّرت فيك ونسيت أنك أعمق من الأفكار، وصلّيت لك ونسيت أنك أسمى من الصلوات“.
ما قاله شانكارا: ”كي تتحرر من العبودية يجب أن تفرّق أولاً بين ما هو من نفسك وما هو ليس منها. تخلّص من اعتقادك
أنك أنت هو نفسها كتلة اللحم التي اسمها جسدك. ميّز نفسك الحقيقية تجدها متخارجة عن الزمان، لا ماضٍ لها ولا حاضر ولا مستقبل، عندها تجد سلامك الروحيّ“.
”أنت غمامةٌ على شمسك، فاعرف نفسك“
إن الفقيه يقرأ فيقول بما فهمه من مقروئه، والفيلسوف يفكر فيقول بما استنتجه من استدلاله. أما الصوفيّ فيخلو إلى ربه فيقول بما كشفه الله له.
”الحر من ملك الأمور ولم تملكه“
إن تعفُ عني في الدنيا فلا أعفو عنك في الآخرة.
المنفى لم يضرّني. إن الدنيا بأسرها منفى المؤمن.
الآن لا يجدي أعلمت أم لم تعلم. عندما يتبع الحاكم رعاع الناس تقع المظالم وتفسد الأرض. فانفعل الخليفة وضرب برجله الأرض وهو يلوّح بيديه ويصيح بابن رشد:
”الممكن برزخٌ بين الوجود والعدم“ ابن عربي
فيها سمعها مني مجاملةً وأدباً ثم لا يسألني عنها ولا يستزيد منها. تنحنحت ثم قلت: – اعلم يا رفيق دربي أنه توجد في الطبيعة ثلاث قوى غيبية: الوحي والعقل والقلب. هزّ رأسه وقد بدا عليه الاهتمام وأنصت فتابعت كلامي مختصراً إياه قدر المستطاع: – فإن مال المرء جهة الوحي وحده صار ظاهرياً. وإن مال جهة العقل وحده صار فيلسوفاً. وإن مال جهة القلب وحده صار صوفياً. – ألا يمكن أن يميل إليها كلها؟ – إن أرادها كلها فلا بدّ له أن يبني جسوراً بينها. – وكيف يبني هذه الجسور؟ – بين الوحي والعقل لا بدّ من جسر التفسير. وبين الوحي والقلب لا بدّ من جسر التأويل. – وماذا بين العقل والقلب؟ – بين العقل والقلب لا بدّ من جسر
...more
”الجليل ما يُوصف ولا يُعرف“ ابن عربي
لعينيها مثل حرف الحاء الذي ينفق فيه الخطاط نصف يومه! يا لأنفها مثل دقة الدال إذا انتهى به السطر! يا لشفتيها مثل وقار الثاء إذا سكتت والياء إذا ضحكت! يا لهذا الخدش في صدغها مثل همزةٍ أفلتت من ألفها! يا لوجهها مثل كتابٍ من نورٍ سطرته أيدي الملائكة!
”أنت أيها الإنسان. أنت المصباح والفتيلة والمشكاة والزجاجة“ ابن عربي
وحدق فيه حتى كأنه سيثقبه بنظراته وقال بصوتٍ حالم: – لا أدري، أشعر بذلك. إن لرضا الله عليك شعوراً لا يمكن أن يوصف. دثارٌ دافئ يحيط بقلبك في ليلة برد، أو وميضٌ من الضوء يسافر في عروقك، أو ملاكٌ من ملائكته يتسلل إلى روحك ويحضنها مثل صديقٍ قديم. شيءٌ لا يوصف يا محيي. لا يوصف على الإطلاق. رضا الله هذا.
تخيل أن لا ينعم الله عليك برضاه فحسب بل يُشعرك بهذا الرضا أيضاً. أحياناً أكون في شأنٍ عابر من شؤوني اليومية، جالساً أقرأ رسائل للبلاط أو ماضياً لأشتري طعاماً من السوق، أو سادراً في حديث مع شخصٍ في مجلس، وفجأةً أشعر وكأني عبرت شلالاً من نور، مشيت تحته لثوانٍ ثم خرجت منه. وأشعر وكأني أرى أمامي دهاليز النفس لامعة نظيفة وكأني خُلقتُ للتوّ. وأشعر كأن كل حلم من أحلامي وأمنية من أمنياتي قد خرجت من نفسي وصعدت إلى السماء، فشُّذبت ورُتبت وعُدلت وصيغت في حالٍ أطهر ثم أُعيدت إلى صدري مرةً أخرى. لأن الأحلام يا أخي إذا تأخرت في صدرك تفسد، وإذا باتت في نفسك سنة بعد سنة تشوبها الشوائب وتتراكم فوقها أتربة من
...more
لا يحدثني. – بلى، إنه يحدثك. أولم تستيقظ منزعجاً؟ لا شك أن قلبك يحدثك إذن. ولكنك لا تفسّر حديثه. – ومن يفسر حديثه؟ – أنت. لا أحد غيرك. – فلماذا لا أعرف تفسيره الآن؟ – لأن على قلبك غشاوة. أرأيت إن كممت فمي وأردت أن أحدثك، هل تفهم حديثي؟ كذلك قلبك. يريد أن يحدثك ولكن عليه غشاوة تمنعه.
”وما عليّ إذا ما قلتُ معتقدي دع الجهول يظنُّ الحقَّ عدوانا“ ابن عربي
تنسَ يا ولدي. طهّر هذا... ثم اتبعه.
”طوبى لمن حار“ ابن عربي
– الأرض أرض الله والمقام واسع ورب الدار كريم.
كيف تمشي على ضفة دجلة ويبقى قلبك خلف أضلعك لا يجري به النهر؟
أين تجد زهداً كافياً لتوصد باب بيتك كل ليلة في وجه بغداد وتنام؟
يريد الله أن يبتلي السالك حتى يرى طريقه والعارف حتى يذوق إيمانه.
مرّت سنتي الأولى في بغداد وأنا على قيد الفتنة.
إن صُمت طهّرت جسدك، وإن زهدت طهّرت روحك.
– وكيف أطهّر قلبي؟ – بالحب.
– افعل ما شئت وكن ما كنت، فقد ثبّت الله قلبك بأربعة أوتاد فلا يزيغ بعد ذلك قط. – ولكني لا أشعر بهذا الثبات الذي تقول يا مولانا. – لأنك تصرّ أن تعيش في الحياة، وأنا أقول لك: دع الحياة تعيش فيك.
”يأتي باللين ما يأتي بالقهر، ولا يأتي بالقهر ما يأتي باللين“ ابن عربي
”عقد الخلائق في الإله عقائداً وأنا اعتقدت جميع ما عقدوه“ ابن عربي
ولكني أعلم أن بلوغي هذا العمر لا يشبه بلوغي أي سنة قبلها. لا الثانية والستون ولا الحادية والستون. إنه العمر الذي لا بدّ فيه للمرء أن تنقلب أحواله وتتغير أقواله وأفعاله. إنه العمر الذي توفي فيه حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أدّى رسالته ونصح أمته. لم يمنحه الله عاماً واحداً بعد هذا العمر ومنحه ليّ أنا الفقير الحقير. لا شك أن السنوات التي يمنحني إياها الله ويمنعها عن حبيبه وخليله سيكون حسابها عسيراً. فويلٌ لك يا محيي إن ضيّعتها في ما لا ينفع. قم من فراشك. اخرج إلى درسك. اصدع بما في نفسك. اكتب ما كشفه الله لك علماً وبحثاً وعرفاناً.
الحب بحاجة إلى خيال. والخيال فسيفساء من الكذبات الصغيرة ليس إلا.

