رواية "ظلال الجفر" للروائي وليد دماج واحد من الأعمال الإبداعية التي تنبش في قعر التاريخ العربي لما بعد الإسلام عن أسطورة شغلت حيزا في حياة بعض الأذهان الخاصة و العامة, و شكلت مادة للحكايات و الخيالات. و قد تمكنت الرواية, بلغتها الشعرية العذبة و بوقائعها الزمانية و المكانية, من أن تقبض على أسطورة "الجفر" و تجليات ظلاله, و أن تعبر بالنص من شبه المجهول إلى عالم المعلوم, و منه إلى عالم الفكر و الأدب.
ولد لأسرة أدبية معروفة، درس في إب وصنعاء حتى حصل على بكالوريوس محاسبة من جامعة صنعاء. بدأت علاقته بالأدب منذ فترة مبكرة في حياته، اعتمادًا على مكتبة أبيه ومكتبات أخرى يملكها كبار الأسرة في منازلهم. تأثر كثيرًا ببعض الأعلام الأدبية المعروفة، كان من ضمنهم الروائي والقاص زيد مطيع دماج، وأحمد قاسم دماج، الشاعر ورئيس اتحاد الأدباء اليمنيين لفترات طويلة، واالدكتور عبد العزيز المقالح، والشاعر البردوني، والقاص محمد عبد الولي، وغيرهم على المستوى المحلي. رغم أنه في فترة من حياته اتجه لدراسة المحاسبة إلا أنه بتأثير عميق من بداياته لم يجد نفسي في غير مجال الفن والأدب، فكتب الشعر ثم اتجه لكتابة القصة القصيرة، ولكنه رسى على ضفاف عالم الرواية الذي وجد فيه مستقرًا ومستودعًا. عمل رئيسًا للمكتب التنفيذي لصنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004، ومديرًا تنفيذيًا لصندوق التراث والتنمية الثقافية، ثم مستشارًا لرئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ومتفرغ حاليًا للكتابة. شارك في الكثير من الندوات والفعاليات الأدبية والثقافية. درع الشعراء الشباب 2004 جائزة دبي الثقافية لعام 2011 عن رواية “ظلال الجفر”
جميلة حد الجنون ومتكاملة مليئة بالتشويق والرعب ولغة راقية جدا قد يعيبها قليلا جدا هي الترميز لشخصيات الرواية بحروف لكن إخفاء أسماء الشخصيات كان أجمل وقد يعود الترميز إلى فكرة الرواية بكتاب الجفر المليئ بالرموز والألغاز فرمز لشخصيات بما يتناسب مع فكرة الرواية وكما وضح الراوي، حقيقة الرواية ترتقي إلى مستوى عالمي وتشعر أن الرواية بذل عليها جهد ليس باليسير حتى أنه ارتقى بخياله بدرجة الانبهار وتستغرب إلى أي حد وصل به الخيال، الرواية بحاجة إلى عمل سينمائي يترجم هذا الخيال لكن للأسف ليس بالإمكان للسينماء العربية أن تحاكي خيال الكاتب والمؤسف الأكثر أن وليد دماج لم تسمح له الظروف أن ينال ما يستحقه من شهرة فمقارنة بما نشاهده من جوائز كتب عربية شهيرة وما أخرجه لنا دماج بهذه الرائعة ظلال الجفر تقف حائرا بآلية إختيار رواياتهم... انصح أي قارئ بهذه الرواية
منذ ما يقارب السنتين وانا انتظر قراءة هذه الرواية لما سمعته عن مؤلفها ومن ثم بعد عرفته فأهداني نسخه منها ، كانت توقعاتي عن الرواية وخاصه انها رواية يمنية ليست بالجيدة وفي افضل حالتها ستكون روايه لأباس بها وبقرائتها لانها من الادب اليمني وحاله الادب اليمني ليست جيدة في مجملها ، بعد ان أخذت الروايه من الكاتب مضيت وبي الف فكرة عن الرواية لما سمعته من مدح كبير لها من بعض الأصدقاء والقراء الجيدين للأدب ، من اول فصل وبدون اي مديح اكتشفت ان بين يدي عمل اخر من الاعمال الراقية والعميقة والنادرة في المكتبة ألعربية وخاصه اليمنية ، قرائتها في يومين وعشت مع افكارها لايام ولاني اعرف مؤلف الروايه ببساطته وعفويته ما كنت اتوقع هذا الابداع والأدب العظيم الذي كتبه وليد دماج في ظلال الجفر . الروايه عباره عن عوالم من السحر والصوفية والعشق والتاريخ والشبق والشهوة والشرف والخيانه والعلم ، كتب وليد دماج روايه كانت تصلح لان تكون ثلاثية كل جزء فيها روايه بحد ذاته ، حوار ذاتي من أعمق الحوارات والتيه التي ممكن ان يعيشها انسان اويكتبها روائي . الرواية مختلفه وتحتاج الى تركيز وامعان في القراءة من قبل القارئ . لم أكن اتوقع ان في بلدي روائي بعظمه قلم وليد دماج والحمدلله للقدر ان اتيحت لي فرصه قراءة ظلال الجفر لروائي اقل ما يقال عنه انه ماركيز اليمن .
رواية "ظِلاَل الجفر" قطعا تستحق الجائزة التي أخذتها وأكثر بكثير! رواية تبقيك مأخوذا بجمال لغتها وعمق مغازيها! لقد شدتني لدرجة أني شعرت وكأني رفيق غير مرئي مع بطل الرواية في رحلته الغامضة المخيفة أتنقل بين جمال ما كتب وليد دماج ومبهورة بسحر فكرة الجفر والظلال واتسائل من أين استقى الكاتب كل هذه المعلومات وكيف قدر أن يطوع تاريخا كاملا ليخدم فكرته بذلك الشكل المذهل بدون أن تسقط الرواية في التكرار أو تظهر ملفقة غير واقعية فتضيع الفكرة من أصلها! المخيف أنه مع كل ما يحدث في بلادنا بدت تلك الظلال القبيحة حقيقية جداً ومنتصرة على أي قيمة إنسانية! رواية تستحق أن تترجم لألف لغة وأن تصبح ضمن أهم الروايات العالمية ولو كنا في الوطن العربي نقدر الأدب لكان هذا هو حال رواية عبقرية مثل هذه!! المأخذ الوحيد على هذه الرواية بالنسبة لي هو فكرة تغييب الأسماء ورمزها بحروف لم تكن فكرة موفقة من وجهة نظري ومتعبة للقارئ الذي ينسى كثيرا مثلي!
يطالع القاريء غلاف يدعو إلى التساؤل قبل القراءة، هل هذا الجسم المعتم هو القمر؟ ومن الذي يقف في منتصفه ناظرًا إلى طريق من نور في نهاية هذه العتمة، وحينما نقرأ الإهداء الذي كتبه الأديب إلى ظليه الذين غدروا به برحيلهما المفاجيء وهما والديه، وكذلك إلى كل ظل أتى وغادر دون أن يشعر به أحد كما يقول، حينما نقرأ هذا الإهداء يشدنا الكاتب بأسلوب مشوق فندخل إلى عتبات الرواية متسائلين عن سر هذه الظلال وما هو هذا الجفر الذي أسمى الكاتب الرواية على اسمه؟!
قسم الكاتب روايته إلى أربعة أقسام فالأول كتاب التحول والذي قسمه بدوره إلى عدة أقسام أولهم الرؤية الأولى والذي أعطاها عنوان"تحتدم الأشياء حين لا يكون ثمة وعي" وهكذا..
جاءت الرواية على لسان شخص اطلق على نفسه الرمز "ل"ما يصف نفسه بالجنون والهوس والانفصام والغرابة وبأنه يجد الصعوبة في التعبير عن مشاعره وكل ما مر ويمر به، كتابة على الورق.. وهو يكتب ما يعتريه أسوة بمعلمي الظل الذين سبقوه ويقول: "فإلى تلاميذي الذين لن أتمكن من رؤيتهم: أهديكم هذا الحلم، هذا الإدراك؛ عسى أن تتمكنوا من استيعاب محتوياته وإضافتها إلى رصيد معارفكم؛ مواصلة للدرب! إنه كتاب الظل؛ ظلي أنا، وظلال روادي".
حادثة ما في طفولة ل أدت به إلى ويلات لا قبل لأهله ولا قريته بها..
الرواية مكتوبة بلغة سلسة بسيطة وشاعرية ملهمة فنجد ل يذكر لنا وصية والده له قبل موته قائلًا: "حانت ساعتي. إنها الظلال. لقد حاصرتني طويلًا، وها هي الآن تراقبك. أبعدها عنك وأبعد نفسك عنها حتى لا تتكرر مأساتي. تجنبها ما استطعت. وإن حاصرتك فعليك بحلمك! لا تحمل توفك وحدك فتنوظ به قدمتك وأنت تغط في درب مهلك، (وبصوت خفيض) وإن كان دربًا يبعثنا أحياء. الموت يبعثه الحياة، والحياة مبعثها الموت. إن كان قدرك فهي رحلة شاقة مهلكة؛ لكن لا تتردد في خوض غمارها، بعد أن تكون قد هيأت لها الأسباب. لقد قضيت عمري في الهروب محاولًا تجنبها، دون جدوى. واجه آلامك، لا تخشها وستجدها عونًا لك. لا تتسرع! انظر حتى تكتمل دائرة التوق، لتشرع. اذهب إليه. أنت تعرفه بالطبع. سيريك البرهان، أول أصداء الدرب". يالها من وصية فهل أخد بها ل الذي قال أنه لم يعرها انتباهًا إلا أنها رسخت في ذهنه وقلبه وأصبح يشعر بالأطياف أو الظلال تترصده وتراقبه دومًا.. حتى أنه تذكر قول والده من أنهم سلالة مرموقة نهشتها الظلال.. وقال يوم وفاة والدته: "شهقت غير قادر على استيعاب الأمر. هل أقول شهقت بالبكاء؟ بالضحك؟ بالصمت؟ بالذهول؟ .. أظنني لحظتها شهقت بالظلال!".
في الرواية أثار الكاتب قضية تشغل بالي كثيرًا وهو حب الرجال لزوجاتهم حبًا حد الوله كما يقول ل ولكنهم لا يجيدوا معاملتهم بل هم يجيدوا معاملة العابرون ويسيئوا معاملة زوجاتهم، ترى ما هو سبب هذه الظاهرة؟! التي جعلت زوجة ل تهجره مع أولادهما وتعود إلى بيت والدها..
الكتاب له لمحات فلسفية في الحياة موجعة ومؤثرة للغاية كما أنه درس النفس البشرية جيدًا كي يخرج لنا البطل ل بعوالمه وظلاله .. كما أنه يشيد بالمرأة ووفائها عند الترمل أو الطلاق، فترفض الزواج بآخر على عكس الرجل الذي يتزوج سريعًا والذي يتزوج أسرع إذا ما كانت زوجه عقيما..
ما هو سر الجفر العظيم؟! وما هو كنه هذه الظلال؟! هذا ما يأخذنا إليه الكاتب في جو من الغموض والعجائبية والغيبيات والماورائيات، والطوائف والصوفية، والأرقام، والفقر والثورات، والبيئة البكر والبيئة الملوثة بأيدينا والأمراض، والتشويق والظلال والجآن،بل والاسقاطات الخفية، التي ربما يسقطها قاريء على حاله وآخر على بلده وغيرهما على العالم وسيطرة بلاد العم سام، كل هذا وغيره حتى آخر سطور في هذه الرواية ..
استمتعت كثيرًا بهذا الزخم من الأفكار والحكايا، وكلما قرأت كلما شعرت وكأن بالرواية روح من مائة عام من العزلة لماركيز.. واتمنى الحصول على باقي أعمال الكاتب وقراءتها قريبًا إن شاء الله..
استغرقتُ أياماً طويلة وعديدة لإنهاء هذه الرواية مما أفقدني _للأسف_ جزء من مُتعة قراءتها. لُغة الرواية عذبة وصافية وبليغة إلى حدٍّ عظيم، أما المحتوى فهو وصف لعوالم متعددة، واقعية وخيالية بآن، متناقضة وعذبة بآنٍ آخر، تحتاج إلى التركيز والتفكر فيها. مأخذي الوحيد على الرواية أن فيها من الإسهاب الطفيف مايدعو إلى الملل بمواضع قليلة جدًا.