رأي جريدة المدى : في الحديث المنصف عن رواية ساعة بغداد

تقوم رواية الكاتبة الشابة شهد الراوي على مفاتيح متعددة يتوازن فيها الحلم- وهو المفتاح الاول- مع الحقيقة –وهي المفتاح الثاني, ويتوازى المفتاحان مع المفتاح الثالث الذي هو خليط بين الأغاني الشعبية المتداولة ,فيما يكون المفتاح الرابع تغطية درامية من مقاطع رواية ماركيز "مئة عام من العزلة" ,وهي رواية تعتمد على احلام الكاتب عن مدينته الافتراضية –ماكاندو- التي تتماهى مع احلام شهد الراوي دون ان تتطابق معها بالضرورة.


المهاد الواقعي الاول وهو مثلث ارضي يمتد من مدينة المأمون البغدادية الى جنوب حي الحارثية البغدادي ,حيث تقع ساعة بغداد, ويقع برج الاتصالات بين الحيّين فيما يجاورهما ضلع المثلث الارضي الثالث وهو حي الصحفيين ,الذي نشك أن معظم احداث الرواية تقع فيه ,حيث يتشكل فيه-روائيا – حي افتراضي ,يجمع الدور المتجاورة التي تعيش فيها الفتيات: راوية الأحداث –شهد- وصديقاتها نادية وميادة وسالي وشروق ومروة المترجمة وسائر الفتيات,اضافة الى الآباء والأمهات وعمو شوكت وزوجته نادرة والمشعوذ الذي يغزو الحي بين حين وآخر.
في الحي ايضا الشباب:فاروق وخليل وأحمد وسواهم.... وهناك ايضا الكائن اللطيف الذي يتعايش مع العم شوكت وهو الكلب برياد الذي صاغته الروائية كمفتاح نبوءات لما سيحدث مستقبلا.
ولاشك ان أية رواية ترجو النجاح ثقافيا وتقدم مشروعها الفكري وسط لجّة من اعمال اخرى تريد ان تقول شيئا لتبرهن ان كمية الورق وجماليات الطبع تعد وسائل للوصول الى الخطاب الاساسي للعمل ,أو الرسالة المرجوة منه.
وقد نجحت الكاتبة الشابة في ايصال تجربتها الشاقة الى القارئ بشكل جيد,لأنها استطاعت أن توظف المكان والزمان والشخوص التي لعبت على مسرح الرواية الى الغاية المرجوة,وهي ابلاغ الرسالة الروائية التي لخصتها الكاتبة ومنها:
- انهيار الطبقة الوسطى البغدادية وتشظيها
- دخول الريف المقتحم بكل قيمه الى المدينة
- انهيار النسيج الاجتماعي للمكان موضع اللعب الدرامي للرواية وخروج معظم العائلات عنه لأسباب متعددة صنعها الحصار والحروب المتوالية والجوع وضياع الأحلام السعيدة للشباب إلا الأقل.
والرواية بعد هذا حاولت تتبع أثر الأبطال المبتعدين عن المحلة وما حل بالأسر الراحلة في اعادة استكمال للوقائع وبتدخل واضح ومتقصد من الكاتبة التي احتفت تماما بالأغنية العراقية بمختلف أجيالها في تماهٍ مستمر مع الغربة التي تعيشها وهي تسترجع ماضي هذا الجزء من بغداد.

- See more at: http://almadasupplements.com/news.php...
4 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 26, 2017 13:02
No comments have been added yet.