- في المنطق الرياضي ( 1 )

 - في  تاريخ المنطق :

    لا يمكن للباحث في حقل العلوم الانسانية ان يغفل الجانب التاريخي لاي موضوع يهتم به . فبدون البحث التاريخي يصعب بل يتعذر احيانا فهم المشاكل المدروسة  في وقت معين . ومنذ حوالى اوائل القرن الماضي ، انسحب هذا الاهتمام التاريخي ايضا على العلوم التجريبية والرياضية لاسباب متعددة .يرجع احداها الى محاولة البعض ربط تلك العلوم بالنزعة او المذهب الانساني . والمنطق علم ولد في حقل الفلسفة واستمر بشكل او باخر ينتمي الى الفلسفة . حتى القرن التاسع عشر حيث اصبح في النصف الثاني من القرن علما اقرب للرياضيات منه الى أي شيء اخر .    لدينا اذن اكثر من دافع للاهتمام بتاريخ المنطق والالمام به .  غير ان اهتمامي هنا سيكون محدودا ، ومقتصرا على رسم خريطة مصغرة لتاريخ هذا الموضوع  الهام .        يتبين من المعلومات التي اجتمعت لنا في تاريخ المنطق ، بأن هناك بدايتين منفصلتين وتراثين  غير متلاقيين لعلم المنطق . فمن ناحية ، نجد تراثا ولد في بلاد اليونان القديمة ونما في الشرق الادنى وشمال افريقيا ، ثم نضج في اوروبا . ومن ناحية اخرى ، نجد تراثا هنديا صينيا منفصلا عن التراث السابق . ويمتد زمنا الى ابعد منه . فالمنطق الهندي ( او المنطق البودي ومنطق الجانيا ( 1 ) . يغطي مدة 23 قرنا على الاقل . اما المنطق الصيني . فقد بدأ بشكل منسق في حوالى القرن الخامس ق . م . ساقتصر هنا على الاشارة الى التراث الاول : تراث اوروبا الشرق الادنى وشمال افريقيا .——————-( 1 )  Jania


****- المنطق اليوناني القديم بدأت دراسة المنطق بشكل علمي منسق على يد ارسطو ( 384 – 322 . ق . م ) وذلك بصياغة نظرية القياس ( وبالذات نظرية الاقيسة الحملية المطلقة أي غير الموجهة ) في كتاب التحليلات الاولى ، ونظرية تقابل القضايا في كتاب العبارة . كان للنظرية الاولى بالخصوص ارضية يونانية معينه يبرز فيها عاملين يمكن ان نقول انهما الدافعين لحد كبير لصياغة ارسطو لهذه النظرية . اولهما الرياضيات اليونانية ، وخاصة الهندسة التي استخدمت مفهوم البرهان لاول مرة على ما يبدو . هذا التأثير الرياضي لا يمكن البرهنة عليه بشكل قاطع . ولكن هناك ما يشير اليه داخل نظرية القياس ، كالاهتمام بالقضايا الكلية والضرورية . وكذلك نجد تأثيره في الاهتمام بالتعريفات . فهذه كلها  في الهندسة اليونانية بل يبدو ان كلمة ” سلوجموس ” (  والتي ترجمت في العصر الاسلامي الوسيط الى ” القياس ” ) . كانت تعني قبل ارسطو ” الحسية الرياضية ” . أما الدافع الثاني وراء نظرية القياس فهو الجدل الفلسفي الذي شاع قبل ارسطو . هذا الجدل يقوم ايضا على نوع من البرهان . والبرهان في هذه الحالة يتم بأن يسلم احد الخصوم في جدل فلسفي بوجهة نظر خصمه ، ثم يستنتج من وجهة النظر هذه تناقضا . هذا هو ما سمي برهان الخلف ( او البرهان غير المباشر ) الذي يبدو ان زينون الايلي ( ولد حوالي 490 ق. م ) اول من استخدمه على الاقل في حقل الفلسفة . وهو صورة الجدل السقراطي ( 470 – 399  ق . م ) . كما نجده في المحاورات المبكرة لافلاطون ( 428/427/ 348 / 347 ق . م ) .    وقد تم اهم تطور للمنطق اليوناني بعد ارسطو على يد الرواقيين الذين يوصف منطقهم بأنه منطق قضايا في مقابل منطق ارسطو الذي هو منطق للمحمولات . وقد جاء هذا التطور الهام بفضل كريسبوس  . ( ولد حوالي 279 – ت 206 ق . م ) على وجه الخصوص ، وهو الذي صاغ مجموعة من المبادىء المنطقية التي تدخل في صميم المنطق الحديث .———

 - المنطق الاسلامي :
      على الرغم من اهمية منطق ارسطو الكبيرة في العالم الاسلامي ، فان منطق اهل الرواق لقي ايضا اهتماما غير عادي خصوصا عند ابن سينا ( 980 – 1037 ) . في كتاب الشفاء : القياس (1). حيث عولج منطق القضايا اللارسطي فيما يقرب من 200 صفحة . وقد تجاوز ابن سينا في هذه الصفحات منطق الرواقيين مكتشفا لاول مرة مثلا مفهوم التكافؤ بين القضايا الذي نجده في المنطق الحديث . كذلك طبق المنطق الرواقي من جانب علماء اصول الفقه ، وذلك في محاولاتهم لتقديم مناهج عقلانية يبررون بها القوانين الجديدة غير المنصوص عليها في كتب الفقه المعتمدة التقليدية .        اذا شئنا ان نجمل تطور الدراسات المنطقية عند المسلمين ، فبالامكان ان نحدد بدايتها بترجمة اعمال ارسطو المنطقية ، وشروحها اليونانية ، مع التعليق عليها . هذا ما قامت به مدرسة بغداد والتي نذكر من اقطابها ابو بشر متي بن يونس ( ولد حوالى 870 – ت 940 م ) . الذي ناضر في مناظرة مشهورة منطق ارسطو مواجها تحدي عالم لغوي اسلامي . وكرد فعل على المدرسة البغدادية المقتصرة على متابعة  مدرسته ، قامت المدرسة السينوية ( نسبة الى ابن سينا ) وهذه انتقدت مدرسة بغداد بعنف احيانا ، كما فعل ابن سينا نفسه الذي اختار اسلوبا جديدا في عرض المسائل وانتقادها وابداء الرأي الخاص . ومنذ القرن الحادي عشر الميلادي تزعمت الاندلس وشمال افريقيا حقل المنطق . ويبدو ان محمد بن عبدون ( لد حوالى 920 – ت 995 م ) . هو الذي نقل تلك الدراسة من الشرق الاسلامي الى قرطبة حيث درس في  بغداد . وقد كان لهذه المدرسة اهتمام خاص بمنطق الموجهات ( أي منطق القضايا الضرورية والممكنة والمحتملة ) الذي قدت لنا فيه اضافا هامة . وقد استمرت الدراسات المنطقية في الاندلس وشمال افريقيا مدة قرنين ونصف ، ومن رجالها ابو الصلت ( 1068 – 1134 ) وابن رشد .
 ------------
   - المنطق اللاتيني في العصر الوسيط         بتأثير مباشر وقوي من المدرسة الاندلسية نشطت دراسة المنطق عند الاوربيين اللاتين ، وبقيت تحت هذا التأثير طوال العصر الوسيط تقريبا . لقد درس منطق ارسطو والمنطق العربي في جامعتي باريس واكسفورد . ففي المراحل الاولية من الدراسة الجامعية ( والتي تتم في كلية الفنون * )  ، اقتصر على الدراسات اللغوية والمنطق الصوري كما جاء في كتاب التحليلات الاولى ، وكتاب الجدل ، ثم كتاب السفسطة لارسطو . اما في الدراسات العليا ( أي كلية اللاهوت ) فقد درس الاورغانون الارسطي ككل في ضوء الميتافزيقا ونظرية المعرفة الارسطية . وكذلك في ضوء اعمال ابن سينا ، وابن رشد ( ولد حوالى 1126 – ت 1198 ) المتعلقة بهذه الموضوعات . وعلى هذا ، كتب روبرت جروستست الانجليزي  ( 1175 – 1253 ) * . والقديس توما الاكويني الايطالي ( 1224 – 1274 ) ، والبرت الاكبر الالماني ( ت 1280 ) تعليقات حرفية على الارغانون الارسطي محاولين معرفة ارسطو الحقيقي . وهذه هي نفس المحاولة التي قام بها ابن رشد احد اقطاب المدرسة الغربية الاسلامية . وفي الجامعتين المذكورتين نجد نوعين من المناطقة . الاول يمثله اللاهوتيون ، وهم كتاب الشروح والممثلون للارسطية الصرفة ، او ممثلي المنطق القديم كما سمي حينئد . اما الثاني فيتمثل في مدرسة كلية الفنون ، وهم قادة ما يسمى بالمنطق الحديث ، والاخيرون لم يكتبوا شروحا ، بل رسائل وكتبا مدرسية ، ومن اهمهم بطرس الاسباني ( ت 1277 ) .     والمنطقي اللاتيني الوحيد الذي كتب بمعزل عن التقاليد في الشرح او كتابة الرسائل المدرسية هو الاسباني رامون لول ( ولد حوالى 1232 – ت 1316 ) الذي درس العربية مدة تسعة سنوات ، وحاول صياغة ما سماه فن التأليف ، وفيه يحاول لول رد كل الموجودات الى صفات الهية معينة هي مبادئ المعرفة البينة بذاتها والتي تشترك فيها كل العلوم . اذ الله عنده سلسلة من الصفات عددها تسعة ، وهي : الخير ، والعظم ، والخلود ، والقوة ، والحكمة ، الارادة ، والفضيلة ، والصدق ، والجلال . وهذه الصفات هي آلات تتم بواسطتها عملية الخلق ، وهي مثل او مبادئ الوجود ، كما انها في نفس الوقت ، مبادئ المعرفة التي نجدها في كل العلوم . على ان لول يضيف ايضا مبادئ اخرى تتم بواسطتها المقارنة بين الكائنات الفردة ، بعضها ببعض ، هذه هي المحمولات النسبية مثل الاختلاف والاتفاق والتضاد ، والبداية والوسط والنهاية ، والتساوي والاكثرية والاقلية . هذه المبادئ ( من صفات ومحمولات ) تتألف مع بعضها في اشكال دائرية ، حيث يعوض في الدائرة عن الصفات مثلا بحروف ( ب = الخير ، ج + العظم … الخ ) . ويرى البعض انه متأثر في هذا بأبن عربي ، بينما يرى آخرون تأثير الغزلي واضحا في اقواله . على أي حال ، لم يكن الغرض من عمله هذا سوى التبشير والدعوة للعقيدة المسيحية .——————–
ArtsGrossetestsars Gombinatoria ---------------------------------- 
       - المنطق في العصر الحديث :
    اذا انتقلنا الى العصر الحديث حتى القرن 19 . نجد في المنطق تيارين منفصلين ، احداهما يمثل تراث كانط ، مل .. والاخر يبدأ مع لايبنز ويقترب من المنطق الحديث الرياضي ، بل يمكن اعتباره مقدمة له . بالنسبة لكانط ( 1724 – 1804 ) فقد كان مؤيدا للمنطق الصوري . واعتقد بأن له مكانا هاما في الفلسفة . بالرغم من ان المدرسة الفلسفية الاوربية كانت معادية للاتجاه الصوري والرياضي التقني في المنطق في القرنين 18 ، 19 . على ان كانط ظن مخطئا بأن المنطق الصوري هو العلم الوحيد الذي وصل لدرجة الكمال . وان ذلك تم على يد ارسطو .       اذا نظرنا للمدرسة الانجليزية التجريبية ( وهي مدرسة تختلف في نظرتها للفلسفة عن المدرسة الاوروبية ) نجد انها كانت في القرن 18 معادية للمنطق والرياضيات . لكن في القرن 19 نجد فيلسوفا مثل ستيوارت مل ( 1806 – 1873 ) . يأخذ اتجاها مؤيدا للمنطق الصوري او المنطق الرياضي . ولكنه لم يقدم لنا فيه جديد . واغلب كتبه نسق منطقي يتعلق بالاستقراء ، او ما يمكن ان نسميه الان ، المنهج العلمي التجريبي .     كما ذكرت وجد منذ القرن 17 تيار اوروبي ( يبدأ مع لايبنز ) يمكن ان نعتبره مقدمة للأبحاث المنطقية الرياضية الحديثة . لقد برع ليبنز ( 1646 – 1716 ) في عدة ميادين ، ولكن كتاباته في المنطق فاقت ما كتب في أي ميدان اخر . ضمن المشاكل التي شغلته . محاولة تحديد عدد المحمولات التي يمكن ان تقال على موضوع معين . لحل هذه المشكلة افترض ان أي مفهوم مركب يمكن تحليله الى عدد من المفهومات البسيطة التي تنحل بدورها لأبسط منها ، مثله مثل العدد الصحيح الذي ينحل الى عوامل اولية . لقد تصور لايبنز ترابط الافكار البسيطة مكونة الافكار المركبة ، بأنها عملية تشبه ضرب الاعداد في الحساب . وقد اوحى له ذلك بفكرة اللغة العملية التي اراد ان يضع لها تركيبا منطقيا بحيث يجعلها مفيدة عمليا ، وذات دلالة علمية عامة .    يمكن ان نقول ان فكرة تحليل الافكار المركبة لافكار بشكل منطقي ( لا باستخدام المفهومات السيكلوجية ، مثل الصور الذهنية ) ، ويمكن ان نستخدمها بطريقة الية . هذه الابجدية ستكون طريقنا للاكتشاف العلمي ، ولحل الخلافات الفكرية بين الناس . واهم من تأثروا بـ لايبنز مواطنه الالماني بولزانو ( 1781 – 1848 ) الذي كان هدفه الاصلي تحليل العلم ووضع نظرية عنه ، لهذا استخدم لغة رمزية تحوي متغيرات وثوابت ، بالإضافة لاستخدامه للغة الالمانية العادية ، ولعل ابرز اضافاته اهتمامه بالاسرار المنطقية  او مفهوم التكميم ( سنشير لهذا فيما بعد ) . كما نجد في القرن 19 محاولات تقترب في اهتماماتها بالمنطق الحديث . وهذه نجدها عند هاملتون الاسكتلندي ( 1788 – 1856 ) في نظريته المتعلقة بتكميم المحمول ، ثم عند مورجان الانجليزي ( 1806 – 1871 )  الذي اهتم بمنطق العلاقات .    ان المفكر الذي يمكن اعتبار عمله مقدمة للمنطق الحديث ، هو جورج بول الانجليزي  ( 1815 – 1863 ) . الذي قام بصياغة جبر يمثل في اعتقاده عمليات الفكر الضرورية ، إلا ان الاسلم ان نصف جبره بأنه حساب لماصدقات الفئات .———LeibntzAsystem of logicBolzanoHamitlonDemorganBoole ----------------------------  

 – نشأة المنطق الرياضي الحديث .
    تتسم الرياضيات الحديثة بدراسة مدى واسع من زمر الاعداد والاشكال الهندسية . لعل هذا التطور في موضوع الرياضيات هو الذي ادى في النهاية الى تطور المنطق الحديث بالشكل الذي ظهر عليه . اذا نظرنا فيما يمكن اعتباره اهم منجزات المنطق الرياضي الحديث ، اعني حساب المحمولات ، نجد ان تطوره جاء نتيجة الابحاث الرياضية الحديثة حول العمليات اللامتناهية (1) ، ومفهوم الحد ( 2 ) ، والاستمرار ( 3 ) . هذه عمليات ومفهومات اساسية بالنسبة للتحليل الرياضي . بالطبع هناك اجزاء هامة من الرياضيات ظهرت منذ القرن السابع عشر ، مثل حساب التفاضل والتكامل ( وهو يحوي معالجة لمفهوم الحد والكميات اللامتناهية في الصغر مثلا ) . ولكن كما يحدث دائما في تاريخ الفكر ، امكن تطوير حساب التفاضل والتكامل ، رغم ان مفهوماته الاساسية ظلت لأمد بعيد دون تعريف دقيق . بعد مرور 150 عاما على استخدام حساب التفاضل ، قدم جوشي ( 4 ) الفرنسي ( 1789 – 1857 ) ،  تعريفا  لمفهوم الحد والتعريف يحتوي على ثلاثة اسوار : كلي ، ووجودي ، ثم كلي . هذا النوع من التسوير لم يكن ممكنا وقت ظهور مفهوم الحد في القرن 17 . ان اكتشاف اهمية وفائدة الاسوار جاء نتيجة تطوير الرموز ، حيث تستخدم رموز للمتغيرات التي يمكن التعويض عنها بقيم تنتمي الى الهندسة او التحليل الرياضي . استخدام المتغيرات جاء نتيجة الحاجة الى صياغة دقيقة وعامة للنظريات الجبرية . بالطبع استخدمت الاسوار بل المتغيرات منذ ارسطو ( بل يمكن القول ان ارسطو استخدم المتغيرات قبل رياضي اليونان ) . لكن منذ القرن 17 نجد ان المتغيرات تستخدم بطرق متعددة . فبعضها يسور تسويرا كليا . وبالتالي يمكن التعويض عنها بأي كمية نشاء . لكن في اجزاء اخرى نجد متغيرات لا تسور تسويرا كليا . لان قيمها تعتمد على قيم متغيرات اخرى .
       ان محاولات جوشي في التسوير . وكذلك محاولات بولزانو ، ادت في النهاية الى توجيه الرياضيين نحو الاسس المنطقية للرياضيات ، والبحث في الاسس المنطقية للرياضيات ، ساهم فيها فريجه ( 5 ) الالماني ( 1848 – 1925 ) بشكل ناضج في كتابه اسس الحساب ( 6 ) ، ( الكتاب في جزئين الاول ظهر عام 1893 ، والثاني عام 1903 ) .
    بالنسبة لمفهوم السور المنطقي بالذات ، فيبدو ان اول من قدمه في المنطق الحديث الامريكي ( 7 ) بيرس ( 1893 – 1914 ) . وان  كان حساب المحمولات  يكاد يكون معدوما في كتاباته . هذا الحساب لم يظهر بشكل بارز إلا في كتاب فريجه ، الكتابة الرمزية للمفهومات ( 8 ) . ( الذي ظهر عام 1879 والذي يمثل ظهوره البداية الحقيقية للمنطق الحديث ) . كذلك يرجع لفريجه الفضل في صياغة حساب القضايا في شكل اكسيومي كامل ( 9 ) .  وايضا فقد كان فريجه وبيانو ( 10 ) الايطالي ( 1858 – 1932 ) اول من استعملا المنطق بشكل واسع للبرهنة على النظريات الرياضية . وفي كتاباتهما لا يمكن الفصل بين المنطق ودراسة اسس الرياضيات . على ان رموز بيانو كانت افضل من رموز فريجه . وهذا على ما يبدو السبب في اهمال منجزات فريجه . كذلك فقد اقام بيانو لاول مرة نسقا اكسيوميا لحساب الاعداد الطبيعية ، وان كان المنجز لا يدخل في صميم المنطق .      منذ فريجه ، ابتدأ المناطقة في النظر لعلمهم على انه نسق صوري كامل وموحد . لكن نسق فريجه كان متناقضا كما بين برتراند رسل ( 1872 – 1970 ) الفيلسوف والمنطقي الانجليزي ( 11 ) .وفي كتاب مبادئ الرياضيات  " الذي كتبه رسل مع وايتهد ( 12 ) ونشر لاول مرة عام 1910 ) ( 13 )، نجد نسقا افضل بالنسبة لحساب المحمولات خاصة ، فمعالجته كما جاءت في كتاب مبادئ الرياضيات ( 14 ) ، بقيت حتى الان كما هي دون تغيير اساسي ، التطور الوحيد الذي جاء عام 1928 على يد الالمانيين ، هيلبرت  ( 15 )  .. ( 1862 – 1943 . واكرمان ( 16 ) ، كان فصلهما نظرية الانماط ( 17 ) ، حساب المحمولات وصياغة الحساب الاخير كنظرية منطقية مستقلة .     لحساب القضايا وحساب المحمولات في نشأتهما التاريخية . هناك موضوع ثالث في المنطق الحديث لم نشر له ، هو نظرية الزمرة . هذه النظرية اتت نتيجة البحث في اسس الرياضيات ، حيث نجد تميزا بين انواع الزمر والعلاقات والدوال .    في الجزء الثاني من القرن 19 قدم جورج كانطور ( 18 ) الالماني ( 1845 – 1918 ) نسقا عالج فيه بشكل عام الزمر والعلاقات والدوال ، وقد سمى هذا النسق ، نظرية الزمرة ( 19 ) . وفي اوائل القرن العشرين صيغ كنسق كامل في اكثر من شكل . احد هذه الاشكال بدأ مع الالماني ( 20 ) زرملو ( 1871 – 1954 ) . اما الشكل الثاني ، فتجده عند رسل حيث عرضه من خلال نظرية الانماط . كذلك فهناك شكل ثالث او مدخل لنظرية الزمرة نلقاه عند الفيلسوف والمنطقي الامريكي ( 21 ) كواين ( ولد 1908 )  .-------------

  - ما بعد الرياضيات :

( من عام 1900 الى 1930 ) .    منذ القرن العشرين ، استقل المنطق عن غيره من العلوم . واصبح علما قائما بداته له موضوعه الخاص ، ألا وهو الانساق الاكسيومية ، والحسابات المنطقية . كما تركزت الابحاث في ميدان المنطق مند ذلك القرن على موضوع ما بعد المنطق ، ما بعد الرياضيات .     في الثلاثين سنة الاولى من القرن كانت مشاكل المناطقة تدور في الغالب حول اسس المنهج الاكسيومي الصوري . والسؤال الاساسي في هذا الموضوع هو : ما هي القيم المعرفية التي يمكن الوصول اليها وتحقيقها اذا ما اتبعنا الاسلب المنطقي في الدقة الصورية ؟ هناك قيمتين اساسيتين سعى المناطقة لتحقيقهما . هما : الاتساق ثم التمام . بالنسبة للاتساق ، كان لا بد لبيانه ، ان يلجأ المناطقة للبرهان ( هذا البرهان يكون من خارج النظرية ) . بالنسبة للتمام ، فهو يعني انه من الضروري ان يجيب النسق على كل الاسئلة او المشاكل الرياضية التي يمكن صياغتها داخله . تحقيق هذين الشرطين ، كان هدف المشروع الصوري الذي قدمه هلبرت حوالى عام 1900 . واتبعته مدرسته .     في حوالى 1930 توصل جودل ( 22 ) الالماني ،  ولد 1906 . الذي يعيش في امريكيا ، الى ان اغلب  النظريات الرياضية الهامة ، نظريات غير تامة ( بالمعنى السابق ذكره ) . وذلك حين بين ان حساب الاعداد الطبيعية غير تام . وعلى هذا ، فكل نظرية يدخل فيها حساب الاعداد الطبيعية ، نظرية غير تامة . كذلك بين جودل انه لا يمكن البرهنة على اتساق حساب الاعداد  الطبيعية ، ونتيجة لهذا يمكن القول بأنه لا يمكن البرهنة على اتساق أي نظرية رياضية تحوي حساب الاعداد الطبيعية  إلا اذا لجأنا لوسائل اقوى من النظرية موضع البرهان ، واخيرا فقد بين جودل ان المنهج الاكسيومي المنطقي محددود وضيق من ناحية معرفية ؟مابعد الرياضيات منذ عام 1930 .  كان من نتيجة عمل جودل ان اصبح موضوع ما بعد الرياضيات ذا اهمية عند الرياضيين ن يمكن تحديدهما منذ سنة 1930 الى الآن . الاول البحث عن نماذج ( 1 ) للانساق الاكسيومية ، من اجل التطبيق . والثاني البحث عن مناهج منطقية لتركيب المفهومات  الرياضية . الاتجاه الاول يبدأ ببحوث سكولم ( 2 ) النرويجي ( 1887 – 1963 ) ، وجودل ، ثم تارسكي ( 3 ) ولد عام 1901 ، المنطقي البولندي الذي هاجر لامريكيا . اما الثاني ، فيبدأ مع ابحاث الفرنسي ( 4 ) هربراند 1908 – 1931 . ، وجودل حول مفهوم الدوال الرياضية . وهنا يلعب مفهوم السور المنطقي دورا اساسيا ، لان الاسوار تساعد على الحصول على تقسيم لكل التركيبات المنطقية . احد هذه التقسيمات يقوم على الكلي والوجودي على كل المفهومات الموجودة في المستوى الادنى . هذا التقسيم هو الذي قدمه كلينه ( 5 ) الهولندي ، ولد 1909 ، وموستوسكي ( 6 ) البولندي ، ولد 1913 .      هذه عجالة قصيرة تحوي بعض ما يهتم به المناطقة في العصر الحاضر في موضوعات اساسية . ركزنا فيها على الاتجاه الكلاسيكي في المنطق ، دون ذكر الاتجاه الحدسي او الاتجاه التركيبي ( وهو اتجاه لا كلاسيكي في المنطق ) الذي ظهر على يد براور ( 7 ) ..  1882 – 1967 . ، وهايتنبغ ( 8 ) ولد 1888 الهولنديين .كذلك لم نشر هنا للابحاث المتعلقة بفلسفة المنطق ، والتي تثير الفلاسفة معا . بالنسبة للموضوع الاخير ، فهو خارج نطاق تاريخ علم المنطق بالمعنى الدقيق ، اما بالنسبة لاهمالنا ذكر الاتجاه الحدسي فراجع اساسا الى ان اغلب المناطقة والرياضيين يعتبرون الاتجاه الكلاسيكي الذي شرحته ، الآلة المنطقية الاساسية في ابحاثهم .
———-
( 1 ) Modeles( 2 ) Skolem( 3 ) Tarski( 4 ) Herbrand( 5 ) Kleene( 6 ) Mostowski( 7 ) Brouwer( 8 ) Heyting



1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 02, 2014 07:42
No comments have been added yet.


عبد القادر الفيتوري's Blog

عبد القادر الفيتوري
عبد القادر الفيتوري isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow عبد القادر الفيتوري's blog with rss.