سلسلة آفاق جديدة في العلوم الإسلامية . المدرسة الشاذلية: اقتراح ماستر.


سلسلة آفاق جديدة في العلوم الإسلامية .
المدرسة الشاذلية: اقتراح ماستر.
إلياس بلكا
عرفت الجامعات المغربية في العقد الأخير عددا من الماسترات المتخصصة في التصوف، وأكثرها عام يتعلق بهذا الحقل المعرفي والسلوكي المميّز في حضارتنا.
واليوم آن الأوان لتأسيس ماسترات جديدة، تكون هذه المرّة متخصصة بشكل ما في جانب من جوانب التصوف والتاريخ الاجتماعي والثقافي للإسلام والمسلمين.
من ذلك: الطريقة الشاذلية التي أسسها الشيخ أبو الحسن الشاذلي، وهو التلميذ الوحيد لعبد السلام بن مشيش، رحمهما الله. وكلاهما من المنطقة نفسها، وهي جبال غمارة في غرب الريف المغربي. فالشيخ الشاذلي مغربي، وإنما ينسب إلى شاذلة، وهي قرية بتونس، لأنه أقام بها بعض الوقت، وكان قد ظهر أمره.
ثم جاء بعده الشيخان أبو العباس المرسي الأندلسي، ثم ابن عطاء الله السكندري..  ثم تفرعت الطريقة إلى عدد كبير من الطرق.. ولم تكد تمضي ثلاثة قرون حتى كانت الشاذلية واحدة من أكبر المناهج الصوفية في العالم.. وهي إلى اليوم حيّة موجودة تغطي القارات الخمس..
وقد ترك رجال الطريقة تراثا مهما، لا يزال أكثره مخطوطا.
ثم كان لبعض رجال الشاذلية وطرقها أدوار مهمة في تاريخ الإسلام، خاصة بشمال إفريقيا، يكفي أن نذكر دور الزاوية الدرقاوية في القرن التاسع عشر مثلا..
لكن هذا كله لم يدرس بما فيه الكفاية، وأحيانا لم يدرس أصلا، فلا توجد دراسات وافية عن الشاذلية.. إلا كتاب شيخ الأزهر المرحوم عبد الحليم محمود، عن "المدرسة الشاذلية"، وكتاب آخر عن أبي الحسن الشاذلي لمأمون غريب، وكتاب صغير عن الشاذلية عموما لعبد المغيث بصير.
وهذا جهد قليل في دراسة تيار واسع بحجم الشاذلية، له من العمر حوالي ثمانية قرون، كما أنه ممتد على تراب كبير، وله أتباع كثر في بلدان متعددة.. حتى إن الشيخ الدرقاوي ترك حوالي أربعين ألفا من الأتباع في القرن التاسع عشر.
لذلك نحتاج لدراسات متعددة في هذا المجال، وبعضها يمكن أن يكون حرا، أي تأليفا حرا. كما أن بعضها يمكن أن يكون في إطار رسائل الماستر والدكتوراه.
من هنا الحاجة لتدشين ماستر بجامعاتنا يكون خاصا بالشاذلية، وتكون الدراسة فيه من نواح متنوعة: صوفية خالصة، وتاريخية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية.. بما في ذلك واقع الشاذليين اليوم ورؤيتهم لموقعهم ودورهم في بلدانهم الإسلامية وفي الحضارة المعاصرة.
وهنا يمكن  لكلية الآداب، في إطار شعب اللغة العربية أو الدراسات الإسلامية.. أن تحتضن هذا النوع من الماسترات. كما يمكن ذلك أيضا لشعبة التاريخ، وحتى لشعبة الاجتماع. وفي جميع الحالات سيحتاج هذا الماستر لتعاون من أساتذة العلوم السياسية، خاصة التاريخ السياسي الحديث، وأساتذة علوم الاجتماع.
ثم من الأهمية بمكان أن يُتوج هذا الماستر بفتح باب للدكتوراه، فأطاريح  الدكتوراه هي الثمرة الحقيقية والكبرى للدراسات العليا.
 هكذا سيتوفر البلد على  جيل من الباحثين والمختصين في الشاذلية، يكتبون عنها ويستخرجون تراثها ويكشفون ما لها وما عليها.
والله أعلم، إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين، كما كان يقول شيخنا الإمام مالك رحمه الله.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 07, 2014 12:22
No comments have been added yet.


إلياس بلكا's Blog

إلياس بلكا
إلياس بلكا isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow إلياس بلكا's blog with rss.