عبدالعزيز السويد's Blog, page 67
January 25, 2016
همس في وزارة الصحة
سمعت همساً يتردد بأن العمل الروتيني في وزارة الصحة يمشي بـ«الدف»، كنت سأكتب بالديزل، لكن سعره ارتفع، والعمل الروتيني مهم؛ لأن الناس لا يزالون يذهبون إلى مستشفيات الوزارة وينتظرون خدمة طبية معقولة. ولست أعلم هل هذا الهمس من ردود فعل الحرس القديم، أي موظفي الوزارة الأصليين ضد القيادة «الأرامكوية» الجديدة، ربما، فهذا احتمال قائم والمثل الشعبي يقول: «ما يمدح السوق إلا من ربح فيها». ما يعنيني هنا حصول المواطن المضطر إلى مستشفيات وزارة الصحة على حقه في الخدمة، وألا يكون ضحية لمناكفات إدارية، قد تحدث أو تطلعات مستقبلية يُجرى لأجلها مزيد من الدراسات! تنشغل بها الإدارة الجديدة عن استمرار العمل، فكل يوم هناك آلاف يذهبون إلى المستشفيات مضطرين، وأوضاعهم الله أعلم بها.
من ناحية أخرى، نتائج التحقيق في حريق مستشفى جازان أعلنت، ومع أنها جاءت على شكل عموميات، أي لم تضع النقاط على الحروف، إذ يستخدم الجهاز الحكومي كقبة حديدية تحمي أسماء من كان وراء ذلك الإهمال واللامبالاة أو الفساد. التقدم النسبي أن التحقيق أظهر نتائج معلنة على خلاف لجان تحقيق أخرى في قضايا شغلت الرأي العام، والمهم الآن أن تعلن الوزارة خطواتها المتخذة. فحص المباني أمر ضروري للوقاية والحيطة من حوادث محتملة، والإعلان أن نسبة كبيرة منها في وضع يحمل ما يحمل من نذر مستقبلية سلبية،، لكن مع كل هذا، فحص البشر مقدم على فحص المباني، وجذر القضية لم يعالج، والوصفة المعلنة أيضاً عمومية.
من اللافت أن يعلن وزير الصحة تحمله مسؤولية الحريق في مستشفى جازان، يظهر لي أنها للمرة الأولى يعلن مسؤول في بلادنا ذلك، وعند إعلان نتائج التحقيق أعاد الوزير تحمل الوزارة المسؤولية، وهنا نصل إلى منتصف الطريق. الآن يجب الإسراع بالتصريح بما تم في حق من تسبب، سواء من موظفي الوزارة أم من القطاع الخاص، وإلا فإن احتمال تكرار هذه الحادثة المأسوية في مكان آخر وارد، لا قدر الله.
January 24, 2016
زيت «القرنبع»
في مقطع لطيف ظريف وقف العامل الآسيوي وهو ملتف بوزرة ويرتدي فانيلة داخلية نصف كم، ليشرح بكل «براءة» كيف يصنع من زيت القلي العادي، زيت خروع! بإعادة التعبئة في عبوات مختلفة مع إضافة لون أحمر وستكر لامع، و«كله عند العرب زيت»، وعملية الغش الصغيرة هذه تحمل نفس جينات عمليات غش أكبر خارج نطاق زيوت القلي و«التطبب»، بتغيير واجهات و«تغليف» ودبج عبارات تضخم الصورة، فالغش لم يأت من العامل فقط بل هو أداة في يدٍ أكبر منه، وهي في الغالب يد محلية، في الحقيقة هما يدان اثنتان، واحدة للصانع والثانية محسوبة على الرسمي المراقب ممثل الجهة الرقابية.
وبشيء من الدعاية في قنوات فضائية ووسائل تواصل، يمكن أن يصور لك هذا «المعمل» أو مثيل له أنه متخصص بإنتاج زيوت الأعشاب الطبية واستخلاص المواد الفعالة منها على أحدث التقنيات وبطريقة «احترافية» مع علامات جودة وشعارات معاهد «متخصصة»، وقد يضيف باللون الأحمر أنها عضوية وغير معدلة وراثياً! أما إذا كان الغرض من الحملة الدعائية هدفاً أكبر «استراتيجياً» فسيتم تطريزه بمصطلحات اقتصادية رنانة فيقال إنها صناعة تحقق تنويعاً لمصادر الدخل مع قيمة مضافة معتبرة وتوظف أيادي عمل وطنية ويمكن طرحها للاكتتاب العام و«كي يستفيد أكبر عدد من المواطنين الشرفاء».
في الحال الأخيرة يستلزم الأمر تغيير طفيف لمحتوى المقطع من كشف حال غش إلى وضعية عرض منجز، ولا بد من تطوير المؤثرات، وعلى قول المثل المصري «لبس البوصة تبقى عروسة»، يتم «إعادة هيكلة» العامل بالمرور على الحلاق ليتم إحداث طفرة شكلية على هيئته، فيرتدي بدلة وكرافتة بدلاً من الوزرة والفانيلة النص كم، واللغة إنكليزية أو فرنسية ضرورة بدلاً من العربية المكركبة. وكما تم لزيت القلي الذي تحول إلى زيت خروع، قد يتحول أيضاً إلى زيت وقود للطائرات النفاثة، والغش هو الغش، الصغير منه والكبير.
الفرق أن الصغير ينكشف أسرع ويمكن تصويره في مقطع ليرمى في أمواج وسائل التواصل، أما الكبير فدونه أسوار ومصدات أمواج.
في قضية الغش الصغير، قال صديقي إن الناس يشترون أي شيء، قلت إن الناس أهملوا لفترة طويلة، وفتش عن المستفيد!
January 23, 2016
احتضان الشوارع!
انفجر الشيخ مدهن من الضحك حينما قرأت عليه خبر رجل الأعمال الذي استولى على ثمانية شوارع لمدة 25 عاماً و«ضفها» بسور داخل أملاكه، استمراره في الضحك من دون توقف جعلني أقلق خوفاً عليه، ولم أطمئن إلا حينما قال وهو ما زال يضحك: رجل عصامي هذا عصامي!
والعصامية هنا لدى الشيخ مستمدة من العصامية الراسخة في الذهنية الشعبية، الذئبية، عصامي يساوي ذيب، احتضان 8 شوارع لمدة ربع قرن لا شك أن وراءه قدرات متشعبة من الصعب الإحاطة بها، خصوصاً ونحن نتحدث عن شوارع من عرض 25 وأنت نازل.
ولأن الشيخ مدهن تعود على الألغاز والتشفير، ما يحتاج إلى سؤال وجواب وطول كلام، فضلت الاستمرار في قراءة الخبر.
القضية ظهرت للسطح بعدما صدر أمر من إمارة مكة المكرمة لأمانة جدة «غير» بإزالة التعديات، ويبدو لي أن هذا من تداعيات أو «حثاريب» تسونامي «كفاية دلع»! قبل تلك الموجة العالية كانت القضية «مضغوطة» ما بين المواطنين المتضررين وفرع البلدية والأمانة، خطاب وإحالة ثم حفظ وهكذا، مثل الملفات المضغوطة لا بد لها من برنامج خاص للفتح، وقد يكون بعض المتضررين ذهبوا للإمارة بشكاوى فأحيلت إلى الأمانة لتجد لها شقة مفروشة جاهزة للسكنى في الملف المضغوط.
وفي الخبر الذي نشرته صحيفة المدينة عن «إنجاز» إزالة التعديات نقلت على لسان مواطن أن الشوارع «المحتضنة» من رجل الأعمال تقع «داخل السور وأصبحت فى حيازة رجل الأعمال»، مبيناً أن أملاكه يتم استخدامها بالكامل لتسيير مشروع «المكافحة المتكاملة للبعوض خارج المنازل» ومشروع «المكافحة الشاملة للآفات»، اللذين تنفذهما إحدى شركات رجل الأعمال.. انتهى الاقتباس.
عند هذه النقطة توقف الشيخ مدهن عن الضحك تماماً، وقال وهو يمسح الدموع عن عينيه: «كلها لأجل المواطن مشاريع لنظافة البيئة ومطاردة البعوض ومكافحة الآفات لصحة الإنسان عمود التنمية الأول والراسخ».
سألت الشيخ مدهن، وهو الخبرة، عن توقعاته هل سيفتح ملف ربع القرن هذا، أم لا؟ فكان الرد المتوقع: «كلام في الفايت نقصان في العقل».
January 20, 2016
فايروس الهياط
أخطأ الشاب الذي صور مقطعاً تمثيلياً يسخر فيه من الهياط، والخطأ جاء من اختيار فكرة دموية للمقطع الذي صور فيه ساخراً مشهداً يغتسل فيه ضيوفه المكرمون بدم ابنه؟! فهو مثل من أراد أن يكحلها فأعماها، فالمبالغة التي استهدفها جاءت بنتيجة عكسية ليس من ردود الفعل فقط، بل أعمق وأخطر من ذلك، خصوصاً مع التقليد والمحاكاة المحتملة التي فرضتها موجة الهياط، بحثاً عن الشهرة و«البروز». وإذا كان الأمن قد أوقفه كما نشر، فالمفترض التعامل معه بلطف، النية الحسنة هنا واضحة، وإن أساء في اختيار الأسلوب، ويمكن له مستقبلاً الاستفادة من هذا الموقف في تطوير وتشذيب «خياله» لعمل مفيد ناجح من دون تحقيق ضرر.
وسائل التواصل الاجتماعي سهلت النقل وإعادة الإرسال، وهي مع هوس البحث عن الغريب والمثير والمستنكر من الجمهور، رفعت من قيمة من يأتي «بجديد»، حالة الخواء جعلت هذا المنتج اختراعاً، أما للتندر والضحك عليه أو لإبداء علامات الدهشة. والغريب أن كثيراً ممن يصورون يسقطون عند أول اختبار، بل إن بعضاً منهم لا يمانع من الصعود على تلة الهياط بنشره في وسائل إعلام هو يديرها أو يشرف عليها.
إن الحرص على تتبع هذه المقاطع ونشرها خدمة لها وتعلية لموجتها، ثم إن وسائل التواصل جعلت من حالة أو حالتين ختماً يوضع على مجتمع، وفي هذا ظلم لا شك، لكن الصورة بتفاصيلها تعطي انطباعاً عن المجتمع كله، خصوصاً في مجتمعات أخرى بعيدة عن الغوص في التفاصيل.
أما أساس الهياط فهو موجود ومتين، فالفخر والتفاخر لهما قيمة كبيرة في المخيلة والواقع، حتى ولو كانت على طريقة الزعفراني، التفاخر لدينا ليس بالإنتاج أو الإحسان بل بالعلو والأولوية، القمة مهما كانت موحشة باردة هي الغاية، فالشعر على سبيل المثال مجال رحب منذ زمن بعيد للهياط حتى صار الشاعر يقبل منه ما لا يقبل من غيره، ولا يستنكر تجاوزه في الوصف بل يصفق له.
شاعر على سبيل المثال قال إن راية بلده على نجم سهيل وفوق، إن ذلك البلد بلا راية فإنه لم ير سهيلاً ولو بـ«الدربيل». والأمثلة كثيرة، والشاهد أن للهياط أصلاً.
والعلاج ليس سهلاً، خصوصاً مع وسائل التواصل والبحث المحموم اللحظي عن الغريب، لذلك يتوقع أن نشاهد مقاطع غريبة، ولا أريد تخيل بعضاً منها هنا، حتى لا أفتح باباً لـ«المهايطية». ومن الهياط المسموح به، الشخصيات الأكثر تأثيراً والأكثر رواجاً، يحتفل بعضهم بأن اسمه وضع من جهة لا يعرفها بأنه أصبح مؤثراً، ولعله يؤثر في محيط بيته.
ومن الهياط تصوير الاقتصاد بأنه أقوى مما هو، والمشروع البسيط بأنه الأعلى والأطول والأحدث وهو مستورد بالنسخ! في مشروع برج ناطحة سحاب أوضح الإعلان «بفخر هو أخو الهياط» أنه أعلى بكذا «سنتيمتر» من البرج المنافس في البلد المجاور!؟ كل هذا انعكس وينعكس على الاجتماعي الهش، الباحث عن التصدر إما بفصاحة البيان أو طول اللسان. والحل يحتاج إلى عمل ممنهج، ينبذ مثل هذه التصرفات والسلوكيات من غسل بدهن العود، وانتهاء بحرق جذوع أشجار في حفلة زفاف، ولا ينسى الإعلام الذي يصور الأمور أو المشاريع والخطط و«الأرقام» والإحصاءات للتجمل واللمعان.
الحل يتم بإعلاء قيمة القدوة الحسنة بصفاتها التي تربينا عليها، القيمة في القيم التي تعطي للإنسان من أجل الإحسان لا بحثاً عن المديح والتطبيل، القيمة في البساطة والتواضع، أما من يبحث عن الرقص طرباً باستحلاب المديح فيمكنه شراء طبل و«التخفيق» بعيداً عن الناس.
January 19, 2016
حماية النسيج العربي
هل هناك فرق بين جرائم «داعش» وجرائم «الحشد» الطائفي في العراق بأسماء مجموعاته المختلفة؟
يظهر أن هناك فرقاً كبيراً لا نعلم ماهيته، جرّم «الداعشي» التكفيري، وترك الطائفي التكفيري؟ فليس المهم قطع الرؤوس وذبح النساء والأطفال بقدر من يقترفها؟ لماذا يا ترى؟ لنجتهد بحثاً عن تفسير لهذا.
خططت إيران للتغلغل في مواقع القرار والطبقة السياسية في دول عربية، استطاعت أن تنجح في بعضها، ولم تحقق النجاح التام في بعض آخر، هذه الجهود بدأت منذ سنوات طويلة بهدوء والتزام. حتى وصلت إلى أن تصبح أدواتها جزءاً من تلك الأنظمة، تتحكم بالقرار، وتدفع السياسة العربية إلى التردد في اتخاذ موقف واضح حازم منها، لأنه سيصور ضد هذه الدولة «العربية» والنظام «المنتخب»!
في لبنان نموذج كامل للمشهد، وجود حزب مسلح إيراني المنبع والهوى في السلطة اللبنانية، جعل العرب يترددون في اتخاذ موقف جلي، الدولة ضعيفة، وهناك مكونات أخرى هي ضحية لتلك الهيمنة، لذلك يخضع الموقف للمساومات و «المشاورات». أدخلت إيران الفايروس إلى الجسد العربي، فايروس مسلح، وهو في العراق أكثر تسليحاً ودعماً من القوى الكبرى. واشنطن الشريك الرئيس لإيران في النفوذ بالعراق، وهي من صمّم المحاصصة الطائفية، وألزم الجميع بقبول الشيعي الطائفي، وليس الشيعي العلماني، ليحكم حزب الدعوة العراقي الإيراني بلاد الرافدين، والفرق بين نوري المالكي وحيدر العبادي هو كالفرق بين نجاد الإيراني وروحاني، لذلك يصف العبادي القتلة الإرهابيين الذين يستهدفون السنة المدنيين بقطع الرؤوس ونحر الأطفال، وتفجير المساجد بـ «ضعاف النفوس»!
إيران وضعت العرب أو النظام العربي الضعيف أصلاً، والمتهاوي بعد زلزال الثورات أمام الأمر الواقع، هي بالعملاء تحكم وتنفذ خططها البعيدة المدى، ولن تكتفي. لذلك فإن الصمت عن مجازر السنّة في العراق إذا تجاوزنا الدين والإنسانية حتى سياسياً الصمت يخدم إيران.
في عهد نوري المالكي الذي نصّبته واشنطن إرضاء لإيران جرت مجازر ممنهجة ضد السنّة، وتم الصمت عنها، كما يتم الصمت الآن عن مجازر الحشد الطائفي في ديالى بالعراق.
إننا نرى الآن الغاية من «ابتكار» «داعش» كذريعة للقتل والتهجير الطائفي، وتهشيم نسيج المجتمعات العربية، فلم يكن لغزاً أن يبدأ «داعش» بأضعف المكونات «اليزيديين»، ثم المسيحيين، ولم يترك طائفة أو أقلية، كل هذا لتبشيع السنّة وصناعة الذريعة لإبادتهم.
لذلك فإن الحشد الطائفي بأسمائه «اللطيفة» من كتائب وأحزاب تزيف مقاصدها باسمي الحسين وعلي بن أبي طالب (عليهما السلام)، لا يختلف عن «داعش» الذي لبس رداء الخلافة، هما مكملان بعضهما لبعض لتحقيق هدف واحد.
January 18, 2016
طاقة الكراهية الفارسية!
تنازلت إيران عن جزء من ملفها النووي للشيطان الأكبر «سابقاً»، تبادلت معه «السجناء»، وسيتمّ تبادل أموال مجمدة، في مقابل أموال ساخنة في صفقة طائرات آرباص.
استبدل نظام ولاية الفقيه السلاح النووي بسلاح الكراهية، الحقد الدموي البشع الذي يعرض مباشرة على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي- الحقد والافتخار به- تمارسه جموع الحشد الإرهابي الطائفي في العراق بحق المدنيين السنة، هو ليس إلا «طاقة كراهية» إيرانية فارسية، خزنتها إيران منذ عقود في عقول العملاء، ودعمتهم بعناصر الباسيج والحرس الثوري، استقبلتهم لاجئين، احتضنتهم لتصنع منهم عجينة بشعة متفجرة تخصصت في القتل والإعدامات ونحر الأطفال، وصلب الرجال، وقطع الآذان للعراقيين العرب السنة. جرائم نظام ملالي طهران تجاوزت سورية واليمن، التدخلات وتأجيج الطائفية وصلت إلى نيجيريا.
لكن إيران في العراق بحكم أنها القوة الوحيدة المسيطرة على الحكومة والشارع تقترف جرائم حرب بأيدي العملاء، ترسخ وتجذر لثأرات مقبلة.
في كل أنحاء العالم يستقبل اللاجئ الهارب من الصراعات والحروب ليعيش في أمان، إلا في إيران يستقبل اللاجئ، ويستقطب الطالب حتى يجند ضد بلاده ومواطنيها، طبقت طهران هذا مع العراقيين والأفغان وصولاً إلى نيجيريا، لذلك تقوم استراتيجية طاقة الكراهية الإيرانية على الحشد الجماهيري، مؤتمراتها وخطابها يوجه للجماهير «المستضعفين»! وعلى عاداتها بسياسات التمويه تهاجم «الاستكبار»، فأي استكبار شنيع أكثر مما يجرى في العراق بصنع أذرعتها، وأي استكبار أكبر مما يجرى من خراب وتجويع في سورية بمجنّديها.
طاقة الكراهية الإيرانية الطائفية ليست موجهة إلى الغرب، لا واشنطن ولا أوروبا. مصطلح الشيطان الأكبر لم يكن سوى قنبلة دخانية للتمويه، هي ومن الوقائع موجهة لنا، للعرب السنة خصوصاً ووقودها «النووي»، أحقاد غرستها في عرب وإيرانيين وأفغان وآسيويين شيعة. طاقة الكراهية هذه تتم تغطيتها بابتسامة ظريف، وتصريحات روحاني «المسالمة»، وخدعة التيار الإصلاحي القديمة، أما على الأرض المستباحة وضد المسالمين فيكون القتل والتفجير والنحر وقطع الآذان.
إن لطاقة الكراهية الإيرانية والخبث الفارسي أهدافاً، فمن تطهير طائفي، وتصفيات واغتيالات لتفريغ محافظات في العراق من سكانها، إلى تجذير الشرخ الطائفي في المجتمعات العربية فهو سلاحها وطاقتها المتجددة اللذان عملت على تصنيعهما وتخليقهما في مفاعلات الكراهية بطهران.
January 17, 2016
هل قامت وزارة المياه بواجباتها؟
مع رفع رسوم المياه أسوة بالكهرباء والوقود بررت وزارة المياه والكهرباء ذلك في مقدمة لها على موقعها بالنص: «معدلات استهلاك الفرد للمياه والكهرباء بالمملكة من استهلاك المياه عالية جداً، وغير مستدامة. بذلت جهود حثيثة في حملات التوعية والترشيد للحد من استهلاك المياه والكهرباء، لكنها لم تحقق الهدف المطلوب منها بسبب التعرفة المتدنية التي لا تشجع المستهلك على الترشيد».
نتفق على أن الفرد في السعودية «سعودي وغير سعودي» مسرف مائياً في بلد صحراوي يعاني شح الماء، وهو لاشك مسؤول عن ذلك، سواء أكان للاستخدام المنزلي أم الصناعي التجاري أم الزراعي، لكن ما أود التركيز عليه هو النقطة الثانية، التي ذكرت فيها الوزارة أنها بذلت «جهوداً حثيثة في حملات التوعية لترشيد الاستهلاك في المياه والكهرباء، لم تحقق الهدف المطلوب منها؛ لأن التعرفة متدنية».
ومن الواضح أن الوزارة ربطت الحد من الاستهلاك أو ترشيده برفع التعرفة، ويظهر لي أن هذه القناعة كانت وراء عدم الاهتمام الحقيقي النوعي بالتوعية. نعم لقد قامت وزارة المياه بحملات؛ لترشيد استخدام المياه، وأيضاً وفرت في فترة من الفترات أدوات ترشيد بالمجان ثم برسوم رمزية ثم أصبح من يبحث عنها لا يجدها، لكن هذه الحملات كانت قصيرة النفَس ولمدة محدودة، ومباشرة أيضاً، واستخدمت وسائل عادية من الصحف والمطويات وقنوات ذات تأثير محدود، لم تستطع وزارة المياه ولا شركة المياه بعد إنشائها «ربما الأخيرة لن تهتم بذلك» لم تستطع ترسيخ الوعي بقيمة الماء للإنسان، ولم تستخدم كل الأدوات الممكنة. من الواضح أن الوزارة كانت تنتظر الوقت لرفع التعرفة فهو الحل الوحيد لخفض أو ترشيد الاستهلاك، وإذا لم ينخفض الاستهلاك ستعمل على رفع الرسوم مجدداً، كما أشارت إلى ذلك في المقدمة، حيث نص على «أن التعرفة تحتاج إلى إعادة تقييم مستمرة»!
إن ما يجب أن نعمل عليه أن يكون المواطن والمقيم مهتماً ومهموماً بترشيد استخدام الماء لقيمته الحيوية مع ندرته في بلادنا، سواء أكان رخيصاً أو مرتفع الثمن، وهذا كان -وما زال- يحتاج إلى أفكار خلاقة خارج الصندوق، تبدأ من التوعية إلى طرح البدائل والخيارات التقنية، مع عمل دؤوب مستمر، ربما لا يستطيع «الموظف» البيروقراطي القيام به. الاستدامة التي نكثر من كتابتها في البيانات الرسمية الحكومية هي ما يجب العمل عليه؛ لتحقيق الوعي بقيمة الماء لا الجزع من تعرفته المرتفعة.
January 16, 2016
الشراكة مع الغول
أطلب من القارئ الكريم أن يصبر قليلاً لأني مضطر للإطالة مع أني لا أحبها، أيضاً صحيفة الحياة ليست مثل بعض «الأمانات» لتسمح لي بالاستيلاء على «طريق الخدمة» أمام الزاوية!
المطروح الآن هو الخصخصة كخيار للتحول الاقتصادي، الصورة أن القطاع الخاص هو الملاذ لقيادة عملية التحول هذه ولتنويع مصادر الدخل، فالمتفق عليه والهدف القديم الذي لم يتحقق أن النفط هو المصدر الرئيس والأهم للدخل في البلاد وفي هذا خطورة.
حسنا.. إذا عزم أي واحدٍ منا على الشراكة مع شخص آخر – ولو كان صديقاً – فإنه ولا بد سيبحث في تاريخه العملي ماذا حقق وماذا أنجز… فإذا كان الهدف الإنجاز العام وليس الخاص يكون التدقيق أهم.
طوال سنوات متابعتي للشأن الاقتصادي كان القطاع الخاص يحمل راية وحيدة هي المطالبات بالدعم والدعم من الحكومة في كل مرحلة، وحينما يطلب منه تحمل جزء يسير من الثمن يمانع ويعاند، وحتى عند الدعم لا يحقق الأهداف المطلوبة أقصد الأهداف العامة وليست الخاصة لأصحابه.
لنأتي بأمثلة ونماذج «للإنجازات» بدلاً من العموميات.
من الأحلام القديمة الجديدة أن ننجح في صناعة سيارة، قبل سيارة الغزال الهارب، ومنذ ربع قرن أو أكثر حصلت مصانع تابعة لوكلاء بعض أنواع السيارات الكبيرة، شاحنات وباصات، على إعفاءات جمركية لأجزاء المركبة، حصلت أيضاً على ميزة الأولوية في الشراء الحكومي، أصبحت القطع تستورد وتجمع، بعد ربع قرن أو أكثر هل أنتج واحد من هذه المصانع سيارة بجهوده الذاتية أو محركاً أو حتى إطاراً! أو حتى جيل وطاقم من الخبراء في صناعة سيارة!
في التوطين ومع بروز مشكلة البطالة رغّبت الدولة القطاع الخاص بالتوطين بالدعوات المعلنة في وسائل الإعلام فأعلن الممانعة، وظهرت عناوين في الصحف لرجال أعمال مسؤولين في الغرف التجارية ومجلسها تعلن عدم قبلوها بذلك مع قائمة طويلة من السلبيات التي يرونها في الموظف أو العامل السعودي. ثم ظهرت «جزرة» جوائز للسعودة ولمعت فلاشات لمن حصل عليها، واستمرت الممانعة مع التوظيف الوهمي، انتظر القطاع الخاص بطء الحكومي لتتحول المشكلة إلى فرصة استثمارية لدعومات جديدة إلى أن جاء الإجبار الناعم بنظام نطاقات الذي لم يعالج المشكلة ولكنه أخفاها.
في التجارة، تحولت السوق السعودية إلى أكبر الأسواق في الشرق الأوسط للسلع المقلدة والسيئة والأقرب لزبالة المصانع، حتى أن الملحق التجاري الصيني حينما ساءت سمعة المنتجات الصينية لدى المستهلك قال بصريح العبارة إن التجار السعوديين هم من يحدد هذه المواصفات السيئة ويصر عليها، ولم تتخذ قوى ضغط القطاع الخاص من غرف ومجلس أي إجراء، بل استُبيح المستهلك في مختلف السلع وضاعت حقوقه مع هدر اقتصادي، القطاع التجاري أيضاً مسؤول عن العمالة السائبة وتجييرها لصالحه بالتستر وسلبياته المعروفة. هذه نماذج سريعة لفكر القطاع الخاص وأسلوب عمله القائم على تعظيم فوائده الأنانية ولو على حساب المصلحة العامة للاقتصاد والمستهلك، وهي عينات لم تشمل قطاعات أخرى منه، على قدر المساحة المتاحة للكتابة، فهل يصلح شريكاً بهذه المواصفات لقيادة تحول اقتصادي يهدف إلى تنويع مصادر الدخل وفتح فرص عمل جديدة؟ أترك الإجابة لكم.
تحذيرات خامنئي واستراتيجيته
استغرب البعض موقف النواب الشيعة في مجلس الأمة الكويتي، إذ قاطعوا مجتمعين ومتضامنين جلسة المجلس بعد صدور أحكام القضاء بالإعدام والسجن لغالبية أعضاء خلية حزب الله «الإيراني» في الكويت، وعددهم 26 منهم إيراني واحد.
النواب التسعة الشيعة لم يعلنوا سبب المقاطعة، لكن واحداً منهم بعد صدور الأحكام القضائية كتب في «تويتر» قائلاً: «إن السخط الشعبي، خصوصاً الكويتيين الشيعة بلغ ذروته في الأيام الأخيرة».
توحد النواب الشيعة في قرار المقاطعة يؤكد أن فكراً وتوجهاً واحداً يجمعهم، لا علاقة له بحقوق الطائفة وأمنها واستقرارها، بقدر علاقته المكشوفة بإيران وحزبها المخرّب، يقفون ضد الدولة التي يمثلون جزءاً من مواطنيها في برلمانها لمصلحة دولة أخرى وحزب معروف بالإرهاب العالمي.
من أين أتى هذا الموقف؟ هل هو موقف عاطفي لحظي أم أن وراءه استراتيجية؟ من المؤكد أن الهدف من مقاطعة نواب الشيعة في الكويت الضغط على القضاء والدولة الكويتية لعدم تأكيد الحكم عند الاستئناف، لوضع خط أحمر أمام واجبها الوطني لحفظ أمن واستقرار البلد، وهذا جزء من مهمة التغلغل في صناعة القرار، وهي استراتيجية إيرانية قام نظام الملالي في طهران بالعمل الدؤوب عليها في أكثر من بلد عربي وإسلامي، لنرَ ما يحدث في لبنان جرّاء التغلغل في صناعة القرار لمصلحة إيران، المشهد في لبنان توّج بإطلاق سراح ميشيل سماحه المدان بالتحضير لعمليات إرهابية، هذا مشهد متقدم من السيناريو الكويتي «المحتمل»، الذي يهدف له النواب المقاطعين وسيعملون على تحقيقه.
في العام الماضي حذّر المرشد زعيم إيران خامنئي، وقال مخاطباً قادة الحرس الثوري: «إن أكبر التهديدات خطراً هي محاولات الأعداء التغلغل والنفوذ إلى مراكز صنع القرار»، وأضاف «إن التغلغل الاقتصادي والأمني أقل أهمية من النفوذ الفكري والثقافي والسياسي»، وفي الخطاب اعتبر أن «أجهزة النظام الإيراني، بما فيها الحرس الثوري، ستقف بوجه النفوذ الأمني بكل قوة» انتهى.
النفوذ الفكري والثقافي والسياسي جاء بالنفوذ العسكري الإيراني إلى الدول العربية. مارست إيران التغلغل منذ عقود بهدوء وبطء ومراوغة، استخدمت المجال الثقافي والخيري والتجاري غطاءً ليتطور إلى المجال السياسي العسكري، وهي في سعيها هذا ماضية لتحقق حلم الهيمنة الفارسية بأذرع تنطق بالعربي وتدّعي وطنية أو تضع خريطة لفلسطين وتدعو لخامنئي. هذا الخطر هو ما يجب على الدول العربية والخليجية منها بالذات مقاومته وسد ثقوب محتملة له، وهو أيضاً واجب على الشيعة العرب غير المرتبطين بإيران أن يرفعوا أصواتهم، وفي لبنان واليمن وسورية والعراق عبرة لمن يعتبر.
January 13, 2016
هل بقيت حاجة إلى هذه الوزارة؟
بعد موجة التوعية عن الدلع والتدليع انفتح ملف طرق الخدمة المغلقة إلا عن البيوت العامرة، وأنصت جمهور وسائل التواصل إلى صوت «الدقاق» وزئير التراكتور، وليس هناك من بيان رسمي يخبر بالتفصيل عما جرى وكيف نشأ ومن سمح أو تغافل ولماذا!؟، لذلك فإن وسائل التواصل بمقاطعها تزيد من احتلالها للمساحة مصدراً إعلامياً مهماً للمتلقي ويتراجع «الرسمي» إلى الزاوية.
طرق الخدمة المغلفة إلا على البيوت العامرة انفتح ملفها في «جدة غير» وحدها، ويبدو أن انتشارها هناك أكثر من غيرها مع نافورة الدلع التي انطلقت منها سبب في ذلك، لكن ماذا عن طرق الخدمة في المدن الأخرى، هل لا بد من مقطع من هنا أو هناك؟
ملف آخر لم يفتح يخص مواقع البنايات التجارية على الطرق السريعة؛ فالنظام يلزم صاحب العقار بمواقف للسيارات ثم بقدرة قادر يتم «تخصيص» أجزاء منها إما لكشك قهوة أو لكابينة صراف مع أرصفة ومداخل لهذا وذاك تتزايد ليصبح الموقف محشوراً، وشكلاً من أشكال الخصخصة على طريقتنا، والأمانات والبلديات في عالم آخر، عالم ورش العصف الذهني فيما يبدو.
لنأخذ قضية تحولت إلى قضية رأي عام على مدى سنوات، سقوط الأطفال والكبار في فتحات تصريف. لم تستطع وزارة البلديات مواجهة القضية ولا وضع حلول لها على رغم أنها في الواجهة ولا يعذرها أن بعض الفتحات لشركة المياه، الخدمات في الشوارع هي المسؤولة عنها ومن يمنح فسوحاً للعمل فيها.
هذا النموذج بساطته تأتي من زاوية سهولة إيجاد حل له وهو عيِّنة، لكن الوزارة فشلت، والنماذج أكثر من أن تُعد.
هل وجود هذه الوزارة زائد عن الحاجة مع عدم قدرتها على إدارة الأمانات والبلديات أو حتى الإشراف العملي عليها؟، هذا السؤال يجب أن يطرح وهو يفتح الباب لسؤال آخر مهم يتعلق بالإدارة المحلية: هل من الأفضل أن تتولى إمارات المناطق إدارة كل الشؤون الخدمية الخاصة بكل منطقة؛ لتلافي الخلل الحاصل من تداخل صلاحيات أو غموضها ورمي المسؤوليات من جهات على أخرى مع بقاء الوضع على هو عليه؟ في الطرق وتصريف السيول وفتحات الموت المكشوفة وغيرها.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

