باعة الكلام!
هل تقبل أن يكون عقلك شقة مفروشة للإيجار، والمقابل شيكات أحلام بضمان الانتظار، تكتشف لاحقاً أنها من دون رصيد؟
هل نعيش – أو بعض منا على الأقل – حال تستر فكري، تستر بالمعنى التجاري الدارج، مقاول للأفكار يستأجر الشقة ويؤجرها كل شهر لفكرة واتجاه يحدّدهما هو؟
الكلام من السلع الرائجة حالياً أكثر من أي وقت مضى بفعل وسائل الاتصال، المخاض الذي يعيشه العالم العربي هو أنسب وقت لباعة الكلام، لدى البعض منهم قدرة على تسويق الأحلام، جذب الأسماع والإعجاب بما يقول، عنصر الجذب انه يردّد في الوقت المناسب ما ترغب في سماعه، ربما تمجده لأجل ذلك وتؤجره الشقة! ألا يعبر عنك حينها وهو يصدح مردداً بعض أمانيك؟
باعة الكلام هؤلاء لديهم قدرات أكبر مما يطلبه المتلقون، هناك قدرة فذة على ركوب الأمواج تنافس محترفي هذه الرياضة البحرية، تخلب الألباب، وكما أن لدى البعض حاسة سادسة للكاميرا، فتجد صورة الواحد منهم منتشرة في كل ربعه، كأنه استنسخ نفسه هنا وهناك، يستطيع باعة الكلام ركوب الموجات بقدرة على التمركز الجيد، ينتظرون الموجة، ليصعدوا بارزين على ذروتها، حتى يخيل للبعض أنهم من صنعوها… هم البحر!
وحتى لا يصل بك الأمر إلى مستأجر لا تستطيع إخراجه من الشقة…، من عقلك وفكرك وقناعاتك، وهو يتصرف بها كما يريد، لا بد أن تتأمل الأفعال لا الأقوال، دقّق في حالات التذبذب والتسويغ والتخريج، ألا تراها من المراوغة؟ بعدها هل تطمئن على شقتك؟ والمستأجر في أي وقت قد يدعي ملكيتها، ويشهد له مستأجرون آخرون لم يعرفوا سواه… ألم يكن هو صوتك وأنت بلا صوت؟
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

