وتحتل دراسة المؤرخ البريطاني المشهور هنري دودويل، التي نشرت عام ١٩٣١ بعنوان: "The Founder of Modern Egypt: A Study of Muhammad Ali" والتي سرعان ما ترجمت إلى العربية تحت عنوان «محمد علي: مؤسس مصر الحديثة». بعد ذلك بست سنوات (١٩٣٧)، تحتل مكانا متميزا بين الدراسات التي كرست لمقولة «محمد علي المصلح المستنير». فدراسة دودويل المشهورة تحيطها هالة من الصرامة الأكاديمية والمنهجية الموضوعية. فالمؤلف كان أستاذ تاريخ بجامعة لندن وهو بذلك يبدو متحكمًا في مادته متمكنًا من أدواته في التحليل، وكتابه مليء بالهوامش التي تحيل القارئ لوثائق أصلية بعضها محلي والبعض الآخر أوربي، وأسلوب الكتاب سلس ومنطقه محكم. على
وتحتل دراسة المؤرخ البريطاني المشهور هنري دودويل، التي نشرت عام ١٩٣١ بعنوان: "The Founder of Modern Egypt: A Study of Muhammad Ali" والتي سرعان ما ترجمت إلى العربية تحت عنوان «محمد علي: مؤسس مصر الحديثة». بعد ذلك بست سنوات (١٩٣٧)، تحتل مكانا متميزا بين الدراسات التي كرست لمقولة «محمد علي المصلح المستنير». فدراسة دودويل المشهورة تحيطها هالة من الصرامة الأكاديمية والمنهجية الموضوعية. فالمؤلف كان أستاذ تاريخ بجامعة لندن وهو بذلك يبدو متحكمًا في مادته متمكنًا من أدواته في التحليل، وكتابه مليء بالهوامش التي تحيل القارئ لوثائق أصلية بعضها محلي والبعض الآخر أوربي، وأسلوب الكتاب سلس ومنطقه محكم. على أن النظرة المتأنية توضح لنا تهافت منطقه واعتوار تحليله. فدودويل، أولًا، لم تكن تحت يديه مجموعة متكاملة من الوثائق حتى يقرأها ويقف منها على طبيعة الحقبة التي يؤرخ لها. ذلك أنه عندما قام بتأليف كتابه لم تكن الوثائق المحفوظة في الدفترخانة بالقلعة قد نقلت بكاملها إلى قسم المحفوظات الملكية بقصر عابدين. وبالتالي فلم يجد سوى بعض الوثائق التي اختارها له موظفو قسم المحفوظات الملكية وهي التي شكلت المادة الوثائقية المحلية التي اعتمد عليها، وبالتالي جاءت إشاراته لها في هوامشه مبهمة ناقصة. فمثلًا نقرأ في أحد الهوامش: «إلى الصدر الأعظم، ٥ رمضان ١٢٤١ (أرشيف عابدين)». وفي هامش آخر: «إلى إبراهيم باشا، ١٣ ربيع الثاني، ١٢٤٣ (أرشيف عابدين)»، ويتضح من هذه الهوامش أنه لم يطلع على وحدات أرشيفية متكاملة بل إنه اعتمد اعتمادا كاملا على موظفي قصر عابدين لتزويده بالوثائق التي كان يحتاج إليها. ثم إن دودويل لم تكن له دراية بالتركية، وهي اللغة التي كتبت بها أغلب الوثائق المحلية التي رجع لها. وعلى عكس الحال اليوم حيث...
...more
This highlight has been truncated due to consecutive passage length restrictions.