وكذلك غرق صاحبنا في السياسة إلى أذنيه، وكان جديرًا أن يفرغ للعلم والتعليم وألا يُفكر إلا في طلابه وكتبه، ولكن بعض الظروف تُحيط بالشعوب فتجعل الحيدة بالقياس إلى بعض أبنائها إثمًا لا يُغتفر، ولا تُمحى آثاره. وكان صاحبنا يرى الحيدة في ذلك الوقت جبنًا ونفاقًا. والمهم أنه غرق في السياسة أو احترق بنارها، ولم يكن له بُدٌّ من أن يحتمل تبعات هذا الغرق أو هذا الحريق، وهل كانت حياته كلها منذ تلك الأيام إلا نتيجةً طبيعيةً لإقدامه على السياسة وغرقه فيها واصطلائه بنارها؟ كل ما لقيه بعد ذلك في حياته من خيرٍ أو شر، لم يكن إلا أثرًا من آثار تلك السياسة التي أقدم عليها غير حاسبٍ لأعقابها ونتائجها حسابًا. وعلى كثرة ما لقي من أهوال السياسة وما احتمل من أثقالها، وما تعرض لسخط المتطرفين حينًا والمُعتدلين حينًا آخر، لم ينكر من سيرته شيئًا ولم يندم على فعلٍ أو قولٍ قاله. كان يعرف نفسه حين يشقى في سبيل ما يرى أنه الحق، ويُنكرها أشد الإنكار بل يبغضها أشد البغض إذا نعم بالخفض واللين؛ لأ صانع أو داجى أو جهر بغير ما يسر، أو آثر رضا السلطان على رضا الضمير.
Taha Hussein was one of the most influential 20th century Egyptian writers and intellectuals, and a figurehead for the Arab Renaissance and the modernist movement in the Arab World. His sobriquet was "The Dean of Arabic Literature".
في هذه المذكرات يُشير طه حسين لنفسه بكلمة " صاحبنا" أو " الفتى وصاحبنا هنا يحكي عن ذكريات متفرقة من حياته عن دراسته في الأزهر والجامعة المصرية, وبداية كتاباته سفره للدراسة في السوربون وقصة حبه وزواجه وصولا إلى عودته لمصر وعمله أستاذا في الجامعة مشوار حياة فيه الكثير من المعاناة والجهد... وأخيرا السعادة والنجاح لغة جميلة وأسلوب مميز في التعبير عن حاله وما يدور في نفسه