«لا دخل لي»
أرجو ألا يفهم من العنوان على أنه «معروض» لعاطل يبحث عن عمل وقرر التشعلق بحافلة «حافز»، بل إنني أنصح الشباب الباحثين عن وظيفة بعدم الانتظار، والأجدى لهم أن يعملوا أي عمل مهما صغر، لأن الصغير يكبر، فالانتظار موت بطيء.
أما العنوان فلا علاقة له بالدخل الذي يشغل الناس، القصة أشمل وأعمق من ذلك، وهي قصة سمعتها قبل فترة تلخص وتختصر الكثير من جذور السلبيات، وتحولها من حشائش إلى غابات، والمهم هو ما يستفاد منها، وفيها تسلية للقراء.
تقول القصة إن أحد سلاطين بني عثمان انزعج من تبرم الرعية وكثرة الشكاوى من ارتفاع الأسعار إلى الفساد المالي والإداري، وعدم قضاء حاجات الناس، فسأل الخاصة من حوله عن حقيقة الأوضاع، وهل صحيح ما يشاع؟، فكانت ردود الخاصة متباينة في الشكل متطابقة بالمضمون، فهناك من قال إنها مبالغات وتضخيم، وآخر كرر مقولة إرضاء الناس غاية لا تدرك، وثالث أبدى أسفه أن هناك من البشر من لا يركز سوى على السلبيات، فهم لا يرون سوى الجزء الفارغ من الإناء، وصمت آخرون. ولأن السلطان مشهور بالحنكة والحكمة وبعد النظر، قد علم أن خاصته لا يجرؤون على ذكر ما يزعجه حتى ولو كان فيه ضرر بسلطانه، فلم يقتنع بالردود، فكرر السؤال غير مرة، لينبري أحد الصامتين ممن يجيدون إحالة الأمور والقضايا قائلاً: بأن لا أحد يستطيع الإجابة على سؤال السلطان إجابة صريحة شافية وافية إلا فلان، وهو رجل عرف بالاستقامة والحكمة مع البساطة، وقد اعتزل الناس ومغريات الحياة، فأرسل السلطان له رسولاً بكتاب يسأله عن رأيه فيما احتار فيه خاصته ومستشاروه وهم المجربين، فكتب الرجل على رسالة السلطان إجابة مختصرة، «لا دخل لي».!
اشتد غضب السلطان ولم يقتنع بمحاولات تخريج وتخفيف بعض الخاصة للإجابة من الحريصين على مزاجه، بأنها طلب تحسين وضع. فهذا ليس من أدب التعامل مع السلاطين. ثم أمر حاجبه بإحضار الرجل الحكيم، وعندما حضر عاتبه السلطان على رده، واستنكر منه عدم الإجابة على سؤاله، وهو بمثابة أمر وحق لولي الأمر، فكيف يكون هذا مع كل ما ذكر عنه من صفات حميدة، فقال الرجل إنه أجاب على السؤال إجابة كاملة!، وأن المعضلة التي أزعجت السلطان مختصرة في عبارة «لا دخل لي»، حيث يستخدمها كل مسؤول ليرمي بالمسؤولية بعيداً عنه. وللأسف لم تخبرنا القصة ماذا تم بعد ذلك، حيث توقف الراوي عند هذا الحد، وهذه من نواقص هذا النوع من القصص، فهل اجتمع المسؤولون عليه، واتحدوا ضده، وأصبح «لهم دخل» في تأديبه، أم أخذ السلطان بتحليله واستنتاجه.
أما العنوان فلا علاقة له بالدخل الذي يشغل الناس، القصة أشمل وأعمق من ذلك، وهي قصة سمعتها قبل فترة تلخص وتختصر الكثير من جذور السلبيات، وتحولها من حشائش إلى غابات، والمهم هو ما يستفاد منها، وفيها تسلية للقراء.
تقول القصة إن أحد سلاطين بني عثمان انزعج من تبرم الرعية وكثرة الشكاوى من ارتفاع الأسعار إلى الفساد المالي والإداري، وعدم قضاء حاجات الناس، فسأل الخاصة من حوله عن حقيقة الأوضاع، وهل صحيح ما يشاع؟، فكانت ردود الخاصة متباينة في الشكل متطابقة بالمضمون، فهناك من قال إنها مبالغات وتضخيم، وآخر كرر مقولة إرضاء الناس غاية لا تدرك، وثالث أبدى أسفه أن هناك من البشر من لا يركز سوى على السلبيات، فهم لا يرون سوى الجزء الفارغ من الإناء، وصمت آخرون. ولأن السلطان مشهور بالحنكة والحكمة وبعد النظر، قد علم أن خاصته لا يجرؤون على ذكر ما يزعجه حتى ولو كان فيه ضرر بسلطانه، فلم يقتنع بالردود، فكرر السؤال غير مرة، لينبري أحد الصامتين ممن يجيدون إحالة الأمور والقضايا قائلاً: بأن لا أحد يستطيع الإجابة على سؤال السلطان إجابة صريحة شافية وافية إلا فلان، وهو رجل عرف بالاستقامة والحكمة مع البساطة، وقد اعتزل الناس ومغريات الحياة، فأرسل السلطان له رسولاً بكتاب يسأله عن رأيه فيما احتار فيه خاصته ومستشاروه وهم المجربين، فكتب الرجل على رسالة السلطان إجابة مختصرة، «لا دخل لي».!
اشتد غضب السلطان ولم يقتنع بمحاولات تخريج وتخفيف بعض الخاصة للإجابة من الحريصين على مزاجه، بأنها طلب تحسين وضع. فهذا ليس من أدب التعامل مع السلاطين. ثم أمر حاجبه بإحضار الرجل الحكيم، وعندما حضر عاتبه السلطان على رده، واستنكر منه عدم الإجابة على سؤاله، وهو بمثابة أمر وحق لولي الأمر، فكيف يكون هذا مع كل ما ذكر عنه من صفات حميدة، فقال الرجل إنه أجاب على السؤال إجابة كاملة!، وأن المعضلة التي أزعجت السلطان مختصرة في عبارة «لا دخل لي»، حيث يستخدمها كل مسؤول ليرمي بالمسؤولية بعيداً عنه. وللأسف لم تخبرنا القصة ماذا تم بعد ذلك، حيث توقف الراوي عند هذا الحد، وهذه من نواقص هذا النوع من القصص، فهل اجتمع المسؤولون عليه، واتحدوا ضده، وأصبح «لهم دخل» في تأديبه، أم أخذ السلطان بتحليله واستنتاجه.
Published on December 11, 2011 13:34
No comments have been added yet.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers
عبدالعزيز السويد isn't a Goodreads Author
(yet),
but they
do have a blog,
so here are some recent posts imported from
their feed.

