عبدالعزيز السويد's Blog, page 66
February 6, 2016
دليل الفساد!
يفضّل الشيخ مدهن المكوث في البلاد في فصل الشتاء أكثر من بقية الفصول، وهذه السنة زاد التفضيل مع الربيع الأخضر، وليس «الربيع العربي» سيئ الذكر.
مخيم في روضة غناء وسعة صدر، وأمام شعلة النار الملتهبة بحطب يذكره برائحة الأجداد كما يقول تبريراً لتفضيله الحطب المحلي على المستورد، اقترح علي أن أضع استفتاء للقراء عن رأيهم في أحوال الفساد منذ فتح ملف مكافحته، وإنشاء هيئة لتحقيق هذا الهدف باسم نزاهة، هل زادت نسبته، أم تراجعت أم بقيت على حالها؟ ومن خلال أسلوبه التهكمي في طرح الاقتراح أحسست أن لديه تصوراً قد يصل لدرجة اليقين عن صورة ومساحة مناخ الفساد ومدى تأثره بالمكافحة المعلنة.
لذلك سألته عن رأيه فهو أيضاً واحد من القراء ولن يكشف عن اسمه، على طريقة «تحتفظ الصحيفة بالأسماء».
بعد أن عدل من جلسته ونفض الفروة أخذ الملقاط وصار يقلب الحطب والجمر، ثم التفت وهو يبتسم قائلاً مع ليه أو من غير ليه! طبعاً لا بد من لماذا أو ليه لتصبح للرأي فائدة، كان كريماً كعادة إذا ما «اسفهل»، أجاب وكأنه يبوح بسر قائلاً: أعتقد أن الفساد أصبح ممنهجاً أكثر وازداد بشكل نوعي، وتابع… أما لماذا؟ فالجواب أن خريطة المكافحة أصبحت مكشوفة وارتفاع سقفها صار معلوماً، وحينما تتضح لكل المساحة تستطيع وضع الخطط المناسبة.
وبدلاً من أن تؤدي هذه المكافحة إلى الردع بتقديم عينة من الفساد للعدالة بشفافية التوت حول نفسها وعادت إلى مربع التوعية. يعتقد الشيخ مدهن أن الفساد من حيث الأسلوب والمنهجية أصبح أكثر كفاءة ودراية بأقصى ما يمكن أن يحدث للفاسد، سواء كان بالاختلاس أم استغلال النفوذ.. أو غيرهما، في مقابل «الفوائد» المتوقعة.
لحظة «التنوير» هذه لدى الشيخ مدهن من اللحظات النادرة، فلديه تعريفه الخاص للفساد لكنه لا يعلنه حتى للمقربين، فكيف بالكتّاب والصحافيين؟
إلا أنه يمكن استشفافه من كلامه المتناثر، فهو يرى أن الفساد هو ما حصل عليه غيره من دون وجه حق.
حين قاربت الساعة منتصف الليل استأذنت الشيخ مدهن ليودعني مبتسماً وهو يقول: سلم لي على الوازع!
February 5, 2016
ماذا عن دور السوريين؟
خلال العامين الماضيين نشرت أخبار وتصريحات رسمية ومن أكثر من طرف عن تدريب جنود سوريين لتحرير بلادهم، الأخبار ذكرت أن ذلك سيتم في السعودية مرة وفي تركيا أكثر من مرة، وفي كل مرة كانت واشنطن طرفاً في هذا المشروع، ثم اختفت أخبار التدريب ومعسكرات أعلن عنها، لتبرز أخبار أخرى عن إخفاق أميركي ذريع في تدريب ما أطلق عليه المعارضة السورية المعتدلة، بعدها أعلن الضابط الأميركي المسؤول عن تدريب المعارضة السورية المعتدلة استقالته، وقيل إنه لم يتبق سوى عدد محدود جداً من المتدربين لتتحول النتيجة إلى مادة للسخرية من الأميركان وهم في واقع الأمر يسخرون من الجميع.
هذا الفصل من المأساة السورية عرض من قبل المخرج الأميركي الذي يدير الخيوط من وراء الستار مكتفياً بالتصريحات الاستهلاكية، في حين أنه يعمل على استكمال مشروعه الذي بدأ بغزو العراق.
لعبة خلط الأوراق تمت برعاية أميركية، والعدو الأول صار «داعش»، الدولة التي استنبتت وجرى تضخيمها وإسنادها بالآلة الإعلامية رافعة لجرائمها ضد كل المكونات، مع تركيز لا يخفى هدفه على الأقليات، لقد صنع الغرب «دولة سنية إرهابية» باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام، كان بحاجة «لدولة» لها راية وحدود وخطاب يقدم الذرائع لتبشيع السنة وهم القاعدة العريضة من شعوب ودول المنطقة لتحقيق المخطط لها، فإن من المثير أن الولايات المتحدة قائدة مشروع الحرب على الإرهاب لم تستخدم حلف الناتو للقضاء على «داعش»! مع أن أعضاء هذا الحلف العسكري يشاركون واشنطن الرأي في أنها العدو الأول.
ثم إن من المستغرب استبعاد السوريين عن العمل العسكري لتحرير بلادهم، هذا الدور الحيوي هم الأقدر عليه، بل والأكثر حاجة له، ولو تتبعنا ماذا فعلت إيران لتستولي على العراق لعلمنا أن أفضل الطرق هي تدريب السوريين. قامت إيران باحتضان اللاجئين العراقيين المعارضين لنظام صدام حسين والمطاردين منه، ودربتهم بانتقاء ثم دفعت بهم في الوقت المناسب إلى العراق لتصبح هي اللاعب الأول والأساسي، حتى أن واشنطن خنعت لها وأيدت مرشحيها الذين خسروا الانتخابات.
February 3, 2016
مع احترامي للمتبرعين!
من واقع تجربة ومتابعة لهذا الشأن، أقترح نظاماً يحدد طريقة الإعلان عن التبرعات، خصوصاً المقدمة لجهات عامة من رجال أعمال، بحيث تعلن الجهة المستفيدة نفسها عن «تسلمها» تبرعاً من فاعل الخير فلان، فإذا كان شيكاً نقدياً يعلن أنه تم صرفه ولم يتعرقل! وإذا كان تبرعاً عينياً – قطعة أرض مثلاً أو مبنى – يعلن عن «إتمام نقل الملكية للجهة المستفيدة».
والسبب معروف للبعض، أما البعض الآخر الذي لا يعلم فهو أن هناك تبرعات لا تصل لأسباب مختلفة، أركز هنا على سبب رئيس منها، ولعل المتابعين للشأن الرياضي الكروي على سبيل المثال أول من يعلم عن «حالات» مثل تلك، في تبرعات للاعب أو ناد، لكن القضية تتجاوز هذا إلى أهم منه.
ولأن الإعلان عن التبرع من عدمه حق للشخص المتبرع، ولكل «شيخ» طريقته، مثلاً الشيخ «مدهن» إذا حدث وتبرع لا يمانع أن يفرد صفحة إعلان في صحيفة لشكره من المتبرع لهم وعلى حسابه! طبعاً الشيخ مدهن نادراً ما يتبرع في داخل البلاد، نشاطه التبرعي مخصص للبلاد التي يقضي فيها أطول وقت من العام. وله حكايات في هذا الجانب ربما يأتي وقتها بعون الله تعالى.
وبعيداً عن الشيخ مدهن، أنصح الجهات التي تتلقى وعوداً بالتبرعات بعدم الإعلان عن التبرع إلا عند تسلمه! وسأروي لكم تجربة عايشتها دفعتني لطرح هذا الرأي والتمسك بهذا الموقف. في زمن مضى عملت سنوات في منشأة خيرية، رعت هذه المنشأة معرضاً للسيارات وحضر رئيس المنشأة وافتتح المعرض، ومع الوهج الإعلامي تقدم رجل أعمال «وقتها كان وكيلاً لنوع من السيارات ولاحقاً فلتت منه الوكالة»، وتبرع بسيارة للمنشأة الخيرية، ليصنف فاعل خير وريادياً في الأعمال الخيرية، أخذ وهج الإعلام وفلاشات التصوير، ثم مكثت إدارة المنشأة تخاطبه وترسل المعقبين للحصول على «السيارة المتبرع بها» من دون فائدة، وضع رجل الأعمال موظفي الاستقبال في شركته حائط صد وسوراً منيعاً، موظفون من عينة «جورج» وغيره ردودهم المحفوظة… الشيخ مسافر أو في اجتماع وأحياناً في لقاء خاص مع مسؤول «كبير طبعاً» لزوم النفخة والحصانة! وما لكم بطول السالفة لم تحصل المنشأة على التبرع، وبعد شهور من الملاحقات «ودفق ماء الوجه» أقصى ما قدمه رجل الأعمال الهمام «تخفيض بسيط» على سعر السيارة.
والشاهد أن هناك من يعلن عن تبرع لأجل الأضواء الإعلامية أو مجاملة وقتية لشخصية يهمه التقرب منها، وإذا جاء وقت الدفع تملص مثل زئبق وراغ مثل ثعلب، ولأن كل تبرع يعلن يعتبره الناس وصل إلى الجهة المتبرع لها وأصبح في حوزتها، وبالتالي «أمانة» لدى المسؤولين فيها، ولأن كثيراً من هؤلاء يتحرجون من الإعلان في الإعلام أنهم لم يتسلموا التبرع على عادة «الستر» في مجتمعنا! فالاقتراح أعلاه مناسب في تقديري ليكون نظاماً يحفظ الحق وماء الوجه.
February 2, 2016
من يدير المرور؟
بعد أيام من تفاعل وسائل الإعلام مع حديث مدير الأمن العام لمديري المرور في السعودية حول أداء هذا الجهاز وما ينتظره منهم، والذي أبدى فيه تساؤله عن سبب عدم التقدم في إيجاد حلول، وبين متفائل من المواطنين ومتشائم، نشر خبر في أكثر من صحيفة، يفيد بأن هيئة تطوير الرياض وبمشاركة إدارة المرور في العاصمة شرعت في تنفيذ «نظام إدارة الإشارات المرورية والتحكم بها في مدينة الرياض»، واحتوى الخبر على معلومات عن عدد الإشارات التي يستطيع هذا النظام إدارتها في وقت واحد وغيره من تفاصيل يمكن الرجوع إليها لمن يرغب.
والأخبار من هذا النوع مر علينا مثلها، ولاسيما حينما تذكر الأنظمة الذكية و«التجهيزات الفنية والتقنية التي تدار عبر فريق عمل متخصص وبمعايير عالمية».
أعتقد بأن المواطن وصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من أخبار تزين بـ«المتخصصة والتقنية والمعايير العالمية».
ولا أعلم، هل نشر هذا الخبر «المروري» الواعد «مصادفة»!، أم أنه من المسكِّنات المرورية للرأي العام، ولاسيما بعد أول تصريح رسمي ومن قيادة الأمن العام ينتقد أداء مديريات المرور.
الخبر أيضاً يطرح سؤالاً مهما احترت في الإجابة عليه خلال السنوات الماضية، من الجهة التي تدير المرور؟
الخبر ذكر أن هيئة تطوير الرياض هي من يقود المشروع «بمشاركة» مرور الرياض، بحسب ما نشر في الصحف. ولأننا نحاول تلمُّس أسباب ضعف أداء جهاز المرور نسأل ونحاول الإجابة، فمن المعتاد أن لا إجابة ترد، فهل هناك ازدواجية في العمل بين تطوير الرياض ومرور الرياض؟، وما حالة التنسيق بينهما؟ لا ننسى أن هيئة تطوير الرياض هي المشرف على مشروع القطارات بالعاصمة.
أعمال وإنشاءات هذا المشروع مسؤولة عن جزء مهم من المشكلة المرورية، لكنها في الحقيقة كانت موجودة ومؤشرات تضخمها واضحة لكل من يقود سيارة قبل إقفال الطرق لمصلحة المشروع.
الخلل في جهاز المرور قديم. والسؤال: هل ازداد مع دخول جهة حكومية أخرى على الخط؟. ثم أين مهندسو الطرق من إعادة النظر «المستمر» في طرق أقفلت أو أجريت تحويلات عليها؟ وقد تكون الحاجة انتفت لذلك أو أن الإقفال والتحويلة لا يقدمان حلاً بقدر ما يسببان مشكلة أكبر! لماذا لا نرى «الهندسة» إلا حلية تسبق الأسماء عند نشر الأخبار!؟
February 1, 2016
واجهات وشعارات
تشابه واجهات المباني اللامعة الشعارات البراقة، إنها تخفي شيئاً ما قد لا يُعلم مكنونه إلا بعد حين، ولأن الشكل في مجتمعنا غلب على المضمون حتى توارى الأخير كنقطة صغيرة في مجلد ضخم، أصبح الواحد منا في حال توجس من الواجهة ومن الشعار كلما جرى تلميعها و«التنظير» حولها أكثر.
لنترك الشعارات جانباً ونركز على الواجهات نأخذ عينة مادية ملموسة، تخبر عن سطو الشكل على المضمون كما تضع المؤشر مرة بعد مرات على «التجزر» الحكومي، أي أن كل جهة تعمل وكأن الأخرى لا تعنيها.
يغلب على أعمال وزارة البلديات وأماناتها وبلدياتها الفرعية الغرام بالشكل، لذلك نرى أن «الطفرة» الشكلية تبدأ الانطلاق من المدينة ثم تنتقل إلى مدن أصغر وبلدات تستنسخ «عندنا وعندكم»، والنماذج كثيرة من المجسمات «الجمالية» إلى «التفنن» في الدوارات وإعادة رصف المرصوف وغيرها مما ضُخت لـ«إنجازه» أموال، وهناك أساسيات وحاجات تنتظر هي أولى بالصرف والاهتمام.
ومن حالات التجزر الحكومي الذي سبق لي وكتبت عنها، أن الدفاع المدني يعاني من تزايد استخدام واجهات مبانٍ سريعة الاشتعال شكلاً من أشكال الألومنيوم، التي يطلق عليها «كلادينغ»، ومن العجب أنني علمت بأن البلديات تشترطها لواجهات محطات الوقود!!
وهنا يبرز الدور «الفني» للبلديات الذي اختزل في الشكل ولم يهتم بالسلامة والخطر المحتمل، وقد يقول قائل لماذا لا يمنعها الدفاع المدني؟
والحقيقة أنني لا أعلم هل يستطيع المنع؟ يمكن أن لا يعطي فسحاً لهذه المنشأة لكنها ستعمل من دون فسح، من الذي يضمن إذا كانت ستحصل على رخصة بلدية، وربما يتقاذف الجهازان البلديات والدفاع المدني المستثمر، جهة تصر وجهة ترفض.
كل هذا في قائمة الاحتمالات إنما الثابت أن هذه الواجهات على خطورتها وفي مبانٍ متعددة الطبقات يتزايد استخدامها وأكثرها مبانٍ مكتبية، فمن المسؤول عن إيقاف تمدد هذا الخطر.
ولماذا تصر البلديات على واجهات «معينة»، وخصوصاً أنه من الناحية الجمالية المجال رحب وفسيح من دون الصناديق المعلبة في الشكل واللون والمواد.
January 31, 2016
التوعية بتقنيات الترشيد
التوعية بالأفكار الجديدة والتقنيات الحديثة هو ما نحتاج إليه، وليس بالمواعظ والنصائح التي لم تحقق أثراً مقبولاً. ولو تأملت أي جهاز حكومي ستجد أن هناك إدارات للإعلام و«العلاقات العامة» هي مطبخ صغير لإنتاج ورقيات أو رقميات لا تتعدى استنساخ عبارات متكررة.
في برنامج «دعائي» مترجم عن تنسيق الحدائق وأنواع النباتات المناسبة، تحدث مقدم البرنامج عن ترشيد استهلاك المياه وركز على السخانات والحاجة إليها في فصل الشتاء، ثم عرج على الكمية المهدرة من الماء مابين فتح «الدش» أو الصنبور والانتظار إلى حين وصول الماء الدافئ أو الساخن. فهناك كمية كبيرة من المياه تهدر كل يوم.
الأستراليون لم يكتفوا بوضع «سطل» يجمع الماء البارد ليعاد استخدامه كما «قد» يفكر من يهتم بالترشيد.
بل تحدث عن ابتكار أسترالي -قديم- لترشيد استهلاك المياه، والابتكار الجميل هو صمام حساس يقوم بقياس درجة حرارة المياه المنسابة من خلاله، ثم يحول الماء البارد إلى خزان آخر ليعاد ضخه في الخزان الرئيس، إلى أن تصل درجة حرارة الماء للدرجة المناسبة ليسمح بمروره إلى المستخدم.
في أجهزتنا الحكومية وشبه الحكومية، -وزارة المياه والكهرباء وشركة المياه الوطنية -كنماذج والحديث عن ترشيد استهلاك المياه، لو بحثنا عن إدارة مختصة لتقنيات الترشيد والتوعية بتوافرها مع توفيرها، بل ودعم التوجه لاستخدامها لن نجد!، أقول لن؛ لأنه لو كان هناك شيء من هذا القبيل لنُشر عنه، الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية تنشر أخباراً عن اجتماعات عادية وتسلم وتسليم دروع، وذاك أولى بالنشر لو توافر.
ومادام التركيز الحكومي في الترشيد على رفع الرسوم للتقليل من الهدر، سؤال مشروع طرحه أحد المتابعين على «تويتر»: من الذي يراقب ويحاسب على الهدر المائي الذي يحدث في شبكة المياه، وهو مسؤولية الشركة الوطنية، أم أن هذا لا يعتبر هدراً؛ لأنه هدر حكومي.
January 30, 2016
التحول المناخي
جاء اليوم الذي نرى فيه سنام البعير مكسواً بالثلوج، والنخلة الجميلة صامدة أمام عاصفة ثلجية، يحدث هذا في البلد المصنف بأنه حار وجاف وقليل الأمطار. فسبحان الله تعالى وله الحمد والشكر.
موجة تساقط الثلوج على شمال المملكة حال مناخية لافتة، وخلال السنوات القليلة الماضية تعرضنا لحالات مناخية متنوعة مختلفة، أبرزها السيول الفجائية، حتى أن الأجهزة الحكومية تتعذر عند حصول كوارث في المدن بأن منسوب الأمطار كان مرتفعاً على غير العادة، وانهمرت في وقت قصير، ومنها موجات الغبار الكثيفة، وارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير.
أيضاً ملاحظ أنه خلال ذروة فصل الشتاء أيام تتجاوز فيها درجة الحرارة الدفء إلى الارتفاع، كل هذا يشير إلى تغير مناخي، وقبل أسابيع عقدت قمة مناخية عالمية في فرنسا، ولا أتذكر حضوراً لنا فيها، أقله في الأخبار العامة، ودول العالم، وخصوصاً المتقدمة، مهتمة بهذا الشأن منذ زمن.
السؤال، ماذا أعددنا لهذا التحول المناخي؟ والبنية التحتية أو الأساسية في المدن المكتظة بالسكان لدينا هشة ضعيفة كما يعلم الجميع، إذ فشلت أكثر من مرة في تجارب سيول لم تستمر سوى دقائق.
هل هناك عقول تفكر الآن بعيداً عن المشهد الإعلامي لمواجهة هذه التحولات وآثارها من نواحي عدة أبرزها السلامة للسكان والآثار الاقتصادية على المشاريع وقدرة الأخيرة من حيث التصاميم وكفاءة التنفيذ على الصمود أمام هذه التحولات؟
لا أعلم إجابة على هذه الأسئلة لذلك أطرحها، وأن كنت أتوقع «من تراكم التجارب» أن لا تفكير في ذلك، لأننا تعودنا على الوصول متأخرين، لا نبدأ العمل أو حتى التفكير في درس حلول مسألة أو مواجهة ظاهرة إلا بعد حدوث أضرار كبيرة منها، ويضيع كثير من الوقت منا في تقاذف المسؤوليات عن هذه وتلك بين أجهزة حكومية. إن الغرض من طرح هذه القضية محاولة حث الأجهزة الحكومية المعنية وهي متعددة، وكذلك الجامعات والمتخصصين فيها لمحاولات قراءة هذه التحولات المناخية والاستعداد لها، بما في ذلك العمل على الاستفادة منها.
January 29, 2016
شبح صدام يخيّم على العراق
تجاوزت جرائم الحشد الطائفي الإرهابي في العراق كل تصور، وتُقدم المقاطع المصورة والأخبار فضائح التفنن في القتل والتعذيب، ومقاطع تفخر بهذه الجرائم تنبعث منها رائحة الحقد المقيتة، سيسجل التاريخ بأنها أبشع تطهير عرقي وطائفي حدث في العالم، تجاوز جرائم بورندي وفي كمبوديا أيام الخمير الحمر.
وفي محاولة بائسة لصرف الأنظار عن جرائم الحشد الإرهابي ضد السنّة العرب العراقيين، ظهر رئيس منظمة بدر، التي تقود هذا الحشد، هادي العامري ليصرح لـ «رويترز» قائلاً أنه كان سيقاتل مع صدام لو علم أن «داعش والقاعدة» هما البديل.
كما تغاضى العامري عمداً عن سبب ظهور «داعش»، وماذا عمل نوري المالكي حليفه المعروف بسياساته الطائفية، الدكتاتور الذي صنعته إيران ثم اضطرت إلى سحبه موقتاً، عمل نوري المالكي على تهيئة الفرص لظهور «داعش» بنظام الاجتثاث وفرق الإعدام الطائفي، ثم في تعامله المسلح مع اعتصامات الأنبار، التي وقتها كانت لا تتعدى مطالبات بحقوق مدنية، لتعرض مسرحية الانسحاب وتسليم الأسلحة والمعدات لتنظيم داعش.
في رحلاته إلى العاصمة الإيرانية طهران لا يعلم هل قابل هادي العامري بعضاً من قادة «القاعدة» الذين آوتهم وتؤويهم إيران وهل نسق معهم! إن من المثير للسخرية أنه يعلم أن النظام الإيراني هو النظام الوحيد الذي استقبل قادة القاعدة ووفر لهم الملاذ الآمن بعد هربهم من أفغانستان! لماذا يا ترى آوتهم إيران.. للسياحة مثلاً!؟
كما يستخدم ويستغل النظام الإيراني اللاجئين الأفغان في الأراضي الإيرانية جنوداً لحروبه الطائفية في العالم العربي استخدم تنظيم القاعدة الإرهابي، وساعد واحتفل بظهور «داعش»… صورة أخرى للشيطان الأكبر.
إياد علاوي السياسي العراقي «الشيعي» المصنف علمانياً أيضاً تذكر مرحلة صدام في إشارة إلى الطريق المسدود الذي وصلت إليه مسرحية تسليم العراق لإيران، وهو طريق مشبع بالدم والسحل الطائفي.
هل هي مصادفة أن يُجمع عدد من الساسة الشيعة العراقيين ممن هم في صدارة المشهد السياسي على ذكر صدام بـ «الخير»، من هادي العامري رئيس الحشد الإرهابي الطائفي إلى إياد علاوي المعتدل إلى عزت الشهبندر؟
ليست مصادفة بالتأكيد، لكنه الهرب إلى الأمام وعدم القدرة على إعلان السبب الرئيس لبركة الدماء التي يغوص فيها العراقيون منذ الغزو الأميركي. إنهم لا يستطيعون القول إن نظام طهران هو السبب، فهذا من المحرمات.
January 27, 2016
نماذج من الخصخصة .. وأنت الحكم
لهذا المصطلح «الخصخصة» رنين ولمعان، يجعل بعضهم يسوِّقه على أنه الحل الوحيد الناجع، لكن لدينا تجاربنا، خصخصة بحسب خصوصيتنا في التطبيق، لنأتِ على ذكر بعضها:
تمت خصخصة جزء من أعمال إدارة المرور، «ساهر». كان مشروعاً تمت فيه خصخصة المخالفات المرورية، وأول ما أعلن قيل إنه سيبدأ التطبيق على المخالفات بالتدريج، وانتهى ولم يخالف إلا على السرعة في نقاط محددة، ومع انتهاء أعمال الشركات «المشغلة».. ما النتائج لهذه الخصخصة، باستثناء الأموال التي ذهبت إلى من ذهبت إليه بتلك الطريقة؟ ما الأثر في تحقيق الهدف؟ هل انخفضت أعداد الحوادث المرورية وأي رقم نثق به أرقام إدارة المرور أم رأي شركات التأمين التي رفعت رسومها؟ وأبعد من هذا هل رسَّخ «ساهر» القيادة المتزنة؟
النقل الجماعي أيضاً من أوائل من تمت خصخصته، أنشئت شركة مساهمة للنقل الجماعي وأعطيت امتيازاً يتم تجديده كل فترة، ماذا تحقق لنا في النقل الجماعي، بعد عقود استيقظ البلد على تضخم مشكلة النقل وندفع ثمن ذلك مضاعفاً مادياً ومعنوياً، على المستوى الفردي والمجتمعي والاقتصادي. انصرفت الشركة للأعمال الأكثر ربحية وتركت النقل الجماعي للصوالين والفانات والفوضى وكل واحد «يدبِّر عمره».
«الفحص الدوري» من أوائل الخدمات المرورية التي تم خصخصتها، وبعيداً عن الأموال وحزام الورش المستفيدة منه، السؤال: هل انخفضت نسبة التلوث الناتج من عوادم السيارات أم هي في ازدياد؟ هل انقرضت السيارات التي لا «يسمح» لها النظام بالسير لأسباب فنية ولأجل السلامة المرورية من الشوارع أم أنها في تتوالد؟
مدارس «تعليم» قيادة السيارات والتي لا بد من أن يمر عليها كل من احتاج إلى رخصة قيادة أيضاً هي شكل من أشكال الخصخصة.. فماذا أنتجت لنا؟!
صحيح أن معظم ما ذكرتُ أعلاه هو شكل من أشكال الامتياز، بعضها لآجال محددة، يتم تجديدها بشكل روتيني، وبعضها الآخَر إلى أجل غير محدد، وهي جميعاً -بحسب علمي- لم تطرح للمنافسة، لكن حتى الطرح للمنافسة في عرفنا لا يعني أخذ الأجود بل من يقدم السعر الأعلى، ولنا في «تعثر» شركات اتصالات نماذج. إنما هي في كل الأحوال إدارة قطاع خاص، التي يتغنى بعضهم بأنها ستفعل وستحقق وتطور، وهو ما لم يتحقق في مختلف هذه النماذج التي ذكرت حتى في التوطين الشكلي.
بل إن النتائج سلبية بامتياز، يماثل الامتياز الممنوح، الذي نتج هو تجويفاً وتجريفاً للخبرة الحكومية في هذه الأعمال، وهي مشكلة أثرها طويل الأمد. ثم إنه في قطاعي التعليم والصحة مع حساسيتهما البالغة وتضررهما أكثر من غيرهما من تعدد التجارب.. هل يمكن للإدارة التي فشلت في تقديم الخدمة وتطويرها ومراقبة القطاع الخاص المتوافر منها «مدارس، جامعات، مستوصفات مستشفيات»، أن تنظمها وتراقب جودة خدماتها بأسعار عادلة لا تزيد العبء على كاهل الفقير ومتوسط الدخل؟
January 26, 2016
نشرة الأحوال المرورية
ابتهج بعض المتابعين لوسائل الإعلام إثر نشر تعليق لمدير الأمن العام انتقد فيه أداء مديري إدارات المرور. إشارته إلى أنه لم يتغير شيء منذ عام (أي منذ اجتماعهم السابق) أحيت الأمل لدى بعضهم، بالنسبة إلينا لم يتغير شيء منذ سنوات طوال. وعدم التغير يعني تضخم المشكلة، والواقع أن هذه هي المرة الأولى التي ينتقد فيها مسؤول رسمي أداء إدارات المرور، على رغم أن تردي الأداء له عقود من السنين، كبر بمرورها وتضخم. كنت أظن أن مشروع النقل العام بما يسببه من تحويلات وقفل طرق ومزيد من الفوضى المرورية، ستضطر معه إدارة المرور والأمن العام إلى إعادة النظر في الأداء، لكن السنوات مرت وبقيت إدارة المرور على حالها، فيما تزداد حال الحركة سوءاً.
في تقديري أن «ساهر» بطريقة طرحه وأسلوب عمله، في انتقائية مخالفاته أسهم في «تخدير» جهاز المرور، ثم لحق به «نجم» كجرعة أخرى، وهذه الملاحظة ربما تحتاج إلى مقالة خاصة؛ لشرح رؤيتي حولها.
إنما عدم الاهتمام الرسمي بمشكلة المرور فترة طويلة كان سراً غامضاً، وأتذكر أنه قبل البت في مشروع النقل العام وتمنع وزارة المالية من تخصيص اعتمادات له»، على رغم الفوائض وقتها» حتى جاء أمر من جهة أعلى، قبل هذا طرحتُ هنا سؤالاً على كبار موظفي وزارة المالية: هل هم يعيشون بيننا ويستخدمون الطرق نفسها، ومقر الوزارة في بؤرة من بؤر الازدحام. ولم يجب أحد! فالمسؤول يطنش متى ما رغب.
مشكلة إدارة المرور أنها عملت فترة طويلة بعيداً عن التطبيق لنظامه على الأرض، حتى أصبح السائق الملتزم بالأنظمة حالة نادرة، بل ومنبوذاً من الآخَرين مستخدمي الطريق. إنه عقبة في طريقهم يجب إبعادها، وكأنما المرور عملت على إدارة الحركة «عن بعد» بواسطة «ريموت كنترول»، ضعفت بطاريته مع مرور الزمن، حتى أصبح لا يعمل، لكن من يستخدمه مستمر في توقع أنه بضغط الزر سيحقق نتيجة.
أصبحت كثير من المخالفات المرورية الآن عرفاً عاماً ومقبولاً، بسبب عدم إيقافها ومنعها تحولت إلى عادة وسلوك، وتشكل «نظاماً» مرورياً جديداً، هو المرور بالذراع وخشم السيارة. هل كانت إدارة المرور وخبراتها وهندستها والاهتمام بها، بوصفها مرفقاً حيوياً يمس حياة الناس اليومية، ضحيةً لخصخصة بعض أطرافها، مثل مدارس القيادة و«ساهر» و«نجم»؟ هذا سؤال مهم يجب التفكير في الإجابة عنه.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

