عبدالعزيز السويد's Blog, page 62
March 24, 2016
الوعي كمخرج للطوارئ
أيهما أكثر وعياً الأجهزة الحكومية أم المواطن؟ في المفترض والمنتظر أن تكون الأجهزة الحكومية أكثر وعياً، لأنها منظومة من متخصصين «كما يفترض»، ولديها خطط وأهداف وموارد «كما يفترض»، وأهم بند يدعمها أن عليها مسؤوليات ولديها صلاحيات. كما يتاح لهذه الأجهزة الحصول على المعلومات متى ما أرادت وبالطريقة التي تراها مناسبة.
كل هذا في المفترض، ولست في حاجة إلى المقارنة بين وعي المواطن وجهاز حكومي أو آخر، ولو عددنا كثيراً من القضايا لربما اكتشفنا تفاوتاً في الوعي هنا وهناك لمصلحة المواطن، إنما نعود إلى المفترض في جهاز أو أجهزة هي الأكثر وعياً وإدراكاً و«علماً» و«بخصاً»، ونطرح سؤالاً بسيطاً عليها كلما كررت الاتهام للمواطن بعدم الوعي. السؤال لماذا أيها الواعون لم تتمكنوا حتى الآن من تحقيق وعي مناسب في مخيخ المواطن، بعضاً مما عندكم لله يا محسنين، فحين يُقال إن وعي المواطنين هو السبب لهذه القضية أو تلك يُسأل من قال عن دوره في استمرار العلة.
شركة المياه أعادت إلى الأذهان «أسطوانة» كان مسؤولون وأجهزة يكررونها في وضع المسؤولية على «وعي» المواطن عند تأزم قضية أو تضخم حاجات واكتشافها «فجأة»؟ لم يبق سوى أن يُقال إن وعي المواطن هو سبب العجز المالي والحاجة إلى الاقتراض.
قالت شركة المياه: «سبب ضجر المواطنين من ارتفاع تسعيرة المياه عدم وعيهم واستيعابهم لما قررته وزارة المياه والكهرباء من قوائم التعرفة الجديدة»، وأضاف المتحدث باسم الشركة «إن بعضهم لا يعلم كم يستهلك من المياه شهرياً، أو حتى إن كان منزله يحتاج إلى صيانة وقائية».
الخلاصة الشركة تقول: «مالنا دخل»، هذه تسعيرة وزارة المياه والكهرباء ويمكن للمتضرر الشكوى للوزارة.
لو افترضنا صحة ذلك «المواطن غير واعٍ»، ماذا عن وعي الشركة في فصل الوحدات السكنية الصغيرة بعضها عن بعض بعدادات مستقلة قبل تطبيق التعرفة؟ أين كان! أرجو ألا يقال هذا دور الوزارة؟ لأن الوزير لن يستطع تحمل الخروج في الإعلام كل فترة للتبرير. هناك سوء وإسراف في استهلاك المياه نعم، وهناك أيضاً خلل في الفوترة والحساب وتسربات داخل الشبكة. راجعوا أنظمة الشركة الداخلية وفعالية الإدارة، بدلاً من استخدام الوعي مخرجاً للطوارئ.
March 23, 2016
الرصيف المنسي!
في ما عدا بعض البقع الصغيرة جداً حظوظ المشاة في مدننا ضعيفة، حتى المبنى الحديث والضخم المزين بالرخام والزجاج يزاحم الرصيف ولا يقدم «صاحب العقار» فرداً كان أم جهة حكومية مليمتراً واحداً – خارجياً – لخدمة مستخدمي البناية والمشاة، سيقال إن هذا مسؤولية الأمانة والبلدية وهو صحيح، صمم مخطط المدينة للمركبات أكثر منها للمشاة، إنما تخبرك هذه «الهندسة»، خصوصا في بنايات حكومية عن مدى الحرص «الظريف» على «حلال الدولة»، وهو حرص يخنق الطريق ولا يوفر مساحة كافية للمشاة، كما يسبب إرباكاً للحركة المرورية عند الدخول والخروج من المبنى نفسه.
الرصيف العمومي في مختلف الشوارع تقريبا تم احتلاله بوضع اليد أو القدم، إما كابينة لشركة اتصالات أو كهرباء أو أعمدة إنارة، أحياناً يكون التشجير عائقاً بسبب انعدام الوعي بحقوق المشاة.
لا أعلم في الواقع هل تحصل البلديات والأمانات على رسوم من شركات تحتل صناديق إدارة خدماتها الأرصفة؟ لا أتوقع أن «ساهر» في زمان صالح كامل وإبراهيم أفندي ومحمد العيسائي دفع رسوماً على استخدام الأرصفة لا للكاميرات ولا لسيارات المراقبة التي كانت تعتلي الأرصفة مثل حصان.
بالنسبة للمشاة عبور طريق، سواء كان مزدحماً أم غير مزدحم لهو من الأعمال الشاقة في طرقاتنا للرجل فكيف لطفل أو امرأة، والسبب مع عدم توافر أرصفة حقيقية مع أوضاع حركة المرور والسلوك العدواني المنتشر من سائقين، لذلك الدعوات التي تنتشر عن فوائد المشي والحرص عليه وانتشار الأمراض والسمنة إلى آخر ما يتكرر، صعبة التنفيذ، لا مكان قريباً مناسباً.
أمانة الرياض أعلنت أخيراً لأصحاب المباني والمحال التجارية تنبيهاً عن مخالفات تتعلق بالأرصفة وحددت هذه المخالفات على النحو الآتي:
*إقامة سياج خارج حدود الملكية على الأرصفة.
*إيقاف السيارات على الأرصفة أو حجز جزء منها كمواقف.
*التعدي على الرصيف بتغيير تصميمه أو إتلاف وتغطية جزء منه أو وضع لوحات عليه.
*التلوث البصري بتركيب مصابيح مجهرة للمشاة والسيارات أو وضع ملصقات وإعلانات مخالفة للضوابط.
وكل ما سبق منتشر، والمشكلة أن الأمانة لم تضع سقفاً زمنياً لإزالة هذه المخالفات، اكتفت بـ«تهيب الأمانة بأصحاب المباني… إلى آخره» وهذا لن يحقق فائدة إنه يذكرنا بـ«عين النظافة» النائمة، وتحذيرات سابقة ضد منشآت تحشر موادها الإعلانية أسفل أو على أبواب المنازل من دون خجل أو غرامة.
March 21, 2016
فواتير المياه أين الخلل؟
كان الناس يقيسون الماء بالسطل «الجردل» لم يتعودوا على حساب كمياته بالأمتار المكعبة، وقضية كم يستهلك الفرد من متر مكعب صعبة القياس للأفراد، ولا أعرف المعادلة الرسمية لكن المتوقع جمع الاستهلاك – ربما حذف منه الاستهلاك الصناعي والزراعي – وقسمه على السكان لاستخراج حصة الفرد.
سبب رفع تعرفة المياه أنه يستهلك بشكل جائر وهو مكلف وأيضاً حفاظاً على مورد حيوي، كل هذا جميل ورائع يجب أن نتعاون معه ونشجعه، إلا أن هناك مشكلة مستمرة نقع فيها أو يقع فيها من يتولى التطبيق، دائماً التطبيق هو ما يحدث الفرق.
عن بعد أتوقع أن لدى شركة المياه الوطنية مشكلة فنية في الفوترة بدليل تجارب كثير من الناس، بعد المفاوضات وللمجادل الجاد يمكن الحصول على خفض في قيمة الفاتورة. والأرقام التي ذكرها عدد لا بأس به من أناس معروفين بأسمائهم في وسائل التواصل يؤكد ما ذهبت إليه من توقع أن هناك مشكلة فنية في الفوترة.
ثم إن هناك قضايا تشابكية في الشقق والوحدات الصغيرة، العداد واحد والاستهلاك مختلف فيقع ظلم على طرف منهم، لم تقم شركة المياه على رغم زمن التأسيس الطويل بالتجهيز والاستعداد لحل هذه التشابكات قبل التطبيق وهي ستحدث مشكلات وخلافات.
وحينما أعلنت شركة المياه أنها انضمت إلى شركة سمة للمعلومات الائتمانية، وسيف الأخيرة مسلط من خلال البنوك بما يترتب عليه من «تحجير» على الناس، حينذاك تواصلت مع الإخوة في «سمة» منبهاً لإشكاليات الفوترة لدى الشركة. «سمة» ستكون في المستقبل القريب وإذا ما استمرت الحال على ما هو، كيس الملاكمة لأنها بمنطق البنوك ستطبق ما يرد لها من شركة المياه.
ليس من المقنع خروج وزير المياه لنفي «ما تردد عن تحميل المواطنين قيمة التمديدات في الشبكة والإصلاحات، والهدر الحادث في الشبكة». لأنه ليس طرفاً محايداً مع الاحترام لشخصه الكريم، فهو يبقى رئيس مجلس إدارة الشركة، وليس هناك من جهة محايدة يمكن لها الفصل في «دقة» هذا الكلام، كأي رئيس مجلس إدارة سيطلب تقريراً من الشركة، ثم يتبناه. ولأنه الرئيس الوزير وفي الواجهة أقترح عليه فحص نظام الفوترة في الشركة ليتأكد من عدالته وبالتوازي يفتح الباب لفصل عدادات الوحدات السكنية المتداخلة.
March 20, 2016
ساعة الأرض … «رولكس»!
لا زلــــت أتذكـــر لوحة في معرض لهواة الفنون التشكيلية في إحــدى الدول الأوروبية، للأسف نسيت اسم الرسام إنما فكـــرة اللوحــــة وتفاصيلها لا زالتا عالقتين في الذاكرة، استطاع الفنان ترسيخ الرسالة لتبقى حاضرة حتى بعد سنوات طويلة.
صوّر الرسام شجرة خضراء مورقة ضخمة وهي تهوي ساقطة بفعل قطع الفؤوس، وفي طريقها للسقوط تتشكل بدلاً من السماء الزرقاء الصافية الجميلة سماء رمادية داكنة مشبعة بالتلوث.
والعالم «المتقدم» انتبــه لحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي منذ زمن بعيـــد. صحيح أن هذا استخدم سياسياً وتجــارياً، لكن في صلب الاهتمام حقيقة شعور بالمسؤولية تجاه الأرض والهواء والبيئة، وكل هذا يصب في الاهتمام بالإنسان.
وإذا كان العالم اتفق على ساعة للأرض كل عام في شهر آذار (مارس) تطفأ فيها «الأجهزة الكهربائية» غير الضرورية لمـــدة ساعــة بيــن الثامنـــة والنصــف والتاسعــة والنصـف وفـــق التوقيت المحلي لكل بلد، وبادر الصندوق العالمي للطبيعة بالفكرة ترسيخاً للوعي بخطر التغير المناخي، فنحن في بيئتنا الفقيرة ومناخنا المتقلب تقلباً حاداً ينذر بأخطار لا يعلمها إلا الله، بحاجة إلى أكثر من ساعات في اليوم لا في العام.
ومع أن بعـــض الأجهزة الحكوميـــة لديـنا تهتـــم بالمشــاركـــة في ساعـــة الأرض بصورة أو بأخرى، إلا أن هذا الاهتمــــام لـــم يتشكل منه وعي رسمي حقيقي في جوانب بيئية أخـــرى ضائعــــة تائهة تتقاذفها الجهات أو تغض الطرف عنها.
إن الــوعي المطلوب يتجاوز الرمزية في الإعلان عن إطفاء أنوار لمدة ساعة كل عام للمشاركة في «العالمية».
التقدم والعالمية أبعد وأعمق من مشاركة بضغط أزرار. الأرض، وأرضنا تحديداً، بحاجة إلى إيقاف العقوق الذي أصابها من كثيرٍ منَّا، بحاجة إلى أنظمة صارمة «مطبقة» تحافظ على حقوقها للحفاظ علينا وعلى أولادنا.
إن مبــادرة «ســـاعة الأرض» ليست حلية للتجمل، ليست ساعـــة ثمينة تزيّن معصماً للتفاخر بها أمام الآخرين، إنها ليســـت ساعة «رولكس» بل ساعة منبهة تطلق جرساً له صوت مـــزعــج، محذراً من التبلد البيئي، ولا أقول النوم البيئي، لأن الكل يتحدث عن البيئة والتغير المناخي في وسائل الإعلام «وحسب المناسبة»، لكن قليل من يفعل شيئاً لمواجهة هذا الخطر.
March 19, 2016
الجري وراء «الهاشتاغ»
من المسلم به أن «تويتر» – وكما كان متوقعاً – أصبح محطة الرأي الأكثر جذباً واستخداماً من السعوديين والخليجيين وكثير من العرب الآخرين، وبالتالي «هم» وبحسب الترتيب الأكثر تأثراً وتأثيراً فيه، والأرقام في تصاعد ولذلك أسباب عدة لا تخفى على المهتمين بالإعلام الجديد.
وفي تويتر ما يسمى «الوسم» أو «الهاشتاغ» وهو عنوان «ينصب» مثل رجم أو شاهد يصوب فيه وعليه إما لقضية أو شخصية، فيجتمع عليه «سكان تويتر» من المشاة والسائقين مثل حادثة مرورية! أو مثل الصحن أو البادية يجتمع عليه الناس طبعاً ليس فيه لا رز ولا لحم أو سمك لكن ما فيه يحتمل أموراً كثيرة، الإيجابي فيها قليل والسلبي سائد، التشجيع منها والتنفيس والتحريش ورسم صورة ذهنية وترسيخها وهذا ما يهمنا هنا لنركز عليه.
إذا كان الهاشتاغ في عبارته المكتوبة مسيئاً لك أو لوطنك أو لجزء منه فحتى الرد عليه يضر بهدفك إنه في واقع الأمر يحقق هدف من وضعه وحرص على نشره، الإهمال هنا أولى وإلا فستكون مجرد داعم له من حيث لا تدري، وإذا كان «الهاشتاغ» يحرش قبلياً أو مناطقياً ويستفز، أيضاً يجب التعامل معه بالإهمال وعدم الكتابة عليه أو فيه.
أنت لست بحاجة لإيضاح ما هو واضح، ولست مضطراً لإقناع من لا يريد الاقتناع، بل الأغلب أنك يا مستخدم أو متصفح الموقع أمام شخص أو ربما جهة لها أهداف بعيدة عن تصورك ونفس أطول من نفسك، أهداف ترسيخ فكرة ما لتكون قاعدة لانطلاق أفكار غير مفيدة يتم «توليدها» منها و«تويتر» يخم من الصالح والطالح والفاضي، الأخير ذلك الذي يضحك على أي شيء وبأي طريقة من دون سبب واضح، مع أن معظم ما يدور من حول الجميع لا يبعث على الضحك ولا حتى ابتسامة مرة. وتويتر والهاشتاغ نموذج آخر لمسألة النقل، منقول… لإشاعات أو مقاطع لا قيمة لها إذا لم تكن مسيئة فهي تنحدر بالذائقة والذوق العام، وهذه المواقع تويتر وغيره ليست مجتمعاً حقيقياً فهي في واقع الأمر أوسع منتدى ومجتمع للمندسين، يضع الواحد أو الواحدة منهم أي اسم يريد، وهو في قرصه الصلب نقيض معنى الاسم المختار. مؤكد أنك لا تريد أن «تدربي» رأسك في طريق لا تعرف منتهاه.
March 18, 2016
«التشاركية والتجزرية»
يرى البعض شجاعة أدبية في تصريحات وزير العمل الدكتور مفرج الحقباني، يرون في تصريحه الأخير اعترافاً من الوزارة بأخطاء مشاريع أو برامج التوطين على رغم أنه لم يحددها بالنص الصريح.
الوزير قال: «إن محاولتنا السابقة لم تنجح، بسبب عدم وجود التشاركية بين الجهات ذات العلاقة، خصوصاً وزارات التجارة والبلديات والداخلية»، ويضيف: «كانت الوزارة – يقصد وزارة العمل – تتخذ القرار بمفردها، أما هذا (في ما يبدو يقصد توطين محال بيع وصيانة الجوال) فقد اتخذ جماعياً بمشاركة الوزارات الثلاث مع وزارة الاتصالات، وبالتالي أصبحت كل الجهات المعنية شريكة في القرار». انتهى.
والزبدة في ظني أن المسؤولية هنا جماعية أيضاً، يحسب لوزير العمل هذا المصطلح الجديد «التشاركية»، وهو على ما أعتقد الجيل الجديد من مصطلح «التنسيق»، الذي كان يستخدم سابقاً من معظم إن لم يكن كل الجهات المعنية في هذا الشأن أو ذاك، ويحسب للفقير إلى عفو ربه الموقّع أدناه التنبيه والتحذير من «تجزر العمل الحكومي» منذ أكثر من عقد من السنوات، وإعادة الطَّرق عليه بين فترة وأخرى من دون فائدة.
والسؤال لماذا غابت «التشاركية» وحلَّ بدلاً منها التفرد في القرار وهوس اتخاذه والمضي للعمل به مدعوماً بالفلاشات الإعلامية، بكل ما يحتوي هذا العمل من جهود وأموال، وتبخّر أحلام وآمال من دون استدراك مبكر؟ أيضاً أين جهات حكومية أعلى مشرفة وتتابع كما يتوقّع عن تصحيح المسار تجنباً لخسائر أكبر؟
ثم هل انتهى «التفرد بالقرار» بشكله الأعم والذي يطال ما هو أشمل وأوسع من توطين مهنة أو خدمة إلى فضاء اقتصادي أرحب؟ أم حصلت له طفرة بمساندات استشارية من مكاتب عالمية؟
إن «التشاركية» بحسب ما فهمت تتجاوز المسؤولية الرسمية «الجماعية» في اتخاذ القرار، إلى القدرة الفعلية على تطبيقه التطبيق الصحيح، أي المحقق للأهداف المعلنة.
أما إذا تكرر الوقوع في الأخطاء فهو يعني عدم الاستفادة من «التجارب السابقة» بإضافة عبء تجارب جديدة، وبعد عشر سنوات أخرى يعترف بفشلها، ربما والله أعلم ذلك الوقت سيُنحت مصطلح جديد لا ندري ما هو ولا نرغب في توقعه!
March 17, 2016
هل أغضبكم أوباما؟
من واقع التجارب التراكمية يقفز سؤال يقول هل سنرى الرئيس أوباما في العام 2017 «بعد رحيله من البيت الأبيض» يلقي محاضرات في منتديات جدة أو الرياض الاقتصادية؟ ربما تصحبه حرمه المصون ميشيل لتتحدث عن تمكين المرأة! من الطبيعي أن يحدث ما نشر عن «عقيدة أوباما» رد فعل غاضب، لكن ردود الفعل لا تحقق سوى نتائج آنية وفي محيطها الضيق، لتتبخر بعد أيام معدودة، والسؤال هل هي عقيدة أوباما وحده، أم أنها أصبحت عقيدة تيار قوي داخل السياسة الأميركية الخارجية، تيار لا يختلف فيه الجمهوري عن الديموقراطي سوى بالأدوات والوسائل، وله شعبية في أوساط الإعلام والرأي العام الأميركي.
«عقيدة أوباما» كانت حاضرة «أميركياً» منذ بداية الاستعدادات للغزو الأميركي للعراق، وسوق لها بعض الإعلاميين العرب، الفرق أنه لم يصرح بها بالعبارات نفسها، كانت التصريحات مناسبة للفترة الزمنية «حجة أسلحة الدمار الشامل ثبت كذبها باعترافهم وعلاقات مزعومة لصدام بالقاعدة».
والدولة التي ثبت عليها إيواء زعماء للقاعدة وتصنف أميركياً بأنها «راعية للإرهاب»، قدم لها «العم سام» خدمات جليلة وما زال.
إن ما يجب الالتفات إليه وتفحصه باهتمام أن جريمة 11 أيلول (سبتمبر) بتداعياتها وتحليلات أسبابها ودوافعها مع هول الصدمة وشعور بالعار ورغبة بالثأر أصبحت منذ تلك اللحظة مخزوناً للانتقام، وستبقى ذخيرة لأسلحة دمار شامل تستخدمها الولايات المتحدة وغيرها من الدول «الكبرى» وتلك الساعية «للاستكبار» الإقليمي.
هذا «المخزون» هو ما يجب العمل على تفكيكه ودحضه، ليس بالحجة فقط، بل بالعمل على البحث عن الأخطاء، فهل قمنا بكل ما يجب منذ تلك اللحظة الرهيبة؟ في الحقيقة أننا لم نقم بكل ما يجب، تم الاكتفاء بالحد الأدنى، ردود فعل انتهت بانتهاء تركيز الإعلام الغربي على القضية، لكن المخزون ثابت ويزيد ثم يعاد استخدامه عند الحاجة.
لم نر عملاً استراتيجياً بعيد المدى يحاول الإحاطة بكل الذرائع التي تستهدفنا ومواجهتها، هذا العمل الذي كان يجب البدء فيه منذ عقد من الزمان داخلياً وخارجياً، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه ستتم إعادة استخدام «أسلحة الدمار الشامل» تلك سياسياً وفكرياً وإعلامياً لتصبح سيفاً مسلطاً يكبر بالتغذية المستمرة، سيفاً للابتزاز السياسي والاقتصادي.
March 15, 2016
وكالات وجوالات!
منذ انتشار عبارة «التفكير خارج الصندوق» في الكتابات والنقاشات تم إنشاء العديد من الصناديق الجديدة الملونة! الرابط أن فكر «الصندوق» الأول يستنسخ في كل صندوق جديد.
والخروج من أسر التفكير داخل الصندوق يستهدف فك «التصندق» والانفتاح على الجديد المفيد، الخروج من قيد الحلقة الضيقة، لا استنساخ القديم المعروفة نتائجه.
في زمن مضى قامت «وزارة البرق والبريد والهاتف»، وكان هذا هو اسم وزارة الاتصالات الحالية قبل استقلال البريد في مؤسسة والاتصالات في شركة، بفتح الباب لإنشاء وكالات بريدية يديرها القطاع الخاص، لم يكن الهدف «التحول» أو المشاركة، بل كان محاولة لنقل عبء خدمات صناديق البريد وتوفيرها لمن يطلبها من خلال القطاع الخاص، تلك الفترة كان من يبحث عن صندوق بريد كمن يبحث عن لبن العصفور.
ومنذ سنوات وإلى الآن تدور في المحاكم وديوان المظالم قضايا مرفوعة من أصحاب وكالات بريد على مؤسسة البريد، يطالبون فيها بحقوق لهم بعد أن فرضت المؤسسة شروطاً وضيقت عليهم كما يذكرون، بعض هذه الوكالات خرجت من السوق وبعضها ما زال يصارع. وبدلاً من المحافظة على من استمر في تلك «الخصخصة» يتم التضييق عليهم والتعامل معهم كمنافس، ومن الطريف ما ذكره واحد منهم من أن ثلاث أربع دخل الوكالة تقريباً يذهب لمؤسسة البريد!
الشاهد أن العمل التجاري بكل صنوفه وأشكاله يحتاج إلى الاستقرار وعدم المفاجأة بقرارات تصدمه وتطيح باستثماراته أو أحلامه مهما صغرت. ومن ذلك ما يتم الآن في ما سمي «قطاع الاتصالات».
توطين البيع والصيانة في محال الجوال، لا يخرج عن التفكير داخل الصندوق القديم، مررنا بالكثير من تجارب الاستثمار الصغير، سواء المرخص أو ذاك الذي نشأ من دون ترخيص مستهدفاً طلباً أو فجوة في طلب خدمة ما، كثيراً من هذا ذهبت به الرياح. ما تحتاجه وزارة العمل هو إعادة النظر في برنامجها الأساسي خطتها الرئيسة التي أحدثت خللاً وسوقت وهماً بالتوطين الوهمي، وهو أيضاً ما يجب مراعاته في مشاريع «التحول» التي يتم العمل على إنجازها، فهي في الواقع «وزارة العمل الكبيرة»، والسؤال الذي لا يطرح حتى الآن، ما هو الثمن الاجتماعي والاقتصادي لهذه المشاريع؟ وهل تتمكن البلد من دفعه من دون خسائر باهظة؟
March 14, 2016
المحميات للقطاع الخاص!
مجلس الشورى يتجه للتوصية بفتح المجال للقطاع الخاص «لاستثمار» المحميات الطبيعية، والخبر عن توصية إحدى لجان المجلس نشرته «الرياض» يوضح التوجه إلى «فتح المجال أمام القطاع الخاص لاستثمار وتطوير وتنمية السياحة البيئية في 16 محمية تحميها – الهيئة السعودية للحياة الفطرية – من خلال المراقبة الجوية والأرضية، وأكدت اللجنة أن ذلك يتماشى مع توجه الدولة بتخصيص بعض القطاعات».
القطاع الخاص هو من سيقرر الجدوى الاقتصادية لدخوله في هذا المجال من عدمه، هذا القطاع يركز على العائد المادي، تعظيم الأرباح وضغط التكاليف إلا عن الحلقة الصغيرة في رأس هرمه الإداري، لكن الهدف من المحميات الطبيعية أبعد من تحقيق أرباح، الهدف الاستراتيجي هو المحافظة على الحد الأدنى من التوازن البيئي في بلد يشكو من التصحر و«الفتك» البيئي من شريحة من «سواح البيئة»، إن جاز التعبير.
أنصح مجلس الشورى ولجنة المياه والزراعة والبيئة فيه بأن تجتهد في البحث والتقصي عن تجارب أمانات المدن مع استثمار الحدائق، وما نتج من ذلك في أوضاع حدائق التي شيدت بالأموال العامة، وتمت المحافظة عليها سنوات طويلة. التقصي عن أحوالها قبل استثمار القطاع الخاص وبعده لن يكلف هذا المجلس واللجنة سوى خطاب ومتابعة ربما يعيدون النظر في «التعويل» على القطاع الخاص.
أيضاً «التعويل» على الرقابة الرسمية وشروط الطرح المتوقعة إذا تم تمرير التوصية ووجدت القبول لن يقدم ولن يؤخر، لأننا نعلم أحوال الرقابة الحكومية وضعفها في مختلف المجالات.
لو كان لدينا قطاع خاص يعي المسؤولية الاجتماعية والبيئية وعيه للمسؤولية الربحية والنفعية الضيقة، وتطبق عليه شروط صارمة، لما كانت هناك مشكلة، أو تحسب لنتائج سلبية، لكن الواقع غير ذلك، ويمكن النظر إلى أداء الكثير من الشركات المساهمة وغير المساهمة للحصول على الأدلة، وفي رصد لصحيفة «مال الاقتصادية» إليكم هذه السطور التي أجدها كافية للدلالة: «كشف رصد أجرته صحيفة مال الاقتصادية عن صرف 31 شركة مدرجة في سوق الأسهم السعودية، حققت خسائر في العام الماضي، مبلغ 250 مليون ريال كرواتب ومكافآت وبدلات لكبار التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة عن العام 2015».
March 13, 2016
انتحار سياسي
لا يختلف وزير الخارجية العراقي، في نظرته الدونية للعرب، فالتذاكي سمة «القوم». خرج إبراهيم الجعفري من لقاء مع شيخ الأزهر في القاهرة ليصرح بـ «أن وجود الحشد الشعبي في العراق و»حزب الله» في لبنان هو لتوطيد دعائم النظام وحفظ الأمن إلى جانب القوات المسلحة».
هذا الاستغلال المكشوف والتذاكي على الجميع أريد به الإيهام بتأييد الأزهر لهذا الموقف، وهو ما دفع مشيخة الأزهر إلى الرد السريع ببيان واضح وشفاف، إذ أعرب الأزهر عن أسفه واستنكاره الشديدين «لما ورد على لسان وزير الخارجية العراقي من تصريحات مرفوضة تشيد بممارسات تنظيمات تم تصنيفها جماعات إرهابية»، مشدداً على أن ذلك «يعد استغلالاً غير مقبول لمواقف الأزهر المعتدلة ولحسن النوايا». وأوضح البيان «أن شيخ الأزهر أكد خلال اللقاء ضرورة وقف الممارسات الإجرامية لكل التنظيمات الإرهابية المسلحة كـ «داعش» وأخواتها، والميليشيات والأحزاب الطائفية كافة ضد أهل السنة والجماعة».
استغلال حسن النوايا والصبر و«لعل وعسى» هو ديدن هذه الفئات الطارئة على السياسة المشبعة بالأحقاد الطائفية، التي جاءت بدعم من حكومة الملالي على ظهر الدبابات الأميركية.
أكمل الجعفري ما بدأه بعد خروجه من الأزهر بكلمة تحت سقف الجامعة العربية. اتهم بكل «وقاحة» الدول العربية بالإرهاب، بقوله: «من يتهم «حزب الله» والحشد بالإرهاب هو الإرهابي». معظم الدول العربية عند الجعفري – أو الوجه الآخر لنوري المالكي – هي دول إرهابية، وأية دولة منها قد تستقبله لاحقاً هو أو أحد أفراد حزبه توافق على ذلك.
لهذا التصريح حسابات «جعفرية» إيرانية وداخلية عراقية، جاءت نتيجتها باستقباله من قادة الحشد الطائفي المتخصص في حرق الأرض طائفياً. وهي تتعارض بل تتصادم مع ما ذكره من «حفظ للكرامة العربية»، لأن هذه الكرامة مرغت بالوحل، خصوصاً في العراق وعلى يده، وهو السياسي المتصدر للمشهد منذ الاحتلال الأميركي، الكرامة العربية في العراق تقتل وتهجر وتذل وتغتصب، والمواطن العراقي في وطنه يلزم بكفيل ويمنع من دخول مدنه ونواحيه. على يد الجعفري وأمثاله تحول ملايين العراقيين إما لمهاجرين أو لاجئين داخل أراضيهم في وطنهم. اغتصبت منازلهم، وقتل أطفالهم، وتركوا تحت خيام مهترئة يستجدون الطعام والبطاطين والأمن صيفاً وشتاء.
تصريحات وزير الخارجية العراقي هي انتحار سياسي، وهو اختار أن يكون الانتحار على عتبات الولي الفقيه.
عبدالعزيز السويد's Blog
- عبدالعزيز السويد's profile
- 2 followers

