في فضل القرآن الكريم

لا أكتب فيما أكتب من مقالات أو حتى اللي بكتبه هنا من وقت للتاني من مواضيع مطولة وأنا منتظر لها مردود، بل بالعكس أكتب ما يعن لي من أفكار ويعبر عني من آراء ويتفق مع ضميري وما أنا عليه. وعمري ما فكرت أكتب اللي يعجب الناس أو طائفة منهم، ولا في مخالفتهم من باب المخالفة.. لكن أكتب اجتهادي وجهدي بدون تقصير أو استسهال، حتى ولو في سطر عابر هنا أو هناك. لكن في أحيان قليلة الواحد بيسعد ببعض ردود الفعل المشجعة على الاستمرار وعلى بذل المزيد من الجهد والقراءة والدرس. المقال اللي كتبته عن الشيخ الحصري في مئويته، كنت سعيد لما كتبته ونشرته، لما جمعية الحصري أعادوا نشره، ولما جمعية للقرآن الكريم باسم الشيخ الحصري في السنغال وقارئة قرآن سنغالية اسمها خديجة نشرت الموضوع على صفحتهم.. وكلهم تواصلوا معي وسعدت بهذا أيما سعادة، طبعا بالإضافة لتعليقات وتفاعل واهتمام ناس تانية بالمقال.. وليس قصدي هو الاحتفاء برد الفعل هذا أو ذاك، بقدر ما هو الإقرار بفضل وتأثير "القرآن الكريم"، واللغة العربية والثقافة الإسلامية بشكل عام، في تكويني وعلى لساني وعقلي وسلوكي.. وقريب من هذا يكتب طه حسين -المستنير- في كتاب "مرآة الإسلام" عن إعجاز القرآن وفضله "والقول في إعجاز القرآن يكثُر ويطول وتختلف وجوهه وتختلف فنونه أيضًا" ويعدد أوجه الإعجاز في القرآن في عجالة بعد ذلك ويذكرها في حوالي 30 صفحة من الكتاب. وأظن أن ثمة ارتباط بين الذاكرة والذكاء.. والفضل فى قوة ذاكرتى هى للقرآن بالأساس. ليس فقط الذاكرة، لكن أيضا أساس حصيلتي من اللغة العربية وسلامة ما أكتبه. وأحيانا يحدث أن أشك فى إعراب بعض الكلمات فى الجمل التى أكتبها فأقوم بقراءتها مثلما أقرأ القرآن، وهو شئ أقرب لطريقة عمل الميزان الصرفى فى النحو.. ثم أراجع الصياغة لغويا فأجدها سليمة بعد قراءتها بهذه الطريقة التى تسعفني وتكشف لى الأخطاء أحيانا. أيضا يساعدنى القرآن فى الاستمتاع بأغانى أم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم.. فلا استمتع فقط بالكلام واللحن والصوت، لكن أيضا بسلامة النطق ودقته (وهذا أمر لمن يعتاد عليه يصبح من أولويات الاستماع، والأذن تعشق قبل العين أحيانا)، أيضا يقدم لى القرآن ذخيرة لغوية هائلة، ويعلمنى الصياغة الرشيقة الموزونة الغنية فى المعنى، فكل حرف أكتبه هو دين لهذا الكتاب.. وإعجاز البلاغة والبيان كتب عنهم الكثير وأخص منهم عبد القاهر الجرجاني والزمخشري (المعتزلي) من بعده.. ومن شواهد الإعجاز اقرأ قوله "أو كظلمات فى بحر لجىّ يغشاه موج، من فوقه موج، من فوقه سحاب. ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نوارا فما له من نور".
ويختم طه حسين كتابه بقوله للمسلمين في العصر الحاضر "وويل للعلم بشئون الدين وحقائقه إذا لم يتجاوز العقول والأفهام إلى القلوب والأمزجة، ويؤثِر في الضمائر أعمق التأثير، ويؤثِر في السيرة الظاهرة لهم أعمق التأثير أيضًا" ويطلب منهم أن "ينفوا عن أنفسهم وعقولهم وقلوبهم ما أصابها من التقليد والجمود، وما استقر فيها من السخف والأوهام.. واللهُ يعصمنا من الشر (التقليد) ويوفقنا إلى الخير (الإبداع والتجديد)".
2 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 02, 2017 17:31
No comments have been added yet.